تحدٍ روسي ... بإعلان تسليم دمشق لمنظومة  "إس - 300".

موسكو وتل أبيب على طريق المواجهة بسوريا..

 

عواصم – وكالات – رصد للانباط: مامون العمري

 

ليلة الاربعاء أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، أنّ وزير الدفاع سيرغي شويغو أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنّ روسيا سلّمت المنظومات الصاروخية للدفاع الجوي "إس-300" إلى سوريا واكتمال تسليم بلاده للمنظومة  الدفاعية الجوية ،والتي تثير جدلا كبيرا بين شركاء المسألة السورية والحرب فيها ، واطراف دولية اخرى ، فمنهم من يجدها حق وضرورة للنظام السوري والروسي ، ومنهم من يعارض ذلك خشية من استخدامها في غير مكانها واغراضها ، بل ان موقفا اسرائيليا ربما كان الاكثر تطرفا في ان تسليم المنظومة هو تحد وتصعيد  تريد منه موسكو تقوية خطوط القتال في سوريا.

وكشف شويغو أنّ روسيا سلمت إلى سوريا 49 قطعة من المعدات العسكرية في إطار توريد "إس-300"، مبيناً أنّ تلك المعدات شملت آليات القيادة و4 منصات إطلاق وغيرها. وأضاف إنّ الجانب الروسي أكمل عملية التسليم قبل يوم، وأن العسكريين الروس بدؤوا تدريب الخبراء السوريين على استخدام أنظمة "إس 300" المستوردة، وسيكملون التدريبات خلال 3 أشهر.

الانباط تقدم للقارئ الكريم  في عدد الخميس  ابعاد  وسيناريوهات ومواقف حيازة النظام السوري  لهذه المنظومة الدفاعية ، وان كنا نقرأ ايضا ان اسقاط الطائرة الروسية اواسط  الشهر الماضي  واتهام موسكو  ل تل ابيب بالمسؤولية وعدم التنسيق او التحذير وما تلاها من  اتهامات  ادى بالرئيس  والادارة الروسية الى التعنت والمضي بمخطط  تسليم ونشر المنظومة ، والتي ربما  ايضا ستقابلها  اسرائيل  بطلب  اسلحة جديدة من الولايات المتحدة الامريكية  متطورة بدعوى تعرضها للتهديد الروسي – السوري – الايراني .

من جانبه، أكّد التحالف الدولي أنّ توريد منظومات "إس 300" الروسية إلى سوريا لن يؤثر على عمليات التحالف، الذي قال باسمه شون ريان خلال إحاطة عبر الهاتف من العاصمة العراقية بغداد: "هذا لا يغير أيّ شيء.. فهذه أنظمة دفاعية.. لدينا قناة اتصال روسية أميركية خاصة بمنع وقوع صدام في سوريا.. عندما تدخل أسلحة جديدة إلى المنطقة أمر مثير للقلق، لكن لدينا عملية تمنع نشوب الصراعات".

  والحقيقة التي ربما  يجب ان يقتنع بها الكثيرون إن نشر النظام الصاروخي هو مجرد مواساة للسوريين، لكنه يظل "مقامرة" من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحسب ما كتبه سيث فرانتزمان الذي قال عبر موقع "ناشونال إنترست" إن روسيا أعلنت يوم الاثنين 24 أيلول ، عن نشر منظومة (أس-300) الدفاعية الجوية في سوريا، في أعقاب الغارة الإسرائيلية، التي قالت موسكو إنها كانت سبباً في سقوط طائرة تجسس من نوع (آي أل-20) ومقتل أفراد طاقمها الـ15، وتم التعليق على ما ورد في قناة (برس تي في) الإيرانية بنوع من التفاخر، بأن النظام يعد (كابوسا) ل‍إسرائيل، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ألمح يوم الثلاثاء لمواصلة إسرائيل غاراتها الجوية في سوريا".

ويشير الكاتب إلى أن هذه الأزمة جاءت في وقت التقى فيه رؤساء الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ووصف مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون نشر النظام بـ"الخطأ الكبير"، لافتاً إلى أن الأزمة بدأت في 17 أيلول، عندما أطلق النظام الصاروخي السوري "أس- 200" صاروخاً ضرب الطائرة الروسية "آي أل- 20"، واتهمت وزارة الدفاع الروسية إسرائيل بأنها قامت، وعن قصد، بخلق "وضع خطير".

ويلفت فرانتزمان إلى أن وزارة الدفاع زعمت أن إسرائيل منحت روسيا تحذيراً عبر "الخط الساخن" قبل دقيقة من الحادث، وهو الخط الساخن الذي اتفق عليه البلدان منذ عام 2015؛ لتجنب الصدام في الجو، مشيراً إلى أن إسرائيل ردت بأنه مع ضرب الدفاع السوري الطائرة كانت المقاتلات الإسرائيلية قد عادت إلى إسرائيل.

ويلفت الكاتب إلى أن النقاشات مع موسكو بدت مجدية، وفي 18 أيلول حاول كل من بوتين ونتنياهو حفظ ماء الوجه، إلا أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أعلن عن نية روسيا نشر بطاريات "أس- 300"، التي قال إنها "قادرة على اعتراض الهجمات الجوية من على بعد 250 كيلومترا، ومواجهة اهداف متعددة في وقت واحد"، وعلق قائلاً إن هذا سيبرد "بعض الرؤوس القاسية" في ضربة ل‍إسرائيل.

ويبين فرانتزمان أن نشر النظام الصاروخي "أس- 300" يأتي بعد فترة قصيرة من اتفاق تم بين روسيا وتركيا لوقف الهجوم على إدلب، وهي آخر معاقل المقاومة ضد النظام في سوريا، مشيراً إلى أن نشر "أس- 300" هو محاولة من موسكو لتقوية خطوط القتال في سوريا.

ويقول الكاتب إن "الزمن الذي كانت تتصرف فيه إسرائيل دون خوف من العقاب قد انتهى، والسبب وراء نشر النظام الصاروخي يتعلق بالمكانة، فذكرت الصحافة الروسية أن النظام هو تهديد للائتلاف الأمريكي، وأكدت أن نشر (أس- 300) قد يدفع إسرائيل لطلب أسلحة متقدمة من الولايات المتحدة، فيما كشف موقع "سبونتيك" عن مقاتلات (أف-35) باعتبارها تمثيلاً لهذه الأسلحة المتقدمة، ولدى إسرائيل عدد منها، واستلمت ثلاث مقاتلات (أف- 35) في حزيران.

ويجد فرانتزمان أنه "بالنسبة للولايات المتحدة، فإن نظام (أس- 300) هو تصعيد رمزي أكثر من كونه تهديدا، وبدت الخارجية تصالحية مقابل لهجة مستشار الأمن القومي جون بولتون".

 وينوه الكاتب إلى أن إسرائيل ترى في نشر المنظومة تصعيداً رمزياً للحرب، بالإضافة إلى كونه تصعيداً تكنولوجياً. وقال مدير الدائرة الاستراتيجية في وزارة الدفاع سابقاً الجنرال أصاف أوريون إن النظام يشكل خطراً على القوات الجوية التي تعمل قريباً من المجال الجوي السوري، "لكن إسرائيل تحضر، ومنذ عشرين عاماً، لظهور شيء من هذا على المسرح"، وقامت بتدريبات ضد هذا النظام في اليونان، وأشار إلى أن وقوع نظام "أس-300" في أيد "عقيمة ومتهورة" سيكون مثارا للقلق، في إشارة إلى نظام "أس- 200" لدى النظام السوري، الذي أطلق صاروخا لا ليضرب "آي أل- 20"، لكنه أخطأ الهدف.

 وينقل الموقع عن أوريون، قوله إن روسيا نشرت نظام "أس- 400" في سوريا عام 2015، فيما أكدت "آي أتش أس جينز ويكلي" وجود بطارية في أيلول 2017، وقالت إن روسيا احتفظت ببطارتي "أس- 400" في سوريا لمدة عام، لكن إسرائيل قامت بـ200غارة خلال العامين الماضيين، بالإضافة إلى مئة غارة قامت بها في الفترة ما بين 2012- 2017.

 ويشير فرانتزمان إلى العلاقة التي سعى إليها نتنياهو مع روسيا، بحيث منحت إسرائيل المساحة لضرب أهداف إيرانية وشحنات الأسلحة لحزب الله، ولم تعترف إسرائيل بالغارات إلا في حالات نادرة، كما حصل مع إسقاط طائرة "أف- 16" الإسرائيلية بعد استهدافها نظام "أس- 200"، لافتا إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة حاولتا ملاحقة نظام "أس- 300" الروسي في سوريا. ففي عام 2017، قال الروس إن النظام اكتشف طائرات أميركية في شرق سوريا، فيما هدد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في نيسان بأن إسرائيل ستدمر نظام "أس- 300"، الذي دمر المقاتلة الإسرائيلية، كا يعني أن النظام يهدف إلى زيادة ثقة النظام السوري بالحليف في موسكو.

 ويذهب الموقع إلى أنه "بعد ضبط موسكو النظام عن ضرب إدلب، وتحجيمها للدور الإيراني، فإن روسيا تريد إرسال رسالة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل حول رغبة النظام السوري السيطرة على أجوائه، بعد سبعة اعوام من الحرب الأهلية، وراقب النظام روسيا وهي تدير سياسته الخارجية في إدلب، ورغبة أمريكا البقاء في شرقي البلاد، وعليه فإن نظام (أس- 300) هو مجرد مواساة لدمشق، ويعني أن الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تتصرف فيه بحرية قد انتهى، وليس لأن نظام (أس- 300) سيشكل تهديداً فقط، بل لأن أي حادث جديد، خاصة في إدلب، حيث أقامت إيران بنية تحتية، سيتم التعامل معه بطريقة مختلفة، وهذا يعد جزءاً من محاولات إنهاء الحرب الأهلية، ومحاولات موسكو تأكيد دور دمشق بصفتها محكماً في السيادة السورية".

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "التحدي بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل هو مواصلة ملاحقة إيران، أما روسيا فإنها راهنت على نظام (أس- 300)، فلو واصلت إسرائيل غاراتها، وفشل النظام الصاروخي فسيكون ذلك إحراجاً ل‍روسيا، وستدفع دمشق لمزيد من العمل، بشكل يجبر روسيا على الاختيار بين القبول بالإحراج أو التصعيد".

وانطلاقاً من تعهّد إسرائيل بتدمير ما تقول إنّه شحنات أسلحة تابعة لـ"حزب الله"، توقّع الموقع أن تتواصل الغارات الإسرائيلية التي "تستوجب تدمير الدفاعات الجوية روسية الصنع في سوريا" على سبيل المثال على المدى القريب، منبهاً إلى أنّ إسرائيل باتت تخاطر بقتل عسكريين روس إذا ما دمّرت موقعاً دفاعياً جوياً

نيكولاي سوكوف، المحلل في ميدل بوري للدراسات الدولية في مونتيري، قوله إنّ الروس سيتواجدون في مواقع قيادة الدفاعات الجوية السورية التي تقصفها إسرائيل دورياً، وتحميله الدفاعات الجوية السورية التقليدية الحالية مسؤولية إسقاط الطائرة الروسية ومقتل العسكرين الـ15 الذين كانوا على متنها. وقال سوكوف إنّ "الدفاعات الجوية السورية المستخدمة حالياً لم تتعرّف إلى الطائرة الروسية المنكوبة على أنّها صديقة لأنّها لا تستقبل الإشارة شديدة السرية التي تبعثها الطائرات الروسية للدفاعات الروسية عادةً".

وأضاف سوكوف: "لو كانت روسيا قادرة ببساطة على إعطاء الإشارة ل‍سوريا وإصلاح المشكلة، لكانت أقدمت على ذلك بالفعل"، مستدركاً: "ولكن إذا سرّبت سوريا الإشارة بطريقة ما، يمكن للولايات المتحدة الأميركية أو الناتو (حلف شمال الأطلسي) خداع الدفاعات الجوية الروسية كلها وجعلها تعتقد بأنّ مقاتلاتها طائرات روسية صديقة، الواقع القادر أن يفسح المجال أمام روسيا لشن هجوم". وتابع سوكوف: "ستكون (منظومات الـ"S-300") مجهزة بالكامل لتمييز الطائرات الروسية عن غيرها... إلاّ أنّ طاقم عمل روسي سيتواجد في غرف القيادة".

حذّر موقع "بيزنس إنسايدر" الأميركي من أنّ تزويد روسيا سوريا بمنظومة "S-300" الدفاعية الصاروخية المتطورة ، قال الموقع: "إذا قتلت إسرائيل عسكريين روس، يمكن أن يتأهب سلاح البحر الروسي والوجود العسكري الجوي الروسي بسرعة كبيرة ضد إسرائيل، التي تتمتع بدورها بدفاعات شرسة".

وفي هذا السياق، علّق سوكوف: "من الواضح أنّ هذا يقيّد العمليات الإسرائيلية والأميركية، في حال حصول عمليات قصف محتملة ل‍سوريا"، منبهاً إلى أنّ الدفاع الجوي السوري سيزداد قوة وإلى أنّ مشغلين روس سيتولون الدفاعات الجوية السورية.

وعليه، حذّر الموقع من أنّ إسرائيل أو الولايات المتحدة ستجد نفسها في المرة المقبلة التي تقصف فيها سوريا في خضم معركة مع روسيا تتطور أحداثها سريعاً.

 

ما بعد الـ"أس-300"

 

رأى موقع "ستراتفور" الاستخباراتي الأميركي أنّ قرار روسيا تزويد سوريا بمنظومة "أس-300" الدفاعية الصاروخية وتعزيز الدفاع الجوي السوري رداً على تورّط إسرائيل بإسقاط طائرة "إيل-20" قبالة الساحل السوري لن يمنع تل أبيب من مواصلة شن غارات تستهدف "الأصول الإيرانية في سوريا"، محذراً من هذه الخطوة قادرة على توسيع رقعة النزاع السوري ليشمل المنطقة.

وفي تقريره، اعتبر الموقع أنّ روسيا، بقيادة فلاديمير بوتين، تحاول تفادي كارثة في سوريا بقرارها تعزيز الدفاعات الجوية السورية وبالتالي حماية المجال الجوي السوري، شارحاً بأنّ الخطة الروسية تتألف من 3 مراحل: تقضي الأولى بتسليم سوريا منظومة "أس-300" والثانية بتحسين وظائف شبكة غرف التحكم والسيطرة التابعة للدفاع الجوي السوري وبالتالي تحديد الأهداف بشكل صحيح، أمّا الثالثة فباستخدام أجهزة تشويش في وجه الطائرات الإسرائيلية في سوريا.

وعلى الرغم من أنّ هذه التدابير ستصعِّب على إسرائيل إمكانية شن غارات في سوريا في المستقبل، أكّد الموقع أنّها لن تمنعها، موضحاً أنّ إسرائيل قادرة على التقليل من الخطر الذي يمكن أن يهدد طياريها عبر استخدام صواريخ بونية (صواريخ تُطلق من بعد معين عن الهدف) أو طائرات الـ"أف-15" الجديدة.

واستناداً إلى هذه الوقائع، حذّر الموقع من حصول مواجهة بين إسرائيل والجنود الروس في سوريا، معتبراً أنّ تدخل موسكو المتزايد في شبكات الدفاع الجوي السوري من شأنه أن يضع الروس على خط النار بين إسرائيل وسوريا.

وفي هذا السياق، تحدّث الموقع عن احتمال اتجاه إسرائيل إلى إطلاق وابل من صواريخ الـ"كروز" أو الصواريخ المضادة للإشعاعات لتدمير منظومة الـ"أس-300"، مؤكداً أنّ هذا السيناريو سينعكس سلباً على موسكو، التي تتباهى بقدرات منظوماتها الدفاعية الجوية.

إلى ذلك، قال الموقع إنّ إسرائيل قادرة على تلطيخ سمعتها إذا ما واصلت شن غاراتها في سوريا في ظل وجود الـ"أس-300" في سوريا، لافتاً إلى أنّ طائرات الـ"أف-15" الجديدة يمكن أن "تفقد بريقها" في حال أُسقطت، فلا يتمتع أي سلاح بالمناعة، على حدّ تعبيره.

توازياً، تحدّث الموقع عن احتمال خطير ولكن غير مرجح كثيراً، مفترضاً إمكانية تفعيل روسيا منظومة دفاعها الجوي في وجه إسرائيل، بهدف ضمان نجاح تدابير الردع التي أعلنت عن اتخاذها غداة سقوط طائرتها.

وعليه، نبّه الموقع من أنّه يمكن لمحاولات روسيا لتفادي اندلاع نزاع كبير في سوريا أن تأتي بنتائج معاكسة، معتبراً أنّ موسكو ستزيد خطر تحوّل النزاع السوري إلى نزاع إقليمي وذلك بتهديدها وضع حدّ للغارات الإسرائيلية في سوريا.