لماذا كاريكاتير الرزاز؟
أثار رسم الزميل عماد حجاج المنشور في "الغد" يوم أمس تحت عنوان "الفقسة" ردود فعل متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر البعض أن الكاريكاتير يتحدث عن رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز شخصيا، فيما رأى آخرون أنه يعكس انطباعا عن حالة الخذلان التي سببتها الحكومة للشارع بعد سقف التوقعات الذي صاحب تشكيلها على وقع إضرابات أفضت إلى رحيل حكومة هاني الملقي.
الكاريكاتير عكس الواقع الذي لا يمكن لأحد أن يخفيه، أو يتوارى عنه، وإلا وقعنا في فخ المجاملة، فالرئيس الذي يترأس السلطة التنفيذية، والذي هو صاحب الولاية العامة، لم يتمكن حتى هذه اللحظة، من وضع جسد القطار على سكة الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. ومن أجل أن نعطيه حقه، فإن الرؤى التي يتحدث عنها اليوم واقعية، لا خيال فيها، وتنفيذها ضمن برنامج نهضوي لا يحتاج إلى معجزات، ولا إلى موازنات ضخمة.
إذا، لماذا "الفقسة"؟
باختصار؛ لأن المواطنين أحسوا بالخذلان جراء عدم قدرة الحكومة على حسم ملف العفو العام الذي أعلنت عزمها على إجرائه، ولكن حتى هذه اللحظة لم تظهر ملامحه، وبات العنوان الأبرز له التأجيل لحين دراسته من خلال لجنة شكلت لهذه الغاية. الأسئلة التي تبحث عن إجابة هنا هي: أين هذه اللجنة؟ وماذا أنجزت حتى هذه اللحظة؟ وأين دراستها التي تجريها؟ وهل نحتاج إلى كل هذه المدة لاتخاذ قرار بهذا الشأن؟.
وأيضا المواطن مخذول لأنه لا توجد رؤية واضحة فيما يتعلق بمشروع قانون الجرائم الإلكترونية، الذي يرفض رئيس الوزراء سحبه من مجلس النواب رغم أنه وصف المادة 11 منه بـ"المصيبة" و"الفضفاضة".
ولأن الوعود بالإصلاح السياسي كانت متسرعة، فبعد الحديث عن أن قانون الانتخاب عنوان رئيسي، وينبغي بدء حوار حوله بمشاركة جميع المؤسسات والسلطات الرئيسية والمجتمع بكل طاقاته وإمكانياته، عادت الحكومة لتؤكد على لسان الدكتور الرزاز أنها لن تبحث خلال الفترة الحالية قانون الانتخاب الجديد.
وأيضا، لأن هناك مبالغة في بعض الأرقام بالموازنة العامة، والتي يعتبرها خبراء "غير واقعية"، ومثال على ذلك ما يتعلق في بند الإيرادات الضريبية، خصوصا ضريبة المبيعات، فالمبلغ المتوقع للعام 2019 قدر بـ3.6 مليار دينار بزيادة 400 مليون عن المعاد تقديره للعام 2018، والسؤال هو: من أين ستأتي الحكومة بهذه الزيادة؟.
الجواب، بالتأكيد، متروك لأصحاب الاختصاص!.
ولأن المواطن تاه في بحر الهدف من إطلاق منصة "حقك تعرف"، إذ أكدت الحكومة أنها لدحض الإشاعة وليس للإجابة عن الاستفسارات، وكأن الإشاعة لا تتضمن استفسارا، لكننا اكتشفنا لاحقا أنها باتت، في بعض الأحيان، منصة لتوسيع نطاق الإشاعات.
ولأن برنامج خدمة وطن، مر بعدة تصريحات عكست عدم وضوح رؤيته، ففي البداية كان الحديث عن خدمة علم، تحول لاحقا لخدمة وطن، من ثم فقدنا بوصلته بين إن كان إلزاميا أو اختياريا، ومن يستهدف، (قيل 20 ألفا)، ليخرج وزير العمل ليعلن أنه للراسبين في التوجيهي، ولنكتشف لاحقا أنه تدريب مهارات حياتية يكاد يتحول إلى تدريب مهني متواضع.
نعود ونؤكد أن عدم التفاؤل يقتل الأمل، ويجرنا إلى العيش في دوامة التشاؤم المستمر، وهي وصفة حقيقية لتدمير النفسية والتطلع لغد نرى فيه ضوءا في آخر النفق. لذا، نأمل من الحكومة أن تسكتنا جميعنا بإنجازات تعبر عن طموحاتنا وأحلامنا بوطن مؤسسي نهضوي.