"المصالحة الفلسطينية" ومعضلة اتفاقي 2011 و2017

محللون: نجاح المصالحة وإنهاء الانقسام أمر بعيد المنال

 

غزة - وكالات

بعد مرور أكثر من عام على توقيع آخر اتفاق للمصالحة الفلسطينية في 12 أكتوبر / تشرين الأول 2017 في العاصمة المصرية القاهرة، يرى محللون سياسيون، أن نجاح المصالحة وإنهاء الانقسام أمر بعيد المنال على المدى القريب.

حيث عادت حركتا “فتح” و”حماس″ اللتان تعتبران طرفي الانقسام، إلى الاختلاف على طبيعة وآليات تنفيذ اتفاق المصالحة.

فمن جانبها "فتح” تريد الالتزام باتفاق المصالحة الأخير، وترفض تجاوز حكومة الوفاق الفلسطينية التي شُكلت عام 2014، فيما تطالب “حماس” بتطبيق اتفاق عام 2011، وتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة بديلة عن الحكومة الحالية.

وعلى الرغم من أن اتفاق المصالحة الأخير 2017 يستند بشكل أساس إلى اتفاق 2011، إلا أنه يعتبر اتفاقا إجرائيا “جزئيا” يطرح آليات متفق عليها لتنفيذ ملف واحد من ملفات اتفاق 2011، وهو ملف “الحكومة”، وفق المحللين.

وتنعدم بوادر التوصل إلى حل وسطي بين الطرفين يقرّب وجهات النظر، في ظل تمسك الحركتين في مطالبها وعدم وجود نوايا حقيقية لإنهاء الانقسام، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه القضية الفلسطينية.

واتفاق 2011، هو اتفاق للمصالحة معروف باسم “اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني”، وقعتها أغلب الفصائل الفلسطينية بما فيها “فتح” و”حماس″ في القاهرة يوم 4 مايو / أيار عام 2011.، وتتمثل أول بنود الاتفاق في “الانتخابات”، حيث يتفق الطرفان مع بقية الفصائل على تحديد أسماء لجنة الانتخابات المركزية، ورفعها للرئيس الفلسطيني ليصدر مرسوما بتشكيلها.

وجاء فيه أن الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني تُجرى مترافقة، بعد عام من تاريخ توقيع اتفاقية الوفاق الوطني من جانب الفصائل، وفي ما يتعلق بمنظمة التحرير، اتفقت الحركتان على أن تكون مهام وقرارات الإطار القيادي المؤقت غير قابلة للتعطيل، وبما لا يتعارض مع صلاحية اللجنة التنفيذية للمنظمة.

وفي ملف الأمن، اتفق الطرفان على تشكيل لجنة أمنية عليا تتكون من ضباط مهنيين يتم اختيارهم بالتوافق، على أن يصدر الرئيس الفلسطيني مرسوما بشأن اللجنة، وبشأن الحكومة، فإن الاتفاق نص على تشكيل حكومة فلسطينية من كفاءات وطنية وتعيين رئيس الوزراء والوزراء بالتوافق.، يقع على عاتقها تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، والإشراف على معالجة قضايا المصالحة الداخلية، ومتابعة عمليات إعادة إعمار قطاع غزة، وإنهاء الحصار الإسرائيلي، وتنفيذ ما ورد في الاتفاقية الوفاق وفقا لصلاحيتها، ومعالجة القضايا المدنية والمشاكل الإدارية الناجمة عن الانقسام، وتوحيد مؤسسات السلطة بالضفة الغربية وقطاع غزة والقدس. وفيما يتعلق بالهيئة الفلسطينية التشريعية، نص الاتفاق على تفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني طبقا للقانون الأساسي.

في حين ان  اتفاق 2017، الذي وقعته “فتح” و”حماس″ في 12 أكتوبر / تشرين الأول عام 2017 ، فقد اتفقت الحركتان فيه على “إجراءات تمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها، والقيام بمسؤولياتها الكاملة في إدارة شؤون القطاع، كما في الضفة بحد أقصى يوم 1/12/2017، مع العمل على إزالة كافة المشاكل الناجمة عن الانقسام”.

كما نص الاتفاق على ضرورة سرعة إنجاز اللجنة القانونية الإدارية المشكّلة من قبل حكومة “الوفاق الوطني”، لإيجاد حلول لموظفي القطاع الذين عينتهم "حماس"، قبل الأول من شهر فبراير 2018 كحد أقصى، مع مشاركة خبراء ومتخصصين ومطلعين للجنة المذكورة.

كما جاء في الاتفاق أن حكومة الوفاق الوطني، مكلفة بالإشراف على استمرار تسلم هؤلاء الموظفين لرواتبهم التي كانت تدفع لهم من قبل حماس، خلال عمل اللجنة اعتبارا من راتب شهر نوفمبر 2017، فور تمكين الحكومة من القيام بصلاحياتها الإدارية والمالية بما في ذلك تحصيل الجباية.

وفي الأول من شهر نوفمبر / تشرين الثاني 2017، تسلمت الحكومة الفلسطينية إدارة معابر قطاع غزة من “حماس″، بحسب ما نص عليه اتفاق المصالحة.

غير أن الحركتين أعلنتا بداية ديسمبر / كانون الثاني، في بيان مشترك، تأجيل تسلم الحكومة لمهامها في غزة إلى العاشر من ذات الشهر، لاستكمال الترتيبات اللازمة لتسلم الحكومة لمهامها، وجاء التأجيل بعد ساعات من دعوة الحكومة موظفيها المعينين قبل سيطرة “حماس” على القطاع عام 2007 للعودة إلى أعمالهم، ما تسبب بتوتر بين الجانبين.

وقالت "حماس" آنذاك إن القرار مخالف 2011، الذي ينص على عودة الموظفين القدامى إلى العمل، بعد انتهاء “اللجنة القانونية الإدارية” التي تم التوافق عليها من دراسة ملفات المعينين بعد عام 2007، فيما قالت "فتح" إن القرار قانوني.

وأعادت الحكومة المئات من موظفيها الذين استنكفوا عن العمل بناء على طلب منها إبان الانقسام، إلا أن مشكلة الموظفين الذين عينتهم “حماس” لم تُحل ومنذ ذلك الوقت، تبادلت “فتح” و”حماس″ الاتهامات حول المتسبب بتعثر ملف المصالحة.

ويرى طلال عوكل الكاتب والمحلل السياسي، فرص نجاح المصالحة في هذه الفترة ضئيلة، ويقول “نحن بعيدون جدا عن المصالحة الفلسطينية بحسب المعطيات الواقعة”، ويتابع “كل طرف يعتبر نفسه قويا، يمتلك نفس القوة ونفس الأوراق، ويريد الهيمنة على النظام السياسي الفلسطيني، وغير قابل للتراجع خطوات في سبيل المصلحة الوطنية”.

ويعتقد عوكل أن الاختلاف الأساسي بين “فتح” و”حماس″ ليس اختلافا على قضايا سياسية، لافتا إلى أن الطرفين متفقان في مجمل القضايا السياسية كـ “القدس، والاستيطان، والأسرى، لكنه يرى أن “فتح تريد شراكة سياسية مع حماس والفصائل الأخرى قائمة على شراكة الملحقين، فيما تريد "حماس" شراكة قائمة على كونها صاحبة الأغلبية في المجلس التشريعي، وتريد حصة في النظام السياسي كما فتح تماما”.

ويلخص عوكل المشكلة القائمة بين الطرفين بأنها “أزمة حسابات حزبية”، ويلفت إلى أن اتفاق 2017، يطرح آليات لتنفيذ جزء من اتفاق 2011، يتعلق بملف الحكومة وبعض القضايا المرتبطة به.