أولويات الحكومة.. هل يُسعفها الوقت؟
أولويات الحكومة.. هل يُسعفها الوقت؟
بلال العبويني
عرض رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز الخميس الماضي أمام رؤساء تحرير الصحف وعدد من الكتاب أولويات الحكومة للمرحلة المقبلة والتي حددها في ثلاثة محاور، دولة القانون، ودولة الانتاج ودولة التكافل.
خطة الأولويات طموحة، وبدا الرئيس متحمسا جدا وهو يعرض العناوين الرئيسية والفرعية لها، ولعل الجميع يتفق مع خطوطها العريضة، وقبل أن يتم الإعلان عن تفاصيل الخطة بعد أيام.
لكن، في البال أسئلة، وفي الواقع تم عرضها أمام الرئيس في جلسة الخميس التي حضرها عدد من الوزراء منها، أن المشروع كبير ويحتاج إلى الوقت الكافي لإتمامه على الوجه الأمثل، والحكومة لا تمتلك ترف الوقت فعمرها قصير حتى وإن ترافقت مع مجلس النواب إلى أن ينهي عمره الدستوري، فما تبقى له من عمر أقل من عامين.
خطة الأولويات، لا يمكن أن تنجز بـ"مسحة رسول"، هذا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار العوائق الكثيرة التي غالبا ما تعطل أداء الحكومات وتؤخر إنجاز مشاريعها، وهذه الحكومة بالذات يلازمها سوء الطالع منذ تشكيلها، فهي لم تجد مجالا واسعا من الوقت للتنفس، فمن عملية الفحيص والسلط الإرهابيتين إلى كارثتي البحر الميت وسيول مأدبا التي أخذت منها الوقت الكثير للتعامل مع الأزمة.
في الأزمات، يشعر المرءُ أن الحكومات يتعطل عملها بالمطلق وتتفرغ بكامل أجهزتها لإدارة الأزمة، ونحن مقبلون على الشتاء، ما يعني إن وقعت كوارث طبيعية لا سمح الله فإنها ستكون أبرز معطل للحكومة للمضي بشكل سلس لتنفيذ قائمة أولوياتها.
إن من أكبر التحديات والمعوقات أمام المشاريع الحكومية أنها ليست ملزمة للحكومات التي تليها، ما يعني أن للجميع أن يتوقع أن تأتي حكومة لاحقة لتقول للأردنيين أن قائمة الأولويات التي وضعتها حكومة الرزاز ليست إلا حبرا على ورق أو على الأقل لا تستقيم والمرحلة الراهنة، حالها كحال العاصمة الجديدة التي أخبرنا الرئيس أنها ليست إلا خططا على ورق ولا وجود أو أصل لها على أرض الواقع.
قلنا إن ما عرضه الرئيس من أولويات قائمة على المحاور الثلاث، طموح جدا وربما يكون اختبارا أخيرا للرئيس الرزاز الذي خسر كثيرا من ثقة الشارع خلال الأشهر الماضية، وهذا التحدي يتوقف على تفاصيل الخطة التي سيعرضها على الملأ الأسبوع المقبل، فإن كانت غير واقعية وغير قابلة للتطبيق على الأرض فإنها ستخلق حالة عامة من التندر والإحباط لأن الأردنيين لن ينظروا إليها عندئذ إلا من باب "الإلهاء" لهم لا أكثر كما حدث مع مشاريع حكومية سابقة.
الأردنيون يحتاجون إلى السكن الميسر، ويحتاجون إلى الرعاية الصحية ذات الجودة العالية، ويحتاجون إلى مستوى ومناخ تعليم إيجابي، ويحتاجون إلى شبكة مواصلات تحترم وقتهم وجهدهم، هم يحتاجون إلى كل ذلك وأكثر، لكنهم يحتاجون أيضا أن يُترجم ذلك على أرض الواقع ويلمسوه حقيقة وبسرعة ودون أي تعقيد.
وذلك، ليس منفصلا بكل الأحوال عن التوقف عن مدّ اليد إلى جيوبهم كلما قرع صندوق النقد الدولي الجرس، وليس منفصلا عن الإسراع في تعديلات تشريعية تساعد في انتاج حياة سياسية حزبية وبرلمانية يثقون فيها وتجعلهم يشعرون على الحقيقة بالحياة الديمقراطية التي يتمنونها. //