كيف تتعامل الحكومة مع توصيات "الفاجعة"؟
تقرير اللجنة المستقلة بفاجعة البحر الميت صار في عهدة الحكومة. جلالة الملك تسلم التقرير أول من أمس ووجه الحكومة على الفور بمتابعة ما ورد فيه من نتائج وتوصيات، وأكد جلالته لأعضاء اللجنة أنه ستكون هناك متابعة للإجراءات التي ستتخذ من قبل المؤسسات المعنية.
نص التقرير لم يكشف للعلن باستثناء توصياته، وكلها تتمحور حول تعديل تشريعات وأنظمة، ومعالجة الاختلالات في أداء الأجهزة الحكومية، وتفعيل آليات التنسيق فيما بينها، إضافة إلى توصيات باستحداث أنظمة عمل جديدة لمراقبة الأحوال الجوية وإنشاء أنظمة إنذار مبكر لتفادي السيول الجارفة ومخاطر حالات عدم الاستقرار الجوي.
عديد التوصيات في التقرير تتقاطع مع ما خلصت إليه لجنة التحقيق النيابية، لكن بالنظر للفترة الزمنية لإعداد تقرير اللجنة المستقلة، فإن معديه تمكنوا من الغوص في تفاصيل عمل المؤسسات والكيفية التي تعاملت فيها مع الحادثة، واستمعت إلى عدد كبير من الشهود والمسؤولين، مما أتاح لها فرصة التوسع في معاينة الأخطاء وتحديد مواطن القصور المؤسسي.
الحكومة وفور تسلم رئيس الوزراء عمر الرزاز التقرير شرعت على الفور بقراءته بشكل تفصيلي، واشتقاق الإجراءات المطلوب اتخاذها في كل مؤسسة وقطاع أشار إليه التقرير. وخلال يومين ستنتهي من إعداد مصفوفة متكاملة بالإجراءات المنوي اتخاذها فورا لتصويب أداء المؤسسات، وإعداد الأنظمة والتعليمات اللازمة، على أن يقرها مجلس الوزراء في اجتماعه الدوري يوم غد.
هل يمكن أن نضيف بعض الأفكار في هذا المجال؟
اعتقد أن من الضروري التفكير بنشر نص التقرير كاملا لعامة الناس، فالحادثة مفجعة وكبيرة وتحظى تطوراتها باهتمام واسع جدا من المواطنين. وفي غياب التفاصيل الكاملة، سيبقى المجال مفتوحا للإشاعات والأقاويل، خاصة وأن البعض ادعى بأن التقرير تضمن إدانات مباشرة لوزراء ومسؤولين بالاسم وهو ما لم نجده في التوصيات المنشورة.
قيمة التقرير ينبغي أن لا تقتصر على معالجة القصور في المؤسسات المعنية. هذا أمر ضروري وحيوي وينبغي على الحكومة وضع برنامج زمني لتنفيذ التوصيات، لكن من المناسب التفكير بإعداد دليل عمل لإدارة الأزمات استنادا للحوادث الأخيرة، ووضعه بين يدي كل موظف معني بمؤسسات الدولة، ليتصرف وفق أسس مدروسة ومنهجية في حال واجه أزمة في قطاعه.
دروس كثيرة يمكن اشتقاقها من الحادثة وتقرير اللجنة، نستطيع إعداد منهاج نظري وعملي نستعين فيه بدورات تدريب الموظفين العموميين بشتى المؤسسات، وطلاب الجامعات بالتخصصات المعنية. علينا أن لا نتردد في عرض الأخطاء التي وقعنا فيها خلال إدارة الأزمة ميدانيا وتقديمها كنماذج لنتعلم عدم تكرارها في حوادث مشابهة مستقبلا. واستنادا لهذه الخبرات يمكن للسلطات المعنية إجراء تمارين وهمية للتعامل مع وقائع مماثلة، وإجراء فحص دوري لمدى جاهزية المؤسسات.
اما فيما يتعلق بمساءلة مسؤولين عن تقصيرهم، فهذا متروك أولا للقضاء الذي ينظر بالقضية ولرئيس الوزراء ليقرر فيما إذا كان هناك مسؤولون على رأس عملهم لايستحقون البقاء في مواقعهم، ولا بد من تغييرهم.