نعاني من وفرة الطاقة ونقصها.. أين المشكلة؟
بلال العبويني
ملف الطاقة، كان الأبرز والضاغط على عصب الاقتصاد الوطني وجيب المواطن خلال السنوات الماضية، وتحديدا بعد أن انقطعت إمدادات الغاز المصري.
اليوم، نسمع عن وفر كبير في انتاج الكهرباء إلى الحد الذي بات تصريفها مشكلة، وربما سترتب إمدادات الغاز، الزائدة عن الحاجة، ضغطا على عصب الاقتصاد بما نستورده من مصادر متعددة وما وقعناه من اتفاقيات ملزمة ولمدد طويلة.
مشاريع الطاقة المتجددة كانت طموحة وما زالت في تأمين المملكة جزءا من حاجتها لانتاج الكهرباء بتكلفة منخفضة، وهذه المشاريع من المرجح أن يصل الاستثمار فيها بعد أشهر إلى نحو 4 مليارات دولار بقدرة انتاجية تصل إلى 1100 ميغاوات.
الشبكة الكهربائية لا تستهلك كل تلك الطاقة سواء من الطاقة المتجددة أو المصادر الأخرى، والفائض يصعب تخزينه حتى اللحظة ما يعني أن هناك مشكلة وثمة أفكار لاستغلالها كتصدير الكهرباء للسعودية نهارا واستيراده منها ليلا.
إن ما يلفت الانتباه أننا في كل الأحوال نعاني سواء في حال نقص مصادر الطاقة اللازمة لانتاج الكهرباء، أو في حال وفرتها، ففي كل الحالات لم يساهم الوفر الحاصل في تخفيض الفاتورة على الخزينة وعلى جيب المواطن وهو ما يطرح الأسئلة والاستهجان في آن.
والسبب في ذلك يعود إلى ضعف التخطيط الاستراتيجي البعيد، ويأتى ذلك من "الورطة" التي وضعتنا فيها الحكومات في اتفاقية استيراد الغاز من الاحتلال لانتاج الكهرباء ولمدد طويلة وبعقود ملزمة تحتوي شروطا جزائية مكلفة.
فرغم التحذيرات المتواصلة من الخبراء ورغم الرفض الشعبي العارم، وقعت الحكومة اتفاقية لاستيراد الغاز من الاحتلال، وثمة حديث اليوم عن أنه يصعب التنصل منها باعتبار ما تتضمنه من شرط جزائي لا نعلم إن كانت قيمته تصل إلى المليارات أم لا.
إن خطورة المضي في الاتفاقية تكمن في مساهمتها باغتيال مشاريع وطنية طموحة لإنتاج الطاقة، مثل الصخر الزيتي والطاقة النووية، ومن شأنها بعد حين أن تغتال مشاريع الطاقة المتجددة وتدمير استثمارات كثيرا ما شجعت الحكومات على إنشائها من أجل تنويع مصادر الطاقة.
لذلك، إن الحكومة معنية اليوم بأن توقف الهدر الحاصل في فاتورة الطاقة وأن تجد مخرجا لإلغاء اتفاقية استيراد الغاز من الاحتلال، ذلك أن اتفاقية استيراد نصف حاجة الأردن من الغاز من مصر بالإضافة إلى ما لدينا من مشاريع طاقة تكفي حاجة المملكة من الطاقة، حسب خبراء، وإن كان هناك ثمة نقص فإن الواجب لتوفيره يجب أن يكون بالتوسع أكثر في المشاريع الوطنية باعتبارها خيارا استراتيجيا أكثر أمنا واستقرارا وأوفر كلفة.
للأسف، التخبط الحكومي وسوء التخطيط لا ينحصر فقط في ملف الطاقة بل يتعداها إلى ملفات ضاغطة أخرى، والضحية الذي يتحمل تبعات ذلك التخبط هو المواطن، الذي رغم ما يشهده قطاع الطاقة والكهرباء من تطور ما زال يعاني من ارتفاع كلفتها عليه ويعاني من الرسوم غير المنطقية وغير المفهومة المضافة على فاتورته.
فكرة تصدير الكهرباء نهارا وتصديرها ليلا تكون خلاقة إذا بادرنا للتحرر من اتفاقية الغاز مع الاحتلال ووفرنا الدعم اللازم لمشاريعنا الوطنية لإنارة دربنا مما ننتج من طاقة وكهرباء، أما الجريمة الكبرى والظلام الدامس سيكون إن أعدمت الحكومة تلك المشاريع لصالح الاستمرار في اتفاقية "الغاز الإسرائيلي" كما يحاول البعض أن يفعل مع "المشروع النووي" مثلا.//