حلول مقترحة لمحاربة تلوث بحر العقبة

 

الأنباط – العقبة – د . نهاية القاسم

تعد النفايات البحرية، التي يلقيها الإنسان بقصد أو بدون قصد في البحر والممرات المائية، أبرز المظاهر السلبية التي تواجه الزوار و رواد الشاطىء وسياح المدينة . وتتراكم النفايات البحرية في مركز الحركة الدائرية المحيطية وتتكدس على خط السواحل في كثير من الأحيان، وتشكل ركامًا من الفضلات المبعثرة. بعض أشكال القمامة البحرية، مثل الخشب المجروف، تتواجد بشكل طبيعي، والبعض الاخر

ومن أجل وقف تلوث البحار، ينصح خبراء البيئة باتباع إستراتيجية للوقاية من النفايات تتمثل في خفض نسبة القمامة البلاستيكية بشكل كبير جدا, كذلك يجب العمل على إعادة تدوير أكياس البلاستيك اللينة التي تستخدم بالأسواق التجارية وتملأ شوارع ومقالب القمامة. كما أن مبادرة فرز القمامة في كيسين منفصلين، أولهما للقمامة العضوية والثاني للأشياء التي يمكن إعادة تدويرها مثل البلاستيك والورق المقوى، تبقى المبادرة الأكثر رفقاً بالصحة والبيئة وبالطيور البحرية.

وتعد أبرز الحلول لمواجهة التلوث البحري ما تنتهجه عدد من الدول بتقليص عدد مكبات النفايات والمحارق، عن طريق فرز النفايات وإعادة استخدامها بطريقة أو بأخرى، منها التدوير والوقود والسماد العضوي بحيث لا يتبقى الا القليل لملء المكبات.

وفيما يتعلق في كمية البلاستيك المعاد تدويره وتصنيعه على مستوى العالم فهي منخفضة جداً لذلك يتم التخلص منه عن طريق حرقه أو دفنه، ومخلفات البلاستيك تلوث الكتلة المائية حول العالم ، هناك أطنان من البلاستيك تطفو على سطح البحار والمحيطات في جميع أنحاء العالم عدا عن تلك التي يلقيها مرتادو الشواطيء عند التنزه ليستقر بها المقام في قيعان البحار والمحيطات، وتتسبب بمقتل الحيوانات البحرية والبرية والطيور. وقد تنبه الباحثون والعلماء في مجال البيئية وحماية البحار الى أضرار النفايات البلاستيكية على الكائنات.

إن اختراع البلاستيك – رغم مساهمته في التقدم الصناعي – إلا أنه ولّد مشكلة كبيرة لازال العالم يكافح لحلها، ويأتي هذا الحل في الوقت الذي يتزايد فيه الطلب على مصادر الطاقة في العالم ككل، ففي حال تم تحويل البلاستيك إلى وقود وهي الطريقة الأمثل، فذلك سيقلل من انبعاث الغازات  CO2السامة ، وبنفس الوقت سنرفع من وعي الناس إلى قيمة المواد البلاستيكية. هناك من يقدرون البلاستيك حيث يحتوي على قيمة عالية من الطاقة أعلى من أي شيء آخر قد نجده في حاوية النفايات .

قامت شركة يابانية بإنتاج آلة صغيرة آمنة جدا وسهلة الاستخدام ، يمكنها تحويل عدة أنواع من البلاستيك إلى مادتها الأولية ألا وهي الوقود، على الرغم أن اليابان قد حسنت كثيراً من كفاءة الاستخدام للمواد البلاستيكية على مدار السنوات إلى 72٪ في عام 2006 ، إلا أن هذا لا يعني أن يترك 28٪ من البلاستيك ليدفن في مدافن النفايات أو ليتم حرقه . ووفقا لبيانات معهد إدارة نفايات المواد البلاستيكية ، فإن المواد البلاستيكية التي تعالج بشكل كفؤ تنقسم إلى 20٪ التي يتم إعادة تدويرها، و52٪ التي يتم حرقها لغرض استرداد الطاقة ، أي توليد الحرارة أو الطاقة الكهربائية منها .

الآلة قادرة على معالجة البولي ايثلين والبولي ستايرين والبولي بروبلين والبلاستيك المصنعة منه زجاجات المياه المعدنية والقوارير ذات الأحجام المختلفة، وهذه الزجاجات يتم العثور عليها بكميات كبيرة عند استخراج النفايات البلاستيكية من قيعان البحار.

النتيجة أننا سنحصل على الغاز الخام الذي يمكن أن يعمل كوقود للمولدات أو المواقد ، وإذا ما تمت معالجته يمكن أيضاً ضخه كوقود للسيارة ، القارب أو الدراجة النارية .

ان كيلو غرام واحدا من النفايات البلاستيكية كفيل بانتاج ما يقارب لتر واحد من الوقود، لتحويل هذه الكمية نحتاج الى حوالي 1 كيلو وات من الكهرباء. والشركة تصنع الآلة بمختلف الأحجام وقد تم وضع  60 جهازا في المزارع ومصائد الأسماك والمصانع الصغيرة في اليابان وبعضها أيضاً في الخارج .

"إن قيعان البحار والمحيطات هي حقول نفط المستقبل" ، فحاوية النفايات المنزلية في اليابان تحتوي على أكثر من 30٪ من المواد البلاستيكية ، أغلبها مواد للتعبئة والتغليف.

النموذج المصغّر للآلة التي كانت جزءا من مشروع صغير بدأه أحد الأشخاص منذ عدة سنوات في جزر المارشال. حيث عمل مع الحكومة والمدارس لتعليم الناس ثقافة إعادة التدوير وقيمة البلاستيك في النفايات، ونشر حينها فكرة عدم القيام بحرق المخلفات البلاستيكية لما لها من أضرار سلبية جسيمة على البيئة من تصاعد كثيف للأبخرة والدخان السام وغاز ثاني أوكسيد الكربون، بل وتعدت فكرته أكثر من ذلك بحيث قال أن ما نعتبره نفايات لها قيمة أكبر من ذلك بكثير ومن المؤسف التخلص منها بهذه الطريقة .

أن الاستفادة من النفايات البلاستيكية، هي خطوة إلى الأمام للتوصل إلى حل لمشكلة اعتمادنا المتزايد على النفط ومنتجاته، وتساعد على رفع الوعي بمضار انبعاثات الكربون، كيف ينتج وكيف يمكن التخفيف منه .

يصل إنتاج البلاستيك العالمي إلى أكثر من 299 مليون طن متري سنويا، واذا ما أصبحت نفايات فمعظمها يرسل إلى مدافن النفايات في العالم، أو الة الحرق ومع ذلك فقد توصل العلماء الى تحويل تلك النفايات وخاصة مادة البولي ايثيلين وهي المادة الأكثر انتشارا إلى وقود سائل.

وتشمل الأساليب المتبعة حاليا تحويل البلاستيك إلى وقود سائل عن طريق إخضاع المواد لحرارة مرتفعة أو للأشعة فوق البنفسجية، إلا أن العملية الجديدة التي يعملون على تطويرها والمعروفة باسم "cross alkane metathesis"، تبدو أكثر فعالية ونجاعة في تحليل البلاستيك من دون أي معالجة مسبقة، وفقا لتقارير الباحثين.

وتستخدم هذه العملية اثنين من المحفزات لتنشيط التفاعلات الكيميائية التي تفكك المواد التي استخدمت لصنع المواد البلاستيكية إلى مكونات أبسط. فبعد سلسلة من التفاعلات يتحول البولي إيثيلين إلى فحوم هيدروجينية قصيرة.

من الممكن تحليل البلاستيك من الزجاجات والأكياس؛ لإنتاج وقود سائل، ومواد شمعية شمع البارافين العضوي، وذلك باستخدام محفِّزات متوفرة.

وهنالك بلا شك، حاجة واضحة للحد وإعادة استخدام وإعادة تدوير النفايات، ولكن في اللآونة الأخيرة، بدأت عملية تحويل النفايات إلى وقود تكتسب أهمية كبيرة كوسيلة بديلة لإدارة النفايات.

تشكل النفايات البلاستيكية تحدياً بيئياً مهما في للبيئة البحرية في اقليم البحر الأحمر؛ حيث أنها في تزايد مستمر بسبب استخدامها في شتى مجالات الحياة واعتمادنا عليها اعتماداً كلياً في الصناعات المختلفة والتكنولوجية الحديثة المتقدمة.

ولم يعد تخليص العالم من النفايات ضرباً من ضروب الخيال، فبفضل تطور البحث العلمي والتكنولوجيا، أصبح بالإمكان الاستفادة من النفايات بدلاً من التخلص منها في المكبات التي ما زالت في توسع مستمر، ومن الجدير بالذكر أن هناك بعض الدول الصناعية في العالم تقوم بشراء النفايات من دول أخرى لاستثمارها وتحويلها الى طاقة.

لنفكر في كيفية استخدام النفايات البلاستيكية، التي ما تزال توفر ما بعد انتهاء عمرها المفيد موارد طاقة قيمة، وهي قادرة على حل مشكلات متعددة ، تنظيف البيئة وحمايتها، وتوفير مصادر جديدة للطاقة.//