الملك .. وين إحنا رايحين ؟
في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف اليومية وكتّاب الأعمدة الرئيسة وإعلاميات تلفزيونيات،دخل جلالة الملك عبدالله الثاني لقاعة الإجتماع بلباسه العسكري، ولم يترك أي وقت للتحليل والتأويل، ليكمل إبتسامته العريضة ليوضح حضوره اللقاء بالقيافة العسكرية كونه قادم من القيادة العامة للقوات المسلحة، ولم يترك قفشاته السريعة حول نظرتنا الى البزّة العسكرية التي يحبها الكثير من الناس، وكعادته يدخل الى الحديث منذ آخر حدث مهم، زيارته للولايات المتحدة واجتماعه مع كبار المسؤولين الأميركيين والتركيز على القضية المفصلية القضية الفلسطينية وحل الدولتين الذي عاد الرئيس دونالد ترمب لطرحها مجددا، وملف القدس وحماية المقدسيين والحواضر المقدسة الإسلامية والمسيحية هناك، وجهده الحثيث لدعم الإقتصاد الوطني وشرائح المجتمع، والحفاظ على أمن واستقرار الأردن .
كان ذلك هو اللقاء الثالث لي شخصيا هذا العام، وفي كل مرة منذ سنوات نستمع الى طروحات جلالته مباشرة دون تأثيرات أو تقاطعات، تجد أن كل التفاصيل حاضرة أمامه وكأنها يقرأ من كتاب، ذلك أنه مطلع على صغائر الأمور، ويعاني من عدم الإسراع في تنفيذ البرامج والتوجيهات لتحسين الوضع الإقتصادي، وتلكؤ المسؤولين في القيام بواجبهم،على الرغم أنهم جميعا من ماركة واحدة، وطنية أردنية، ورغم أنه مفعم بالتفاؤل لمستقبل الأردن الذي يتميز بقبوله دوليا، ولكنه يرى أن هناك تصرفات غير مسؤولة وإشاعات وتبادل إتهامات، وأضغاث أحلام في بعض الأحيان،باتت من المسلمات لدى كثير من جمهور «السوشيال ميدا»، تحاول تأجيج الشارع لغايات الشهرة المؤقتة .
يعرف الملك أن الجملة التي باتت هي الأشهر على ألسن الكثيرين هي «وين إحنا رايحين»، ليستدرك، قبيل ثلاث سنوات من الذكرى المئوية لتأسيس الدولة الأردنية، أن الأجواء ملبدة بغيمة من التشكيك والإتهام غير الموثق والحكايات غير الموثوقة وبقصص المؤامرات، ليؤكد أهمية سيادة القانون كضرورة مهمة كي نتقدم ونتطور بخطين متوازيين ما بين القاعدة الشعبية والمنظومة الرسمية، ليؤكد جلالته رفضه للتطاول على الخلق الحميد للشعب الأردني رغم التباين في المواقف،ويشجب التصرفات التي لا تعكس إطلاقا أخلاقنا التي تربينا عليها، كما حدث في بعض المدارس من ضرب برمزية البناء المدرسي، أو ما حدث في الجامعات،والأخطر في إغلاق الطرق وقطعها إذا ما ألقي القبض على متهم بجريمة ليس لعشيرته أي جريرة بها، وحين يطالب الناس بسيادة القانون ينسون القانون والأمن ليتدافعوا لنصرة المخطىء، رغم أن المخطىء لايجب أن يمثل عشيرته أو عائلته
الملك قال حرفيا «يكفي يكفي» نحن لسنا في غابة،وأمن الوطن والمواطن خط أحمر سنحميه بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية لتطبيق القانون الصارم ضد المسيئين للمواطنين و مهددي حياة الأبرياء ، وأبدى ألمه عن قضية الطفل «هاشم الكردي»، مستدركا أن تطبيق القانون لن يقف عند أي حد، من جنوب الأردن الى شماله، وستحاسب أي جهة رسمية لا تقوم بواجبها، مستدركا الشكر لمدير الأمن العام اللواء فاضل الحمود الذي أكد على التصدي لأي تحد ضد تطبيق القانون في أي مكان .
وعلى الصعيد الإقليمي يستشف من حديث الملك أن الأردن هو الأكثر تشبيكا مع الدول الكبرى والمؤثرة ، وحتى الإدارة الأميركية تحرص على علاقتها مع الأردن وتعرف أنه مفتاح كبير، من هنا تبرزالقضية الفلسطينية وهي عامود الرحى،الجميع يدور عليه ليطحن قمحه، ومع هذا نجد أن إخواننا الفلسطينيين في إختلافهم وعدم فتح الحوار مع المتنورين في الإدارة الأميركية يتركون الفرصة لإسرائيل لتفعل ما تشاء، وإسرائيل بالتالي ونظرا للمواقف الأردنية تطرب لنقل المشكلة من حضنها الى الحضن الأردني،عبر قصص الترانسفير والتوطين والدولة الواحدة ، ما يجعل المجتمع الأردني يصاب بالخوف من المستقبل ويسأل الجميع الجميع : وين رايحين ..
الملك يؤكد أننا نحن من نقرر وجهتنا ونعرف الطريق نحو مصالحنا الوطنية وحق وجودنا وحماية مصالحنا، رغم المعوقات الإقتصادية والسياسية، فعلاقاتنا مع الدول العربية جيدة وعلى مسطرة واحدة ، حسب فهمي، ولكن الأهم هو التعاون ما بين الحكومة والمواطنين والمؤسسات الصحافية والأحزاب التي يجب أن تعيد تنظيم نفسها لغاية الوصول الى ثلاثة أحزاب أو أربعة لتستطيع رسم طريقها لبرامج عالية الشأن نحو حكومات رشيقة تعمل دون خوف أو تردد، ليتسنى لأفراد المجتمع أن ينشغلوا بأعمالهم أكثر من إنشغالهم بما قال الآخرون.
الراي