التدبير العقلاني !!!

 المهندس هاشم نايل المجالي

كما نعلم فان التدبير هو مجموع الاجراءات والتدخلات العملية التي يسلكها كبار المسؤولين واصحاب القرار في البناء وفي التخطيط السليم والمراجعة لما سبق من حيث اعادة التقييم لتنشيط آلية العمل من جديد وفق اسس تحفيزية ، وهو تدبير عقلاني يأخذ بعين الاعتبار الموارد المتوفرة والوسائل المتاحة واستغلال الزمن والامكانيات بغية تحقيق عمليات وتعليمات وتنفيذ استراتيجيات ومشاريع ناجحة ، وهو تدبير تشاركي من اجل البناء الجماعي والاجتماعي بعيداً عن أية هيمنة بل نقل المعرفة والتوجيهات الى آلية التفعيل والتنشيط وبتحكم عقلاني حضاري وفق الوسائل والاسس الحديثة ولتحقيق التنمية وتحسين الاقتصاد .

اي ان التدخل هذا يكون ناحجاً لتلقي التعليمات وطريقة تدعيمها وتحت مظلة المساءلة وهذا يتطلب وعياً وادراكاً لاهمية الطرح والتصرف الاجرائي والتفاعل ما بين كافة الاطراف والجهات المعنية ، مع وضعيات التقويم لأية اختلالات غير متناسقة بين هذه الجهات لتوزيع الادوار والمهام ووضعها على منصة الكترونية واحدة وخطة استراتيجية عملية واحدة مهما كانت المتغيرات لأي مسؤول لتتناول كافة المعطيات للمشاريع البيئية السياحية والاستثمارية والانتاجية وغيرها .

ان التدبير الفعال هو الاستراتيجية العامة من اجل الوصول الى الاهداف المرجوة وفق المسالك والاختبارات السليمة ، وكما نعلم فان كثيراً من المسؤولين كانوا ضحية الوهن وهو ضعف في الامر او العمل قال ابن القيم الجوزية ( من استطال الطريق ضعف مشيه ) ، لذلك كان اداؤهم ضعيفا ولا يرقى الى حجم المسؤولية .

فكثير من هؤلاء المسؤولين ابتعدوا عن الواقعية والموضوعية وعن التحليل والتقييم للواقع الملموس والاسراف المالي والاداري على مواضيع لا تخدم الموضوع الرئيسي ، فكان الاسراف بدون عقلنة او ضوابط وعدم الوضوح في الاهداف والارتجال والتردد في اتخاذ القرارات وسوء في التخطيط ، مما يؤدي الى فشل الاستراتيجيات وتعثر آخر مما يجعل البعض يزين البرامج لنقع في دائرة عدم الثقة من حيث عدم التنفيذ او سوء التنفيذ ، كذلك فان هذا الضعف في الاداء يؤدي الى انحرافات سلوكية بالتصرف بالمال العام عندما يشعر انه غير مرغوب به فيسعى لتأمين مستقبله وتحسين وضعه المالي ليحافظ على مكانته السياسية والاجتماعية .

ان قوانين العقل والمنطق والصالح العام يفترض ان تكون واضحة وشفافة وقوية ومحصنة حتى لا تقرن بالترضيات والمحسوبيات وخدمة مصالح ضيقة ومكاسب ريعية ونفعية  ، بل علينا ان ندرك اخطاءنا ونعترف بها وتصحيحها ومعالجة الاختلالات واماكن التقصير لمعالجتها ، فكثير من المشاكل التي يعاني منها المستثمرون ورجال الاعمال هي بفعل سلوكنا وتدبيرنا ومعاملاتنا ، لانها نتاج سياسات خاطئة قد تكون بحسن نية او عن نقص بالخبرات او جهل في كثير من الامور او سرقة الافكار ونقل هذه المشاريع لاطراف آخرى بصورة غير قانونية .

بل يجب ان تكون القرارات والاجراءات محفزة للهمم وتبعث على التفاؤل ، وان لا تكون السياسات متضاربة بين الجهات المختلفة او متناقضة تؤدي الى احباط في الاستثمار وتعطيل في الابداع او تقديم الحلول والمبادرات الرائدة فهناك مشاكل مركبة اساسها عدم الوعي والاحساس الوطني الذي يميت العمل ويضعفه ولقد قيل ( لا تخلط يقينك بالشك فيفسد عليك العزم ولا توقف عملك على الشك فيدخل عليك الوهن ) ، ومن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ( اللهم اني اسألك الثبات في الامر والعزيمة على الرشد ) .

فعلى المسؤولين ان يبادروا بطرح الرؤى الخلاقة للمشاريع واستقطاب المستثمرين المحليين والاجانب حيث تتوفر البنية التحتية لذلك فهناك السياحة العلاجية التي يوليها جلالة الملك عبدالله الثاني الاهتمام لتوفر كافة المعطيات الايجابية والمميزة في هذا الوطن ، وهناك السياحة الصحراوية وهناك سياحة البيئة والسياحة الدينية وسياحة المؤتمرات بانواعها ، وهناك خامات متوفرة لغايات الان لم تستغل بشكل جيد ولم يتم استثمارها وغيرها الكثير .

فالوطن تتوفر فيه الكثير من الميزات التي لا تتوفر بالدول الكبرى والدول المجاورة ، المهم كيفية استثمارها واستغلالها وتحتاج الى مسؤولين يبادرون بوضع استراتيجيات عملية وفعالة وتحتاج الى عزم وقوة وجراءة في اتخاذ القرار .//

hashemmajali_56@yahoo.com