.. وانتهت أسطورة "داعش"

"أرض الخلافة" تتحول من مساحة بحجم إنجلترا إلى قريتين صغيرتين في الصحراء

 

عمان ـ الانباط ـ وكالات

قريتان صحراويتين هما كل ما تبقى من الأراضي الشاسعة التي كان يطلق عليها "تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الارهابي" سابقاً "أرض الخلافة"، ومع استعداد "الاكراد" لمهاجمة هاتين البلدتين، فان "الهزيمة الإقليمية الكاملة للمجموعة المتشددة باتت وشيكة"

وقالت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية نقلاً عن مسؤولين أمريكيين وقادة ميليشيات أكراد، إنَّ بضع مئات من مقاتلي "داعش" الأكثر تعنتاً يخوضون معركتهم الأخيرة في قريتي المراشدة والباغوز فوقاني على ضفاف نهر الفرات على بعد بضعة أميال من الحدود العراقية جنوب شرق سوريا.

ومع وجود الجيش السوري على الضفة الأخرى من النهر، فإن المجموعة، التي كانت تسيطر على أرض بحجم إنجلترا، أضحت محاصرة في رقعة لا تتجاوز ستة أميال من ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة.

ويقول عسكريون إنَّها مسألة أسابيع أو ربما أيام قبل اجتياح القريتين، والقضاء على "داعش" الذي كان يتباهى بإقامة دولة في العراق وسوريا. وسيزيد إنهاء الحرب التي دامت لأربعة أعوامٍ ونصف، أيضاً من الإلحاح المتعلق بالسؤال حول موعد وكيفية سحب الولايات المتحدة لقواتها من سوريا تنفيذاً لأمر صدر الشهر الماضي عن الرئيس دونالد ترامب، الذي تراجع وقال لاحقا "القوات ستبقى حتى انتهاء القتال ضد داعش"، ولم يُحدَّد موعداً بعينه لانسحابها حتى الآن.

المتحدث باسم الجيش الأمريكي في بغداد الكولونيل شون رايان، حذَّر من أنَّ نهاية الحرب لن توقف التهديد الذي يشكله "داعش"، الذي يحاول إعادة تنظيم صفوفه كقوة متمردة في مناطق فقد سيطرته عليها، وأضاف رغم سحب الجيش الأمريكي لبعض عتاده، لم تغادر أيٌّ من القوات ولم يُحدد موعد نهائي لسحبها، راهنا، ستركز القوات الأمريكية على تدريب «شركائها المحليين وإحلال الاستقرار في المنطقة لردع عودة "المقاتلين».

قال رايان: «في ما يتعلق بالأراضي تُعتبر النهاية قريبة، لكنهم سيواصلون تنظيم صفوفهم وكما شهدنا بالأسبوعين الماضيين ابتكار أحداث استعراضية"، في إشارةٍ إلى التفجير الانتحاري في مطعم بمدينة منبج الذي تسبب بمقتل أربعة أمريكيين، وأتى بعد أكثر من ثلاث سنوات على طرد "داعش" من تلك المنطقة.

وتتضمن المعاقل في القريتين الصحراويتين بعضاً من «أكثر المتطرفين ولاءً»، والذين بقوا في ساحة المعركة رغم الفرص العديدة التي أُتيحت لهم للهروب أو الاستسلام، ومن المتوقع أن يقاتلوا حتى النهاية.

وأضاف رايان إذا استمرت الحملة التي تشنها القوات التي تدعمها الولايات المتحدة، فقد ينتهي الأمر في فترة قصيرة تصل إلى أسبوعين.

في حين، يقول مظلوم كوباني قائد قوات سوريا الديمقراطية، الأمر لن يستغرق أكثر من شهر، واضاف: "خلال الشهر المقبل سيكون هناك إعلان رسمي لانتهاء الوجود العسكري على الأرض لما يسمى "الخلافة».

ووفقاً لزانا عميدي، وهو متحدث باسم ميليشيا «وحدات حماية الشعب الكردية» والتي تعد العنصر الأكبر في قوات سوريا الديمقراطية، فإنَّ المقاتلين الباقين يشملون بعض كبار قادة داعش وإرهابيين مشهورين.

ولا يعتقد المسؤولون الأمريكيون وقادة أكراد أنَّ أبوبكر البغدادي، زعيم داعش، موجودٌ بينهم، وقال عميدي: «سيكون غبياً إذ بقي في آخر المعاقل حتى النهاية، لابد أنَّه هرب منذ فترة طويلة، لم يمت، وهو ليس في هذه القرى أيضاً».

ويشكّل الأجانب نسبة كبيرة من الباقين، وقد توافدوا إلى سوريا للانضمام إلى "داعش" عندما كان في ذروة قوته، وبسبب ملامحهم، كانوا ليبرزوا بين المحليين إذا حاولوا الاندماج مع المدنيين الفارين من ساحة المعركة، كما فعل بعض المقاتلين المحليين، يقول عميدي: «ليس لديهم خيار سوى القتال حتى النهاية أو الاستسلام»، وأضاف هناك عشرات الأجانب بين الأعداد الكبيرة من المقاتلين الذي استسلموا أو قُبض عليهم وهم يحاولون الفرار في الأيام الأخيرة، معظم الأجانب من العراقيين، ولكن هناك أوروبيون وأمريكان وآسيويون أيضاً.

ويلقى المدنيون حتفهم أيضاً خلال تبادل إطلاق النار، على أيدي قناصة "داعش" وهم يحاولون منع المدنيين من الهروب، وفي واحدة من أبشع الحوادث، قالت تقارير إنَّ 39 مدنياً قُتلوا في قرية الباغوز في وقتٍ سابق من هذا الشهر عندما أصابت طائرات "التحالف" المركبات التي كانوا يحاولون الفرار بها.

لم يتحدد بعد المصير النهائي للمنطقة الشرقية في سوريا التي تخضع الآن لسيطرة القوات الأمريكية بدعوى الحرب ضد تنظيم داعش. وأدى إعلان ترامب المفاجئ سحب القوات إلى اندلاع جدل دولي لمعرفة مصير الإقليم.

زار مسؤولون أمريكيون العاصمة التركية أنقرة هذا الشهر لمناقشة إقامة تركيا «منطقة آمنة» شمال شرق سوريا، حيث يتحالف الأكراد بميليشيا وحدات حماية الشعب، المتحالفة مع الولايات المتحدة، مع حزب العمال الكردستاني التركي والمصنف كـ"إرهابي"، وقالت تركيا إنها ستنشر قواتها عبر حدودها مع سوريا لمنع الأكراد من شن هجمات على تركيا عبر الحدود بمجرد رحيل القوات الأمريكية.

مع ذلك، تخشى المجموعات الكردية هذه من هجوم تركي كبير، لذا فإنَّهم لجأوا إلى روسيا مؤخراً للمساعدة في التوسط في صفقةٍ من شأنها أن تعطي الحكومة السورية سيطرة شاملة على المنطقة، فيما تخوض تركيا أيضاً محادثات مع روسيا التي اقترحت إعادة السلطة لدمشق بموجب اتفاقية عام 1998 بين سوريا وتركيا. وقد تطلب هذا الاتفاق من دمشق ضمان عدم شن الأكراد هجمات ضد تركيا من الأراضي السورية.