"نحن شركاء في هدم مجتمعنا  "

خاطرة مواطن أردني

 الدكتور رياض الشديفات

  ينظر المرء إلى تجارب الشعوب والمجتمعات فيشعر بالأسى لحالنا الذي يدعو إلى الشفقة على ما نحن فيه من تراجع ينذر بعواقب وخيمة  بسبب عجزنا وتفريطنا ومن ذلك :

-    نحن من ساهم في إنشاء الدولة لتكون مظلة لنا جميعا فوضعنا العصا في الدواليب كي لا تتقدم كغيرها  من الدول ، ووضعنا العربة قبل الحصان لئلا يتمكن الحصان من السير نحو  الهدف .

-     نحن من انتخب النائب بطريقة جهوية وفئوية ، وعززناه وشحناه وملأنا رأسه عنصرية وقبلية ضيقة ليكون نائب الحارة والحي والقرية والمنطقة والفخذ والعشيرة ثم طلبنا منه التمثيل الوطني والعمل المؤسسي ، ثم يلام على تقصيره وهو من صنعنا ونتاج ثقافتنا ! وصراخ مقراتنا الانتخابية !! فرفقا بمن صنعتم !! .

-    نحن من بنى الجامعات لتخريج التنويريين والمفكرين والعلماء والمخترعين وحل مشكلاتنا بالبحث العلمي ففرغناها من مضمونها بتركيزها على الكم على حساب الكيف ، ولم يختلف المتخرج منها عن غيره في سلوكه وتفكيره ونمط حياته ، فهي نتاج ثقافتنا وتربيتنا وتقليدنا الاجتماعي " برستيج اجتماعي فقط " .

-    نحن من طالب وساهم في بناء المدارس للتعليم وغرس القيم والاتجاهات وتدريب الطلبة على المهارات ،ثم تدخلنا في مداخلاتها لتناسب مقاسنا فتحولت إلى أرقام لا تؤثر بصورة فاعلة في معادلة بناء الإنسان الصالح .

-    نحن من يملأ  رؤوس أبنائنا جهوية ومناطقية وعصبية وإقليمية وسلوكيات عملية أقوى من كل الكتب والكراسات والدفاتر لتستمر معهم مدى الحياة  .

-    نحن ساهمنا في بناء المساجد لغرس القيم والاتجاهات الإيجابية ، فما هي النتيجة ؟ زادت السلوكيات السلبية في المجتمع بصورة أكبر وأكثر قبل بناء المساجد لتعدد مؤثرات التوجيه والتربية ، وليصبح دور المساجد أداء طقوس وحركات تخلو من المضمون العملي لبناء الإنسان المؤثر في محيطه .

-    نحن من وضع القوانين والأنظمة  لتحقيق العدالة ومحاسبة المعتدي فتدخلت الواسطة والمحسوبية  لصالح مروجي المخدرات  والمتحرشين  والنصابين والمخالفين للأنظمة ، فهل خدمنا الوطن بهذا!!

-    نحن من يطالب بالمحسوبية والاستقواء على القانون والنظام بسلوكنا ونهجنا وإصرارنا على ذلك لتحقيق مصالحنا على حساب مصالح الآخرين .

-    نحن من قمنا بتكوين الأحزاب كي تتنافس على البرامج القادرة على حل مشكلاتنا فلم تسهم في حلها ، وتحولت إلى مشكلة بحد ذاتها تبحث عن الحل بسبب الشخصنة والمصالح الضيقة .

-    نحن من كان لدينا أرض زراعية واسعة قمنا بزراعتها بالحجارة وبيعها لنتحول من منتجين إلى مستوردين لقوتنا  وغذائنا ممن يتحكم بمصيرنا الغذائي .

-    نحن من كان لدينا بيئة جميلة ، وخضرة دائمة ، ومياه جارية اعتدينا عليها فتلوثت البيئة رغم أننا كنا نرفع شعار "نحو أردن اخضر " وإذا بالتصحر يحاصرنا وبالمياه تتناقص جعلتنا نقول نحن أفقر الدول مائيا !! .

-    نحن من كنا نقول : بأن  لدينا عادات وتقاليد وثقافة فريدة تميزنا عن غيرنا نعتز بها وتشعرنا بالفخر لأصالتها فاستبدلناها بخليط من الثقافة والعادات الهجينة التي لا تمت للتراث والأصالة  بصلة جوهرية .

-    نحن من سمح للمنظمات الوافدة  للعبث بنسيجنا الاجتماعي والثقافي والفكري والنفسي ليتحول وطننا فريسة سهلة لتطويعه وصياغته على الطريقة التي يريدون .

-    نحن من يستورد ويقلد كل المظاهر والشكليات دون وعي لخطورة ذلك على المجتمع وقيمه  .

-    نحن من عزز الضعيف والعاجز والفاسد والوصولي والانتهازي ليكون وجيها ومستشارا وكبيرا ومسؤولا في مجتمعه على حساب الوطن والكفاءة والخبرة والنزاهة .

-    نحن من أشبعنا العالم صراخا وصداعا وشكوى واستجداء وطلبا للمساعدات وكأن بلادنا لم تكن يوما منجبة للعظماء والمبدعين ، ولم تكن يوما منتجة لغذائنا ، ولم تكن يوما مدرسة في البطولة والفداء .

  أقول ما سبق ليس تبريرا ولا هروباَ .........ولكن تشخيصا لواقع نحن شركاء في صناعته  في مجتمع خذلناه بطرق شتى ففلاح الأمس ليس كفلاح اليوم .......ومعلم الأمس ليس كمعلم اليوم ....... ومواطن الأمس ليس كمواطن اليوم......كان الهم العام يحركهم ........لا مكان بينهم لعاجز ......ولا مكان بينهم لفاسد .....نحن جميعا شركاء في هذا الواقع  .......نحن جميعا ساهمنا في زيادة خرق السفينة ..........نحن لم نتعلم من المجتمعات التي نهضت.............علمنا غيرنا ولم نتعلم المطلوب منا  .....فربما الصمت أبلغ من الكلام ، والله المستعان .//