خبير بالشأن الإسرائيلي يتوقع هجوما إسرائيليا على الجبهة الشمالية

القدس المحتلة - وكالات

لمّح رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ انتهاء جولة التصعيد الأخيرة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة الأسبوع قبل الماضي إلى أنهم في طور "عملية مستمرة".

وأفضى هذا التطور إلى تولي نتنياهو وزارة الجيش بعد استقالة أفيغدور ليبرمان إلى أنّ "إسرائيل" تتّجه لإحداث تحوّل في سياساتها الأمنية في المستقبل القريب، بهدف مواجهة تحديات تؤثّر على واقعها الاستراتيجي.

وأوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي في تقرير له على "العربي الجديد" إلى أن نتنياهو عمد خلال الـ72 ساعة الأخيرة إلى تكرار عبارة "إسرائيل في مواجهة تحديات أمنية واستراتيجية تتطلّب من الشعب أن يكون مستعدًا للتضحية" أربع مرات.

وبين النعامي أنه بواسطة هذه الحجة تمكّن نتنياهو من محاصرة قادة حزب (البيت اليهودي) وإجبارهم على التراجع عن التهديد بالاستقالة من الحكومة، ناهيك عن أنّ التحوّلات الأمنية "الوشيكة" التي ينذر بها نتنياهو أقنعت قادة المستوطنات في محيط قطاع غزة بتغيير موقفهم من سياسات حكومته، وباتوا يشيدون بالمسؤولية التي يبديها، على الرغم من أنهم كانوا الأكثر صخباً في انتقادهم له بسبب سلوك "إسرائيل" في جولة التصعيد الأخيرة ضد المقاومة في غزة.

وذكر أنه "نظرًا لأن حديث نتنياهو عن أنّ إسرائيل ستواصل المعركة جاء بعد التوصّل لوقف إطلاق النار مع المقاومة إثر جولة التصعيد الأخيرة التي أثار أداء جيش الاحتلال خلالها انتقادات واسعة وتوجيه اتهامات للمستوى السياسي والعسكري بالمسؤولية عن تهاوي قوة الردع الإسرائيلية، فإنّ هذا قد يدفع للاعتقاد وللوهلة الأولى أنّ نتنياهو يقصد أنّه معني بترميم الردع من خلال عمل مفاجئ ومباغت ضدّ المقاومة الفلسطينية في القطاع".

واستدرك النعامي "لكنّ نتنياهو يعي تمامًا أنّ كل المحاذير الاستراتيجية التي دفعته إلى تجنّب الانجرار لمواجهة شاملة مع المقاومة بغزة حتى الآن ما زالت قائمة، وعلى رأسها غياب المصالح الإسرائيلية في القطاع، والخوف من التورّط في "الوحل" الغزي نظرًا لعدم وجود طرف ثالث يمكن أن يتولّى مقاليد الأمور في القطاع، ناهيك عن وعي نتنياهو بأنّ بقاء مظاهر الأزمة الاقتصادية والإنسانية في القطاع سيقلّص من تأثير أيّ عمل عسكري ضدّ المقاومة هناك".

وأردف ""لكن في المقابل فإنّ إسرائيل بعد جولة التصعيد الأخيرة قد تبدي أقلّ قدر من الصبر إزاء أي أنماط سلوك قد تصدر من غزة وينظر إليها على أنها تهديد لها سواء إطلاق صواريخ وقذائف أو حتى القيام ببعض نشاطات حراك مسيرات العودة مثل اختراق المنطقة العازلة واستخدام البالونات الحارقة، ناهيك عن أنّ الكيان الإسرائيلي قد يستخدم قدرًا أكبر من قوة النيران في حال تفجّر تصعيد مستقبلي مع المقاومة بهدف ترميم الردع من جانب، واسترضاء الرأي العام الإسرائيلي من جانب آخر".

وتابع "من هنا، ومن أجل تجنّب التصعيد، قد يلجأ الكيان الإسرائيلي إلى توظيف الدور المصري في إحياء المباحثات حول مسار التهدئة، لكن بحيث لا تتجاوز مخرجات هذا التباحث السماح بمواصلة تقديم المنحة القطرية لدفع رواتب موظفي حكومة غزة وتأمين الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء".

وبين الخبير في الشأن الإسرائيلي أنه مقابل كل ذلك، فإنّ هناك ما يدلّ على أنّ مواجهة التحديات على الجبهة الشمالية هي "المعركة التي لم تنته"، والتي تعهّد نتنياهو باستكمالها.

وأوضح أن الكثير من المؤشرات تدل على أنّ فرص انفجار الجبهة الشمالية قد تعاظمت كثيرًا أخيرًا فبحسب التقديرات الإسرائيلية-كما يذكر النعامي- فإنّ إيران التي تجلّدت واستوعبت على مدى أكثر من عام الغارات الإسرائيلية التي استهدفت وجودها في سورية، يمكن أن تلجأ إلى تفجير الجبهة الشمالية ردًا على تعاظم وطأة العقوبات الأميركية واشتداد حدّة الحصار عليها.

ولفت إلى ما ذكره معلّق الشؤون العسكرية في قناة التلفزة العاشرة ألون بن دافيد مساء الاثنين بأنّ "الساحة الجغرافية للحدث الأمني الذي يتوقّع نتنياهو أن تضطر "إسرائيل" للتدخّل للردّ عليه تقع خارج الحدود الإسرائيلية".

وأوضح بن دافيد أنّ "مخاوف تل أبيب تستند إلى تأويل الاستخبارات الإسرائيلية لنوايا الأطراف المرتبطة بهذا الهدف"، من دون أن يسمّي البقعة الجغرافية والأطراف المرتبطة بهذا الحدث المتوقّع.

وبين النعامي أنه على الرغم من أنّ جميع التقييمات التي قدمتها محافل التقدير الاستراتيجية في الكيان الإسرائيلي قد أجمعت خلال العامين الماضيين على أنّ كلاً من إيران وحزب الله غير معنيين بتفجير الأوضاع في سورية ولبنان، إلا أنّ تحولاً طرأ على هذه التقديرات بعد بدء تنفيذ الموجة الجديدة من العقوبات الأميركية على طهران.

ونبه إلى أن ما يزيد الأمور تعقيدًا بالنسبة للكيان الإسرائيلي حقيقة أنّ هذه المخاوف تتعاظم في ظلّ قطيعة شبه تامة مع موسكو ومجاهرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم رغبته في لقاء نتنياهو، ناهيك عن أنّ هامش المناورة الذي تتمتع به "إسرائيل" في سورية تقلّص إلى حدّ كبير بعد سقوط الطائرة الروسية قرب اللاذقية قبل 3 أشهر.

وأردف أنه "في الوقت ذاته فإنّ ادعاء الاحتلال الإسرائيلي أنّه يملك معلومات تفيد بأنّ حزب الله يقيم مصانع لإنتاج صواريخ ذات قدرات إصابة دقيقة، يفاقم خطورة تبعات أي مواجهة على الجبهة الشمالية إذ إن دقّة الإصابة ستكمل مزايا أخرى خطيرة لترسانة الصواريخ التي يملكها حزب الله".

وأشار النعامي إلى أنها تتمثل في المدى الطويل لهذه الصواريخ ورأسها التفجيري الكبير، وهذا ما يفاقم من خطورة استخدامها.

وختم الخبير في الشأن الإسرائيلي تقريره ب"السؤال الذي يطرح نفسه: هل تمثّل دعوة نتنياهو لـ"الشعب بالاستعداد للتضحية" مؤشرًا على أنّ لديه نيّة المبادرة بشنّ هجوم لضرب مصانع هذه الصواريخ التي استغلّ كلمته الأخيرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة للتحذير منها؟ أم أنه بصدد تنفيذ حملة واسعة ومكثّفة لضرب الوجود الإيراني في سورية؟ أو أنّ تل أبيب بصدد العمل في سورية ولبنان معًا؟".