الإصرار على حل "المجلس" يكرس مفهوم الفساد السياسي ويقوض جهود مكافحة الفساد

الإصرار على حل "المجلس" يكرس مفهوم الفساد السياسي ويقوض جهود مكافحة الفساد

منظمات مجتمع مدني: قرار "الدستورية" بحل "التشريعي" غير قانوني

 

رام الله- وكالات

 اعتبرت مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين، أن قرار المحكمة الدستورية بشأن حل المجلس التشريعي، "لا أساس له في القانون الأساسي؛ الذي لا يُجيز حل المجلس التشريعي على الإطلاق حتى في حالة الطوارئ (المادة 113).

وشددت المنظمات خلال مؤتمر صحافي عقدته في مدينة رام الله امس، أن "هذا القرار يشكل انتهاكاً للمبادئ والقيم الدستورية وبخاصة مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال القضاء كأساس للحكم الصالح، وهو سياسي وغير دستوري يشكل سابقة خطيرة للقيام بحل أيّ مجلس تشريعي منتخب قادم".

ودعت المنظمات ، في ورقة موقف تلتها رئيسة شبكة المنظمات الأهلية، شذى عودة، الرئيس محمود عباس إلى سحب قرار تشكيل المحكمة الدستورية العليا لمخالفته للقانون الأساسي وقانون المحكمة الدستورية العليا، ولمخالفاتها المتكررة على المبادئ والقيم الدستورية والحقوق والحريات، وسطوتها على النظام السياسي.

وأكدت عودة، أن المحكمة الدستورية تشكل تهديداً جدياً للنظام السياسي برمته باعتداءاتها المتكررة على القانون الأساسي وسموه وعلى الحقوق والحريات، وعدم امتثالها للشروط الموضوعية الحاكمة للقرارات التفسيرية، وسبق لتلك المحكمة أن منحت الرئيس الحق في رفع الحصانة البرلمانية الدستورية عن أيّ عضو من أعضاء "التشريعي"، ومنحت القضاء العسكري صلاحيات واسعة جداً، وأبدت تحفظات عامة على الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين وذلك خلافاً للقانون الأساسي والاتفاقيات والمعايير الدولية.

وتابعت: كما أن تشكيل المحكمة الدستورية مخالفٌ للقانون الأساسي وقانونها، وقد ساهمت بشكل مباشر بتعميق حالة الانقسام وصولاً لقيام المحكمة الإدارية بغزة باتخاذ قرار بإلغاء تشكيلها وما يحمله من أبعاد ودلالات، وطالبت مؤسسات المجتمع المدني والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان مراراً بسحب قرار تشكيلها وحلها".

وكانت "الدستورية العليا" أصدرت قراراً تفسيرياً في 12 من الشهر الجاري، بحل المجلس التشريعي اعتباراً من تاريخه، ودعوة الرئيس عباس إلى إعلان إجراء انتخابات تشريعية خلال مدة ستة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.

ونوهت إلى أن قرار المحكمة بشأن حل التشريعي يأتي في ظل ازدياد حالة التصدع في النظام السياسي وتغول السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى، والتدهور في منظومة حقوق الإنسان في الضفة الغربية وقطاع غزة والنزيف الحاصل في القضاء وقطاع العدالة وضعف المحاسبة على الانتهاكات وسبل الانتصاف الفعّالة وتراجع الشفافية والمشاركة في صناعة القرار.

وأكدت، على أن الإصرار على حل "التشريعي" بهذه الصورة غير الدستورية، بعد تعطله جراء الخلافات الحزبية، يؤدي إلى تكريس مفهوم الفساد السياسي، ويمثل اعتداءً على أبرز أعمدة نظام النزاهة الوطني ويقوض جهود مكافحة الفساد، لاسيما أداة المساءلة والمحاسبة والرقابة الأهم في وجه السلطة التنفيذية، وهي السلطة التشريعية.

كما دعت المنظمات، الرئيس عباس إلى الإعلان عن موعد إجراء الانتخابات العامة والمتزامنة على أساس قانون انتخابي ومحكمة لقضايا الانتخابات، وبتوافق وطني، وتهيئة بيئة انتخابية حرة ونزيهة للعملية الانتخابية والتحول الديمقراطي، والقبول بنتائج الانتخابات، وأن يجري الترتيب لعقد انتخابات المجلس الوطني بأسرع وقت وأينما أمكن إجراؤها.

وطالبت، طرفي الانقسام السياسي بالعمل على فوراً إنهائه والتوافق لإجراء الانتخابات العامة، واحترام القانون الأساسي والاتفاقيات التي انضمت إليها دولة فلسطين دون تحفظات وإنفاذها على أرض الواقع، والسير على نهج الأنظمة الديمقراطية والمنافسة الحزبية، وصيانة الحقوق والحريات، ومبادئ العدالة والإنصاف.

وشددت على أن الدعوة لإجراء الانتخابات العامة، الحرة والنزيهة والمتزامنة بين الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة، للرئاسة والمجلس التشريعي، وتوفير بيئة انتخابية صالحة بإطلاق الحقوق والحريات العامة، بتوافق وطني، واحترام نتائج العملية الديمقراطية؛ هو حق ومطلب وطني ودستوري أصيل، إلى جانب انتخابات المجلس الوطني من أجل استعادة الوحدة الوطنية وضمان حق الفلسطينيين أينما وُجدوا في اختيار ممثليهم بحرية.

 

من جانبه، قال المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، عمار الدويك، "لدينا مبادرة تشكل مدخلا جديدا للمصالحة والاتفاق على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وتهيئة الأجواء لهذه الانتخابات والسماح للجميع بالمشاركة بدون قيود، والاتفاق على قانون الانتخاب ونقاشه، وتشكيل قضايا انتخابات والذهاب إلى الانتخابات، ودورنا أن نشجع الجميع على تهيئة الأجواء لإجراء هذه الانتخابات".

وشدد على أن في ظل حالة التآكل الكبير في شرعية المؤسسات الفلسطينية وحالة انسداد الأفق قد يكون هناك فسحة أمل من الممكن الاستفادة منها بإجراء الانتخابات بأسرع وقت، "وبدون ذلك فإن الوضع الداخلي مرشح إلى مزيد من التفكك".

ونوه مدير عام الهيئة المستقلة إلى أنه "مع الاحترام لشخص الرئيس أصبح هو مشرّعا وبيده السلطة التنفيذية، وفي حال تردي السلطة القضائية أصبح هناك تركيز كبير للسلطات، لذا فإن المخرج من هذه الحالة هو بإجراء الانتخابات بأسرع وقت".

وحول قضية منع رئيس المجلس التشريعي اول من أمس، وعدد من النواب من حركة حماس، من عقد مؤتمر صحافي، قال الدويك: إن "منع أي شخص من التنقل داخل المناطق الفلسطينية غير قانوني، ومنعهم من عقد المؤتمر غير قانوني، خاصة أنهم أبلغوا الجهات الرسمية بعقده وأن عقده سيكون خارج حدود التشريعي، ونحن نستغرب ما جرى وهو أمر يزيد من حالة التوتر".

وحذر، من ردود الأفعال على قرار الدستورية، لأنه لا يعمق الانقسام فحسب، بل قد يجرنا إلى مربعات أخرى، ونحذر من حالة الاقتتال والعودة إليها في حال الاستمرار بحالة الاستقطاب.