"فتيان الجبال".. وحوش استيطانية ضالة "تنهش" الفلسطينيين

عصابات تستمد ارهابها من تنظيمات نشطت  قبل عام 1948

 

رام الله ـ وكالات

قبل نحو شهرين، واثناء عودة عائشة الرابي برفقة زوجها الى منزلها في بلدة سلفيت وسط الضفة الغربية، كان بانتظارها كمين نصبه “فتيان الجبال”، قتلوها، وثم عادوا في اليوم الثاني وحالوا قتل سائق آخر لكنه نجى باعجوبة.

السفر على طول الطريق الواصل بين رام الله وشمال الضفة تحول الى مغامرة حقيقية بعد أن دأب المستوطنون على قطع الطرق ومهاجمة المارة، عشرات الفلسطينيين أصيبوا بجروح مختلفة، حطمت مركباتهم، واخرون تقطعت بهم السبل ولم يصلوا منازلهم.

ويقود هجمات المستوطنين عصابات بات يطلق عيلها “فتيان الجبال” وعصابات تدفيع الثمن، تنظم هجمات يومية في مختلف مناطق الضفة هدفها ترهيب الفلسطينيين وقتلهم من منطلقات دينية واستيطانية.

وتشير الاحصائيات إلى تضاعف هجمات المستوطنين مقارنة بالأعوام الماضية، فحسب صحيفة هآرتس الاسرائيلية، تم تسجيل  482 اعتداء نفذه مستوطنون يهود ضد فلسطينيين في الضفة عام 2018، ما يشكل ارتفاعا بثلاثة أضعاف مقارنة بعام 2017 الذي شهد 140 اعتداء، مبينة أن الحصيلة غير نهائية ولا تشمل الأسبوعين الأخيرين من شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

 

بينما اشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن عنف المستوطنين الإسرائيليين ارتفع بشكل كبير، حيث سُجل خلال الاسبوعين الاخيرين من شهر ديسمبر الماضي ما لا يقل عن 38 حادثة اعتداء، ألقى فيها المستوطنون الحجارة على المركبات الفلسطينية، مما أدى إلى إصابة 12 شخصًا بجروح وإلحاق الأضرار بالعشرات من السيارات.

ووفق تقديرات اجهزة الأمن الاسرائيلية، فان هناك نحو 300 مستوطن شديد التطرف ينشطون تحت مسمى “فتية التلال” منهم عشرات المشتبه بمشاركتهم في اعتداءات عنيفة على الفلسطينيين، ويتركز نشاطهم في المناطق الفلسطينية بين مدينتي رام الله ونابلس.

وقال الخبير في الجماعات الاسرائيلية والاستيطان، عبد الهادي حنتش، “بات هناك عدة عصابات صهيونية منظمة تنشط في الضفة ازداد وتيرة هجماتها في ظل وجود غطاء سياسي وديني وأمني لها”.

واشار الى ان هذه العصابات باتت اكثر تنظيما مثل “فتيان الجبال” عصابة  “تدفيع الثمن” ، حيث تجتمع بشكل دوري لتنسيق هجماتها ضد الفلسطينيين وتحدد الاهداف المقبلة، من تخريب ممتلكات، تقطيع الاشجار، حرق مركبات، خط عبارات وشعارات عنصرية، قتل مواطنيين، كما حصل مع السيدة الرابي، وعائلة دوابشة، وقتل الطفل محمد أبو خضير.

وبين أن هذه العصابات تستمد ارهابها من التنظيمات التي كانت تنشط  قبل عام 1948، وتحاول ان تحي دورها في ظل بيئة قانونية وسياسية ودينية وأمنية داعمة.

ووفق حنتش، فان هذه الجماعات تستمد تعلمياتها من منطلق ديني يغذيه رجال الدين المتطرفون، باعتبار ان فلسطين ارض لليهود ويجب اعادتها، اضافة الى ان البعض الاخر من منطلق ايدلوجي واستيطاني بان الفلسطينيين غرباء يجب طردهم عن ارض اليهود.

ويرجع حنتش اسباب ارتفاع وتيرة الاعتداءات الى الغطاء القانوني والسياسي والامني الذي يتمتع به المستوطنيين، حيث توفر الاجهزة الامنية الحماية لهذه الجماعات عندما تقوم بمهاجة الممتلكات الفلسطينية وتمتنع عن اعتقالهم وتقديمهم للقضاء عند ارتكابهم الجرائم، بالاضافة الى الغطاء السياسي غير مسبوق في ظل الصراع المحموم بين الاحزاب الاسرائيلية على اصوات المستوطنيين، لذلك يسعى الجميع لكسب تأييدهم مقابل اطلاق يديهم ضد الفلسطينيين.

ولفت الى ان التشريعات الاسرائيلية الاخيرة وقانون “تبيض الاراضي” الذي سهل مصادرة الممتلكات الفلسطينية شجع المستوطنيين على الاستيلاء على عشرات الدونمات لذلك يقومون بترهيب الفلسطينيين للاستيلاء على اراضيهم.

من جهته، قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وليد عساف : ان ارتفاع وتيرة هجمات المستوطنين خلال العام الماضي ياتي لخدمة المشروع الاستيطاني وتوسيعه، في ظل وجود حكومة اكثر يمينية وتطرفا، حيث اصبح فيها المستوطنون صناع  قرار في الكنيست والحكومة والجيش والقضاء، ولم تعد احتياجات المستوطنات رغبات بل سياسة دولة.

ولفت الى ان هناك سياسة دولة لتهجير الفلسطينيين، تستخدم المستوطنين للضغط على السكان لهجرة اراضيهم، لذلك نلاحظ ان اعتداءات المستوطنين تنشط في المناطق التي تخدم المستوطنات، وتسعى اسرائيل فيها لفصل فصل مناطق الضفة عن بعضها البعض، لذلك هناك هجمات يومية على طول المناطق بين رام الله ونابلس لتوسعة المستوطنات في المنطقة لفصل وسط الضفة عن شمالها، وهي نفس الخطة لربط مستوطنة “افرات بعصيون” لفصل الخليل عن بيت لحم، وتم مصادرة نحو 200 دونم لهذه الغاية.

وقال عساف : ان 85% من هجمات المستوطنيين لا يتم فتح تحقيق  بها، والبقية يتم اصدار احكام مخففة ، شجعت المستوطنين على ارتكاب جرائم قتل كما حصل مع عائلة دوابشة في قرية دوما، ومحمد ابو خضبر بالقدس، وعائشة الرابي التي اعلنت سلطات الاحتلال اعتقال 5 من منفذي الهجوم قبل بضعة ايام حيث ننتظر ما ستقوم به سلطات الاحتلال لمعاقبة الارهابيين.

واوضح ان الفلسطينيين يواجهون عصابات منظمة تدعمها الحكومة بالسلاح والتدريب، مضيفا ان هذه العصابات تتضاعف اعدادها في ظل الرعاية الحكومية لها. في المقابل تم تشكيل لجان حماية شعبية في القرى الفلسطينية التي تتعرض الى هجمات يومية للتصدى للمستوطنيين نجحت في منع  وقوع مجازر جديدة بعد ان تصدت لمحاولات اعتداءات على عائلات ومزارعين في هذه القرى.