القدوة الصالحة طريق الاصلاح !!!

   م. هاشم نايل المجالي

الحياة بالنسبة لكل انسان تعتبر تجربة جديدة فهي تأتي لسفرة واحدة فقط غير قابلة للتكرار ، ويواجهها الانسان دون سابق خبرة او معرفة او تجربة لذلك فان الفشل في تجربة الحياة لا يمكن تداركه او تعويضه بأثر رجعي .

فهناك متاهات واسعة والحياة مليئة بالشهوات والمغريات وتتشعب فيها الطرق وتتعدد فيها الخيارات ولا بد لكل انسان من خريطة واضحة المعالم تدله على طريق النجاة وتنبهه من المخاطر ، فهي مزروعة بالالغام وعلى الانسان ان يحذر منها وعليه ان ينتهج نهج القدوات الصالحة التي تجسد له برنامج الهداية والصلاح وتقدم له تجربة حيه بالالتزام بالقيم والاستقامة فوجود القدوات الصالحة الناجحة يحقق النتائج والاهداف المرجوة .

ولا شك ان الشباب من حيث الادراك والعقل يتأثرون بما يرون ويشاهدون من شخصيات رسمية ومجتمعية وخاصة صاحبة نفوذ واقتدار ، حيث ينطبع ذلك في اخلاقهم وسلوكياتهم سواء كان ذلك حسناً او سيئاً وهذا من اسباب التقليد والقدوة ، فهناك المطيع وهناك العاصي وهناك المهتدي والضال والراشد والغاوي ومن الصعب استوائهم على حالة واحدة فان المرء على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل حتى لا يقع المرء في المحرمات والمعاصي .

والقيادة المسؤولة لدى اي مسؤول رسمي او مجتمعي او اسري هي القدرة على التأثير في سلوك الآخرين وفق رؤية سليمة وصحيحة ليكون قدوة حسنة وحتى لا يؤدي الى الاخلال بالواجبات والمهام من قبل المقتدي .

هو تقليد المقتدي للمقتدى في افعاله وسلوكياته وتصرفاته حيث يتصرف بكامل ارادته واقتناعه بذلك ، فهناك كثير من ابناء المجتمع يتخذون من شخصيات معينة قدوة لهم فيتصرفون على نحو تصرفاته فهناك في الحياة نجد القدوة الحسنة ونجد ايضاً القدوة السيئة او الغير صالحة وكما نعلم فان الاسلام قد حث على الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى ( لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيراً ) فهو القدوة في جميع تصرفاتنا وسلوكياتنا وافعالنا والفاظنا .

كذلك هناك الشباب المراهقين يتخذون من بعض المغنيين والفنانين والرياضيين قدوة لهم فيقلدونهم في المظهر واللبس والسلوكيات دون ان يسمعوا الى اي نصيحة ، وهذا ينعكس على النهوض بالمجتمع من قبل هؤلاء الشباب ومدى مشاركاتهم التطوعية والانتاجية ومدى القدرة على حماية المجتمع من انتشار الاخلاق الغير حميدة والسلوكيات السلبية السيئة وضعف القدرة الانتاجية .

فهناك فئة ايضاً تتخذ من بعض رموز الفساد المتنفذين قدوة لهم وكيف اصبحت تلك الشخصيات لها مكانتها الرسمية والاجتماعية والكل يحترمها .

فالفساد لم يعد مقصوراً ايضاً على طبقة او نخبة معينة بل في جميع القطاعات الرسمية والخاصة ، ولقد اصبح سلوكاً مألوفاً لكل الطبقات حتى التجار والمصنعين واصحاب المطاعم والمحلات التجارية والتي يومياً نسمع عن قصص جديدة ومخالفات كثيرة ، وكثير من يتطلع اليهم انهم يحققون ارباحاً طائلة وحققوا مكاسب مالية كبيرة واصبح شيئاً لا يمكن مقاومته بالوعظ والارشاد والنصائح وانما قد يحتاج الى استراتيجية قيمية واخلاقية حقيقية شاملة .

ان الفساد كسلوك منحرف عن جادة الصواب واعتداء على الحق العام او الحقوق الشخصية للاخرين بالبلطجة او سرقة المياه او الكهرباء وغيرها اصبح يمارس من قبل العديدين دون استثناء ، حيث اصبح بلاء وهذه سوف توصل المجتمع الى حافة الانهيار اذا ما استمرت دون ضوابط ومكابح حقيقية لها .

فرمز الفساد في مواقعهم يمارسون صلاحياتهم بكل قوة واقتدار حتى نفاجأ فيما بعد بتحويلهم الى هيئة مكافحة الفساد هم ومن اقتدى بهم من كوادر عاملة معهم ، وهذا حال يبقى الثقة معدومة ومزعزعة في الاوساط العملية الرسمية ويبقى المجتمع ضعيفاً مفككاً مشغولاً بهذه القضايا عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام الاخرى وما يرافق ذلك من لغط وتشوهات مسيئة كثيرة فالمجتمع ايضاً يدفع ثمن هذا الفساد والانحراف ويعتبره تواطؤ مع اصحاب الفساد والذي لا يقبله احد لا شرعاً ولا عقلاً .

ان مسؤولية اصلاح ما فسد من اخلاق وسلوكيات هي مسؤولية الجميع اسرة ومؤسسات تربوية وجامعات ومؤسسات مجتمع وعلماء ووعاظ وموجهين وقادة مجتمع .

ومن الطبيعي ان الخطوة الاولى للاصلاح هم القدوة الذين يجب ان نتبعهم بالسلوك والقيم والاداء والاخلاق والممارسات العملية ، فهم الطليعة الرائدة التي ترسم المسار السليم والصحيح الذي يجب ان نسلكه ونمارسه ، واصحاب القدوة هم من يتبنون الاصلاح والصلاح لتغيير الاحوال نحو الافضل ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) .

فيجب ان نحكم موازين الحق والعدل بعيداً عن الاهواء والمصالح والمنافع المشتركة ، لننقذ المجتمع من الانهيار السلبي حيث تسللت الى المجتمعات مفاهيم وسلوكيات خاطئة وقناعات غير صحيحة واوهمتها بأعمال عظيمة ، فهي زمرة فاسدة اياً كان موقعها ومكانتها وامكانياتها توهم البعض انها ستحقق لهم مصالحهم وتزرع شخصيات لها في كل مكان لتحقق لهم مصالحهم ، فهذا ليس المسار الآمن الذي يحقق للمجتمع وللوطن الامن والسلام المجتمعي المطلوب .

ولا شك ان هناك من اصحاب القرار من يرى ويعي حقيقة ما يجري ، والشعب في حالة شوق وتوق لان يتخذ الاجراءات الكفيلة لوقف هذه السلوكيات التي تمادى اصحابها حيث اصبح هناك الكثير من يريد ان يقتدي بها وان ينحسب عليهم ، وهناك جيل مهدد بالضياع وهو يعاني الامرين وهناك جيل اصبح الاغتراب بالنسبة له هو الحل الامثل بعد ان ضاعت بوصلته الحقيقية في وطنه بسبب هؤلاء المتنفيذين ، فلا نريد ان يصبح الفساد ثقافة مجتمع وممارسة يقوم بها نخبة لهم نفوذهم وسطوتهم لا نستطيع ان نجادلهم وهناك جوانب لا نستطيع اغفالها .//

 

hashemmajali_56@yahoo.com