تقرير "عصام فارس" النووي

د. أيّوب أبو ديّة

 

        يقول التقرير السنوي لعام 2018 الذي أعده مركز دراسات عصام فارس في الجامعة الأمريكية ببيروت أن الأردن هجر فكرة المفاعلات الكبيرة الروسية واتجه نحو مفاعلين كوريين صغيرين بقدرة 220 ميجاواط بتكلفة تقريبية 800 مليون دولار. كذلك يبدو أن فكرة اختيار المواقع البديلة في المجدل وقصير عمره قد هجرت أيضاً وسوف تجر ذيولها إلى الموقع الأصلي في مدينة العقبة على البحر الأحمر حيث البنية التحتية شبه ناضجة ومكتملة وخطوط النقل مفتوحة على البحار والمياه متوفرة؛ ولكن إمكانية تحقيق ذلك يعتمد على قدرة مشاركة الكوريين بالمشروع وعلى موافقة السعودية.

        واذا القينا نظرة شمولية على المشاريع النووية في الشرق الأوسط، وهذه رؤيتنا الخاصة، فيبدو لنا أن القوتين الكبيرتين المحيطتين بإيران من الغرب هما أكثر الدول اهتماماً بالمشاريع النووية، تركيا والسعودية؛ وفيما تحتاج تركيا إلى الطاقة بأي ثمن نتيجة تقدمها الصناعي وطموحاتها الكبيرة، فإن السعودية ليس لديها أي مبرر لذلك إلا فيما يتعلق بفكرة التنافس السني الشيعي في المنطقة؛ ويمكننا أن نضع مصر في هذا الإطار أيضاً. وبالرغم من أن تركيا ماضية قدما بمشروع أكويو النووي على المتوسط الا ان مشروع سينوب على البحر الأسود ومشروع أجنيديا النوويين يواجهان صعوبات في التمويل وربما يتوقفان، وبخاصة في ضوء انجاز خطي غاز روسيين جديدين عبر البحر الأسود وبسرعة قياسية بسعة 15 مليار متر مكعب سنويا لكل منهما

 Turk stream, Blue stream.

ولكن الأردن مسألة مختلفة فهو دولة صغيرة ولكن طموحاته كبيرة، ويبدو أنه يشعر، كما شعر دوما، أنه ليس أقل شأناً من الإمارات أو السعودية، لذلك نراه دوماً يقفز إلى تحقيق مشاريع ضخمة أكبر من حجمه ليثبت أنه موجود وأنه قادر على تحقيق المعجزات (قناة البحرين، مشاريع نووية، حاسوب عملاق، تعدين اليورانيوم... إلخ) ولكن للأسف فقد أدت هذه الإجراءات والطموحات الزائفة إلى إفلاس الدولة الأردنية، فإذا لم تغير الدولة من حساباتها، وبخاصة بشأن بعض المؤسسات والهيئات المستقلة المرهقة لخزينة الدولة، فإن الأمور الاقتصادية سوف تزداد تدهوراً.

لذلك نأمل في عام 2019 أن يتم إلغاء وشطب هيئة الطاقة الذرية وكافة الشركات المتمحورة حولها، كشركة مصادر الطاقة وشركات تعدين اليورانيوم واللجنة الاستشارية العليا، وما إلى ذلك، على غرار تصفية شركة الكهرباء النووية، والاكتفاء بهيئة تنظيم العمل الإشعاعي والنووي التي هي أصلاً ملحقة بوزارة الطاقة وتعمل تحت لواء وزير الطاقة، وبالتالي هي الجهة الرقابية الحقيقية المحايدة والتي ينبغي أن تستمر في عملها من دون هيمنة خارجية عابرة للحكومات، وذلك لمراقبة المفاعل النووي البحثي في جامعة العلوم والتكنولوجيا واجراء مصالحات مع المجتمع المدني لبناء الثقة من جديد ومتابعة ما يستجد من أمور دراسات وأبحاث نووية في المستقبل على نحو متواضع وواقعي.//