اما ان لك تستريح يا ليث

مرفوض ما حدث مع المهندس ليث شبيلات , لا إرثنا ولا قواميسنا ولا تربيتنا تسمح لنا بأن نعتدي على رجل , اكتحل رأسه بالشيب ..بغض النظر عن مكانه , سواء كان في خندق المعارضة , أو الموالاة .

لكن الأحداث تسمح لنا بأن نختلف معه , وتسمح لنا بأن نسأله برسم قلقنا هل المعارضة في الأردن وظيفتها انتاج مشهد سياسي تلتقي عليه الأطراف أم انتاج أزمة سياسية , تتقذافها الأطراف .

ليث تحول في لحظة من معارض سياسي إلى أزمة , لم يتحدث يوما عبر محاضرة أو ندوة , عن وصفي التل ...أو عن علي خلقي الشراريري ..لم يتحدث عن صايل الشهوان , أو عن المعاهدة الأردنية البريطانية ..لم يدافع يوما عن مشروعنا السياسي الإجتماعي , لم يقرأ مثلا (كيركبرايد) قعقعة الأشواك ..وصراعات البدو والفلاحين في الدولة , وكيف انتقل الأردني عبر الدولة إلى المجتمعات الفلاحية المنتجة , لم يكلف نفسه عناء قراءة السلط وجوارها أو إربد وجوارها , لهند أبو الشعر ...كل ما يتحدث عنه هو الدستور كان نيابيا ملكيا ثم أصبح ملكيا نيابيا , وعلاقته بصدام حسين ...في كل مقابلاته التي رصدتها , والتي أجراها ظل رهين هاتين النقطتين ولم يغادرهما , وكم كنت أتمنى لو أنه تعلم قراءة مشروعنا السياسي الإجتماعي مثلما قام ناهض حتر بقراءته أو مثلما أنتجه موفق محادين في إطار دراسات وكتب .

 

الغريب أن ليث , دافع بمرارة عن صدام حسين , وصدام كل حر وكل شريف أحبه , ولكنه في ذات التناقض وذات الغرابة , استرجل على النظام والدولة عبر محطة الميادين , التي أنشأت بالمال الإيراني , وغذيت بموقف الثورة هناك , وبثها هو استكمال لمشروع قاسم سليماني (المليشاوي) ..وليث ذاته يدرك أن اليد الإيرانية , هي من قتلت صدام ..وأن مليشيات سليماني العسكرية والإعلامية , هي التي شوهت صورة صدام ...وقوات الحشد الشعبي التي روجت لها محطة الميادين , هي ذاتها من نبشت قبر صدام ...لماذا لم يدافع ليث عن صدام عبر الميادين , واكتفى بالإسترجال على الدولة والنظام .

عدنان أبو عودة , كان مفكرا ومنتجا للقرار حين كان في السلطة وحين انتقل للمعارضة , وبهجت أبو غربية ..لم يكن صورة للمناضل وإنما كان صورة لفكرة النضال , وكان منظرا شرسا ومدافعا عن العروبة والقضية , وموفق محادين حين تقرأ ما كتب عن الدولة ومشروعها السياسي والإجتماعي تكتشف عمق الإيدولوجيا التي يحملها , وتضعه في مصاف المفكرين العرب الذين مازالوا يخافون على مشروع الدولة الحديثة من الضياع ...

دعك من كل هؤلاء , راقب مثلا ...الدكتور محمد الغوانمه أستاذ الموسيقى في جامعة اليرموك , راقب كيف ربط الأغنية والتراث بالأحداث السياسية والإجتماعية , وكيف تم توظيف الأغنية في المعركة , ومقارنات الإنتاج البدوي والفلاحي من التراث ...في النهاية محمد غوانمه أنتج مشهدا حيا وواضحا للهوية الأردنية ..أنت يا ليث ماذا أنتجت ؟

فكرة واحدة لم تتركها ولا تعرف غيرها , الدستور كان نيابيا ملكيا ثم أصبح ملكيا نيابيا , تماما مثل عازف ربابة ..لايجيد إنتاج شيء سوى النغم الواحد والأغنية الواحدة . 

 

الحبيب ليث ..

أعد صياغة خطابك مجددا , وأنصحك بأن تقرأ فأنت لا تقرأ أبدا ...اقرأ خيرية قاسمية من جديد , اقرأ ما أنتجه مشروع تاريخ بلاد الشام الذي قاده الدكتور محمد عدنان البخيت , اقرأ (الحسين بقلم يساري أردني لناهض حتر) ..اقرأ ما كتبه الزميل أحمد ذيبان (مجتمع الكراهية) ...واقرأ أيضا سنوات الصبر والرضى لخالد الكركي , وسعد جمعه مر عليه واقرأ له (مجتمع الكراهية) ....أعد قراءة محمد عابد الجابري , وعلي الوردي ..ومحمد بن عبدالله المختار الشنقيطي , واقرأ نصر حامد ابو زيد وصراع العقل والوحي في ذهن العربي ...

كون ثقافة معارض حقيقية , فأنت بصراحة محترم ومعارض صادق وكريم وابن بلد ..ولكنك تفتقر للثقافة التي تؤهلك بأن تصعد للمنبر .

 

وصدقني أن لا أكتب لك من باب الهجوم عليك , ولكنك تحتاج أن تمتلك بعضا من أدوات ناهض حتر أو موفق محادين الثقافية والمعرفية ..حتى تستطيع أن تكون مشهدا معارضا مقنعا .

 

منذ ثلاثين عاما وذات الفكرة لم تتغير في خطابك , الملك حسين حين أخرجك من السجن وماذا قلت له , والدستور حين تم تغيره ...(هلكتنا بهالإسطوانة ) ..