استباحة رام الله.. الأهداف والسيناريوهات والرسائل

محللون: الاقتحامات مناورات بالذخيرة الحية استعدادًا لفرض السيطرة الإسرائيلية على الضفة

  رام الله -  وكالات

 تطرح الاستباحة الاسرائيلية المتكررة لمدينة رام الله العاصمة الإدارية الفلسطسينية المؤقتة، أسئلة حائرة حول أهدافها ومراميها ورسائلها.

 فبينما يرى خبراء ومحللون بأن تلك الاستباحة تهدف لتقويض هيبة السلطة وإلحاق الهزيمة بها في ملعبها وبين جمهورها، يرى آخرون بأنها بمثابة مناورة بالذخيرة الحيّة استعدادًا لفرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية وإعادة الإدارة المدنية إليها بعد أن نقلت تلك الإدارة صلاحياتها للسلطة وفق اتفاق أوسلو الموقع عام 1993.

ويوضح المحلل السياسي مهند عبد الحميد، ان إسرائيل ترمي من وراء اقتحاماتها المتكررة لرام الله والبيرة، توجيه عدة رسائل إلى السلطة في مقدمتها أن لإسرائيل السيادة الكاملة على الضفة كما كانت قبل اتفاقية "أوسلو"، فهي لم تعد تعترف بمناطق (أ) أو (ب) أو (ج).

ويشير إلى أن تلك الاقتحامات بمثابة ردّ إسرائيلي على حصول فلسطين على رئاسة مجموعة (77 + الصين)، في رسالة للفلسطينيين أن "خذوا ما شئتم، من مواقف وقرارات دولية لكنكم على الأرض صفر"، علاوة على أن تلك الاقتحامات تحمل رسالة إسرائيلية للمستوى السياسي، بوجوب استمرار التبعية لإسرائيل، عدا عن كونها تندرج في إطار الدعاية الانتخابية الإسرائيلية.

ويرى مدير عام مركز "مسارات"، الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، أن الاقتحامات شبه اليومية لمقر سيادة السلطة، قد تهيّئ لواقع جديد قد ينشأ في حال غياب الرئيس لأي سبب كان، فإسرائيل تستعد للإمساك بزمام الأمور، منعًا لأي تداعيات قد تقع.

 بينما لا يرى المصري وجود علاقة لهذه الاقتحامات بصفقات قادمة، لأنها ليست جديدة، لكن الجديد تواصلها بشكل يومي، وما يحدث قد يكون تدريبًا واستعدادًا لأي تطور يحدث في الضفة.

ويعتقد المصري "بأن المرحلة المقبلة، قد تشهد تدهورًا يصل إلى حد الخراب، إن لم نغيّر من سياساتنا، في ظل الانقسام والاستيطان وتهويد القدس وتفكيك المشروع الوطني، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى إرجاع القضية الفلسطينية إلى المربع الأول".

ويعتقد المصري أنه في حال انهارت السلطة فإن مواجهة فلسطينية إسرائيلية قد تقع، وستنشأ عندها مقومات جديدة للسلطة عبر تشكيل مجالس وبلديات وقيادة وطنية موحدة".

ويرى الكاتب والمحلل السياسي عبد الغني سلامة، أن الهدف من تلك الاقتحامات إحراج السلطة، لتظهر بمظهر العاجزة عن حماية شعبها، وحسب سلامة، فإن إسرائيل تحاول أن تمرّن الفلسطينيين على تقبّل الوجود الإسرائيلي المباشر في حال قررت إعادة الإدارة المدنية الإسرائيلية إلى الضفة الغربية. وهو ما يستبعد سلامة حدوثه.

ويشير سلامة إلى أن تكرار الاقتحامات قد يكون تمرينًا إسرائيليًا بهدف الاستعداد لأي مرحلة مقبلة قد تفرضها إسرائيل بالقوة دون إقامة دولة مستقلة، إذ إن إسرائيل تسعى لاستدامة الوضع الحالي إلى حين تمكنها من فرض الحل الذي تريد.

ويعتقد سلامة بإمكانية إفشال المحاولات الإسرائيلية لفرض واقع جديد، عبر تطوير الأداء الفلسطيني رسميًا وشعبيًا من خلال إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة وتجديد هيئات منظمة التحرير، أو بتغيير الخارطة الإقليمية والدولية، بيد أنه في حال استمرّ الأداء الفلسطيني على ما هو عليه أو تراجعه واستمرار هرولة الوضع العربي نحو التطبيع مع إسرائيل، فإن إسرائيل ستنجح بتنفيذ مخططاتها.

وحسب الخبير الأمني د. محمد المصري، فإن قوات الاحتلال لا تحتاج سوى لدقائق معدودة لمصادرة تسجيلات كاميرات المراقبة، لكن بقاءها في المكان لأكثر من ساعتين، إنما يدلل على أن الهدف من ذلك سياسي، يرمي لإضعاف السلطة وتهميش دورها وضرب الثقة بينها وبين جمهورها، من خلال التأكيد على عدم وجود مبرر لبقاء سلطة لا تقدر على حماية نفسها، علاوة على أن تلك الاقتحامات بمثابة تمارين تحاكي بالعلم العسكري كيفية السيطرة حال اتخذ القرار بالسيطرة على أراضي السلطة ".

ويرى المصري أن إسرائيل تحاول جرّ الفلسطينيين إلى معركة عسكرية، وهو ما يريده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لضرب الأمن المجتمعي الفلسطيني، والتأكيد لشعبه أنه رجل الأمن الأول، ليظهر أنه يعمل على جبهات الشمال والجنوب واقتحام مناطق السلطة والتي يريد من خلالها إرسال رسالة انتخابية بأنه يسيطر على مناطق الضفة.

وحسب الباحث الاجتماعي والاقتصادي، فراس جابر، فإن رام الله التي تصنف كمنطقة آمنة اجتماعيًا، أصبحت خط تماس مع الاحتلال، وهو ما يكشف الحالة المصطنعة وينسف فكرة السيادة، فالاحتلال يريد أن يقول للمواطنين إنكم "تحت سيطرتنا حتى وإن كنتم تسكنون في مراكز المدن".