الجويدة هي الحل!
لغاية اليوم لم أفهم ما هو المقصود بتنويري أو أن تلك المنظمة تنويرية، أفهم حين أسأل جارنا الذي يعمل في الحسبة عن سبب ارتفاع أسعار البطاطا فهو يمكن أن ينورني ويشرح لي أن السبب هو انخفاض إنتاج الغور، وبالأمس اشتريت طبق بيض وكان سعره مرتفعا فنورني صاحب المحل بالسبب وهو أن الدجاج في الشتاء يحتاج الى الدفء لذلك ترتفع التكلفة، حتى حين اشتريت من صاحب بسطة أربع جوز جرابات بدينار استغربت من هذا العرض المغري فنورني صاحب البسطة بأنه تم تهريب حاوية جربان فانخفض سعرها.
لأن أم معطي مطلقة من عشر سنوات وليس لها عمل سوى زيارة البيوت.. لذلك هي أقوى من قناة الجزيرة في سرعة نقل الأخبار.. وحين كنا نسمع عن حردان إحدى الجارات في بيت أهلها، كانت أم معطي هي فقط من تنوّر الحارة وتبين للجميع سبب الحرد.. وأم معطي تنويرية لدرجة أنها تستطيع أن تجيبلك عن كل دار شو طبخت يوم الجمعة، ولماذا نسرين غضبت من سوزان في حفل زفاف ابن أم بشار، ولديها تسجيلات تبين أن أم خلدون متورطة في جمعية من وراء زوجها ولا تستطيع السداد وأن نهايتها قد اقتربت!
ما أفهمه أن التنوير يقوم على الخبرة العملية.. ولا يستطيع مثلا طبيب أسنان أن ينورك بأسعار الخرفان، ولا موظف بنك بوصفة تشفي المغص، ولا وزير سابق بطريقة صنع الهيطلية!
في الفترة الأخيرة ظهر في الأردن أشخاص تنويريون ومنظمات تنويرية والغريب أن تنويرهم يختصر فقط على الدين.. فمثلا لا يوجد منظمة تنويرية تشرح لنا كيف بيعت الفوسفات بثمن بخس، ولا كيف تم تضمين المطار بسعر أرخص من تضمين مقثاة فقوس، ولا كيف تم تأجير أراض للدولة حيث كان سعر تأجير الدونم بسعر علبة السردين!
العجيب أن معظمهم دارس لغات أو تخطيط مدن أو علوم مالية ومصرفية، ويريد أن ينورك بالدين وهو لا يعلم كيف تتم صلاة الجنازة!
يريدون أن يبحثوا في حقيقة الله، ولا يعنيهم الحقائق التي دمرت المجتمعات الإسلامية من تفشي الفساد والفقر والبطالة والمديونية، مع أنهم لو بحثوا فقط كيف أن الشعب الأردني عايش رغم دخله المتدني وجنون الحكومات في رفع الأسعار.. لعرفوا أن الله حق، ودينه حق، والنبيون حق، ووعده حق، ولقاءه حق، دون حاجة للبحث او للأوراق النقاشية!
الدين بسيط، وعلاقة العبد بخالقه ليست بحاجة لأي فلسفات، فيكفي (أن الله يغفر الذنوب جميعا).. وهذا العرض الرباني لعباده بأن لا يقنطوا من رحمة الله.. لا يدعنا بحاجة الى، مؤمنون بلا حدود، طالما رحمته ومغفرته سبحانه وتعالى ليس لها حدود.
فأمين المنظمة المسجون كان له ندوة بعنوان (الفلسفة الانثروبولوجية كمدخل منهجي للتحول من الحاكمية الى الحكمة الدينية).. طبعا كل علماء الأمة ومفكريها لن يفهموا عنوان الندوة.. وهؤلاء من يريدون تعقيد الدين بحيث يتم تشتيت فكرك بفلسفات زائفة وعناوين أطول من الخط الصحراوي.
لعلها فرصة لقنديل في الجويدة أن يتأمل ويعيد النظر بندواته وأوراقه النقاشية.. فإن كان بفعلته يريد زراعة الفتنة حين كتب على ظهره الإسلام هو الحل.. لعله بعد أن يخرج سيدرك أننا مجتمع مترابط وأن كل من يحاول زعزعة استقرارنا وسلمنا الأهلي وتشويه صورة الأديان ستكون الجويدة هي الحل!