الحرم الابراهيمي.. قداسة مستباحة وسحر ماض يتربع منذ آلاف السنين

 

الخليل - وكالات

يتلمس الزائرون للحرم الابراهيمي الشريف في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، كما هو حال مرتاديه من المصلين، معنى أن يكون مكانا مقدسا للعبادة تحت نير مغتصبيه من جنود ومستوطنين محتلين.

عقب المجزرة الرهيبة داخل الحرم فجر 25 شباط 1994، والتي استشهد خلالها 30 مصليا، أوصت  ما تسمى "لجنة شمغار" الاسرائيلية التي شكلت للتحقيق في وقائع المذبحة، وفي نهاية تحقيقاتها، بالاستيلاء على 63% من مساحة المسجد، تخصص لطقوس المستوطنين واليهود المتطرفين، على أن تفتح أبواب المسجد بالكامل أمام المسلمين عشرة أيام بالسنة فقط، وذلك في المناسبات والأعياد الرسمية.

وداخل الحرم الشريف هناك.. قداسة قل مثيلها، حيث قبور سيدنا إبراهيم وزوجته سارة، وسيدنا يعقوب وزوجته عليهم السلام، وهناك أيضا سحر ماض سحيق يتربع على أرض المكان منذ آلاف السنين.

في صورتي الحرم، قبل المذبحة وما بعدها، تفصح المعطيات عن جرعات زائدة من المرارة في الإجراءات العسكرية الإسرائيلية المطبقة بهدف تأمين حماية للمستوطنين، إضافة إلى وقائع أخرى تكشف عن فداحة المحنة التي مني بها مسجد يشهد مرتاديه على مدار الوقت، قهر، وإذلال، وتدابير تعسفية تطال بما في ذلك الأطفال والنساء من المصلين والزائرين.

 

ويروي الحاج ابو خالد (75 عاما) تفاصيل الحياة اليومية داخل المسجد.. "قبل المجزرة التي نفذها المتطرف باروخ غولدشتاين، العبادة داخل الحرم شيء، وبعد المجزرة شيء آخر" يقول أبو خالد، الذي يصف كيف يغلب الاحساس الديني والحب على المصلين عندما تلتقي أروقة المسجد مع بعضها البعض ويفتح أبوابه بالكامل أمام المصلين المسلمين.. غير أنها عشرة أيام في السنة فقط!! 

وأضاف أنه منذ أن كان في العاشرة وهو يصلى في الحرم، وأن له مكان خاص في الحضرة الابراهيمية يحب أن يجلس فيه ويقرأ القرآن ويرتاح.. وأنه كان مواظبا على ذلك الى ان حدثت المجزرة وأسر الجزء الاكبر من الحرم.

وللصلاة داخل الحرم معنى وثواب مختلف، بحسب أبو خالد، ولصوت الآذان رنين خاص تشعر وكانه يملأ الكون.

مدير الحرم الإبراهيمي الشيخ حفظي ابو اسنينه، يسرد تفاصيل الأيام العشرة التي يفتح فيها الحرم بالكامل أمام المسلمين، بالقول: هي مناسبات دينية يسمح المحتل الاسرائيلي فيها للمسلمين الفلسطينيين بالوصول الى كافة اجزاء الحرم، يستقبل خلالها عشرات الآلاف من ابناء شعبنا الذين يزحفون للحرم للصلاة في حضراته وساحاته.

ويضيف، قبل نحو 25 عاما نشأ جيل حرمه الاحتلال من معايشة الحرم وهو حر طليق بعيد عن الأسر والاستيلاء، لافتا أن هذا الأمر لن يضعف ارتباط المواطنين بمقدساتهم وارضهم، وأن هذا الزحف الكبير للشيوخ والشباب والأمهات وبمرافقة الأبناء الى الحرم ما هو الا اصرار على النقل الأمين للحق من جيل الى جيل.

وأعتبر أبو سنينة المجزرة بحق المصلين لم تكن سوى خطوة متقدمة ضمن مخطط استيطاني يستهدف السيطرة على الحرم وخلق واقع جديد يعطي للمستوطنين موضع قدم داخله، وهو ما تحقق بتوصيات "لجنة شمغار"- نسبة الى رئيس اللجنة وهو قاض اسرائيلي– التي تبنت المخطط الاستيطاني الاسرائيلي فيما يتعلق بالحرم وقلب الخليل القديمة.. حيث قسم الحرم مكانيا وزمانيا، واعطى للمستوطنين الحق الكامل في استباحة الاجزاء المغتصبة منه.