" الخلل مواطن "
" الخلل مواطن "
حنان المصري
من الطبيعي ان يكون التقدم في العمر دليلا على الحكمة والخبرة المتراكمة بحكم التجارب العديدة والمحطات التي يمر بها الإنسان ، فتؤتي أكلها على شكل سيرة ذاتية مفعمة بالفوائد والعبر ، متوجة بالإنجاز ..
عندنا في الأردن الوضع يختلف ،فالتقدم في العمر عند بعض المسؤولين يكشف خفايا هشة وإنجازا متواضعا حد الخيبة ،وعجزا عن مواكبة تسارع وتيرة الحياة والنضوج الإجتماعي النوعي ،فيطلون علينا بين الفينة والأخرى ليتحفونا بمحاضرات عقيمة ناتجة عن استخفاف طال أمده بعقولنا .
ومن الطبيعي أن نركز على اهمية دور الشباب وبناء الأمل معهم ولهم كونهم يشكلون ملامح المستقبل وركائزه الأربعة ..
عندنا في الأردن الوضع مختلف ،فقد انشأنا وزارة للشباب ، ولم نرتق بما يكفي بفكر الشباب ، فلم نستطع منع العنف الجامعي ، وعملنا منذ سنوات على ولادة ما يسمى "برلمان الشباب" ولكن لم نعد نسمع فيه ولم نعد نراه ،فهذا المولود لم يجد الرعاية الكافية من الكبار ومات بسوء التغذية .
من الطبيعي أن تستفيد الأمم من دروس التاريخ المعاصر ، والتغذية الراجعة للنجاحات والإخفاقات المتلاحقة ، للعمل على دراسة مواطن الخلل لكي لا يصبح الخلل مواطنا ..
عندنا في الاردن الوضع أيضا مختلف ،فلم نتعلم من دروس كثيرة سابقة ، فتجذر الخلل وتم البناء عليه ليصبح خللا مؤسسيا قابلا "للترقيع" بين الحكومة والأخرى .
من الطبيعي أن تكون هناك قواعد راسخة من العمل المؤسسي ودولة المؤسسات ..
ولكن عندنا في الأردن الوضع مختلف ، فالمؤسسات هي أشخاص درجوا على فكر الإقطاع العائلي ، والنفوذ المرتبط في المنصب والكرسي ، ذلك الكرسي الذي يأتي بالوراثة وحق الإكتساب كعلامة تجارية معفية من الضريبة !!
هم جلسوا على الكرسي لسنوات طويلة ، حتى أصبح ذلك الكرسي جزءا لا يتجزأ من أعضائهم الحيوية كالقلب والرئتين ،فأصبح الكرسي ينبض ويتنفس، حتى أصبح يمتلك "جيناتهم الوراثية" التي تحمل ملامحهم وصفاتهم وثرثرتهم ، فيرثها أبناؤهم وحتى أنسباؤهم وأقرباؤهم ..
هم انشأوا مزارعهم الخاصة، وامتلكوا خطوط الضغط العالي ،وشقوا شوارعهم بإتجاه واحد .
وهم من بعبقريتهم الفذة اخترعوا كذبة "صندوق الأجيال" بعد أن خصخصوا مقدرات الوطن ومن شدة وجعنا .. صدقناهم// .