الموازنة بين (المقدّر) والـ(معاد تقديره)
فرضيات موازنة عام 2019 متفائلة جدا - على حد وصف العديد من الخبراء الاقتصاديين - وهي فرضيات قابلة للتحقيق أو عدم التحقيق.
وحتى نكون عمليين، يمكن اجراء قراءة سريعة في ارقام وفرضيات موازنة 2019، وارقام موازنة عام 2018 ( المعاد تقديرها ).
واذاما تحدثنا عن ايرادات الدولة فإن معظمها من الضرائب ( ضريبتا المبيعات والدخل ) واذا كانت فرضيات الحكومة تقول بأنها تتوقع زيادة في ايراداتها الضريبة لعام 2019 الى نحو 245 مليون دينار، حيث تم تقدير ايرادات الدخل بنحو ( 1.187 مليار دينار مقارنة بـ( 942.7) مليون دينار عام 2018، وبينت الفرضيات امكانية تحصيل 262.5 مليون دينار من ضريبة الدخل على الموظفين والمستخدمين، مقارنة مع 139 مليون دينار ( بزيادة 97 %) ومن ضريبة الدخل على الافراد بتوقع تحصيل 105.7 مليون دينار مقارنة مع 53.7 مليون دينار العام الحالي ( زيادة 89 %) كما يفترض تحصيل 819.7 مليون دينار مقارنة مع 750 مليون دينار العام الماضي ( زيادة 9 %).
هذه الفرضيات بزيادة الايرادات من الضريبة تفندها ارقام الايرادات الضريبية في موازنة العام 2018 الحالي، والفرق الكبير الذي ظهر ما بين ( المقدّر ) و ( المعاد تقديره) حيث ان تقديرات ضريبة المبيعات لعام 2019 تقدر بنحو ( 3.689 مليار دينار )، مقارنة بالمعاد تقديره عام 2018 بنحو ( 3.210) مليار دينار، الامر الذي يظهر أن هناك فرقا يصل الى نحو ( 480) مليون دينار.
الزيادة المتوقعة من الايرادات الضريبية لعام 2019 تصل الى نحو 645 مليون دينار ( 400 مليون دينار من ضريبة المبيعات +245 مليون دينار من ضريبة الدخل ).
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن تحقيق هذه الارقام في ظل توقعات نمو متواضعة ( 2.3 %) للعام 2019 وفي ظل الانكماش الاقتصادي المتوقع استمراره في ظل تراجع الطلب الكلي على السلع والخدمات؟ وفي ظل ما يعانيه القطاع الخاص من ركود وحالة ( احباط) جرّاء القوانين الاخيرة التي قد تؤدي لتراجع النشاط التجاري والاقتصادي.
لذلك وحتى لا تكون هناك فروقات كبيرة بين ما هو ( مقدّر ) وما هو ( معاد تقديره ) في الموازنة لا بد من تحفيز الاسواق والوفاء بوعد الحكومة بتقديم حزمة من الحوافز للقطاع الصناعي والتجاري والزراعي ليكون قادرا على لعب دور في النمو الاقتصادي وخلق وظائف تشغيل العاطلين عن العمل، خاصة اذا ما قرأنا ارقاما كبيرة من توجه الحكومة نحو الاقتراض الداخلي في العام 2019 برقم يصل الى نحو 5 مليارات دينار الامر الذي سيضيّق ايضا على القطاع الخاص وبما لا يمكنه حتى من الاقتراض الداخلي لانفاذ مشاريعه المتراجعة في ظل غياب مشاريع راسمالية كبرى في موازنة 2019 قادرة على جذب القطاع الخاص للمشاركة في المساهمة برفع معدلات النمو الاقتصادي.