وزير دولة للسعادة !!

سامر نايف عبد الدايم

هناك إحساس عام بأن الأيام تجري بسرعة شديدة، ولعل الإنسان في تاريخه كله لم يشعر بأن الحياة قصيرة جداً كما يشعر بذلك الأن ، رغم ما حققه الطب الحديث من تقدم كبير لم تعرفه البشرية من قبل ، حتى أصبح متوسط عمر الإنسان أعلى مما كان عليه في أي زمن سابق .

وفي هذا العصر الذي تجري فيه الأيام كأنها صاروخ يخترق الفضاء في دقائق معدودات ، فإن الحياة الحديثة شغلت الإنسان وأنسته السعادة ، وجعلت برنامجه اليومي مشحوناً بدرجة لا تتيح له فرصة ولو محدودة للتفكير والتأمل.. فأين وقت الفراغ الذي يتيح لأي منا مثل هذه الفرصة ؟

لذلك تبدو السعادة التي نحلم بها أحياناً نوعاً من السراب الذي نجري وراءه ولا نحصل منه على شيء ، ومع ذلك تظل هدفاً للإنسان يسعى إلى تحقيقه حتى لو لم ينجح في ذلك.

ربما يبدأ الشعور بالسعادة من مجرد البحث عنها، فالبحث عنها هو نوع من الأحلام الهادئة التي يحتفظ بها الأنسان في قلبه وعقله، وهذه الأحلام هي في حد ذاتها نوع من السرور والابتهاج بالحياة والأمل في أن تعطينا بعض هداياها الجميلة .

ولكن سعادة الفرد تتحقق فقط في بيئة خالية من المشكلات الصعبة ، فمهما اعتزل الفرد أو حاول أن يعيش في "حاله" فأن المجتمع يؤثر في حياته على نطاق واسع .. فالمجتمع السعيد يتيح لأفراده فرصة السعادة ، بينما المجتمع المضطرب يجرح الناس ويؤذيهم .. وحتى لو استطاع بعضهم أن ينجو بنفسه من الطوفان فلا يمكن أن يطمئن على سعادته في مجتمع شقي، ففي مثل هذا المجتمع يعاني الإنسان من الخوف على نفسه ، والخوف يقتل السعادة.

في دولة الإمارات  ولتعزيز وتوفير السعادة والرخاء والرفاهية لشعبها والمقيمين على أرضها. قامت بتعيين وزير دولة للسعادة، كما اعتمدت البرنامج الوطني للسعادة والإيجابية الذي يضم مجموعة من السياسات والخدمات التي تعزز من أنماط الحياة الإيجابية.. ونحن نطالب دولة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بوزارة يكون هدفها ورسالتها تهيئة الظروف الملائمة للموظفين التي يمكن أن تحفز لديهم الرغبة والدافع لتحقيق غاياتهم والغاية العليا للمؤسسات التي يعملون بها، فضلاً عن مزايا ملموسة تشمل زيادة معدلات الحفاظ على الموظفين، وتعزيز إنتاجية وجودة العمل، وجودة وحجم الخدمات التي تقدمها المؤسسة للمتعاملين لديها.. وبذلك يكون قد تحقق مفهوم السعادة لدينا..

هناك من يعتقد أن الإنسان لكي يكون سعيداً لا بد أن يكون ثرياً باعتبار أن الثراء يوفر له كل ما يريده من إمكانيات واسعة.. لكن الثراء في كل المجتمعات يظل نصيباً للأقلية فقط.! وبالتالي علينا أن نبحث عن شرط اخر غير الثراء لتحقيق السعادة او بعضها على الأقل .

وأول  ما يمكن أن نهتدي إليه هو أن نتيح لأنفسنا فرصة للتأمل ، ففي داخل النفس الإنسانية دائماً مناطق سحرية وبسيطة لكن نستطيع أن نصل إليها إذا استطعنا أن نتأمل، أي أن نعيش في لحظة صفاء مع أنفسنا وأن نجري حواراً صامتاً مع مشاعرنا وأفكارنا ، ولا بد أن ينتهي بنا ذلك التأمل وذلك الحوار إلى نتائج مثمرة حتى ولو لم نحس بها ولم نرها في زحمة الحياة ، وفي ذلك تحقيق لبعض السعادة الهادئة .

أتمنى أن تعود السعادة والإبتسامة إلى شفاه الجميع ، وأن ينتهي الوجوم والاكتئاب من حياتنا، وهذه ليست أمنية مستحيلة التحقيق بل هي ممكنة إذا اشتركنا جميعاً في إسعاد بعضنا بعضا وفي مساعدة بعضنا بعضا في التغلب على مصاعبنا ومحاولة التخلص من متاعبنا .//

@samerN13