ستقبل یبعث على التفاؤل.. فھل تستغل الحكومات الفرصة؟

ثمة مؤشرات تدفع على التفاؤل بالمستقبل الأردني بعد أن عانى خلال الفترة الماضیة من ضغوط كبیرة أثرت على الواقع الاقتصادي .والمعیشي وإن كانت العوامل التي أثرت سلبا على الاقتصاد باتت معلومة للغالبیة والتي منھا موجات الربیع العربي وإغلاقات الحدود وما نتج عنھا .من ضعف التصدیر إضافة إلى انقطاع الغاز المصري وارتفاع كلفة فاتورة الطاقة إلا أن بعض تلك العوامل بدأت تشھد انفراجة ما سینعكس على الاقتصاد الوطني بكل تأكید، ومنھا التطور الحاصل في العلاقة مع الشقیقة .العراق والتوقیع على سلسلة من الاتفاقیات والتي جاءت نتیجة الزیارة الملكیة مؤخرا وأیضا، على صعید الطاقة، وھو التحدي الأبرز الذي واجھناه، فإن مؤشرات التفاؤل بدأت مع عودة ضخ الغاز المصري، إضافة إلى اتفاقیة التزود بالنفط العراقي، والسیر قدما بملف الأنبوب النفطي الذي یصل العراق بالأردن، فضلا عما لدینا من مشاریع وطنیة كالطاقة المتجددة التي یجب التوسع فیھا وطاقة الكھرباء المنتجة من الطاقة النوویة التي یجب استكمالھا لتكون مشاریع وطنیة تساعد على توفیر .طاقة الكھرباء والتخفیف على الفاتورة النفطیة التي أثقلت كاھلنا خلال الأعوام الماضیة تلك المؤشرات الإیجابیة، تجعلنا متفائلین بالمستقبل، غیر أنھا تحتاج إلى الكثیر من العمل لتنتقل من مجرد مؤشرات إلى تحسن ملموس .ینعكس على الاقتصاد الوطني ویشعر بھ المواطن، وھذا ما ھو مھم إذ، لا معنى لأي تحسن على الواقع الاقتصادي إن لم یشعر بھ المواطن الذي تحمل الكثیر خلال السنوات الماضیة، وھذا التحسن لا یجب .أن ینعكس فقط على الأسعار بل لا بد أن یساھم في زیادة معدلات تشغیل المتعطلین عن العمل، باعتبار البطالة تحد یؤرق الجمیع وزیادة التشغیل یأتي عبر التوسع في تشجیع الاستثمار الأجنبي، عبر اتخاذ سلسلة من الإجراءات العملیة التي تغري المستثمر حقا .للاستثمار في بلادنا إن الأمن والأمان، قیمة عظیمة بالنسبة للمستثمر، غیر أن التجربة أثبتت أنھا لیست المعیار الوحید الذي یبحث عنھ المستثمر، والدلیل أن .بلادنا والحمد واحدة من أكثر البیئات استقرارا وأمانا في المنطقة، غیر أن حركة الاستثمار ما زالت دون المأمول فثمة عوامل مختلفة تشكل معوقات أمام قدوم المستثمر الأجنبي، منھا ارتفاع كلفة فاتورة الطاقة، وارتفاع كلفة أجور العمالة بالمقارنة مع بعض الدول المحیطة، فضلا عن عدم الاستقرار التشریعي لدینا، اذ لیس من المعقول أن یتم فتح قانون الضریبة مثلا مرات عدیدة خلال .سنوات قلیلة، فھذا ما یربك المستثمر ویجعلھ غیر قادر على وضع خطط طویلة الامد لتنمیة استثماره إن معالجة مشكلة ارتفاع تكلفة العمالة یكون عبر تحسین مستوى المعیشة للأردنیین، عبر تخفیضات جریئة للضرائب غیر المباشرة، وتخفیضات على بعض الرسوم، بحیث تزداد القدرة الشرائیة لدى المواطن، وھو ما یجعلھ قادرا ولو بالحد الأدنى على تكییف نفقاتھ مع ما .یأتیھ من دخل، وذلك من شأنھ أن یساھم في تحریك الأسواق ویبعدھا عن حالة الكساد تشجیع الاستثمار أیضا یحتاج الى قرارات حكومیة جریئة وشفافة تقضي على البیروقراطیة وتقدم تسھیلات للمستثمرین، وتكون تلك التسھیلات قادرة على المنافسة مع ما تقدمھ بعض دول الإقلیم من إغراءات، وذلك لانھا تعي مدى قیمة الاستثمار الأجنبي ومدى قدرتھ .على تحسین واقع الاقتصاد الوطني بما یدر على الخزینة وبما یساھم فیھ من تشغیل الأیدي العاملة والتخفیف من تحدي البطالة والفقر المستقبل الیوم واعد أمامنا، وھو ما یحتم علینا استغلال الفرصة المتاحة وعدم التردد في اتخاذ المناسب من القرارات، وھذه الفرص یدعمھا الانفراجة التي یشھدھا الإقلیم سواء على صعید الملف السوري الذي یشھد تقدما إیجابیا أسفر عن فتح الحدود بین دولتینا والعودة .التدریجیة للتبادل التجاري بالإضافة إلى أن قطاعات مھمة لدینا مرشحة للاستفادة من مشاریع إعادة الإعمار ھذا جانب، ومن آخر، فإن الزخم الذي شھدتھ العلاقة مع الأشقاء في العراق والذي تجسد بالزیارة الملكیة من شأنھ أیضا أن یساھم في زیادة .معدلات حركة التجارة البینیة وأن یعالج بعض الملفات الاقتصادیة المھمة التي تعود بالفائدة على اقتصاد بلدینا كل تلك المؤشرات، بالإضافة إلى تحسن الواقع الأمني في العراق وسوریا یدفع إلى تعزیز حالة الأمن والطمانینة التي نعیشھا في الأردن، وھو ما یعد حافزا مھما لنمو الاستثمارات وھذا ما یجب أن لا نفرط بھ أبدا، فالفرصة متاحة أمامنا ولا یجب أن نتخلى عنھا أو التردد في المضي قدما لیصبح التفاؤل بالمستقبل أمرا واقعا وملموسا من جمیع النواحي، ھذا فضلا عن الحظوة الأردنیة لدى الأشقاء في الخلیج .العربي الذي تعتبر بلادھم مقصدا مھما لمواردنا كوادرنا البشریة والتفاؤل بالمستقبل لا ینحصر فقط بالجانب الاقتصادي فحسب، وإن كان مھما وضاغطا في ھذه المرحلة، بل إنھ یتعدى ذلك إلى المستوى .السیاسي الخارجي والداخلي فیما تعلق بالخارجي، فإن التحدي الذي كان قائما فیما تعلق بصفقة القرن یبدو أنھ بدأ بالتلاشي بالتأجیلات الأمریكیة المتكررة للإعلان عن موعد اطلاقھا، حتى بات الكثیرون یقولون إن حكومة إسرائیل باتت غیر متحمسة للصفقة لاعتقاد لدیھا أنھا لا تلبي طموحھا، وفي الوقت .ذاتھ یرفض الفلسطینیون ما رشح عن الصفقة باعتبارھا تلغي حقھم في الحصول على ما نصت علیھ اتفاقیة السلام وملحقاتھا وفي الواقع، فإن الجھد الملكي كان واضحا وحاسما في ھذا الملف على وجھ التحدید بما أظھره من صلابة في الموقف الرافض لإعلان الرئیس الأمریكي القدس عاصمة لإسرائیل، وفي حراكھ الإقلیمي والدولي لتسلیط الضوء على القضیة الفلسطینیة باتجاه عودة المفاوضات .إلى مسارھا عبر خیار حل الدولتین. وھذا من شأنھ أن یخفف الضغط على الأردن باعتبار القضیة الفلسطینیة قضیة أردنیة داخلیة أما ما تعلق بما ھو داخلي، فإن عملیة الإصلاح لم تتوقف، غیر أن التحسن في الواقع الاقتصادي من شانھ أن یعطیھا زخما أكبر، لنكون أمام قانون انتخاب جدید وطموح ینبثق عنھ برلمان سیاسي لا یتجاوز عدد النواب فیھ على ثمانین نائبا، في وقت بات من الضروري جدا إجراء تعدیلات على قانون اللامركزیة لتفعیل دورھا أكثر بتحدید مھام نائب اللامركزیة بشكل أوضح لفك الشراكة في الخدمات بین نائب .اللامركزیة ونائب مجلس النواب، الذي یجب أن یظل الأخیر متفرغا للرقابة والتشریع غیر أنھ یبقى على الأحزاب مھمة في تحسین صورتھا وأدائھا بحیث تكون مؤثرة في المشھد السیاسي وقادرة على الوصول إلى المجالس المنتخبة، وھذا لا یكون إلا بخطوات جریئة باندماج بعضھا البعض لنكون أمام عدد محدود من الأحزاب لكنھ ذا أثر كبیر وفاعل في المشھد .السیاسي، إذ لا معنى للكثرة إن ظلت من دون أثر أو ظل أثرھا وفعالیتھا محدودة وفي ھذا الجانب، فإن إجراء تعدیل على قانون الأحزاب بات ملحا، وتحدیدا ما تعلق بملف الدعم الحكومي، الذي یجب أن یتوجھ إلى الأحزاب الفاعلة والقادرة على إیصال ممثلین عنھا إلى المجالس المنتخبة، لأنھ من غیر العدل دعم الجمیع دون أن یكون للكثیر دور واضح .في تنمیة الحیاة السیاسیة والحزبیة أقول إن الفرص متاحة أمامنا لتحسین واقعنا وأن المستقبل واعد ویبشر بالخیر، لكن نحتاج إلى الكثیر من العمل الجاد حتى نحول تلك .الفرص إلى واقع ملموس