الاردن والعراق يتفقان على مرحلة جديدة من التعاون وعشرات الشاحنات تدخل بالاتجاهين

اتفق الاردن والعراق خلال جلسة المباحثات التي عقدها رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز ورئيس الوزراء العراقي الدكتور عادل عبد المهدي، وبحضور وزراء ومسؤولين من الجانبين في المنطقة الحدودية بين الكرامة وطريبيل اليوم السبت،على البدء بمرحلة جديدة من التعاون المشترك وادخال الاتفاقات السابقة بينهما في العديد من القطاعات الحيوية حيز التنفيذ الفعلي.
وبالتزامن مع المباحثات الاردنية العراقية بدأ اليوم العمل بآلية النقل Door to Door للسلع والبضائع والمنتجات النفطية التي تقضي بدخول الشاحنات الاردنية الى المدن العراقية، وكذلك الامر بالنسبة للشاحنات العراقية الداخلة الى الاراضي الاردنية كبديل عن الآلية السابقة التي فرضتها الاوضاع الامنية في العراق خلال السنوات الماضية والتي كان يتم بموجبها تفريغ حمولة الشاحنات على الحدود ونقلها بشاحنات الدولة الاخرى الامر الذي كان يعرض مواد عديدة للتلف فضلا عن كلف اضافية يتحملها التاجر المصدر .
وشاهد رئيسا الوزراء الرزاز وعبد المهدي عشرات الشاحنات الاردنية المحملة بالسلع والبضائع التي بدأت بالعبور الى الاراضي العراقية باتجاه مقاصدها النهائية الى بغداد والمدن العراقية الاخرى والشاحنات العراقية باتجاه المدن الاردنية.
وقال رئيس الوزراء: "وضعنا قبل شهر خلال المباحثات التي اجريناها في بغداد قائمة طموحة واثبتنا معا ان الطريق الصعب ليس مستحيلا اذا توفرت الإرادة".
واكد ان ما تم انجازه اليوم سيلمسه المواطنون في البلدين الشقيقين، وان هذه المكاسب الملموسة تشكل بداية صحيحة سينتج عنها المزيد من التعاون وفرص العمل والابتكار والابداع بين القطاع الخاص في البلدين.
واعرب رئيس الوزراء عن اعتزازه والوفد المرافق بوجوده في هذا المكان، الذي يمثّل نقطة التقاء وترابط وثيق بين بلدينا الشقيقين، وشعبينا العريقين، لا نقطة فصل كما يظنّ البعض وهو يحمل رسائل عديدة، سياسيّة واجتماعيّة وتاريخيّة، تجسّد تاريخ وحاضر ومستقبل العلاقات بين الأردن والعراق الشقيق؛ ويحمل أيضاً رسالة إنسانيّة كبرى، نصدح بها عالياً في وجه أعداء الإنسانيّة من الإرهابيين والمتطرّفين، الذين كانوا سبباً في إعاقة سير التعاون بيننا فيما مضى، بعد أن عاثوا في المحيط خراباً وإفساداً.
واكد رئيس الوزراء ان الإرهاب الغاشم حاول زرع بذور الموت والخوف والظلام؛ ونحن اليوم نجابه هذا الشؤم بزرع الحياة والأمل والنور، وسننجح لأنّنا نملك الإرادة والعزيمة والتصميم، ليس من أجلنا فحسب، وإنّما في سبيل الأجيال التي تنظر إلينا بعين الأمل، لنأخذ بأيديهم صوب المستقبل الأفضل وهم يطموحون بأن يعود الألق لمشرقنا العربي.
واكد الرزاز إنّ وجودنا اليوم هو فرصة للتأكيد على النجاح الباهر الذي حقّقه العراق الشقيق على الصعيدين الأمني والسياسي؛ فإلى جانب النصر الكبير الذي تحقّق على فلول الإرهاب وقوى الشرّ، سطّر الأشقّاء العراقيّون نجاحاً مميّزاً في إرساء العمليّة السياسيّة، على أسس ديمقراطيّة، تجسّد حالة الوعي الكبير والإرادة الصلبة التي يتمتّع بها العراقيّون.
وجدد رئيس الوزراء التأكيد على وقوف الأردن، قيادة وحكومةً وشعباً، إلى جانب العراق ودعم جهوده في الحفاظ على امنه ودعم استقراره، والسعي الجادّ لتمتين العلاقات الأردنيّة العراقية، والحرص على توطيدها في مختلف المجالات بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين وقضايانا الوطنيّة.
واكد ان الجانبين في هذا اللقاء يعملان وفق إرادتهما وإمكاناتهما، وعالجا ملفّات عالقة منذ عشرين سنة، ويضعا أطراً لمشاريع وطنيّة من شأنها أن تخدم الشعبين على مدى عشرين عاماً قادمة، ويرسما معالم الطريق نحو النهضة والتكامل؛ "وهذا الطريق سيشعّ بسواعد شبابنا وأبناء شعبينا الشقيقين، وبجهود القطاع الخاصّ المبدع والمبادر."كما اكد انه وإدراكا لأهمية تحقيق التكامل بين البلدين فقد وقعا اتفاقيّة تجارة حرّة بين البلدين الشقيقين، وتم تفعيلها، مثلما اتفقا على تزويد الأردن بجزء من احتياجاته النفطيّة، وتيسير انسياب السلع بين البلدين.
وقال رئيس الوزراء: "كما اتفقنا على فتح المعابر الحدوديّة الأردنيّة العراقيّة (الكرامة - طريبيل) أمام حركة النقل Door to Door، بدلاً من عمليّة التنزيل والتحميل المكلفة على الحدود، ومنحنا التسهيلات للبضائع العراقيّة المستوردة عن طريق العقبة، واتفقنا على تفعيل قرار مجلس الوزراء العراقي بإعفاء 393 سلعة أردنيّة من الجمارك اعتباراً من اليوم، وتخصيص أراضٍ على الحدود للشركة الأردنيّة العراقيّة، والبدء بإجراءات إنشاء المنطقة الصناعيّة الأردنيّة العراقيّةّ المشتركة.
كما اتفقنا أيضاً على المضيّ قُدُماً بمشروع الربط الكهربائي، وتوقيع الاتفاقية الإطاريّة لأنبوب النفط الذي سيمتد من البصرة إلى العقبة، بالإضافة إلى التوافق على تحديد تفاصيل النقل والتسعير لتصدير النفط الخام العراقي إلى الأردن، وترسيخ التعاون في مجالات أخرى عديدة، كالصحّة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وغيرها؛ بالإضافة إلى التوافق على استمرار التنسيق الأمني والعسكري في حربنا على الإرهاب، وفق أعلى المستويات.
وقال " إضافة إلى ذلك كلّه، جئناكم اليوم نحمل أمانة غالية في أعناقنا، لنعيدها إلى أصحابها، وهي آلاف من القطع الأثريّة النادرة، تمثّل حضارة العراق وتاريخه العريق، حاول المجرمون تهريبها من بلادكم عبر الأردن؛ لكنّ يقظة أجهزتنا الباسلة، وإدراكنا الحقيقي للقيمة التاريخيّة والحضاريّة لها، أحبطت هذه المحاولات، فبقيت في الحفظ والصون حتى جاء اليوم الذي نعيدها فيه إلى موئلها الحقيقي، إلى العراق، مهد الحضارات، وصاحب المجد التليد".
واكد الرزاز الجهود الحثيثة التي بذلت لخدمة البلدين والشعبين الشقيقين؛ مشيرا الى توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني لبذل كلّ جهد ممكن من أجل تعزيز أواصر التعاون بيننا في جميع المجالات؛ لافتا الى الزيارة التاريخية التي قام بها جلالته الى بغداد بتاريخ 14 / 1 / 2019 والتي اثمرت مع جهود القيادة العراقية في التوصل الى هذه النتائج التي نصبو اليها.
واكد رئيس الوزراء ان التوافقات التي وصلنا إليها اليوم ليست الهدف الأسمى، بل هي البداية، والخطوة الأولى نحو مشروع نهضة وتكامل أخوي، وتعاون وثيق بين الأردن والعراق الشقيق؛ والذي يحظى بدعم منقطع النظير من جلالة الملك عبد الله الثاني الذي ينظر إلى العراق الشقيق على أنّه الصنو والسند، ويحثّنا على بذل كلّ جهد ممكن لدعم الأشقّاء العراقيين، وتوثيق العلاقات لتكون في إطارها الصحيح.
واعرب عن السعادة والفخر بما تم التوصل اليه اليوم من قرارات وتفاهمات، مؤكدا انه قد ان الأوان لأن يعود الألق إلى مشرقنا العربي وان نحقق التكامل بيننا، وصولاً إلى منتجات تفوق كمّاً ونوعاً ما كنّا ننتجه كلّ على حدة، وان تتدفق الروح مجدّداً في شريان الحياة الأزليّ الواصل بيننا " فنحن شعب واحد في بلدين، وبلد واحد في قلب شعبين" .