النفط بين زمنين

 

عمر كلاب

 

 

ان يختلف الموقف السعودي جذريا عن الموقف الروسي , هذا أمر طبيعي ومألوف منذ الحرب الباردة ودخول السعودية الحرب ضد النظام الشيوعي وتجنيد كل القوى الاسلامية الحليفة والدائرة في فلكها لهذه الحرب , ولم تتقاطع العلاقات السعودية الروسية كوريث للاتحاد السوفيتي في القوة والدور ابدا حتى في حرب تشرين التي استخدمت فيها السعودية سلاح النفط لدعم مصر وسورية .

 

اليوم تبدو الامور مختلفة ولكن على الساحة الامريكية تحديدا , فالصدام السعودي الروسي على ارض سورية انقلب الى تحالف من اجل دعم الرئيس ترامب , والسلاح هو النفط بالطبع , فقد حقق الانتاج الروسي من النفط ارقاما قياسية في الشهر الفائت والحالي وكذلك فعلت السعودية من اجل دعم الرئيس ترامب , لان تدفق النفط وتخفيض اسعاره يسمحان للرئيس الامريكي بالانتعاش داخل المجتمع الامريكي الشعبي وما دون الطبقة الوسطى – اي قاعدة ترامب الانتخابية - .

 

هذا التوافق انعكس على الموقف الروسي من قضية مقتل الصحفي جمال الخاشقجي , حيث لم تقدم موسكو على اي موقف ادانة وبقي موقفها في دائرة الحياد النسبي , انسجاما مع توافقها الجديد مع السعودية , وقبل ذلك شهدت موسكو زيارة سعودية ثقيلة العيار وغير مسبوقة , مما يؤكد ان بركات الرئيس ترامب قد حلت على العلاقة وعلى المواقف الثنائية طالما تخدم موقف ترامب داخليا .

 

النفط الذي جلب كل الموبقات الى المنطقة , من الاستعمار الى ثقافة الاستهلاك , لم يستخدم كسلاح استراتيجي عربي الا مرة واحدة خلال حرب تشرين التحريكية , ومنذ ذلك التاريخ والنفط سلاح لجلب كل التقنيات الحديثة باستثناء تقنيتي الديمقراطية والتنمية , التي لم تنجح دولة عربية معسرة او موسرة في جلب ولو النزر اليسير منهما .

 

الموقف الروسي مفهوم من ادارة ترامب ,فقد نجحت موسكو في تحصيل مكتسبات على القاطع السوري والاوروبي الشرقي بعد رحيل اوباما وحزبه , واشارات ترامب بأنه جاهز لتقاسم ادوار مع القيصر الجديد , لكن الموقف السعودي ما زال غير مفهوم , فالرسائل الامريكية الى السعودية الشقيقة سلبية داخليا وعلى المستوى الاقليمي وقضايا المنطقة , والرهان السعودي يجب ان يتجه الى مسار آخر , ليس القطيعة مع الادارة الامريكية ولكن بتحسين شروط العلاقة .

 

فالاقليم بحاجة اليوم الى ريادة دولة قادرة على تحقيق التوازن , من خلال تقوية حلفاء في الاقليم , ولعل الاردن على رأس هذه الدول الاقليمية الجديرة بالدعم , ليس من باب العلاقات الاخوية والشقيقة فتلك لغة لم تعد مقبولة او مطلوبة , بل من بوابة المصلحة السعودية والقومية , فلا أحد يمتلك القدرة والمقدرة على فهم الخطاب الغربي والعقل الاوروبي الا الاردن بقيادة الملك , والمنطقة بحاجة الى لسان فصيح في التعبير عن القضايا القومية والى عقل متقد وكل هذا متوفر في الاردن فقط .

 

السعودية دولة لها وزن نوعي في الاقليم , ولانها بحاجة الى اعادة ترتيب الاولويات السعودية على ايقاع الاولويات الاقليمية المحيطة وتقوية عمقها العربي لأن هذا هو اساس القوة وجوهرها , ورأينا ان دولا مثل تركيا وايران نجحتا في المرور من كل الضغوطات العالمية بفضل الدور الاقليمي الفاعل وتقوية الحلفاء الاقليميين وهذا درس يجب ان تستفيد السعودية منه// .