لِقَاءَاتُ إِذَابَةِ الجَلِيدِ بَدَأَتْ فِي نْيُويُورْك, وَقِمَّةٌ مُرْتَقَبَةٌ مَطْلَعَ العَامِ المُقْبِلِ

آفَاقُ تَشْكِيلِ نَاتُو عَرَبِي - أَمْرِيكِيٌّ بَيْنَ الطُّمُوحِ وَالتَّحَدِّيَاتِ.

 

 

الانباط :- مامون العمري

لَمْ يَنْتَهِي الحَدِيثُ عَنْ الرَّغْبَةِ الأَمْرِيكِيَّةُ بِتَشْكِيلِ حَلْفٍ إِسْتِرَاتِيجِيٍّ فِي الشَّرْقِ الأَوْسَطُ بِكَلِمَةِ الرَّئِيسِ الأَمْرِيكِيُّ دُونَالْدْ تْرَامْب أَمَامَ الجَمْعِيَّةِ العَامَّةُ لِلأُمَمِ المُتَّحِدَةِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ المَاضِي, بَلْ اِنْتَقَلَ الحَدِيثُ إِلَى أَوْسَاطٍ سِيَاسِيَّةٌ أَمْرِيكِيَّةً وَإِعْلَامِيَّةً, حَتَّى أَدْرَجَهَا بَعْضُ المُحَلِّلِينَ وَالمُتَابِعِينَ عَلَى جَدْوَلِ أَعْمَالِ لِقَاءِ أَمِيرِ دَوْلَةٍ الكويت وَوَلِيِّ عَهْدٍ السَّعُودِيَّةُ, وَخَرَّجَ وَزِيرُ الخَارِجِيَّةِ القَطَرِيُّ مُعْلِنًا تَحَفُّظَاتُ بَلَادَةٍ عَلَى الطَّرْحِ الأَمْرِيكِيُّ بِنَاءً عَلَى مُعْطَيَاتِ الوَاقِعِ الخَلِيجِيِّ وَفِي ظِلِّ المُقَاطَعَةِ لِبِلَادِهِ.. فِيمَا لَمٌّ يُصْدِرُ حَتَّى اللَّحْظَةِ أَيُّ تَعْقِيبٍ أَوْ تَعْلِيقٍ عَنْ شُرَكَاءِ أُخْرَيَيْنِ مِنْ مُثُلِ الأُرْدُنِّ وَمِصْرَ بِحَسَبِ كَلِمَةِ تْرَامْبَ.

الأنْبَاطُ اليَوْمَ تَضَعُ بَيْنَ يَدَيْ القَارِئِ الكَرِيمَ آفَاقُ تَشْكِيلِ النَّاتُو العَرَبِيِّ بَيْنَ الطَّمُوحِ وَالتَّحَدِّيَاتِ, وَيَقْرَأُ مَا بَيْنَ السُّطُورِ مَا الجَدِيدُ فِي هَذَا الحَلْفِ القَائِمُ رُبَّمَا وَلَكِنَّ دُونَ وُجُودٍ مُؤَسَّسِيَّةٌ لَهُ وَمِيثَاقٌ يُحَكِّمُ عُمْلَةً, يَحْدُدْ إِطَارُ العَمَلِ وَالمَهَامُّ وَالوَاجِبَاتُ.

مُنْذُ فَتْرَةٍ وَبِهُدُوءٍ تَعْمَلُ إِدَارَةُ الرَّئِيسِ الأَمْرِيكِيُّ, دُونَالْدْ تْرَامْب, عَلَى إِنْشَاءِ تَحَالُفٍ أَمْنِيٍّ مِنْ سِتِّ دُوَلٍ خَلِيجِيَّةٍ إِضَافَةً لِمِصْرَ وَالأُرْدُنِّ, وَيَعْرِفُ هَذَا التَّحَالُفَ بِشَكْلٍ غَيْرِ رَسْمِيٍّ بِاسْمِ "النَّاتُو العَرَبِي", كَمَا يَحْمِلُ أَيْضًا أَسْمَاءٌ مِثْلَ "ميسا" وَ "تُحَالِفُ الشَّرْقَ الأَوْسَطُ الإِسْتِرَاتِيجِيَّ".. وَالدُّوَلُ الخَلِيجِيَّةَ السِّتُّ هِيَ السَّعُودِيَّةُ والإمارت وَالكويت وَقَطَرُ وَسلطنة عمان وَالبَحْرَين.. وَفِي هَذَا الإِطَارِ, يَقُولُ نَائِبٌ مُسَاعِدٌ وَزِيرَ الخَارِجِيَّةِ الأَمْرِيكِيُّ لِشُؤُونِ الخَلِيجِ العَرَبِيُّ, تِيم لاندركينغ, إِنَّ الإِدَارَةَ الأَمْرِيكِيَّةَ تُخَطِّطُ لِعَقْدِ قِمَّةٍ فِي كَانُون الثَانِي المُقْبِلُ لِتَدْشِينِ الحَلْفِ الجَدِيدِ.. كَمَا يَقُولُ لاندركينغ فِي مُقَابَلَةٍ مَعَ صَحِيفَةٍ "ذَا ناشونال" الإِمَارَاتِيَّةُ إِنَّ التَّحَالُفَ الجَدِيدَ سَيَضُمُّ تِسْعَ دُوَلِ عَرَبِيَّةٍ عَلَى رَأْسِهَا دُول التَّعَاوُنُ الخَلِيجِيُّ, بِالإِضَافَةِ لِمِصْرَ وَ الأُرْدُنِّ وَ الوِلَايَاتِ المُتَّحِدَةُ.. وَتُشِيرُ الصَّحِيفَةُ إِلَى أَنَّ الحَلْفَ الجَدِيدَ سَيَكُونُ بِمَثَابَةِ نُسْخَةٍ عَرَبِيَّةٍ مِنْ حِلْفٍ شَمَالَ الأَطْلَسِيِّ "النَّاتُو".

وَأَضَافَتْ أَنَّ المَسْؤُولَ الأَمْرِيكِيُّ مَكَثَ فِي المِنْطَقَةِ طِيلَةَ الأَسَابِيعِ الثَّلَاثَةُ المَاضِيَةُ, خَصِيصًا لِلتَّحْضِيرِ لِتِلْكَ القِمَّةِ.. وَقَالَ مُتَحَدِّثٌ أَمْرِيكِيٌّ إِنَّ الهَدَفَ مِنْ هَذَا التَّحَالُفُ هُوَ "التَّصَدِّي لِلعُدْوَانِ الإِيرَانِيِّ وَالإِرْهَابِ وَالتَّطَرُّفِ وَتَحْقِيقِ الاِسْتِقْرَارِ فِي الشَّرْقِ الأَوْسَطُ.. "وَزَادَ التَّوَتُّرَ مَعَ إِيرَانَ مُنْذُ أَنْ أَعْلَنَ تْرَامْبُ فِي أَيَّارَ المَاضِي اِنْسِحَابَ الوِلَايَاتِ المُتَّحِدَةِ مِنْ الاِتِّفَاقِ النَّوَوِيُّ المُوَقِّعِ فِي 2015 لِلحَدِّ مِنْ الطُّمُوحَاتِ النَّوَوِيَّةِ لِطَهْرَان.

وَمِنْ المُقَرَّرِ أَنْ يَكُونَ بِحَسْبِ ليندركينغ إِنَّ يَكُونُ وَزِيرَ الخَارِجِيَّةِ الأَمِيرْكِيَّةُ مَايْكْ بومبيو اِسْتَضَافَ لِقَاءَ جُمَعٌ دُوَلَ مَجْلِسِ التَّعَاوُنِ الخَلِيجِيِّ وَمِصْرَ وَالأُرْدُنُّ عَلَى هَامِشِ الجَمْعِيَّةِ العَامَّةِ لِلأُمَمِ المُتَّحِدَةِ يَوْمَ الجُمْعَةِ المَاضِي لِلتَّحْضِيرِ لِلقِمَّةِ المُزْمِعُ عَقَّدَهَا فِي كَانُون الثَانِي, مُنَوِّهًا بِأَنَّ هَذِهِ المُحَادَثَاتُ لَا تُزَالُ فِي مَرَاحِلِهَا المُبَكِّرَةُ وَ "إِذَا وَجَدْنَا أَنَّ هُنَاكَ حَاجَةً إِلَى تَغْيِيرِ التَّوَارِيخِ, فَسَوْفَ نَتَعَاطَى مَعَ هَذَا الأَمْرِ بِ"مُرُونَةٍ..

وَقَالَتْ عِدَّةُ مَصَادِرَ إِنَّ إِدَارَةَ تْرَامْبَ تَأْمُلُ أَنْ تَتِمَّ مُنَاقَشَةُ ذَلِكَ التَّحَالُفِ, الَّذِي أُطْلِقَ عَلَيْهِ مُؤَقَّتًا اِسْمٌ "تَحَالَفَ الشَّرْقُ الأَوْسَطُ الإِسْتِرَاتِيجِيُّ", خِلَالَ قِمَّةٍ تَقَرَّرَ مَبْدَئِيًّا أَنْ تَعْقِدَ فِي وَاشِنْطُن فِي 12 وَ13 تِشْرِين الأَوَّل. وَقَالَ مُتَحَدِّثٌ بِاسْمِ مَجْلِسِ الأَمْنِ القَوْمِيِّ التَّابِعِ لِلبَيْتِ الأَبْيَضِ: "تَحَالَفَ الشَّرْقُ الأَوْسَطُ الإِسْتِرَاتِيجِيُّ سَيُشَكِّلُ حُصُنًا فِي مُوَاجَهَةِ العُدْوَانِ وَالإِرْهَابَ وَالتَّطَرُّفَ الإِيرَانِيُّ, وَسَوْفَ يُرْسِي السَّلَامُ بِالشَّرْقِ الأَوْسَطِ".. وَأَخْفَقَتْ فِي المَاضِي مُبَادَرَاتُ مُشَابَهَةٍ مِنْ جَانِبٍ حُكُومَاتٍ أَمْرِيكِيَّةً فِي إِبْرَامِ تَحَالُفٍ رَسْمِيٍّ مَعَ حُلَفَاءَ خَلِيجِيِّينَ وَعَرَبٍ.

 

وَيَرْجِعُ تَارِيخَ فِكْرَةِ هَذَا التَّحَالُفِ إِلَى بِدَايَاتِ الرَّبِيعِ العَرَبِيِّ عَامَ 2011, وَأُعِيدَ التَّفْكِيرَ فِيهُ مُجَدَّدًا عَامَ 2015 وَلَكِنَّ إِدَارَةُ أُوبَامَا السَّابِقَةُ كَانَتْ مَشْغُولَةٌ بِالاِنْسِحَابِ الإِسْتِرَاتِيجِيِّ التَّدْرِيجِيِّ مِنْ المِنْطَقَةِ.. وَطَرَحَتْ الفِكْرَةَ مُجَدَّدًا فِي العَامَ المَاضِي قَبْلَ زِيَارَةِ تْرَامْبَ لِلسَّعُودِيَّةِ حَيْثُ تَمَّ الإِعْلَانُ عَنْ صَفَقَاتِ أَسْلِحَةٍ ضَخْمَةٍ.. وَيَعْتَقِدُ بَعْضُ المُحَلِّلِينَ أَنَّ ميسا سَيَظَلُّ مُجَرَّدٌ فِكْرَةٌ لَنْ يَأْتِي وَقْتُهَا أَبَدًا.. وَقَالَ يَزِيدُ صايغ كَبِيرٌ البَاحِثِ بِمَرْكَزِ كَارْنيغي لِدِرَاسَاتِ الشَّرْقِ الأَوْسَطُ لِمَوْقِعٍ ديفينس نيوز: "إِنَّ فِكْرَةً النَّاتُو العَرَبِيُّ غَيْرُ مُقْنِعَةٍ فَهِيَ بِبَسَاطَةٍ لَنْ تَحَدَّثَ..

وَأَضَافَ قَائِلًا: "لَمْ تَمُرَّ 4 سَنَوَاتٍ مُنْذُ إِعْلَانِ السَّعُودِيَّةِ عَنْ تَحَالُفٍ إِسْلَامِيٌّ كَبِيرٌ لِمُكَافَحَةِ الإِرْهَابِ وَالَّذِي لَمْ يُسْفِرْ عَنْ شَيْءٍ, كَمَا أَنْ مَجْلِسُ التَّعَاوُنِ الخَلِيجِيِّ فَشَلٌّ فِي الاِتِّفَاقِ فِي الجَانِبِ الدِّفَاعِيُّ بَلْ وَفَشِلَتْ السَّعُودِيَّةُ وَالإمارات فِي شُن حَرْبٌ مُنَسِّقَةٌ فِي اليَمَنِ لِذَلِكَ لَا يُوجَدُ مُؤَشِّرٌ عَلَى إِمْكَانِيَّةِ تَنْظِيمِ حَلْفٍ كَالنَّاتُو العَرَبِي".

 

وَمِنْ بَيْنَ العَقَبَاتِ الكَبِيرَةَ المُحْتَمَلَةُ أَمَامَ التَّحَالُفِ المُزْمِعُ تِلْكَ المُقَاطَعَةُ المُسْتَمِرَّةُ مِنْ جَانِبِ السَّعُودِيَّةِ وَالإمارات وَالبَحْرَين وَمِصْرَ لِقَطَرَ الَّتِي تَسْتَضِيفُ أَكْبَرَ قَاعِدَةٍ جَوِّيَّةٍ أَمْرِيكِيَّةٍ فِي المِنْطَقَةِ, إِذْ تَتَّهِمُ تِلْكَ الدُّوَلُ قَطَرُ بِدَعْمِ الإِرْهَابِ وَهُوَ مَا تَنْفِيهُ الدَّوْحَةُ.. كَمَا أَنْ الرُّؤْيَةُ الأَمْرِيكِيَّةُ لِلحَلْفِ تَشْمُلَ عُمَانَ, وَقَدْ ذَكَّرَتْ مَصَادِرُ عَسْكَرِيَّةٌ فِي مَجْلِسِ التَّعَاوُنِ الخَلِيجِيِّ لديفينس نيوز أَنَّهُ "مِنْ المُسْتَبْعَدِ أَنْ تَقَبَّلَ عُمَان التَّخَلِّيَ عَنْ دَوْرِهَا الحِيَادِيُّ نَحْوَ إِيرَانَ خَاصَّةً أَنَّهَا رَفَضَتْ بِالفِعْلِ المُشَارَكَةَ فِي حَلْفٍ عَرَبِيٌّ لِدَعْمِ الشَّرْعِيَّةِ فِي اليَمَنِ".

وَأَضَافَتْ المَصَادِرُ قَائِلَةً إِنَّهُ فِي الوَقْتِ الَّذِي تَعُدْ فِيهُ السَّعُودِيَّةُ وَالإمارات طَهْرَان عَدُوًّا فَإِنَّ الكُوَيْتَ وَعُمَانُ اِسْتَمْتَعَتَا تَارِيخِيًّا بِعَلَاقَاتِ سَلَامٍ وَتَعَاوُنٍ وَثِيقٍ مَعَ إِيرَانَ.. وَقَالَتْ: "نَظَرًا لِاِخْتِلَافِ أَوْلَوِيَّاتِ دُوَلِ الخَلِيجِ وَعَدَمِ اِتِّفَاقِهَا عَلَى مَنْ هُوَ العَدُوُّ وَمَصَادِرُ التَّهْدِيدِ, فَإِنَّ فُرَصَ هَذَا الحَلْفِ مَحْدُودَةٌ لِلْغَايَةِ.. "وَلَكِنَّ فِي ظِلِّ مُوَاصَلَةِ تْرَامْبَ تَطْبِيقَ سِيَاسَةِ أَمْرِيكَا أَوَّلًا يَتَطَلَّعُ البَيْتُ الأَبْيَضُ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ جُزْءٍ مِنْ عِبْءِ مُوَاجَهَةِ التَّهْدِيدَاتِ الأَمْنِيَّةَ الإِقْلِيمِيَّةِ وَإِلْقَائِهَا عَلَى عَاتِقِ حُلَفَاءِ الوِلَايَاتِ المُتَّحِدَةِ فِي أَنْحَاءِ العَالَمِ.. وَقَالَ مَصْدَرٌ مُطَّلِعٌ إِنَّ إِقَامَةَ دِرْعِ دِفَاعٍ صَارُوخِيَّةٌ فِي المِنْطَقَةِ سَيُكَوِّنَّ مِنْ بَيْنِ أَهْدَافِ التَّحَالُفِ إِضَافَةً إلَى التَّدْرِيبِ لِتَحْدِيثِ جُيُوشِ تِلْكَ الدُّوَلِ.. يَذْكُرُ أَنَّ الوِلَايَاتِ المُتَّحِدَةُ وَدُوَلٌ خَلِيجِيَّةٌ نَاقَشَتْ لِسَنَوَاتٍ أَمَرَّ الدِّرْعُ الدِّفَاعِيَّةُ دُونَ الخُرُوجِ بِنَتَائِجَ.

الفُرَصُ وَالتَّحَدِّيَاتُ

صحيح ان  فكرة إنشاء "ناتو عربي"  تعتمد على تشكيل قوة مشتركة من دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى مصر والأردن، لكنّ منظومة مجلس التعاون، تُعاني من خلافات وانقسامات مُنذ سنواتٍ طويلة، حول الموقف من الصراع في اليمن وما يسمى الخطر الإيراني وملفاتٍ أخرى، بلغت ذروتها فرض الحصارعلى قطر في حزيران2017، والتي أفرزت انقساما عميقا بوقوف قطر في مواجهة السعودية والإمارات والبحرين، واتخاذ كل من سلطنة عُمان والكويت موقف الحياد.

 

كما أنّها، كمنظومة، لا تزال تعاني من مخاوف التنافس الداخلي والاعتقاد بفرض هيمنة دولة على الدول الأخرى، وكمًّا لا بأس به من الخلافات على ترسيم الحدود والمناطق السيادية، وعوامل أخرى ساهمت في غياب آليات العمل المشترك في مختلف الجوانب الحيوية الاقتصادية والأمنية والعسكرية والاجتماعية ضمن عمل مؤسساتي تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، ولا تزال دول مجلس التعاون الخليجي غير متفقة على تحديد أولويات الأعداء والاتفاق على طبيعة التهديدات ومصادرها.

 

غير أنه من المؤكد أنّ تشكيل تحالف عربي واسع يحمل اسم "الناتو العربي" أو أيّ اسم آخر، سيكون برعاية مباشرة من السعودية؛ الدولة الوحيدة المؤهلة لقيادته بتنسيق متعدد الجوانب مع الولايات المتحدة.

 

 

لكنّ اندلاع الأزمة الخليجية والخلافات المستمرة بين ثلاث دول خليجية في التحالف المنتظر، السعودية والإمارات والبحرين، مع دولة قطر سيضع التحالف أمام تحدي إزاحة هذه العقبة إما في حل الأزمة حلا عاجلا وسريعا، وهذا مُستبعدٌ في المدى القريب، أو إبعاد قطر عن التحالف، ما يضرّ ببنيته القائمة على أساس تماسك دوله في إطار مجلس التعاون الخليجي.

 

ولا تبدو قطر مستعدة في المرحلة الراهنة القبول بالدخول في أيّ تحالفاتٍ لمواجهة النفوذ الإيراني، والتصدي لتهديدات القوات الحليفة لإيران.

 

ومن الممكن مقايضة الموقف القطري وجذبها إلى صف التحالف مقابل إنهاء المقاطعة، وإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل الأزمة بضماناتٍ تقدمها الدوحة بشأن الاتهامات الموجهة لها من دول المقاطعة الرباعية، وهو ما لا يُعتقد أنْ تقبل به دولة قطر التي ترى عدم صحة الاتهامات وترفض القبول بشروط الرباعية التي تعدها استلابا للسيادة والقرار القطري.

 

وفي الواقع، فشل مجلس التعاون الخليجي في خلق رؤية إستراتيجية مشتركة لتحديد علاقات منظومة المجلس، ككتلةٍ واحدةٍ، مع الأطراف الإقليمية والدولية لتبايُن المصالح الثنائية لدول المجلس منفردةً مع الأطراف الإقليمية أو الدولية، وأدّى ذلك إلى الإخفاق طيلة أربعة عقود في بناء قوة مشتركة تتمتع بقدراتٍ دفاعية قادرة على توفير مظلة حماية أمنية ذاتية بديلة عن مظلة الحماية الأمنية الأميركية.

 

ومن المُستبعد، أيضا، قبول سلطنة عُمان بمغادرة موقف الحياد الذي يُعد أهم ثوابتها السياسية حال قبولها الدخول في "الناتو العربي" لمواجهة النفوذ الإيراني ونشاطات القوى الحليفة في المنطقة، وسبق لها أنْ رفضت المشاركة في التحالف السعودي في اليمن.

 

ولذلك، تبدو فرص بناء تحالف عربي يضمّ دول مجلس التعاون ومصر والأردن ضئيلة، إذ لا تزال دول مجلس التعاون الخليجي غير متفقة على تحديد أولويات الأعداء والاتفاق على طبيعة التهديدات ومصادرها، التي ترى السعودية أنّ إيران هي مصدر التهديد، لكنّ قطر وسلطنة عُمان، وقد تكون الكويت أيضا، لا ترى ذلك بالمنظور ذاته.

رُدُودٌ وَتَعْلِيقَاتٌ

عَلَّقَ وَزِيرُ الدِّفَاعِ الإِيرَانِيُّ, العَمِيدُ أَمِيرُ حاتمي, عَلَى الأَخْبَارِ المُتَدَاوِلَةُ بِشَأْنِ مُحَاوَلَةِ الوِلَايَاتِ المُتَّحِدَةِ الأَمْرِيكِيَّةِ, الرَّامِيَةُ لِتَشْكِيلِ "نَاتُو عَرَبِيٍّ", مُؤَكِّدًا أَنَّ هَذَا المَوْضُوعُ لَا يَسْتَحِقُّ الكَثِيرَ مِنْ الاِهْتِمَامِ, وَمِنْ الوَاضِحِ أَنَّ هَذَا الأَمْرُ يَعُدْ جُزْءًا مِنْ إِسْتِرَاتِيجِيَّةِ العَدْوِ الرَّامِيَةِ إِلَى زَرْعِ الخِلَافَاتِ وَاِسْتِغْلَالُهَا.. وَبِحَسَبِ وِكَالَةِ أَنْبَاءِ فَارِسٍ الإِيرَانِيَّةُ, أَكَّدَ العَمِيدُ حاتمي, "مِنْ المُسْتَبْعَدِ أَنْ يَتَجَرَّأَ الأَمْرِيكِيُّونَ وَخَاصَّةً الكِيَانُ الصِّهْيُونِيُّ عَلَى السَّمَاحِ بِتَشْكِيلِ هَذَا الحَلْفِ بَيْنَ الدُّوَلِ الإِسْلَامِيَّةَ, لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ جَيِّدًا هَدَفَ الشُّعُوبِ الإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي تُعْتَبَرُ الكِيَانَ الصِّهْيُونِيَّ عَدُوَّهَا الحَقِيقِيَّ", حَسَبَ قَوْلِهِ.

وَأَضَافَ "لَوْ تَحَقَّقَ هَذَا الأَمْرَ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ وَاثِقِينَ مِنْ أَنْ لَا يُصْبِحَ هَذَا الحَلْفُ تَحْتَ تَصَرُّفٍ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ هُمْ القَضِيَّةُ الفِلَسْطِينِيَّةُ كَقَضِيَّةٍ جَوْهَرِيَّةٍ, لِذَا فَإِنَّ الكَلَامَ حَوْلَ هَذَا المَوْضُوعُ (تَشْكِيلُ النَّاتُو العَرَبِي) هُوَ فِي مُسْتَوَى الكَلَامِ فِي غَالِبِيَّتِ"هِ.. وَبِشَأْنِ ظَاهِرَةِ التَّخْوِيفِ مِنْ إِيرَانَ فِي المَجَالِ الصَّارُوخِيِّ, قَالَ, "إِنَّنَا وَفِي ضَوْءِ التَّجَارِبِ التَّارِيخِيَّةِ وَتَهْدِيدَاتِ الأَعْدَاءِ سَنَحْتَفِظُ بِقُدْرَاتِنَا الدِّفَاعِيَّةِ بِكُلِّ قُوَّةٍ, وَسَنَعْمَلُ عَلَى الاِرْتِقَاءِ بِهَا, وَهُوَ مَا يَحْكُمُ بِهِ العَقْلَ أَيْضًا وَلَا سَبِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ, إِذْ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ نَزْعَ أَسْلِحَتِنا".

 

وَفِي وَقْتٍ سَابِقٍ قَالَتْ صَحِيفَةُ "وَاشِنْطُنْ تايمز" الأَمِيرْكِيَّةُ إِنَّ مَا يُسَمَّى بِالنَّاتُو العَرَبِيِّ أَوْ تَحَالَفَ الشَّرْقُ الأَوْسَطُ الإِسْتِرَاتِيجِيُّ, الَّذِي يَسْعَى الرَّئِيسُ الأَمِيرْكِيُّ دونالد تْرَمْبُ إِلَى تَكْوِينَهُ, يُوَاجِهُ شُكُوكًا وَمَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالاِلْتِزَامَاتِ, خَاصَّةً فِي ظِلِّ اِنْقِسَامِ مَجْلِسِ التَّعَاوُنِ الخَلِيجِيِّ, وَحِصَارٌ السَّعُودِيَّةُ وَالإِمَارَاتُ لِقَطَرَ, وَتُفَتِّتُ الأَجِنْدَةُ السِّيَاسِيَّةُ وَالأَمْنِيَّةُ لِجَبْهَةٍ عَرَبِيَّةٍ مُوَحَّدَةٌ.

وَأَضَافَتْ الصَّحِيفَةُ - فِي تَقْرِيرٍ لَهَا - أَنَّهُ فِي حَالِ نَجَاحِ إِنْشَاءِ "النَّاتُو العَرَبِي", فَسَيَكُونُ ذَلِكَ رِبْحًا كَبِيرًا لِسِيَاسَةِ تْرَمْبَ - مُنْذُ تُقَلِّدُهُ السُّلْطَةُ - الهَادِفَةُ إِلَى تَشْجِيعِ الدُّوَلِ العَرَبِيَّةِ عَلَى دَعْمِ مَصَالِحِ أَمِيرْكَا فِي المِنْطَقَةِ, وَمُوَاجَهَةُ إِيرَانَ. وَأَوْضَحَتْ "وَاشِنْطُن تايمز" أَنَّهُ "لِكَيْ تُنَجِّحُ فِكْرَةَ إِقَامَةِ التَّحَالُفِ العَرَبِيُّ, وَيَعْمَلُ بِفَاعِلِيَّةٍ, فَإِنَّ ذَلِكَ سَيَتَوَجَّبُ عَلَى أَعْضَائِهِ إِيجَادُ حَلٍّ لِاِنْقِسَامِهِمْ الدِّبْلُومَاسِيِّ الكَبِيرُ وَ"العَمِيقُ.. وَلَفَتَ التَّقْرِيرُ إِلَى أَنَّ دُوَلَ مَجْلِسِ التَّعَاوُنِ مُنْقَسِمَةٌ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ مُنْذُ يُونِيُو 2017, عِنْدَمَا قَطَعَتْ الرِّيَاضُ وَأَبُوظَبِي وَمِصْرُ وَالبَحْرَين كُلُّ العَلَاقَاتِ مَعَ قَطَرَ, الَّتِي تَرْفُضُ الخُضُوعَ لِلاِتِّهَامَاتِ المُوَجَّهَةِ لَهَا, كَمَا أَنْ الفِكْرَةُ نَفْسَهَا لَاقَتْ شُكُوكًا كَبِيرَةً, وَيَعُودُ ذَلِكَ جُزْئِيًّا إِلَى أَنَّ جُهُودَ تَوْحِيدِ الخُطَطِ العَرَبِيَّةِ السِّيَاسِيَّةِ وَالأَمْنِيَّةِ قَدْ فَشِلَتْ مِرَارًا.

وَيَرَى دُوجْ بِأَنُدَوَّا - المُسَاعِدُ الخَاصُّ السَّابِقُ لِلرَّئِيسِ الأَمِيرْكِيُّ رُونَالْد ريجان, وَكَبِيرُ بَاحِثِي مَعْهَدٍ كَاتِمٌ (مَعْهَدُ أَبْحَاثٍ سِيَاسِيَّاتٍ لِيبِرَالِيٌّ أَمِيرِكِيٌّ) - أَنَّ فِكْرَةَ إِقَامَةِ تَحَالُفٍ عَرَبِيٍّ شَرْق أَوْسَطِيٍّ عَلَى غِرَارِِ النَّاتُو, فِكْرَةٌ نَاقِصَةٌ بِطَبِيعَتِهَا. وَقَدَّمَ بِأَنُدَوَّا عِدَّةُ أَمْثِلَةٍ عَلَى هَذَا الفَشَلِ, مِثْلَ حَلْفِ بَغْدَاد بِرِعَايَةِ أَمِيرْكَا فِي خَمْسِينِيَّاتِ القَرْنِ المَاضِي, وَالَّذِي ضَمَّ: بريطاينا وَبَاكِسْتَان وَالعِرَاقُ وَإِيرَانُ, لُكْنَةٌ فَشِلَ بَعْدَ اِنْقِلَابِ عَسْكَرِي فِي العِرَاقِ أَطَاحَ بِالمَلِكِ.. وَاِعْتَبَرَ الخَبِيرُ السَّابِقُ فِي الإِدَارَةِ الأَمِيرْكِيُّ أَنَّ مَشَاكِلَ مِنْطَقَةِ الشَّرْقِ الأَوْسَطِ الحَقِيقَةِ دَاخِلِيَّةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ إِيرَانَ كَمَا تَزْعُمُ أَبُوظَبِي وَالرِّيَاضُ, لِأَنَّ حُكَّامَ دُوَلِ الخَلِيجِ يَفْتَقِرُونَ إِلَى الشَّرْعِيَّةِ السِّيَاسِيَّةُ, وَيَعْتَمِدُونَ عَلَى حُكْمٍ مُطَلِّقٌ وَدِكْتَاتُورُي لَا يَسْتَطِيعُ إِرْضَاءَ الشَّبَابِ العَرَبِي السَّاخِطُ. وَدَعَا بِأَنُدَوَّا إِدَارَةُ تْرَمْبَ إِلَى التَّوَجُّهِ بِاِتِّجَاهٍ مُعَاكِسٍ, وَالخُرُوجُ مِنْ صِرَاعِ الشَّرْقِ الأَوْسَطِ, الَّذِي بَات مُنْعَدِمٌ النِّهَايَةِ وَمُنْعَدِمُ الغَرَضِ, مُعْتَبِرًا أَنَّ وُجُودَ حَلْفِ نَاتُو وَاحِدٌ يَعُدْ كَثِيرًا.. وَتَحَدَّثَتْ "وَاشِنْطُن تايمز" عَنْ نُقْطَةِ أُخْرَى يُمْكِنُ أَنْ تَحَدَّثَ تعثرًا فِي إِقَامَةِ التَّحَالُفِ العَرَبِيُّ الَّذِي تَقُولُ أَبُوظَبِي وَالرِّيَاضُ إِنَّ هَدَفَهُ الأُولَى مُوَاجَهَةُ إِيرَانَ, لَكِنَّ دُوَلًا أُخْرَى فِي المِنْطَقَةِ, مِثْلَ قَطَرَ وَالكُوَيْتِ وَعُمَانَ, لَا تُرِيدُ العَدَّاءَ مَعَ إِيرَانَ, بَلْ تَرْغَبُ فِي تَحْسِينِ عَلَاقَتِهَا مَعَهَا بِحُكْمِ الجيرة

 

فِكْرَةٌ قَدِيمَةٌ جَدِيدَةٌ

إنَّ فِكْرَةَ تَشْكِيلِ قُوَّةٍ عَسْكَرِيَّةٍ عَرَبِيَّةٍ تَحْتَ مُسَمَّى "النَّاتُو العَرَبِيُّ" وَتَكَوُّنِ مُشَابَهَةٍ لِحَلْفِ الشَّمَالِ الأَطْلَسِيُّ لَيْسَتْ بِالأَمْرِ الجَدِيدِ, فَالمَبْدَأُ مَطْرُوحٌ مِنْ قِبَلِ مِصْرَ وَبِالتَحْدِيدِ فِي يُونِيُو عَامَ 1988, إِذْ دَعَا حِينَهَا وَزِيرَ الدِّفَاعِ المِصْرِيُّ مُحَمَّدٌ حُسَيْن طنطاوي إِلَى تَشْكِيلِ مُنَظَّمَةٍ عَسْكَرِيَّةٍ عَرَبِيَّةٍ لِمُوَاجَهَةِ تَحَدِّيَاتِ العَالَمِ العَرَبِيُّ فِي قِمَّةٍ عَسْكَرِيَّةٌ فِي القَاهِرَةِ بِمُشَارَكَةٍ مُمَثَّلَيْنِ مِنْ السَّعُودِيَّةِ وَالأُرْدُنِّ وَالإمارات وَالبَحْرَين وَبَاكِسْتَان.. فِي ذَلِكَ الوَقْتَ, لَمْ تَتِمَّ مُتَابَعَةُ هَذِهِ الفِكْرَةِ حَتَّى وَصَلْنَا إِلَى عَهْدِ الرَّئِيسِ المِصْرِيُّ عَبْد الفَتَّاحِ السِّيسِي الَّذِي حَثَّ مَعَ وُصُولِهِ إِلَى الحُكْمِ المُلْكَ عَبْد الله الثَّانِي فِي تشرين اول من العام َ 2015 عِنْدَمَا قَامَ بِزِيَارَةٍ رَسْمِيَّةٍ إِلَى العَاصِمَةِ الأُرْدُنِيَّةُ "عُمَانَ", لِدَعَمَ تَشْكِيلَ حَلْفٍ شَمَالَ الأَطْلَسِيِّ العَرَبِي, وَكَانَ مِنْ المُفْتَرَضِ أَنْ يُشَارِكَ السِّيسِي هَذِهِ المَسْأَلَةَ مَعَ مَلَكِ السَّعُودِيَّةِ فِي اذار  مِنْ ذَلِكَ العَامَ.

وَجَاءَتْ الفِكْرَةَ المِصْرِيَّةُ عَلَى الشَّكْلِ التَّالِي: أَنْ يَتِمَّ تَشْكِيلُ قُوَّةٍ عَسْكَرِيَّةِ عَرَبِيَّةٍ قَوَامُهَا 40000 جُنْدِيٍّ مِنْ الدُّوَلِ العَرَبِيَّةَ السِّتُّ "مِصْرُ وَالأُرْدُنُّ وَالسَّعُودِيَّةُ وَالإمارات وَالمَغْرِبُ وَ"السُّودَانُ, بِاِسْتِثْنَاءِ قَطَرَ لَكِنْ النِّزَاعَاتُ فِي العَالَمِ العَرَبِيُّ مَنَعَتْ ذَلِكَ.. الفِكْرَةُ المِصْرِيَّةُ فِي ذَلِكَ الوَقْتَ كَانَ لَهَا مُؤَيِّدُونَ فِي حُكُومَةِ أَمْرِيكَا بِمَنْ فِي ذَلِكَ الجِنِرَالِ مَايْكْل فْلِين, رَئِيسُ وِكَالَةِ الاِسْتِخْبَارَاتِ العَسْكَرِيَّةِ الأَمْرِيكِيَّةِ, لَكِنَّ اِقْتِرَاحُ تَشْكِيلِ الحَلْفِ ظَلَّ يُرَاوِحُ مَكَانَهُ حَتَّى وُصُولِ الرَّئِيسِ الأَمْرِيكِيُّ دُونَالْدْ تْرَامْب إِلَى رَأْسِ السُّلْطَةِ فِي اَمْرِيكَا, لِيَعُودَ هَذَا الطَّرْحَ وَيُتَمُّ تَسْخِينَهُ مِنْ قِبَلِ تْرَامْبَ قَبْلَ زِيَارَتِهِ إِلَى الرِّيَاضِ فِي مَايُوِ 2017.. وَكَانَتْ صَحِيفَةُ وَاشِنْطُن بُوسْت قَدْ نَقَلَتْ عَنْ مَسْؤُولِينَ أَمْرِيكِيِّينَ فِي ذَلِكَ الوَقْتُ قَوْلَهُمْ إِنَّ تْرَامْبَ سَوْفَ يَقْتَرِحُ تَشْكِيلَ حَلْفٍ شِمَالِيَّ أَطْلَسِي "عَرَبِيٌّ" لِلحُلَفَاءِ المُسْلِمِينَ السَّنَةَ..

وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَيْضًا, بَلْ عَلَى العَكْسِ شَهِدَتْ مِنْطَقَةُ الخَلِيجِ أَسْوَأَ أَزْمَةً دِبْلُومَاسِيَّةً وَسِيَاسِيَّةً بَيْنَ الدُّوَلِ الخَلِيجِيَّةَ, فِي الأُسْبُوعَيْنِ التَّالِيَيْنِ لِزِيَارَةِ دُونَالْدْ تْرَامْب إِلَى الرِّيَاضِ, وَشَهِدْنَا أَصْعَبُ اِنْقِسَامٍ عَرَبِيٍّ, حَيْثُ شَنَّتْ كُلُّ مِنْ (السَّعُودِيَّةُ, مِصْرُ, الإمارات وَالبَحْرَين) حَمْلَةِ مُقَاطَعَةٍ ضِدَّ قَطَرَ, هَذَا فِي الوَاقِعِ خَلْقٌ شَرْخًا خَطِيرًا فِي العَالَمِ العَرَبِيُّ بِأَكْمَلِهُ, وَقَبْلَ ذَلِكَ كَانَتْ هُنَاكَ هَذِهِ الثُّغْرَاتُ, وَلَكِنَّ هَذِهِ المَرَّةَ أَصْبَحَتْ أَعْمَقَ.

العَوَائِقُ وَالتَّحَدِّيَاتُ

أَوَّلًا: هُنَاكَ شَرْخٌ وَاضِحٌ بَيْنَ دُوَلِ مَجْلِسِ التَّعَاوُنِ, خَاصَّةً بَعْدَ التَّطَرُّفِ الَّذِي شَهِدَهُ أَعْضَاءُ المَجْلِسِ مِنْ السَّعُودِيَّةِ وَالإمارات تُجَاهَ بَقِيَّةِ الأَعْضَاءِ وَالَّذِي ظَهَرَ جَلْيًا فِي أَزْمَةِ قَطَرَ وَكَادَ أَنْ يَتَكَرَّرَ الأَمْرُ ذَاتُهِ مَعَ سلطنة عمان لُولَا حِكْمَةُ السُّلْطَانِ قَابُوسُ, وَبِالتَّالِي عَلَى تْرَامْبَ أَنْ يُصْلِحَ ذَاتَ ألْبِين أُوَلًا, وَمِنْ ثَمَّ يُفَكِّرُ فِي تَشْكِيلٍ تَحَالُفٌ جَدِيدٌ, وَلَكِنَّ لَا يَبْدُو أَنَّ الأَمْرَ كَذَلِكَ وَتْرَامْبُ لَا يُرِيدُ لِهَذِهِ الدُّوَلِ أَنْ تَكُونَ فِي حَالَةِ صُلْحٍ دَائِمٍ لِيَسْهُلَ السَّيْطَرَةَ عَلَيْهَا وَلِمُصَادَرَةِ أَمْوَالِهَا تَحْتَ ذَرِيعَةِ "الحِمَايَةِ"..

ثَانِيًا: التَّحَدِّي الآخَرُ يَتَمَثَّلُ بِالتَّنَافُسِ المَخْفِيِّ بَيْنَ الرِّّيَاض وَالقَاهِرَةِ حَوْلَ زَعَامَةِ العَالَمِ العَرَبِيُّ, وَقَضَايَا مِثْلَ قِيَادَةِ "النَّاتُو العَرَبِي" وَمَقَرُّهِ, يُمْكِنُ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى تَفَاقُمِ هَذِهِ الخِلَافَاتِ وَالحَسَّاسِيَّاتِ, وَبِالتَّالِي عَلَى تْرَامْبَ أَنْ يَجِدَ حَلًّا لِهَذَا التَّحَدِّي.

ثَالِثًا: المُشْكِلَةُ الأُخْرَى أَنَّ "النَّاتُو العَرَبِي" تَمَّ التَّسْوِيقُ لَهُ عَلَى أَنَّ الهَدَفَ الأَسَاسِيَّ مِنْهُ "مُوَاجَهَةُ إِيرَانَ" وَمِنْ غَيْرِ المُرَجَّحِ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الهَدَفُ الوَحِيدُ, نَعَمْ. هُوَ أَحَدُ الأَهْدَافِ الرَّئِيسِيَّةَ, وَلَكِنَّ لَيْسَ كُلُّهَا, تَرْكِيزُ وَسَائِلِ الإِعْلَامِ عَلَى هَذَا الهَدَفُ هُوَ فَقَطْ مِنْ أَجْلِ التَّسْوِيقِ وَتَغْطِيَةِ الأَهْدَافِ الأُخْرَى..

 رَابِعًا: الأَعْضَاءُ المُحْتَمَلُونَ فِي حَلَّفَ النَّاتُو لَدَيْهِمْ عَلَاقَاتٌ مَعَ تَلْ أَبِيب بِشَكْلٍ أَوْ بِآخَرَ, مِنْ بَيْنَهَا عَلَاقَاتُ القَاهِرَةِ الرَّسْمِيَّةَ وَالوَاضِحَةُ, وَالبَاقِي غَيْرُ رَسْمِيٍّ, وَمِنْ المُرَجِّحِ أَنْ يُتِمَّ رَبْطَ فِكْرَةِ "النَّاتُو العَرَبِي" مَعَ "صَفْقَةِ القَرْنِ" وَرُبَّمَا سَيَكُونُ جُزْءًا أساسيًا مِنْهَا.. السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ اَمْرِيكَا عِنْدَمَا تُطْلِقُ مُبَادَرَةً فِي الشَّرْقِ الأَوْسَطُ يَجِبُ أَلَّا تَتَعَارَضَ مَعَ أَمْنِ "إِسْرَائِيلَ" فِي المَقَامِ الأَوَّلُ, وَيَجِبُ أَنْ تُوَفِّرَ الأَمْنَ وَالاِسْتِقْرَارَ لِكِيَانِ الاِحْتِلَالِ.. وَمِنْ الأَفْضَلِ تَسْمِيَةً هَذَا الهَيْكَلُ العَسْكَرِيُّ المُحْتَمَلُ "النَّاتُو العَرَبِيُّ الإِسْرَائِيلِيُّ", وَمِنْ المُرَجِّحِ جِدًّا أَنْ يَكُونَ "النَّاتُو العَرَبِيُّ" بِدَايَةً لِدُخُولِ أَمْرِيكَا حِقْبَةً جَدِيدَةً مِنْ قِيَادَةِ الأَزَمَاتِ فِي المِنْطَقَةِ وَإِشْعَالُهَا عَبْرَ الوُكَلَاءِ بَدَلًا مِنْ الحُرُوبِ المُبَاشِرَةُ المُكَلِّفَةُ, خَاصَّةً وَأَنَّ شِعَارَ تْرَامْبَ فِي حَمْلَتِهِ الاِنْتِخَابِيَّةُ حَمَلَ عُنْوَانَ "أَمْرِيكَا أُوَلًا", وَبِالتَّالِي عَلَيْهِ تَخْفِيفُ الأَعْبَاءِ الاِقْتِصَادِيَّةِ وَالعَسْكَرِيَّةِ, وَتَحْمِيلُ الشُّرَكَاءِ وَالحُلَفَاءُ أَكْبَرُ قَدْرٌ مُمْكِنٌ مِنْ تِلْكَ الأَعْبَاءُ..

خَامِسًا: إِنَّ مُوَاجَهَةَ تُرْكِيَا عَلَى المَدَى الطَّوِيلُ جُزْءٌ مِنْ أَهْدَافِ النَّاتُو العَرَبِي, تُرْكِيَا لَدَيْهَا أَرْدُوغَانُ الَّذِي لَا يُقَبِّلُ بالإملاءات الأَمْرِيكِيَّةُ وَهُنَاكَ خِلَافٌ وَاضِحٌ مَعَ وَاشِنْطُن فِي العَدِيدِ مِنْ المِلَفَّاتِ, "الأَكْرَادُ" أَبْرَزُهَا, وَهُنَاكَ خِلَافٌ مَعَ الإِمَارَاتِ وَغَيْرَهَا مِنْ الدُّوَلِ وَبِالتَّالِي لَا مَانَعَ مِنْ التَّحْرِيضِ ضِدَّ أَرْدُوغَانَ مِنْ خِلَالِ هَذَا التَّحَالُفِ, خَاصَّةً أَنَّ تُرْكِيَا يُمْكِنُهَا اليَوْمَ المُنَافَسَةُ وَبِالتَّالِي لاَبُدَّ مِنْ إِيقَافِهَا.