السيسي يتودد لقوى عالمية جديدة

«تودد» السيسي لبكين وُصف بـ«تصرف دبلوماسي خطير» ما وراء زيارة الرئيس المصري «حليف الغرب» إلى الصين؟

يمثل المنتدى الثالث للتعاون الصيني الإفريقي الذي انطلق في العاصمة الصينية بكين، أول أمس الاثنين 3 سبتمبر/أيلول 2018، تحولاً في السياسة الاقتصادية الخارجية المصرية «لتعزيز العلاقات بين القاهرة وقوى عالمية».

ووصف محللون ومعلقون مصريون مشاركة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في المنتدى بأنَّها الزيارة الرسمية الأنجح للسيسي، في حين اعتبرها مراقبون دوليون تصرُّفاً دبلوماسياً خطيراً وصفقةً سياسية.

وتشير هذه الزيارة بوضوح إلى أنَّ السيسي يتودد إلى قوى عالمية جديدة، مبتعداً عن التحالفات التقليدية مع الولايات المتحدة ودول الخليج، بحسب ما نشرته هيئة الإذاعة البريطانية BBC.

جديرٌ بالذكر أنَّ هذه هي الزيارة الخامسة التي يجريها السيسي إلى الصين منذ توليه منصبه عام 2014. إذ جرت الزيارات الأربع السابقة في شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 2014، وسبتمبر/أيلول من عام 2015، وسبتمبر/أيلول من عام 2016، وسبتمبر/أيلول من العام الماضي 2017.

بينما زار الرئيس الصيني شي جين بينغ العاصمة المصرية القاهرة في يناير/كانون الثاني من عام 2016، حيث أعرب عن دعمه لـ»جهود مصر للحفاظ على الاستقرار وتنمية الاقتصاد وتحسين سبل المعيشة، وأداء دور أكبر في الشؤون الدولية والإقليمية».

الصين قادمة!

وأبرم السيسي في زيارته الأخيرة إلى بكين 5 اتفاقيات تعاون بقيمة 20 مليار دولار مع نظيره الصيني.

وقال ياسر جاد الله، أستاذ الاقتصاد ومدير مركز الدراسات والبحوث الصينية لقناة CBC Extra News: «شهدت الزيارة التوصُّل إلى العديد من البروتوكولات وإبرام الاتفاقيات التي من شأنها تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر والصين».

وأضاف: «تسهم استمرارية الزيارات المتبادلة في بناء الثقة بين البلدين».

وأشار جاد الله كذلك إلى أنَّ زيارات السيسي تُظهر أنَّه يراهن على النجاح الاقتصادي للصين، مُضيفاً أنَّ الصين «إذا استمرت على مسار التنمية الاقتصادية، ستكون مستعدةً لقيادة العالم. الصين قادمة!».

ولم يقتصر هدف الزيارة على إقامة علاقاتٍ اقتصادية أوسع مع بكين، بل استهدفت تقديم مصر كشريكةٍ للصين، تتشارك معها «رؤى ومواقف مشتركة تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية وفي المنتديات الدولية»، كما أكَّد السيسي في كلمته أمام أكاديمية الحزب الشيوعي الصيني.

وأكَّد السيسي كذلك على الدور الذي يمكن أن تؤديه مصر والمنطقة الصناعية بقناة السويس المصرية في مبادرة «الحزام والطريق» التي يرعاها الرئيس شي جين بينغ، التي تهدف إلى إحياء طريق الحرير القديم في الصين وإنشاء مسار عبر عدة محيطات عن طريق استثماراتٍ في البنية التحتية والنقل والطاقة.

العلاقات الصينية المصرية

يُذكَر أنَّ العلاقات الدبلوماسية الثنائية بين الصين ومصر بدأت في مايو/أيار عام 1956، وظلَّت العلاقات بينهما سلسةً منذ ذلك الحين. وزار الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك الصين 7 مراتٍ في أثناء فترة حكمه التي استمرت 30 عاماً.

ووقعت الدولتان اتفاقيةً بشأن التعاون في مجال التعليم عام 1955، وأخرى حول التعاون الثقافي في 1956، بالإضافة إلى عديدٍ من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية.

ونما حجم التجارة الصينية المصرية من 750.22 مليون دولار في عام 1999 إلى 953.21 في عام 2001. بينما شهد عام 2000 زيادةً في جهود التعاون بين القاهرة وبكين.

وجديرٌ بالذكر أنَّ الصين أكبر شريك تجاري لمصر في ظل وصول قيمة التعاون التجاري بينهما إلى 11 مليار دولار في عام 2016، وفقاً لما ذكرته قناة Nile TV المصرية الحكومية. فضلاً عن أنَّها ثاني أكبر مستثمر في مصر باستثمارٍ قُدِّر بـ22.5 مليار دولار في عام 2016.

وبدورها، تُعَد مصر الشريك التجاري الثالث للصين في إفريقيا.

وذكرت قناة Nile TV أنَّ هناك 1345 شركةً صينية تعمل في مصر، منها 702 في القطاع الصناعي، و432 في قطاع الخدمات، و70 في قطاع الإنشاءات، و79 في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، و46 في القطاع الزراعي، و6 في القطاع السياحي، وقد وفَّرت هذه الشركات 27 ألف فرصة عمل.

وفي عام 2017، أعلنت مصر أن الصين ستمول مشروع قطار كهربائي تبلغ تكلفته 255 مليون دولار لربط العاصمة الإدارية الجديدة بشرق القاهرة.

مصر تقود تعاون إفريقيا مع الصين

وسلَّطت بعض وسائل الإعلام التقليدية والشبكات الاجتماعية في مصر الضوء من منظورٍ إيجابي على زيارة السيسي إلى الصين. وظهرت الزيارة في عناوين صحف يومية خاصة وحكومية يوم أمس الثلاثاء 4 سبتمبر/أيلول.

إذ جاء في العنوان الرئيسي لصحيفة الأهرام الحكومية: «مصر تقود إفريقيا لتحقيق الشراكة مع الصين»، مضيفاً أنَّ السيسي «استعرض الفرص الاستثمارية الواعدة بمصر».

وفي السياق نفسه، أكَّد الصحافي المصري خالد ميري دور مصر القادم الذي ستكون فيه «قائدة التعاون بين الصين والقارة السمراء».

وجاء في صحيفة Egyptian Mail الأسبوعية الحكومية المصرية التي تصدر باللغة الإنكليزية: «مشاركة السيسي مهمة في ضوء رئاسة مصر المقبلة للاتحاد الإفريقي».

بينما أكَّدت صحيفة «اليوم السابع» المصرية الخاصة مكاسب مصر، مُشيرةً إلى أنَّها «تجني ثمار زيارة السيسي»، وقالت في عنوانها الرئيسي: «توقيع اتفاقيات بقيمة 20 مليار دولار».