أزمة الضريبة وحوارات الضد

 

وليد حسني

 

لا يبدو ان الحكومة تتمتع بحسن الطالع وهي تحاول جاهدة تسويق قانون ضريبة الدخل، فبالامس كان وزراء من الحكومة يتعرضون للاحتجاج من اهالي محافظة الطفيلة، لقد كان الاحتجاج مباشرا وصاعقا وقاطعا.

انصاع ممثلو الحكومة من الوزراء لرغبة اهالي الطفيلة الذين حضروا ليعلنوا انهم ضد القانون، وضد سياسات الحكومة ، وضد قانون الجباية، والأهم أنهم صرخوا للمرة الأولى علنا برفض الحكومة مطالبين برحيلها.

غادر المحتجون كما غادر الوزراء قاعة مسرح جامعة الطفيلة وهم متاكدون تماما ان حجم الرفض الشعبي لقانون ضريبة الدخل سيتنامى اكثر خلال الأيام المقبلة، وسيتحول الرفض لكرة ثلج متدحرجة كلما اقترب موعد عرض مشروع القانون على مجلس النواب.

بالامس ايضا كان ثمة دعوات ترجو المواطنين في محافظة مادبا المشاركة في الحوار المزمع مع الحكومة حول القانون، محاولين الاستفادة من احتجاجات اهالي الطفيلة داعين مواطني مادبا للحضور والمشاركة الفاعلة وابداء ارائهم بكل صراحة وعدم المقاطعة باعتبارها عملا سلبيا لن يفيد القضية في شيء.

وبالامس كان مجلس النقباء يقرر رفضه لمشروع القانون، وكذلك الاحزاب، فضلا عن الاف الصيحات على منصات التواصل الاجتماعي التي تعلن رفضها للقانون ولسياسات الحكومة الاقتصادية، في الوقت الذي كانت فيه دعوة للعصيان المدني تجوب الاف صفحات الفيس بوك.

على الحكومة ان تتاكد تماما أنها في ازمة مركبة ومتدحرجة ولا يمكنها بالياتها التقليدية التي تنتهجها لتسويق سياساتها تمرير قانونها الجدلي الذي يدعوا للعصيان أكثر مما يدعو للتوافق والانصياع، هنا فقط تبدو الحكومة في ازمة تدير لها ظهرها وكأنها تراهن على مجهول لا نعرفه، في الوقت الذي تكشف فيه امام الناس جميعهم ان ما تحاول الحكومة الترويج له انما كان جزءا من منجزات الحكومة السابقة.

حكومة د.عمر الرزاز تدخل هذا الاوان منفردة وبدون اي غطاء شعبي في ازمة مركبة ومتراكمة، ومن المؤكد انها ستواجه ازمات اخرى تتوالد من رحم الازمة الأم وهي ازمة الثقة التي افتقدتها سريعا، بعد ان حازت على ثقة شعبية مبكرة وغير مسبوقة في بواكير خلافتها للحكومة السابقة.

اليوم تدخل الحكومة ذات المربع الذي دخلته سالفتها حكومة د.هاني الملقي، مما يعني ان المواطنين دشنوا فعلا الدخول لمرحلة الاحتجاج الجماهيري، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو الى اي مدى يمكن ان تتهيأ الظروف التي تهيأت للمحتجين على الدوار الرابع قبل اشهر قليلة مضت؟ وهل يمكن للمؤسسة الامنية ان تستعيد ذات السيناريو الذي تم تطبيقه على الدوار الرابع؟.

ربما سيبحث المحتجون عن جغرافيا اخرى ليعلنوا عن احتجاجهم ورفضهم للحكومة ولسياساتها الجبائية، لكن المهم ان على الحكومة البحث عن بدائل وسيناريوهات اخرى للنجاة مما ستجد نفسها تغرق فيه.

اليوم وفي الايام المقبلة ستعلو اصوات تطالب بتحكيم العقل، والانحياز لمصالح الوطن، وتغليب لغة الحوار، والقبول بالواقع استنادا لمبدا مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه الوطن.

هذه الدعوات ستبقى في مكانها تماما، لكن من المؤكد ان الظرف السياسي والاقتصادي الحالي لن يحتمل الكثير من حوارات الضد بين الحكومة والمواطن، فيما ستبقى السيناريوهات مفتوحة على مصراعيها تجاه موقف مجلس النواب من القانون الذي سيستقر  بالنتيجة تحت القبة على خاصرة العبدلي...

الحكومة في ازمة مركبة ومتراكمة، ومن المؤكد ان لغة الحوار باتت خلف الجميع، ولم يتبق في اوراق السيناريوهات غير المواجهة..

 

وهي مواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات، فضلا عن كونها مواجهة ستجمع الكثير من اللاعبين..

ووحده فقط صندوق النقد الدولي سيبقى متفرجا على دكة المتحمسين بانتظار النتيجة..//