لندعم النواب ضد الحكومة و"دخلها"

 

وليد حسني

 

القت الحكومة بمرساتها الخطيرة في ميناء مجلس النواب حين احالت مشروع قانون ضريبة الدخل اليه في ختام الدورة الاستثنائية الثانية التي تنتهي دستوريا السبت المقبل.

اليوم يلتئم مجلس النواب في جلسة اتوقعها ان تكون اكثر صخبا ونقدا وتحطيبا للحكومة التي ستبقى هادئة بعد ان نقلت حملها الثقيل، ووزرها الشديد لاحضان السلطة التشريعية مكتفية من الغنيمة بالاياب على راي الشاعر، وكأنها ارادت ان تتخلص من حمل كامل اوزار قانون ضريبة الدخل وتتركه كاملا في احضان النواب ليكونوا في مواجهة مباشرة ومفتوحة مع الشعب وجمهور الناخبين، بينما ستاخذ الحكومة قسطا طويلا من الراحة والاستجمام وليس من المستبعد ان تختار الجلوس على  "الحيطة والاستماع بشغف لتفاصيل الزيطة" على خاصرة العبدلي.

من اليوم ستبدا المسؤولية الاخلاقية والدستورية للنواب تجاه قانون ضريبة الدخل، وسيقوم المجلس منذ الان بدور الاب للقانون الذي تعرض ولا يزال يتعرض لموجة واسعة من الانتقادات والغضب الشعبي.

والنواب اليوم في وضع لا يحسدون عليه، فامامهم خيارات ضيقة لا يتوافر فيها بذخ المفاضلة والمقارنة , والاخطر ان مجلس النواب ومنذ الان اصبح بكامل تفاصيله تحت انظار الناس والناخبين مما سيدفع لاتخاذ مواقف تحسب بالقطارة لهم وعليهم.

وفي القراءة الاولى لمشروع القانون التي ستجري صباح اليوم فليس امام النواب غير طريقين فاما قبول القانون بعد موجة لعنه وشتمه، واما رده، وعندها سيجد طريقه للاعيان مما سيفقد النواب حقهم بالتعديل والتغيير وهو ما لا انصح به، بقدر ما انصح بقبوله وتعديله.

اعتقد هنا ان الحكومة تعمدت تماما تاخير طرح القانون للمناقشة والعرض والحوار، لغايات شراء الوقت ومحاصرة النواب بكل الطرق والوسائل كنوع من ممارسة الضغط على المجلس الذي سيجد نفسه امام طريق مسدود لا يملك فيه استقلاليته الكافية لممارسة سلطته الدستورية، سواء لجهة تعرضه للضغط الحكومي من جهة ولضغط مجلس الاعيان الذي يمارس دوره الرقابي والتعطيلي لمجلس النواب تشريعيا من جهة اخرى.

ومنذ اليوم سيصبح النواب عرضة للنقد وللضغط، ولربما الضغط قد بدأ فعليا بالتقليل من قيمة النواب وهيبتهم، حين قام مدير الامن سريعا وعلى غير العادة بتكريم شرطي السير الذي لم يبد ادنى احترام للنائب.

ومن المؤكد ان المشهد النيابي سيدخل اليوم في ازمة بالغة التعقيد، فامامه ثلاثة قوانين خطرة هي قوانين معدلة لضريبة الدخل وللجرائم الالكترونية والحصول على المعلومات، وباعتقادي الشخصي فان معدل الجرائم الالكترونية اخطر بكثير من معدل الدخل والمعلومات.

من الواضح ان الحكومة مارست نوعا من الذكاء الصناعي ارادت منه خداع النواب والمواطنين على حد سواء حين جمعت قوانين الضريبة والجرائم الالكترونية والمعلومات في حزمة واحدة، وكأنها ارادت من ذلك إلهاء النواب والمواطنين بضريبة الدخل لتسهيل تمرير الجرائم الالكترونية الذي يمثل برايي اخطر هذه القوانين، مما يحتم على النواب التنبه لهذه المعضلة التي ستتكشف امامهم لاحقا.

اليوم مجلس النواب يقف وحيدا في مواجهة شعب بكامله بعد ان ركنت الحكومة عصاها لتستريح، واعتقد ان مجلس النواب بحاجة في هذا الوقت لدعم شعبي غير مسبوق لينحاز للشعب ولمصالحه وبقوة دعم الشعب..

وتلك مهمتنا كمواطنين في مواجهة حكومة تخدع الشعب وتحتال على ممثليه في البرلمان..//