مواطنون من أجل الخزينة

 

وليد حسني

 

لم تقدم حكومة د. عمر الرزاز خطة طموحة يمكن التعامل معها بمصداقية متفانية تستهدف من خلالها تحسين الخدمات العامة التي تقدمها للمواطنين مقابل رفع شريحة ضريبة الدخل.

 

ولم تقل الحكومة لنا كيف يمكنها اقناع الشعب بان الضرائب التي ستفرض على دخله ستنعكس سريعا على الخدمات التي يتلقاها على نحو الصحة والتعليم وشبكة المواصلات العامة، ووسائل الترفيه العامة المجانية والامنة على نحو شاطىء صغير على ضفاف البحر الميت تتوفر فيه كامل الخدمات الامنة يخصص مجانا للمواطنين، او بضع حدائق عامة آمنة وخالية من الخارجين على القانون، وتجار المخدرات وفارضي الخاوات والمستهترين.

 

والاهم من ذلك كله ان الحكومة التي ورثت معدل قانون ضريبة الدخل من حكومة د. هاني الملقي لم تضف الكثير لمشروع القانون الذي عرضته الحكومة امس على موقع ديوان التشريع ليقول المواطنون رأيهم فيه بالرغم من انهم قالوه عشرات المرات كان اهمها حين كان المئات يعتصمون على الدوار الرابع مطالبين باسقاط حكومة الملقي والغاء معدل ضريبة الدخل.

 

اليوم تعيد حكومة د. الرزاز القانون بنسخة لا تختلف كثيرا عن نسخة سالفتها وبتعديلات بسيطة لا اظنها سترضي احدا خاصة وانها ابقت البنوك خارج الشرائح المستهدفة من التعديل.

 

وفي الوقت الذي اعتمدت الحكومة فيه على مبدأ التصاعد في فرض الضريبة على المواطنين والتي تبدا عام 2019 باخضاع من يتجاوز دخلهم 9 الاف دينار سنويا لاحكام القانون فان هذه القيمة سترتفع ليصبح الدخل البالغ 8 الاف دينار خاضعا للضريبة عام 2020، وكذلك الحال بالنسبة لدخل العائلة حيث سيخضع من يزيد دخلها عن 18 الف دينار سنة 2019 لاحكام القانون لترتفع وصولا الى 17 الف دينار سنة 2020.

 

على صعيد اخر فان الحكومة اقرت تخفيض الضريبة على القطاع الصناعي وعلى مدى خمس سنوات والتي تبدا من 25% سنة 2019 لتصل الى 5% سنة 2023، مستثنية صناعة الأدوية والملابس التي ستبدا من 50% سنة 2019 لتصل الى 5% سنة  2023.

 

تفاصيل القانون بمجملها تكشف عن النهج الجبائي للحكومات التي تعتمد مبدأ الاعتماد على المواطن في تمويل الموازنة العامة للدولة، بالرغم من ان المفهوم الاخلاقي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي للاعتماد على الذات لا يمكن تحقيقه بتلك الطريقة الجبائية السيئة.

 

مجلس النواب في دورته العادية المقبلة امام اختبار في غاية الصعوبة والخطر، ولن يجد المجلس امامه الفرصة الكافية او المساحة المتوخاة للمناورة تعديلا وتهذيبا، مما سيبقي المجلس في مواجهة خطرة مع المواطنين.

 

والسؤال الابرز الذي يفرض نفسه اليوم وغدا على كل ذي لب كيف يمكن لحكومة الرزاز ان تعتدي بالقانون على مداخيل المواطنين دون ان تمنحهم حوافز وخدمات فائقة الجودة كما هو الحال في الدول التي تفرض ضرائب على الدخل لكنها بالمقابل تقدم مئات الخدمات المجانية للمواطنين وعلى راسها التعليم والصحة والنقل العام وهي ادنى ما يستحقه المواطن الاردني الذي سيجد نفسه مجرد عامل يكدح طيلة ايامه لصالح خزينة الدولة وليس لصالح بناء مستقبله ومستقبل عائلته..//