إعادة الثقة والعدالة بالحوار قبل القانون

 

القول الفصل

 

حسين الجغبير

 

يسجل لحكومة الرزاز الذهاب إلى المحافظات وإطلاق حوار مباشر مع المواطنين تستمع خلاله لشكاوى الناس وملاحظاتهم على مسودة قانون الضريبة "سيىء الذكر"، الذي لا يختلف كثيرة عن ذلك القانون الذي أطاح بحكومة الملقي، وهو في ذات الوقت سيؤثر على شعبية الرزاز إذا ما أصر على ما جاء فيه، حيث الرفض الشعبي للقانون واضح للعيان، فيما تحاول الحكومة إبراز محاسنه؛ ما أظهر بعض الأصوات التي تطالب الحكومة بالرحيل.

الحكومة أخطأت كثيرًا قبل انطلاق "ماراثون القانون"، وهو من استرجع في بدايتها الثقة المفقودة منذ سنوات مع الشارع، لكنها للأسف لم تخاطبه بلغته البسيطة، ولم تتخذ قرارات شعبوية تزيد من الُّلحمة والالتفاف خلفها؛ كمحاربة الفساد وتحقيق العدالة وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني بقرارات مثل تخفيض تعرفة الكهرباء عن القطاع الصناعي والتجاري المتهالك والذي يلفظ أنفاسه الأخيرة في انتظار فرج قريب عبر افتتاح البوابة الشمالية للمملكة، وعدم الجلوس مع القطاعات الصناعية والتجارية والاستماع لملاحظاتهم ومطالبهم، وكذلك دعم قطاع المقاولين الذين هم أكثر التزاما بدفع الضرائب وتضرروا كثيرًا من الأوضاع الاقتصادية الحالية ونقص السيولة لدى الحكومة والقطاع الخاص وما فاقم الأمر سوءًا تجاهلهم وعدم الجلوس معهم والاستماع لهم؛ متناسين جميعًا أهمية هذا القطاع وحيويته في الظروف العادية فكيف الحال في في الازمات الاقتصادية؛ فالكثير من الدول المتقدمة تلجأ لقطاع المقاولين لأن لديهم الكثير من الحلول وانعاش قطاعه يحقق النمو في اكثر من قطاع موازٍ.

تضارب أسماء الضرائب المنتشرة في الفواتير الحكومية المنتشرة هنا وهناك، وبمسميات مختلفة كضريبة الضريبة وضريبة أخرى وغيرهما من المسميات؛ سبب حالة من عدم الاقتناع لدى المواطن، ما يتطلب من الحكومة شرح تفاصيلها بأسلوب بسيط للناس أو توحيدها تحت مظلة واحدة، وبمسمى واحد على جميع الفواتير الحكومية، وكذلك وضع المواطن بصورة الوضع الاقتصادي للبلاد ومدى أهمية إقرار قانون الضريبة لكسب المجتمع الدولي عبر تقرير صندوق النقد الدولي الذي يعتبر شهادة اعتماد لدى المانحين وتصنيف الدولة المالي وعدم إخفاء أي معلومات عن المواطنين إن كانت اقتصادية او سياسية لأن الناس لا يمكن تصور قبولهم لأي قانون أو قرار حكومي إلا باقتناع تام بأنه مصلحة وطنية عليا لاسيما بعد ثورة "السوشيال ميديا" وتزاحم سائل الإعلام المحلية والعالمية في ميدانها ليفوز بـ"قصب السبق" من ينشر أولًا، ناهيك عما يرافق ذلك من كوارث الكذب والافتراء وعدم استقاء المعلومة الدقيقة من مصادرها، وانتشار الشائعات كالنّار في الهشيم.

كما أخطأت الحكومة كذلك بعدم الجلوس والاستماع إلى الخبراء الاقتصاديين ووضع اتفاقية صندوق النقد الدولي وقانون الضريبة أمامهم لإيجاد حلول مقنعة للشارع، وهي كثيرة.

ومن أبرز هذه الحلول، حصول المواطن على فواتير لكل مشترياته وخدماته ليقدمها للضريبة ليستفيد بنسبة ما منها، وهنا تبدأ الخطوة الأولى في مكافحة التهرب الضريبي وإرسال رسالة مهمة للطبقة الوسطى لإبقاء مصاريف التعليم والسكن والصحة من ضمن الإعفاءات لسبب بسيط جدًا يكمن في أن هذه الخدمات حكوميا متدنية جدًا ولا تلبي طموح هذه الطبقة.

وكذلك لتثبت الحكومة للناس أن الهدف من هذا القانون هو شريحة الأغنياء، إذ تحتاج إلى قرارات تثبت للمواطن البسيط حسن نيتها تجاه الفقراء والطبقة الوسطى لكسب الثقة وتحقيق العدالة المرجوة من أجل الحصول على الضوء الأخضر في اتخاذ القرارات المهمة والصعبة كقانون الضريبة أو غيره من القوانين.

دولة الرئيس بما أن الحكومة وفريقها أظهرت جولاتهم في المحافظات فشل خطة الحوار، فننصحك بالاتجاه للخطة (ب) عبر إجراء تعديل موسع على حكومتكم وإطلاق قرارات شعبوية، ومن ثم إعادة الانطلاق للشارع بالحوار بعد كسب الثقة وتحقيق العدالة//.