كيف سيرد الأردن على القرار الأميركي؟!
بات واضحا، ان واشنطن تصفي القضية الفلسطينية، تدريجيا، وبإجراءات أحادية الجانب، حتى دون صفقة او ثمن، وليس ادل على ذلك من قرار واشنطن وقف تمويل وكالة الغوث الدولية « الاونروا» بما يعنيه ذلك من تأثيرات خطيرة على ذات القضية وعلى اللاجئين، والدول المستضيفة ايضا.
وزير الخارجية أيمن الصفدي يقول في تصريحات صحافية له أن دعم الوكالة هو مسؤولية قانونية وسياسية وأخلاقية لضمان حق اللاجئين في العيش الكريم والتعليم والخدمات الصحية، ويجب أن يستمر تأكيدا على أن قضية اللاجئين الفلسطينيين هي قضية من قضايا الوضع النهائي تحل وفق قرارات الشرعية الدولية وخصوصا القرار 194 ومبادرة السلام العربية وبما يضمن حق العودة والتعويض.
كلام الوزير يؤشر على ما هو اخطر، اذ من ناحية انسانية، هناك اضرار خطيرة جدا، على الخدمات التي يتم تقديمها لهؤلاء اي التعليم وتمويل مدارس الوكالة في الاردن، ومناطق اخرى، اضافة الى الرعاية الصحية، وهذا يعني فعليا التسبب بأضرار حادة لهؤلاء خصوصا في الدول التي لم تتمكن لاسباب مالية، من تعويض هؤلاء او تقديم خدمات بديلة لهم، وفيما يخص الاردن حصرا، فهو سيجد نفسه بعد قليل امام مشكلة كبرى، تتعلق بتعويض النقص بشأن هؤلاء، برغم ان هذه ليست مهمة الاردن وحيدا، لكن من ناحية قانونية ولكونهم مواطنين اردنيين، فإن فاتورة قطع التمويل الاميركي، ستنعكس سلبا على الخزينة الاردنية، فوق مافيها من اثقال وهموم.
النقطة الثانية، وهي الاشد خطورة، تتعلق بالسعي لانهاء صفة اللجوء عن هؤلاء، عبر وقف اعمال الوكالة الدولية التي تكرس معنى اللجوء القانوني، وحقوقه، مثل حق العودة، وهذا يعني ان المسعى الاميركي يريد شطب حق العودة فعليا، وتوطين اللاجئين في دولهم، وهذا الامر يصب في اطار تصفية القضية الفلسطينية، التي سبق ان تعرضت لطعنة تتعلق بالقدس، ونقل السفارة الاميركية اليها، اضافة الى قانون يهودية الدولة وما يعنيه من استحقاقات طويلة المدى، على صعيد الفلسطينيين.
ما الذي يمكن للاردن فعله هنا، كونه يعد متضررا بشدة، على صعيد الدولة، وعلى صعيد جزء من مواطنيه، ولعل الاجابة تتمحور حول اضطرار الاردن بكل قوة للدفاع عن وجود الوكالة والحشد لتمويلها، من دول بديلة، لكن المشكلة الاكبر تكمن في التأثير الاميركي على الدول الممولة المحتملة، وما تخفيه الاتصالات، من منع لدول كثيرة من تعويض الحصة الاميركية او جزء منها، واذا كانت هناك دول غربية وعربية اعلنت عن نيتها المساهمة في موازنة وكالة الغوث، فإن العقدة تكمن فعليا، في الاعوام القليلة المقبلة، وقدرة دول العالم على مواصلة الدفع اساسا؟!.
من المفارقة هنا، ان نتباكى على الدعم الاميركي، للاجئين الفلسطينيين، برغم معرفتنا ان واشنطن في الاساس، حاضة لاسرائيل، وراعية لتطلعاتها، لكن وقف الدعم كشف ما وراء القناع الذي تتستر به واشنطن في المنطقة، عبر انحيازها الكلي والعلني، لاسرائيل، عبر هذا التوجه، الذي يعني من جهة اخرى، توطين الفلسطينيين وشطب حق العودة، وتوزيع حمل اللاجئين على دول جوار فلسطين، حصرا، وعلى الداخل الفلسطيني حيث توجد مخيمات ومدارس للوكالة وخدمات صحية ايضا، مما يعني ان امتداد مشكلة وقف التمويل ستظهر داخل فلسطين وخارجها.
نحن امام تحولات كبرى، لم تأت فجأة، ولربما الشك في اعلى درجاته حول القدرة على اقناع واشنطن بالعودة عن قرار وقف التمويل، وهو قرار رحبت به اسرائيل، كونه ينهي قصة اللجوء، خصوصا، حين نعرف ان الوكالة تقدم الدعم حاليا لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني مسجل وتوفر التعليم لـ526 ألف طفل في الأراضي الفلسطينية وفي المخيمات في سوريا ولبنان والأردن.
علينا ان نعرف هنا، ان واشنطن لن تكتفي بوقف التمويل، بل ستتدخل لدى دول كثيرة، لمنع دفع تمويلات اضافية، وعلى المدى المتوسط فإن وجود الوكالة بات مهددا بشكل واضح، بما يعنيه ذلك من تأثيرات على ماهية قضية اللجوء، وارتباطها بحق العودة.
الدستور