"نيران" الضفة: خشية وقلق اسرائيلي وانتقام مدروس

"إسرائيل" تترقب الأسوأ أمنياً والميدان مفتوح على كافة الاحتمالات

 

القدس المحتلة – الانباط

فيما لا يذهب أحد بعيداً في إسرائيل نحو توقع انتفاضة في الضفة، بيد ان أياً من أصحاب القرار لا يملك إجابة عن المستقبل القريب والقدرة على استشراف الواقع الميداني أو الإجابة على السيناريوهات المتوقعة في الضفة المحتلة، إذ أنَّ العمليات التي نفذها شبان فلسطينيون أوقعت الاحتلال بجميع مستوياته في حيرة.

وفي وقت تبدي هذه الاوساط القلق من ان تتابع العمليات قائم، موضحة انه لا سكاكين هذه المرة، بل عادت أيام الخوف من الخروج من المنزل جراء العمليات المسلحة، وجهت اتهامات من كبار المسؤولين في المستوى السياسي وضباط عسكريين، للجهات الأمنية بعد فشلها في كشف الخلايا التي نفذت الهجمات الأخيرة.

في التسريبات الواردة إلى الإعلام الاسرائيلي من الأجهزة الأمنية إشارات واضحة على الخشية من الآتي،" إسرائيل تخشى موجة جديدة من الهجمات الإرهابية في الضفة»، و«توقع مزيد من العمليات الفدائية وارتفاع في منسوب وتيرته في أنحاء الضفة بما يشمل القدس".

في سياق، التخوفات الأمنية أكد مراسل القناة الإسرائيلية العاشرة، تسفيكا يحزقيلي، أن موجة العمليات بالضفة ستستمر وسيكون هناك محاولات لخطف جنود، وقال: "هناك مجموعات مسلحة بالضفة"، مشيراً إلى أن دوافع العمل ليهم مرتفعة ولديهم العتاد اللازم.

وانعكست المخاوف الإسرائيلية من تصاعد العمليات الفدائية بشكلٍ واضح على أرض الميدان من خلال تكثيف وحدات الجيش، ووضع عشرات القوالب الخرسانية في كافة أنحاء الضفة، بسبب العمليات الأخيرة، كما حصنت قوات الاحتلال نقاط الحافلات والطرق الاستيطانية ومحيط المستوطنات.

 وكما في الماضي، هذه المرة أيضاً يتخبّط الإسرائيليون في مسألة هل هذه الهجمات تبشّر بانتفاضة جديدة، أم أنها ظاهرة عابرة».

المحلل العسكري والاستراتيجي اللواء واصف عريقات يرى أنَّ جميع السيناريوهات الميدانية في الضفة مفتوحة على مصرعيها، وقد تتطور الأوضاع الميدانية بشكل دراماتيكي.

وقال، نحن أمام قيادة إسرائيلية يمينية شديدة التطرف يرأسها نتنياهو المعروف بارتكابه حماقات وجرائم عديدة ضد الفلسطينيين، ومن المحتمل أن يُصعد نتنياهو من عملياته تجاه الضفة لاسيما أنه يسعى لتصدير أزماته التي يعاني منها والتي أبرزها ملفات الفساد التي يواجهها إضافة لفشله في الجنوب مع غزة وفي الشمال مع سوريا ولبنان.

وأضاف: المؤشرات العدوانية لازالت قائمة، ويعزز ذلك اصدار نتنياهو امراً يقضي بتسريع هدم منازل منفذي العمليات من الفلسطينيين، وهو أمرٌ لن يقابل من قبل الفلسطينيين بالورود بل سيزيد الأوضاع في الضفة المحتلة تأجيجاً.

وتوقع عريقات استمرار الشباب الفلسطيني بتنفيذ العمليات الفدائية ضد المستوطنين وجنود الاحتلال، مشابهة للعمليات الثلاثة التي وقعت خلال الأسبو ع الماضي.

الى ذلك، اصبح السؤال هل باتت الضفة في تموضع البدء بانتفاضة عنيفة ضد الاحتلال؟ مدار سجالات ونقاشات بين خبراء تل أبيب ومعلقيها، مع تعبيرات واضحة عن الخشية العارمة إزاءها.

الجيش والأجهزة الأمنية الرديفة له، وتحديداً «الشاباك»، يؤكدون أن النار التي كان يُحذَّر منها باتت تتكشف عمليات عنيفة مع ترقب المزيد وصولاً إلى أسر جنود.

السمة العامة لأداء الاحتلال في اليومين الماضيين، مع تجدد العمليات الفلسطينية، هي المزيد من الحصار الجماعي والقمع، وتعزيز الحضور العسكري، مع مواصلة عمليات التفتيش وتعقب الفلسطينيين، وتطويق المستوطنات لحمايتها من أي «خرق»، لأن التقدير الإسرائيلي لا يستبعد فرضيات تجاوز أسوارها، في الموازاة، عمل الاحتلال أيضاً على الانتشار في محطات الحافلات ومراكز نقل الجنود في المناطق المختلفة من الضفة، وتحديداً ما يراه الأكثر إثارة للقلق جغرافياً، كما أسس لأكثر من 120 دشمة عسكرية دفاعية، في أكثر من عشرين نقطة انتشار على المفارق الرئيسية للضفة.

قائد فرقة الضفة في جيش الاحتلال، العميد عيران نيف، قال في موقف توصيفي للوضع الراهن مع محاولة طمأنة للمستوطنين: «نحن موجودون في فترة متوترة بعد أيام من تمكننا من الوصول إلى منفذي العمليات السابقة، لكننا تعرضنا من جهة ثانية مقابلة، هذا الأسبوع، لثلاث عمليات قاسية»، وأضاف: «في موازاة ذلك، نواصل العمل على منع وإحباط العملية (الفدائية) المقبلة، إلى جانب تعزيز الجهود الدفاعية.

فهل ينجح الاحتلال؟ سؤال يبدو أنه موضع شك، بعد معاينة المعطيات والتعليقات الواردة من خبراء، إضافة إلى تسريبات الأجهزة الأمنية نفسها التي أكدت توصيف «الفترة الحساسة جداً، والأكثر إقلاقاً لإسرائيل في الفترة الأخيرة».

ففي التسريبات الواردة من الأجهزة الأمنية إشارات واضحة على الخشية من الآتي، وأن «إسرائيل تخشى موجة جديدة من الهجمات الإرهابية» (جيروزاليم بوست)، و«توقع مزيد من العنف وارتفاع في منسوب وتيرته في أنحاء الضفة بما يشمل القدس» (تايمز أوف إسرائيل)، فيما كان التقدير الأكثر تفاؤلاً، حيث تشير «يديعوت أحرونوت» إلى أن «سلسلة هجمات إطلاق النار في منطقة عوفرا مُقلقة، النيران التي أُطفئت في غزة اندلعت من جديد في الضفة. وكما في الماضي، هذه المرة أيضاً يتخبّط الخبراء في مسألة هل هذه الهجمات تبشّر بانتفاضة جديدة، أم أنها ظاهرة عابرة».

وتشير «يديعوت» إلى أنهم «في الجيش الإسرائيلي لا يخططون لشن عملية كبيرة في الضفة، وهم غير معنيين بشن عملية مثل السور الواقي عام 2002»، وتضيف الصحيفة نقلاً للتسريبات أنه «عملياً، ما نراه في الأيام الأخيرة هو تحقق تحذيرات المستوى العسكري للحكومة من تصعيد إذا استمر الجمود السياسي مع السلطة ولم يحدث تقدّم في هذا المسار».

وكانت عدة عمليات نفذها شبان فلسطينيون، وقعت خلال الأيام القليلة الماضية، وتنوعت بين الطعن والدهس وإطلاق النار، وأسفرت عن مقتل عدد من الإسرائيليين وإصابة آخرين، وكان آخرها، العملية التي وقعت الجمعة بمستوطنة "بيت إيل" الاكثر تحصينا قرب مدينة البيرة بالضفة، حيث اقتحم شاب فلسطيني نقطة لجيش الإحتلال وضرب جندياً بحجر في رأسه وأصابه بجروح.