اليمن.. اتفاق "الحديدة" يترنح وغريفيث يحاول إنقاذه

 

اتهامات متبادلة بين الحكومة والحوثيين بعدم الجدية بتنفيذ الاتفاق

 

عواصم ـ وكالات

يواصل مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن مارتن غريفيث جولة جديدة في المنطقة، على أمل الدفع نحو تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، الذي توصل إليه طرفا النزاع اليمني في مشاورات السويد الشهر الماضي.

ويتسلح غريفيث بالتقدم الذي أحرزه في المشاورات، وتوافق كل من الحكومة اليمنية وجماعة "الحوثي" على الالتزام بالاتفاق، فضلا عن قرار لمجلس الأمن يسمح للأمم المتحدة بنشر فريق لمراقبة وتسهيل تنفيذ الاتفاق.

وكان أبرز ما انتهت إليه جولة المشاورات الخامسة منذ بدء الحرب الأهلية قبل أكثر من أربع سنوات، الاتفاق على وقف فوري لإطلاق النار في محافظة الحديدة الاستراتيجية على البحر الأحمر، بدأ سريانه في 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وقضى الاتفاق بتشكيل لجنة تنسيق مشتركة متفق عليها برئاسة الأمم المتحدة، لمراقبة وقف إطلاق النار، وإثر ذلك وصل فريق مراقبين يقوده الجنرال الهولندي باتريك كاميرت إلى اليمن، في 22 من الشهر الماضي.

وأولى خطوات تنفيذ الاتفاق هي وقف إطلاق النار وانسحاب الحوثيين من موانئ "الحديدة" و"الصليف" و"رأس عيسى" وتسليمها إلى قوات خفر السواحل، ثم انسحاب القوات الحكومية والحوثيين إلى خارج المدينة وإعادة فتح الطرقات والمعابر ونزع الألغام في موعد أقصاه 4 يناير/ كانون الثاني الجاري.

في نهاية مشاورات السويد ظهر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سعيدا بما حققته المنظمة الدولية من اختراق في النزاع اليمني، لكن بعد مرور أكثر من عشرين يوما لم يتغير الوضع في نزاع معقد له امتدادات إقليمية.

ويقول ركن التوجيه المعنوي بقوات "العمالقة" الحكومية محمد شلي، إن "القتال ما يزال يتجدد بين الطرفين، الحوثيون خرقوا الاتفاق مرات عديدة" وتستمر الخروقات رغم تواجد المراقبين الدوليين ما دفع الفريق إلى القول بأن الاتفاق يترنح.

ويتابع: "مليشيا الحوثي نكثت بالعهود والمواثيق، وتعيد ترتيب وضعها العسكري، وتدفع بتعزيزات كبيرة من المسلحين والأسلحة الثقيلة في ظل التزامنا بالاتفاق".

ويفيد أن اجتماعات لجنة إعادة الانتشار ومراقبة وقف إطلاق النار التي تضم خبراء دوليين وثلاثة من الحكومة ومثلهم من الحوثيين، لم تصل إلى نتائج، "وكل ما يدور هو نقاشات وتقديم خطط على ورق، بسبب رفض المليشيا تنفيذ بنود الاتفاق".

وبحسب اتفاق السويد، على رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار رفع تقرير أسبوعي لمجلس الأمن، لكن كاميرت لا يزال يتعامل مع الملف بدبلوماسية، حيث اصدر منذ بدء مهامه بيانا واحدا يوضح طبيعة الأوضاع في الحديدة.

وترى الحكومة اليمنية أن كاميرت "لم يكن حازما في الضغط على الحوثيين لتنفيذ الاتفاق"، بحسب المتحدث باسم قوات "العمالقة" مأمون المهجم، الذي يوضح أن "الجانب الحكومي مستعد في أي لحظة لتطبيق الاتفاق، طُلب منا أن نفتح الطريق الرئيسي للمدينة وحين وصلت الجرافات استهدفها الحوثيون وفي كل يوم نسجل العشرات من الخروقات"، مشددا على أن "الحوثيين رفضوا تسليم الحديدة، وكل يوم يستعدون أكثر للحرب".

المبعوث الأممي الخاص باليمن وصل السبت العاصمة صنعاء، والأحد التقى قيادات في جماعة الحوثي، في مقدمتهم زعيمها عبد الملك الحوثي.

وقال المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام، إن الحوثي أكد ضرورة تسريع تطبيق اتفاق السويد.

ويفيد مصدر في الإدارة الحوثية غير المعترف بها دوليا، أن "المبعوث الأممي التقى كاميرت في صنعاء، وأبدى غريفيث اعتراضه على ما تحقق حتى اللحظة، وقال إن ما حصل لا يُشجع".

ويردف المصدر: "أبدينا لغريفيث استعدادنا لتنفيذ الاتفاق وأبلغناه بالخطوات التي أنجزت فيما يتعلق بتسليم ميناء الحديدة إلى السلطة المحلية وقوات خفر السواحل، لكن الطرف الآخر يبحث عن عرقلة الاتفاق كونه لا يمتلك سلطة القرار".

ويشير عضو وفد الحوثيين يحيى نوري، أن "جولة غريفيث ركزت بشكل رئيسي على التهيئة للمشاورات المقبلة، والوضع في الحديدة مرتبط برئيس فريق المراقبين الدوليين".

واشترط وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، الثلاثاء، أن ينفذ الحوثيون بنود اتفاق السويد قبل المشاركة في أي جولة مشاورات جديدة.

وغادر غريفيث صنعاء الاثنين إلى الرياض، ويبدو أنه غير راضٍ عما توصل إليه من نتائج مع الحوثيين، حتى أنه رفض الإدلاء بأي تصريحات لصحفيين.

ويذهب مراقبون إلى أن صياغة اتفاق السويد قابلة لتفسيرات متعددة، ما جعل كل طرف يصر على تفسيره وفق ما يراه مناسبا له، وهو ما عقد من مهمة كاميرت.

وفي ظل غموض الصياغة، يرى الحوثيون أنهم هم السلطة المحلية التي يجب أن تُسلم إليها الحديدة، فيما ترى الحكومة أنها تملك التحدث باسم السلطة المحلية.

وتطالب الحكومة بإعادة الوضع في الحديدة إلى ما قبل سبتمبر / أيلول 2014، وتتهم الحوثيين بإلباس قواتهم في المحافظة زي الأمن المحلي، وتدوين أسمائهم في كشوف السلطة المحلية.

ويفسر المحلل السياسي اليمني مصطفى الجبزي، تعثر الاتفاق بأن "صياغته مطاطة وتطبيقه يتطلب وقتا، ومن المبكر أن يتسرع أحد بإعلان فشل الاتفاق، وإن كان عمليا في حكم المتعثر".

ويرى، أن "الأمم المتحدة تراهن كثيرا على اتفاق السويد، فهو يمكنها من إدارة ملف اليمن ويكسر الجمود السياسي في الملف"، موضحا "إذا كان لدى الحكومة خطة بديلة وقادرة على مواجهة المجتمع الدولي، فعليها أن تعلن فشل الاتفاق وتأخذ بزمام المبادرة".

ووفقا لبسيم جناني، صحفي في الحديدة، فإن "الأمم المتحدة تواجه عراقيل كبيرة من خلال تفسيرات الحوثيين لبنود الاتفاق، وهو ما انعكس في تسليمهم ميناء الحديدة لقوات موالية لهم"، ويرى، أن "الحوثيين هم من يُفشلون الاتفاق، وكل المؤشرات تفيد بأنه ليس لديهم نوايا لحلحلة الوضع في الحديدة".