زراعة المانجروف في خليج العقبة

تساعد على التوازن البيئي

 د. نهاية القاسم

     نبات المانجروف من النباتات  الشاطئية التي تنمو عند الحد الفاصل بين البحر واليابسة في المناطق الحارة والمدارية  وتتميز بقدرتها على مقاومة الظروف البيئية  الصعبة التي تعجز عن مواجهتها معظم النباتات الأخرى، وهو نبات يشارك في تشكيل نظام بيئي وحيوي متكامل حيث تتواجد  الطيور على أغصانه، والحيوانات البرمائية عند شاطئه والأسماك الصغيرة عند جذوره، ووجوده يثبت تربة الشواطئ ويحميها من التآكل ، كما تفضل الأسماك الالتجاء إليه عند وضع بيوضها.

      ويعتبر نبات المانجروف (كما يسمى في الجزيرة العربية) أو الشورى (كما يسمى في مصر والسودان) من أهم  نباتات الأيكات الساحلية الأكثر شيوعاً حيث ينتشر حول ساحل البحر الأحمر (خليج العقبة مصر والسودان) والساحل الشرقي (المملكة العربية السعودية واليمن)، وكذلك على خليج العقبة والخليج العربي. ويبدو أن جيومورفولوجية ومناخ هذه السواحل تشجع نمو جماعات هذا النبات حيث توفر الخلجان الصغيرة التي تنتهي إلى السواحل والمحمية جزئياً بالشعاب المرجانية أو الجزر وسطاً ملائماً لنموه بسبب كسرها لقوة الأمواج والتي عادة ما تدمر وسط النمو وتحمل البادرات بعيداً عن مهدها. ويشير اسم الجنس إلى العالم العربي ابن سينا (Avicenna) صاحب القانون في الطب، أما اسم النوع فهو يشير إلى المناطق البحرية. (Marine) ويعتبر هذا النوع هو أكثر نباتات الأيكات الساحلية انتشاراً في انتشاراً في العالم، حيث يمتد من شرق أفريقيا والبحر الأحمر (هو الموقع النموذجي له) . يعتقد بوجود سبعة سلالات لهذا النبات، ولكن الفصل الشكلي بينهم غير واضح، حيث أن الفصل في معظم الأحوال مبنى على أساس جغرافي.

       تتكون كلمة "Mangrove" من كلمتين الأولى برتغالية "Mangue" وتعنى شجرة، والثانية إنجليزية "Grove" وتعنى مكان الأشجار، وقد ترجمت إلى اللغة العربية فتسمى أيكة ساحلية. ومصطلح "Mangrove" هو مصطلح بيئي يستخدم ليشمل كلاً من الشجيرات والأشجار من ذوات الفلقتين والفلقة الواحدة، والتي توجد في المناطق الاستوائية وتحت الاستوائية الضحلة الواقعة تحت تأثير المد البحري. وقد اقترح بعض العلماء اقتصار كلمة "Mangrove" لتشير إلي النباتات المكونة لغابات هذه النباتات، وكلمة "Mangal" لتشير إلى المجتمع النباتي الذي يسوده إحدى هذه النباتات. وعلى المستوى العالمي يوجد حوالي 80 نوعاً من هذه النباتات (78 من ذوات الفلقتين + 2 من ذوات الفلقة الواحدة) تنتمي إلى 18 فصيلة و23 جنس موزعة حول المناطق الاستوائية وتحت الاستوائية في العالم، يوجد العدد الأكبر منها (65 نوعاً) في منطقة جنوب شرق آسيا، بينما يوجد حوالي 11 نوعاً في العالم الجديد ومنطقة الكاريبي .

 أهمية وفوائد أيكات نباتات المانجروف الساحلية  للإنسان والبيئة:

 لا يمكن إحصاء للفوائد المباشرة وغير المباشرة للأيكات الساحلية لنباتات المانجروف بالنسبة للإنسان والبيئة ولكافة أشكال الحياة فيها وفيما يلي نوجز أهم تلك الفوائد :

 

 1- تعمل أيكات نباتات المانجروف الساحلية في إنتاج الأوكسجين وإمتصاص غازات الكربون و الغازات السامة وهذا ما يساعد بشكل كبير في تقليص الإحتباس الحراري.

 2- تعتبر أيكات نباتات المانجروف من أهم النظم البيئية في تخليص الجو من الغبار والمعلقات الضارة في الهواء.

 3- تقوم أيكات نباتات المانجروف في المحافظة على درجة الحرارة المناسبة للحياة الشاطئية وخاصة في تقليص الفوارق الحرارية بين النهار والليل.

 4- تعتبر نباتات المانجروف  ذات دور رئيسي في المحافظة على رطوبة ودورة المياه في التربة وعلى جلب الأمطار.

 5- تلعب نباتات االمانجروف دورا هاما  في منع ظاهرتي الإنجراف والتعرية للتربة الشاطئية.

 6- تعمل أيكات نباتات المانجروف الساحلية في تنظيم حركة الرياح والسحب والأمطار وتوزيعها على سطح الأرض.

 7- تقوم نباتات المانجروف على تكوين التربة (الطميية ) عن طريق تجميع الرواسب الطينية والعضوية حول الجذور الدعامية والجذور الهوائية التنفسية في المواقع الشاطئية.

 8- تقوم بتنقية ماء الجريان السطحي الأرضي، وكذلك إزالة المعلقات والرواسب العضوية الأرضية.

 9- تنتج نباتات المانجروف كميات كبيرة من المخلفات العضوية والتي سوف تشارك بدورها في تغذية وإنتاجية العديد من الكائنات الحية الشاطئية.

 10- تعتبر أوساط  الأيكات الساحلية لنباتات المانجروف الوسط المثالي  للعديد من الأسماك الصغيرة واللافقاريات والعديد من النباتات والحيوانات (العالقة).

 11- تعتبر أوساط  الأيكات الساحلية لنباتات المانجروف الوسط المثالي  للعديد من الطيور البرية الصغيرة والكبيرة.

 12- تعتبر نباتات المانجروف كعلف أخضر ترعى بواسطة قطعان الجمال والماعز التي يربيها السكان المحليين حيث تتغذى على أوراقه حينما تكون النباتات الأخرى غير متاحة خاصة خلال موسم الصيف، ولكن لا يعتبر نبات المانجروف من النباتات العلفية نظرا لإرتفاع  ملوحته.

 13- يستخدم الأفرع الخشبية لنباتات المانجروف كوقود عالي القيمة وهذا يفسر التدمير الكبير الذي يحدث لجماعات هذا النبات قرب المستقرات البشرية.

 14- يتشكل ما يقرب من ثلث غذاء (الروبيان)  النباتية المنشأ في مناطق الأيكات الساحلية للمانجروف وتمثل الأجزاء المستخدمة من النباتات المكونة لهذه الأيكات حوالي 60% منها.

 15- تعتبر الأيكات الساحلية لنباتات المانجروف الوسط المثالي التي  تتغذى فيه  الأسماك التي تعيش عادة  في الماء الضحل  والتي تأتي مع موجات المد إلى هذه المناطق وتتغذى على الكائنات البحرية اللافقارية التي تعيش في في هذه الأيكات.

 16- ينتج عن أيكات المانجروف الساحلية  كميات كبيرة من المواد العضوية والمواد الدبالية  والتي تتحرك إلى مناطق الماء المفتوح مما يساهم في تغذية العديد من الكائنات البحرية بها.

 17- تستخدم أخشاب نباتات المانجروف في إقامة أسقف المنازل نتيجة لصلابة أخشابها واستقامتها وفى بناء القوارب وإقامة الأسيجة والمنحوتات الخشبية وكوقود خشبي ذي رائحة طيبة.

 18- بالرغم من الصفات التشريحية لأخشاب الأيكات الساحلية من حيث قصر الألياف وسمك الجدر الخلوية، والتي تجعلها غير مناسبة للإستخدام بنسب كبيرة في صناعة عجين الورق، فإن صناعة لب الورق أصبحت من أكثر الصناعات استهلاكاً لأخشاب هذه النباتات في دولة اليابان.

 19- تستعمل نباتات المانجروف في الفلبين لإنتاج ألياف (الفيسكوز)  المستخدمة في صناعة النسيج.

 20- يستغل كسر الخشب والأفرع الصغيرة والنشارة لنباتات المانجروف والناتجة عن استخلاص الدعائم والألواح في صناعة الخشب المضغوط المستخدم في التشييد والتأسيس.

 21- يستفاد من الأجزاء غير الخشبية مثل (القلف والأوراق) في إنتاج المستخلصات الكيميائية مثل (التانينات) والمواد الفعالة لصناعة الأصماغ والأصباغ.

 22-  تعتبرلانباتات المانجروف مصدراً لمكونات الهرمونات مثل (التربينات والأستيرويدات) إلى جانب وجود مركب (الكومارين)  الذي يعد مصدراً يستخدم في تركيبات العقاقيروالأدوية الطبية .//