الجوهري ..نهر العطاء الذي جف نبعه

غابت معه ابداعات النشامى

 الانباط- عمان عوني فريج

السنوات الستة الماضية التي غيبت فيها اسطورة التدريب العربية المرحوم محمود الجوهري ..لم تساهم ولو للحظة في غياب هذا النجم الخلوق عن أفكار وعقول جماهير الكرة الاردنية ..ولا حتى عن منظومتنا الكروية من مدربين ولاعبين واداريين ..بعد ان ساهم الجوهري في تحقيق نقلة نوعية لكرة القدم الاردنية تمثلت بالنتائج التي حققها مع منتخب النشامى منذ ان تسلم مهمته الرسمية عام 2002في الادارة الفنية للمنتخب الوطني ..وحتى بعد ان غيبه الموت عام 2012 ..وهو قادم من جولة تدريبية مع الجيل الصاعد من نجوم الكرة الاردنية في مراكز الامير علي للواعدين ..التي كانت احدى ثمار جهوده وافكاره من أجل خلق جيل جديد لكرتنا ..يحمل الراية بعد اعتزال الكبار ..وهو الذي اسس لهذا العمل بعد ان انهى ارتباطه بالمنتخب قبل ان يعود الى الاردن ليعمل مديرا فنيا في اتحاد الكرة ومستشارا للامير علي بن الحسين رئيس الاتحاد .. من خلال أنتشار تلك المدارس في معظم محافظات ومدن المملكة .. والتي قدمت مجموعة كبيرة من اللاعبين يمثلون اندية المقدمة في البطولات المحلية ..والبعض منهم طرق بوابة منتخبنا قادما من تلك المدارس الكروية المهمة .

ولعل الجيل الجديد من اللاعبين وحتى الجماهير والمتابعين ...لم يتسنى لهم الوقوف على حجم التطور والتقدم والانجاز الذي سجله الكابتن الجوهري على صعيد منتخبنا الوطني ... وهو الذي تسلم كرتنا بعد تراجع في المستوى الفني وتأخر في الترتيب العربي والاسيوي ..بسبب التخبط الذي عانت منه جراء تقلب المدربين وعدم الثبات على مدرسة معينة يسير عليها النشامى في سعيهم الجاد لملامسة التطور والتقدم الذي اصاب الكرة في منطقتنا العربية والاسيوية .. حضر الجوهري بكادره المصري المدرب العام علاء نبيل ومدرب الحراس البارع فكري صالح ومدربنا الوطني جمال ابو عابد ..الى جانب الاداري المحنك احمد قطيشات ..منظومة محترفة منسجمة عملت بجد وجهد وتعب وعطاء ..انطلق شيخ المدربين يحاور الاندية ويقدم برنامج عمله ...غازل الصحافة والاعلام ونجح باستقطابهم باعتباره يؤمن تماما بأن المنتخب بدون أعلام كالساعي الى الهيجا بغير سلاح ..كسب الجميع بالود الصادق واللطف الناعم ..والاخلاق العالية فكانت تلك اللمسات بمثابة المقدمة للنجاح الذي رافق المسيرة فيما بعد ...

الظهور الاجمل

فترة قصيرة من عمر الزمن كان خلالها النشامى نغمة ترددها حناجر الجماهير ..ولعل المشاركة الاقوى والاجمل تلك التي حققها منتخبنا الوطني في نهائيات بطولة كأس اسيا في الصين 2004 .. وهناك ابدع الجوهري مع نجومنا وقاد المنتخب لقهر اقوى منتخبات اسيا ..محققا الظهور الاول لكرتنا في الدور الثاني من البطولة عبر تاريخها ..ومسجلا تفوقا كبيرا على منتخب اليابان القوي وباغته بهدف رائع للنجم محمود شلباية قبل ان يستفيق الكمبيوتر من صدمة البداية ويحقق التعادل الذي فرض علينا خوض الاشواط الاضافية ثم اللجوء لركلات الترجيح ..وهنا حصلت الواقعة التي لم تشهدها ملاعب العالم من قبل عندما قام حكم المباراة باستبدال المرمى الذي نفذ فيه النشامى ركلاتهم الاولى بنجاح ...فكانت تلك الحادثة تشكل نقطة التحول في اللقاء الذي انتهى بخسارتنا ووداعنا للبطولة.. وسط صيحات الاعجاب والتقدير والوفاء من الجماهير الصينية وحتى اليابانية التي تابعت اللقاء فوق مدرجات الملعب الرئيسي في العاصمة بكين ..

الحديث عن الجوهري طويل وممتع جذاب وعذب وجميل بجمال صاحبه ..ها هي السنيين تمر ولا زلنا نفتقد حضوره بعد التراجع الذي اصاب كرتنا وهو الذي استطاع ان يصل بها الى افضل مركز تبلغه 37 على مستوى القارة الاسيوية ...بعد ان حقق مع عجز عنه العديد من المدربين دون ان ننسى انه المدرب الوحيد الذي تجرأ وخاض أقوى التجارب الودية مع اقوى منتخبات القارة وتفوق عليها ..وقدم منتخبا هو الاجمل عبر تاريخ الكرة الاردنية باسماء لامعة ..عبد الله ابو زمع وحسونه الشيخ وفيصل ابراهيم وعامر شفيع وخالد سعد ومحمود شلباية وبشار بني ياسين وانس الزبون وهيثم الشبول ومؤيد سليم وعامر ذيب وحاتم عقل وحسن عبد الفتاح وغيرهم ...وهو صاحب الفضل في ظهور جيل جديد من المدربين الوطنيين نذكر منهم جمال ابو عابد وعبدالله ابو زمع وراتب العوضات وهيثم الشبول وديان صالح واسلام ذيابات والكثير غيرهم الى جانب انه أرسي الكثير من العمل داخل الاجهزة الفنية ضمن اسس علمية ساعدها على بلوغ النجاح ..ولهذا لا غرو ان الجوهري لم يغب عن بال عشاق الكرة الاردنية فهو ارسى دعائم المحبة في قلوب الجميع وكان بمثاية نهر العطاء الذي جف وغاب  .