«حرب الشرعيات» المطعون في شرعيتها الفلسطينية... إن حصلت؟!
ثلاثة عشر عاماً مرت على انتخاب الرئيس عباس، والمفروض أن ولايته انتهت قبل ما يقرب من عشر سنوات ... اثنتا عشر سنة انقضت على انتخاب المجلس التشريعي، والمفروض أن ولايته انتهت منذ أكثر من ثمانية، وهو «معطل عن العمل» على أية حال، منذ الأيام الأولى لانتخابه.
«أزمة الشرعية» تكاد تلف كافة المؤسسات والقيادات الفلسطينية، من المستوى الرئاسي إلى مستوى الأمانة العامة لمعظم إن لم نقل جميع الفصائل الفلسطينية ... وهي أزمة مركبة، في شقٍ منها هي أزمة «شرعية انتخابية»، لا انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة ومنتظمة في فلسطين، لا على المستوى الوطني ولا على المستوى الفصائلي ... وهي أزمة «شرعية الإنجاز»، فلا السلطة لديها الوعد بالحل والمستقبل الأفضل والحرية والاستقلال، ولا «المقاومة» ظلت على نهجها وصورتها.
الاحتلال الذي هو «أُس» المشاكل وعلتها، تحوّل إلى «شمّاعة»، تُعلق عليها كافة الأخطاء والخطايا ... ترهل المؤسسة وفسادها، الانقسام المفضي إلى الانفصال ... شيخوخة المؤسسات و»لا ديمقراطيتها» ... مظاهر التعدي والتطاول والتعدي على الحريات والحقوق ... التآكل المنهجي المنظم في مكانة ونفوذ منظمة التحرير ... المستقبل المجهول وحالة «انعدام اليقين» التي تلف الأجيال الفلسطينية الشابة ... جميعها ظواهر لا يمكن أن نلوم الاحتلال عليها، أو على نحو أدق، لا يمكن أن نلومه وحده عليها، وأن نحمّله وحده، المسؤولية عنها. أسوا ما في الجدل الدائر حول «شرعية» الخطوة التي أقدم عليها الرئيس هو ذلك «السجال القانوني/ الدستوري»، و»شرعية» ما قد يتخذ من إجراءات مضادة، كأن ينعقد المجلس التشريعي بنصاب أو من دونه، وهنا أيضاً هناك سجال حول فرضية «التفويض»، (تفويض النواب الغائبين قسراً للنواب الحاضرين بتمثيلهم والتصويت نيابة عنهم)، فيقوم المجلس بدوره، بإبطال قرار الرئيس والطعن في أهليته، وربما التفكير في عزله ... حركات «بهلوانية» يدرك القائمون عليها أن لن تقدم ولن تؤخر في تغيير المشهد القائم.
لن يضير حماس كثيراً حل المجلس التشريعي، وهو المعطل منذ انتخابه تقريباً، ولن يكترث عباس لما يمكن للمجلس المنحل أن يقدم عليه من خطوات أو يتخذه من قرارات ... لا يمكن تنظيم انتخابات بعد ستة أشهر، من دون غزة ومن دون القدس، التي نعتقد أن حكومة نتنياهو لن تسمح هذه المرة، بإجراء انتخابات فلسطينية فيها، بعد اعتراف واشنطن بها عاصمة لإسرائيل، وإقدام استراليا، وربما البرازيل على فعل شيء مماثل ... وليس لدى الرئيس ولا فتح، ضمانة من أي نوع، بأن الانتخابات في حال حصلت، وفي مختلف دوائرها ومحافظتها، لن تنتهي بفوز حماس، وربما على نحو كاسح كما المرة الأخيرة، وعندها لا ندري إن كانت السلطة بأجهزتها ومؤسساتها وحزبها الحاكم، ستخلي مكانها لصالح حماس وحلفائها، الذين تشير أغلب التقديرات وأكثرها دقة، إلى أنهم يحظون بتأييد غالبية الشعب الفلسطيني، أم أن التاريخ سيعيد نفسه من جديد، ولكن على شكل مأساة ومهزلة معاً.
هي قفزة «في التيه الفلسطيني»، لن تضيف إلى المشهد الفلسطيني المعقد، سوى مزيدٍ من التعقيد، وستفتح الباب، أو بالأحرى، هي فتحته أمام موجة جديدة من حرب الاتهامات، وستقضي على أي بصيص لدى من لا يزال يراهن على إمكانية المصالحة وفرص استعادة الوحدة.