حرائقهم وسيولنا
لم تتمكن فرق الإطفاء من إخماد الحرائق المشتعلة في ولاية كاليفورنيا رغم المساعدات الضخمة التي تلقتها من الحكومة الاتحادية وحالة الطوارىء المعلنة في الولاية.
الحريق الذي مضى عليه أكثر من أسبوعين أتى على آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية، ودمر نحو 9 آلاف منزل، وخلف مئة قتيل وألف مفقود وشرد مئات الآلاف من السكان.
رغم خسارة منزله الصيفي الفاخر الذي التهمته النيران، وقف الممثل الأميركي الشهير جيرارد بتلر يلتقط صورة "سيلفي" معلقا بعبارات الشكر والثناء لرجال الإطفاء على تضحياتهم. وبالأمس خرج حاكم الولاية في مؤتمر صحفي ليتحدث عن حالة من "الفوضى الاستثنائية" في المكان.
التجارب الطويلة والمريرة لسكان الولاية مع الحرائق، جعلتهم أكثر تفهما لتعقيدات التعامل مع الكوارث الطبيعية. فرغم القدرات الهائلة لدولة عظمى مثل أميركا لم نجد من يعتب على السلطات لتقصيرها في التعامل مع الحرائق المتكررة ومثلها الأعاصير والعواصف التي تضرب الولايات الأميركية باستمرار.
لغاية الآن لم تنجح فرق الإطفاء سوى بالسيطرة على 35 % من الحرائق، فقد وقفت متفرجة على النيران وهي تلتهم بلدة يزيد عدد سكانها عن ثلاثين ألف نسمة هجروها قبل أن تحاصرهم الحرائق.
يوم أمس فقط فكر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بزيارة الولاية التي تحترق منذ أيام طويلة، لتفقد المنكوبين.
المؤسسات المعنية من فرق إطفاء وإنقاذ وشرطة هي التي كانت تعمل طوال الوقت تحت إشراف حاكم الولاية.
مسؤولو هذه الأجهزة فقط هم من كانوا يخرجون يوميا بمؤتمرات صحفية لوضع الرأي العام بصورة التطورات.
المتطوعون بالمئات هبوا للمساعدة ومعهم سكان المنطقة.
لم نسمع دعوات لاستقالة مسؤولين ولا عن لجان تحقيق في الولاية، بالرغم من أن حوادث الحريق المتكررة منذ العام 2007 حسب تأريخ موقع "ويكبيديا" قد خلفت مئات الضحايا وشردت آلاف السكان وقضت على الأراضي الزراعية.
في الجارة السعودية، أغنى دول المنطقة والعالم، خلفت سيول الشهر الماضي 44 ضحية، وجرفت الطرق وشردت السكان في المناطق التي ضربتها. الكويت الدولة النفطية تحولت في ساعات لبحر تعوم فيه السيارات كأنها قوارب، وتحولت مدرجات مطارها لسيل هادر.
في حادثة السيول الأخيرة بمنطقة الوالة، شهدنا على مدار يومين مئات رجال الدفاع المدني وهم يغوصون في الطين بحثا عن طفلة مفقودة، بينما نحن منشغلون في البحث عن نقيصة هنا أو هناك وملاحقة المسؤولين على هفوة في تصريح.
بعد فاجعة البحر الميت التي أدمت قلوب الأردنيين، كانت عمان على وشك أن تواجه أزمة خطيرة بالمياه بعد أن جرفت السيول ناقلا يزود سكانها بثلث حاجتهم اليومية تقريبا. في غضون أسبوع واحد فقط تمكنت الأجهزة المختصة من تدارك المشكلة وتنفيذ عطاء كان يتطلب إنجازه في الظروف العادية عدة أسابيع. وفي يوم واحد فقط تجاوزت كوادر وزارة الأشغال مشكلة انهيار الجسر القديم قرب موقع الفاجعة وتشييد طريق بديل لتأمين حركة النقل في المنطقة.
الكوارث الطبيعية تصيب الجميع، ولا تملك الدول على اختلاف قدراتها فرصة لتفاديها. والمهم في مثل هذه الظروف أن يتكاتف الجميع لدرء مخاطرها قدر المستطاع وليس الطعن بمن ضحوا بحياتهم ووقفوا في وجه الكارثة.
الغد