ترامب يحكم بـ"عصا الاقتصاد" لفرض "نظام الطاعة"

الانباط تنشر تفاصيل اللقاء الذي أحدث الأزمة بين واشنطن وتركيا

 

عواصم – وكالات – رصد للانباط- مامون العمري

 

على ما يبدو ان العلاقات الدولية  دخلت عصراً جديداً إثر سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، القائمة على المعاقبة الاقتصادية  لكل من يخالف الولايات المتحدة، وما الأزمة الأخيرة في تركيا الاّ دليلاً واضحاً على مقدرته على تنفيذ تهديداته والشاهد ايضا حاضر في ايران  ومع روسيا والصين ، وأميركا قادرة بواسطة اقتصادها الذي يشكّل ثلث إقتصاد العالم، أن تفرض "نظام الطاعة" على أيّ نظام سياسي، حيث أن كلّ دولة تصدّر الى أميركا تصبح رهينة لها، وبالتالي فإن أي قرار أميركي بوقف التعامل التجاري معها، انطلاقاً من هذا الواقع، كفيل بتدمير اقتصادها.

 الانباط في عددها اليوم  تقارب بين  ما ذهبت اليه من نظرية "عصا الاقتصاد " الى الحقيقة  الواقعة  في فرض الهيمنة على مسارات الامور في هذه الدول  التي اشرنا  لها وفي مقدمتها ( ايران وتركيا ) ، والشاهد  عندما هزّت العقوبات الأميركية عرش الليرة التركية بصورة مباشرة، فسجّلت مستويات متدنية قياسية ليلة الأحد 12 آب عند 7.24 ليرة مقابل الدولار، بفعل الخوف الذي دفع الى بيع الليرة بكميات كبيرة.

صحيح ان تراجع العملة التركية بدأ منذ قرابة العام، حيث فقدت أكثر من 40% من قيمتها مقابل الدولار ، حيث تبدو الهواجس المتعلقة بتأثير الرئيس رجب طيب أردوغان على الاقتصاد ودعواته المتكررة إلى خفض أسعار الفائدة في مواجهة ارتفاع التضخم، يضاف الى ذلك التعديل الدستوري الذي أجراه مع بداية ولايته الرئاسية الجديدة، حيث انتزع استقلالية المصرف المركزي التركي، من خلال وضع صلاحية تعيين الحاكم بين يديه )وهو ما اعتبر مساس باستقلالية القطاع، الأمر الذي أدّى الى انخفاض الثقة به، وفي هذا السياق).

اما اذا اردت ان اتحدث عن السياسة الخارجية التركية وكيف دفعت بها الى هذه الازمة فأنني اقف عند  محطات  للسياسة الخارجية التركية :-

المحطة الاولى :-  محطة دعم تركيا لدولة قطر في مواجهة ازمة المقاطعة  الخليجية –المصرية والتي  انعكست بانخفاض  الصادرات التركية بواقع 70% الى الامارات العربية المتحدة  والسعودية والبحرين .

المحطة الثانية :- التقارب في العلاقات مع روسيا  ، والاصطفاف في معسكر (روسيا –ايران ) في المسألة السورية  واللقاءات التي عقدت خلال اوج الازمة  والتي حيدت  الدور الامريكي  تضاف الى ما يتعلّق  بصفقة "اس 400" .

المحطة الثالثة :- البحث  في مصير امرأةٍ تركية مُحتَجَزة في إسرائيل توسَّط ترامب لإطلاق سراحها، وقسٍّ أميركي مُحتَجَز في تركيا يُطالب بإطلاق سراحه في المقابل اذ زعم مسؤولون في أنقرة بأنّ تدهور الليرة التركية الذي يُعرِّض الإقتصاد التركي للخطر قد وقع إثر مواجهة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول مصير امرأةٍ تركية مُحتَجَزة في إسرائيل توسَّط ترامب لإطلاق سراحها، وقسٍّ أميركي مُحتَجَز في تركيا يُطالب بإطلاق سراحه في المقابل. وسردت صحيفة The Guardian البريطانية تفاصيل هذه تدهور الليرة التركية، وقالت - وفقاً لزعم قادة أتراك- إنَّ إطلاق سراح كلٍّ منهما - إبرو أوزكان المسجونة بسبب صلات مزعومة تربطها بحماس، وأندرو برونسون المُبشِّر المسيحي من كارولينا الشمالية- في وقتٍ متزامن قد نُوقش في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في 11 تموز الماضي .

 

تدهور الليرة التركية

 ليس سببه إقتصادي فقط بل سياسي أيضاَ

 

وكانت السلطات الإسرائيلية اعتقلت أوزكان (27 عاماً) في 11 حزيران الماضي من مطار بن غوريون، أثناء عودتها إلى إسطنبول بعد زيارة للقدس ومنعتها من التواصل مع أهلها طيلة هذه الفترة، قبل أن يوجه لها الادعاء العسكري الإسرائيلي، لائحة اتهامات شملت مساعدة حركة حماس، وتقديم خدمات متنوعة لها، وتخريب النظام العام للدولة، وإدخالها إلى البلاد نقوداً من جهة معادية. وقد سبقت المناقشة أزمة الثقة التي تسببت في تدهور الليرة التركية الآن، ولكن يُنظَر إليها باعتبارها سبباً سياسياً لسلسلةٍ من الإجراءات الأميركية التي بلغت ذروتها في فرض تعريفات جديدة على تركيا يوم الجمعة 10 آب الماضي. وأُطلِقَ سراح أوزكان، 27 عاماً، بعد يومٍ من القمة، لكن برونسون لا يزال قيد الإقامة الجبرية في مدينة إزمير الساحلية. ويُمثِّل القس شخصيةً محورية في الأزمة سريعة التصاعد، حيث تعيش تركيا تدهور الليرة التركية وتراجعت إلى مستوى جديد بلغ 7.2 مقابل الدولار قبل أن تستقر في وقتٍ لاحق يوم أمس الإثنين 13 آب، وسط مخاوف واسعة إزاء الخطر المحدق باقتصاد البلاد في ظلِّ مستوياتٍ لا يمكن تحمُّلها من الديون الخارجية.

 وتضمنت لائحة الاتهام ضد القسّ الأميركي برونسون حسبما ذكرت وكالة الأناضول في تقرير لها، أن الأخير "كان يعرف الأسماء المستعارة لقياديين من "غولن" والتقاهم، وأنه ألقى خطابات تحرِّض على الانفصال وتتضمن ثناءً على منظمتي "بي كا كا" و"غولن" في كنيسة ديريلش بإزمير". وأكدت اللائحة ضد القسّ الأميركي "توجه برونسون مراراً إلى مدينة عين العرب (كوباني) شمالي سوريا، التي ينشط فيها تنظيم (ي ب ك/بي كا كا) الإرهابي، وقضاء سوروج المحاذي لتلك المدينة السورية وذلك في إطار الاستراتيجية العامة لـ(بي كا كا)". كما احتوت اللائحة على رسالة بعثها برونسون إلى أحد المسؤولين العسكريين الأميركيين يُعرب فيها عن حزنه لفشل محاولة الانقلاب في تركيا، منتصف تموز 2016.

 

ووقعت الليرة ضحية سوء فهم بين أردوغان وترامب

 

وفي حين تسبَّبَت العوامل الاقتصادية الأساسية وتدهور الليرة التركية في اضطراب الأسواق العالمية لبعض الوقت، لا تبدو الخلفية السياسية الجلية لأزمة تركيا واضحة بما يكفي. فقد قال مراقبٌ تركي مُطَّلِع ومُقرَّب من صانعي القرار إنَّ الرئيس الأميركي قد أساء فهم المحادثة التي جمعته بالرئيس التركي، فاعتقد أنه حصل على ضمانٍ من نظيره بإطلاق سراح برونسون بعد إقناعه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بإطلاق سراح أوزكان. من ناحيةٍ أخرى، اعتقد أردوغان أنه وافق على عمليةٍ تقضي بنقل برونسون، أحد سكان تركيا منذ 23 عاماً، من السجن إلى الإقامة الجبرية قبل إطلاق سراحه نهائياً. وقد نُقِل القس الأميركي بالفعل إلى الإقامة الجبرية في 25 تموز الماضي.

 وقال المصدر لصحيفة The Guardian البريطانية: "لقد حدث ذلك على هامش قمة الناتو". وتابع: "طلب أردوغان مساعدة ترمب بشأن الفتاة المسجونة في إسرائيل. لم يكن هناك أحدٌ سواهما والمترجم. ورد ترمب: "أحتاج إلى تغيير بعض الأمور في قضية القس أولاً". وعندما رد أردوغان بالموافقة، قصد أننا نعمل على ذلك. بعد ذلك، أفسد مايك بنس، نائب رئيس الولايات المتحدة، الأمور لاعتبارات الانتخابات النصفية. فأساء ترمب فهم العملية باعتبارها توصلاً إلى اتفاق".

 كان إطلاق سراح برونسون قضيةً أساسية بالنسبة للإنجيليين الأميركيين الذين يُشكِّلون حجر الزاوية في قاعدة ترمب المحلية. وكان بنس قد تناول قضية إطلاق سراحه مُحذِّراً الشهر الماضي، تموز، من أنه "إذا لم تتخذ تركيا إجراءاتٍ فورية لإطلاق سراح رجل الدين البريء هذا وإرساله إلى أميركا، فإنّ الولايات المتحدة ستفرض عقوباتٍ كبيرة على تركيا". وأصر بنس والإنجيليون على أنّ اعتقال برونسون كان بسبب إيمانه، وهو ادعاء نفته بشدة أنقرة، التي تتحسس من ادعاءات استهداف المسيحيين خوفاً من الأضرار التي قد تلحق بقطاع السياحة القوي بالبلاد.

 واعتُقِلَ برونسون في تشرين الأول 2016، بعد ثلاثة أشهر من محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الرئيس التركي، تلك المحاولة التي اعتُبِرَت على نطاقٍ واسع أنها كان من تدبير الزعيم المنفي لحركة غولن السياسية، فتح الله غولن، الذي عاش في ولاية بنسلفانيا الأميركية على مدار العقدين الماضيين. وبعد عامٍ واحد، طالب أردوغان في خطابٍ له بتسليم غولن، الداعية والحليف السياسي السابق: "لديكم داعية، ولدينا واحد أيضاً. أخبرت الولايات المتحدة أن تسلِّمه لنا، وسنسلِّم لهم القس. فكان ردهم: دعك من هذا الموضوع".

 

يرفض أردوغان الإفراج

عن القس الأميركي

 

ونفت تركيا أمس الإثنين أنها تخطِّط للإفراج عن برونسون، واستمر أردوغان في تحديه للتعريفات الجديدة المفروضة على الصلب والألمنيوم، وأصرَّ على أن منهجه غير التقليدي في الاقتصاد يظل هو الحل. والتزم أردوغان بالحفاظ على أسعار فائدة منخفضة، رغم الارتفاع المطرد للتضخم، وهو موقف لا يشاطره إياه كبار الاقتصاديين داخل تركيا وخارجها. كما أحكم سيطرته على البنك المركزي وعيَّن صهره، بيرات البيرق، وزيراً للخزانة والمالية. وقد استقبلت الأسواق العالمية تحركاته بشكل سيئ، ويعتقد الخبراء الاقتصاديون الكبار أنها ساهمت في تراجع الثقة في أساسيات الاقتصاد التركي. ويرى اقتصاديون أنّ الركود شبه حتمي في تركيا، ورُغم أن اقتصادها يُمثل 1٪ فقط من الاقتصاد العالمي، هناك مخاوف من انتقال العدوى إلى منطقة اليورو المجاورة وغيرها من اقتصادات الأسواق الناشئة. تصاعدت المخاوف من أزمة عملة كاملة في الأسواق الناشئة في وقتٍ متأخر أمس الاثنين مع عدم وجود خطة لوقف تراجع الليرة وهو ما ترى فيه المراكز الاستثمارية الأوروبية أزمةً عميقة. وقال أندرو بيرش، الخبير الاقتصادي الرئيسي في شركة IHS Markit البريطانية: "إنَّ التغييرات التي طرأت على متطلبات الاحتياطي في الأيّام الأخيرة وخطة العمل الحكومية غير المحددة لم تحقق شيئاً يُذكر حتى تستقر الليرة".

 وتابع: "هناك حاجةٌ إلى أكثر من مجرد الوعود الرسمية للخروج من الأزمة الحالية.  الخطوة الأكثر إلحاحاً والتي يجب اتخاذها لإنقاذ الليرة هي رفع حاد في سعر البنك المركزي. وإذا اتُخذت هذه الخطوة تزامناً مع التحول في الخطاب الحكومي، فقد يتوقف انخفاض الليرة وربما تتباطأ تدفقات استثمارات الحوافظ المالية". وفي جميع أنحاء تركيا، أصبحت الشركات التي تتعرَّض للدين بالدولار الأميركي تدفع زيادةً تصل إلى 40٪ عمَّا كانت تدفعه قبل أسبوع لتسديد القروض. وفي حين تعني الليرة المتدهورة عطلات أرخص للسياح، تواجه الشركات التي تدعم صناعة السياحة ضغوطاً متزايدة. وقال محمد جوكغين، بائع فاكهة في إسطنبول: "لا يبدو أن هذه مشكلةٌ ستُحل قريباً. دائماً ما يكون الوضع كذلك؛ يدفع البسطاء ثمن السياسة العالمية التي لا يفهمونها حتى".

 

البدائل التركية

 

أبدت روسيا رغبتها في أن يكون التبادل التجاري مع تركيا بالعملة الوطنية، كذلك أعلنت ايران دعمها لتركيا ولشعبها في مواجهة "الحرب الأميركية الشرسة".

"نظرياً من الممكن أن تتم التعاملات التجارية بالعملة الوطنية أو أن تستخدم  الدول المعنية "نظام تبادل البضائع"، لكن عملياً الأمر  لن يؤتي ثماره، لأن التبادل التجاري بين ايران وروسيا وتركيا لن يكون كافياً لأي من تلك الدول لتلبية حاجات سوقها، وبالتالي فهي مرغمة على التوجه الى المصادر الاخرى.

الكاتب ريك نواك، قال في تقرير بصحيفة "واشنطن بوست"، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يخادع مثل الاتحاد الأوروبي عندما يكتب في "نيويورك تايمز" أن لبلاده بدائل حقيقية عن الولايات المتحدة.

ورأى نواك، وفق موقع "الجزيرة نت"، أن الشرخ في العلاقات التركية الأميركية كان متوقعا بعد الاختلافات التي استمرت سنوات حول سوريا، والتحولات الديمقراطية والسياسات الاقتصادية، مضيفا أن أنقرة عملت على تعزيز علاقاتها -خلال خلافاتها مع أوروبا وأميركا- مع كل من روسيا وقطر والصين.

وأشار الكاتب إلى أن علاقات تركيا بروسيا لم تعد سرا بدوائر السياسة الخارجية الأميركية. فمنذ الانقلاب الفاشل في تركيا 2016 صعّد أردوغان خطابه ضد أميركا والغرب واتهم الأولى مرارا بالتآمر في تلك المحاولة الانقلابية، وعمل مع روسيا وإيران لتنسيق السياسات تجاه سوريا، الأمر الذي يوضح حجم الشقة بين حليفي الناتو.

ولفت الكاتب الانتباه إلى ما قاله البرلماني التركي السابق أيكان إرديمير في 2016 من أن أميركا لم تعد موضع اهتمام لأردوغان، لأن بالشرق الأوسط هناك أهمية للأعمال وليس الخطب، وأن أنقرة تعتبر أميركا تتكلم ولا تفعل شيئا.

وعلق على إعلان تركيا أنها تخطط لتطويق الرسوم الأميركية بالتخلي عن الدولار في تعاملها التجاري مع الصين وروسيا، قائلا إن الصعوبة التي تواجه ذلك هي أن التحوّل من الدولار إلى آلية مالية أخرى بحاجة لوقت طويل.

ولقطر علاقات عميقة بتركيا، فهناك قوات تركية بقطر، واتفق الجانبان على تنظيم تدريبات عسكرية مشتركة. وفور بدء الحصار ضد قطر من قبل الدول العربية الأربع، والذي أسفر فقط عن نتائج عكس ما ترغب دول الحصار حتى الآن، أرسلت تركيا طائرات نقل لقطر في خطوة ذكرت البعض بالجسر الجوي الذي أنقذ برلين أيام حصارها من موسكو في الأربعينيات. وبالمقابل زادت قطر استثماراتها في تركيا.

وبالنسبة للصين، فمن النظرة السريعة الأولى لا تبدو بكين أنها ستكون الشريك النموذجي لتركيا ذات الأغلبية المسلمة بسبب اضطهاد أقلية الإيغور المسلمة بالصين، لكن الصين تعد تركيا بتحقيق ما رغبت فيه طويلا ولم تنجح في الحصول عليه من الغرب وهو الانضمام لتكتل دولي كبير. فقد أشارت الصين إلى أن تركيا بإمكانها الانضمام إلى منظمة التعاون بشنغهاي.

وأعلنت الصين وتركيا الأسبوع الماضي تعزيز علاقاتهما العسكرية في وقت يبدو فيه مستقبل "حلف الناتو" غير مطمئن أكثر من أي وقت مضى، كما أن التجارة بين البلدين زادت 27 ضعفا لتصل إلى حوالي 27 مليار دولار خلال الأعوام الـ15 الماضية.

في السياق، قال الكاتب أنطون تشابلين، في تقرير بصحيفة "سفوبودنايا بريسا" الروسية، إن الولايات المتحدة أطلقت في السنوات الأخيرة حروبًا مالية ضد الدول التي تجرأت على المطالبة بسياسات اقتصادية مستقلة. واليوم، في واشنطن، يفرضون عقوبات لا نهاية لها ضد روسيا، ورسوما ضخمة على الواردات التركية.

وأضاف تشابلين: "لقد عانت تركيا بشكل خطير من حرب التجارة الأمريكية ضدها: فمنذ بداية العام، انخفضت قيمة عملتها الوطنية بنسبة 20%. والآن القيمة الحقيقية لليرة التركية في أدنى مستوياتها في التاريخ"، وفق وكالة "RT".

وتابع: "إنما أردوغان يقود السياسة الأكثر اتساقا وصلابة في المواجهة مع الولايات المتحدة. ففي شهر مايو الماضي، ناشد الأمة، مطالبا بالتخلص من الدولار الأمريكي، والتحول إلى العملة الوطنية - الليرة التركية.

تريد تركيا نقل العمليات التجارية مع الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين (بما في ذلك روسيا والصين) إلى العملات الوطنية. هذا، وفقا لأردوغان، سيخلصهم من ضغط الولايات المتحدة الاقتصادي والسياسي".

وفي مؤتمر صحافي عقد بعد قمة مجموعة بريكس في جنوب إفريقيا، وعد أردوغان بإصدار سندات حكومية مقومة باليوان، لتجنب تأثير "التقارير المتحيزة" لوكالات التصنيف الغربية وتنويع مصادر تمويل الاقتصاد الوطني.

في الصدد، قال كبير الباحثين في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ميخائيل روشين، في الإجابة عن سؤال عما إذا كانت الضغوط الأمريكية ستقرب بين موسكو وأنقرة:

"من الواضح أن سياسة ترامب "تفجر" التوازن السياسي الذي تطور في المجتمع الدولي. نحن نرى ذلك في تشكيل علاقات أمريكية جديدة مع الحلفاء الأوروبيين وفي مراجعة علاقاتنا مع تركيا.

وأنا على ثقة بأن تركيا، في ظل الظروف الجديدة، ستزداد قربا من روسيا، ومع إيران تدريجيا. وفي الوقت نفسه، ما يقربنا من تركيا ليس فقط  التفاعل السياسي المتنامي، إنما والمصالح الاقتصادية المشتركة".

نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، تقريرًا للكاتب "إيغور سوبوتين"، يتناول التنسيق بين تركيا وروسيا لمواجهة الحرب الاقتصادية الأمريكية ضدهما.

وقال الكاتب إن تركيا تستعد للتحول إلى التعامل بالعملة الوطنية مع أكبر شركائها التجاريين، بما في ذلك روسيا، مشيرًا إلى تصريحات في هذا الصدد للرئيس رجب طيب أردوغان.

وأضاف: "انخفض سعر الليرة التركية إلى مستوى تاريخي غير مسبوق. كان السبب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع الرسوم الجمركية على الألومنيوم والصلب التركي"، حسب وكالة "RT".

وتابع الكاتب: "وجدت روسيا وتركيا نفسيهما في وضع متشابه. فالتقلبات في العملة الروسية، تعود أيضا إلى حزمة العقوبات الجديدة التي ستفرضها الولايات المتحدة في 22 أغسطس/ آب بسبب مسؤولية السلطات الروسية (على حد زعمهم) في تسمم العقيد السابق (في الاستخبارات الروسية) سيرغي سكريبال، وابنته يوليا في سالزبوري البريطانية".

وفي الصدد، رأى الباحث السياسي التركي كريم هاس، إن "أنقرة، في وضعها الاقتصادي الصعب وعلاقاتها المتوترة مع الغرب والولايات المتحدة، سوف تضطر أخيرا للمضي في التقارب مع روسيا، ولكن بشروط موسكو".

واعتبر هاس أن هذا الوضع يخدم الكرملين، لأن روسيا بحاجة إلى أنقرة في العديد من القضايا المتعلقة بتسوية النزاع السوري.

وأشار إلى محادثة هاتفية جرت في 10 آب بين أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والتي نوقشت فيها مسائل متعلقة بسوريا إلى جانب قضايا أخرى.

بالإضافة إلى ذلك، سيعقد في 13-14 آب، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اجتماعا مع نظيره التركي في أنقرة.

وقال الرئيس التركي: "سنرد على أولئك الذين شنوا حربًا اقتصادية على العالم بأسره بما فيه تركيا، عبر التوجه إلى أسواق جديدة وعقد تحالفات جديدة". 

وأضاف أردوغان: "كما أن أولئك الذي يعتقدون أن تركيا تتكون من منطقة جغرافية ضيقة ممتدة من ولاية أدرنة إلى ولاية قارص سيدركون في المستقبل أنهم على خطأ في كل خطوة يتخذونها".

وأكّد أنه "لا يمكن لفتوّات النظام العالمي بغض النظر عن أسمائهم وصيتهم وأحجامهم والدور الذي فصَّلوه لأنفسهم أن يتعدوا بفظاظة ودون استئذان على مكتسباتنا التي دفعنا ثمنها بدمائنا".

وتابع: "لا يمكن لأحد على وجه الخصوص أن يفرض علينا إجراءات غير قانونية باسم القانون".

 

حجم التجارة الأمريكية التركية

 

حسب إحصائيات هيئة الإحصاء التركية، فإن حجم الواردات التركية من الولايات المتحدة الأمريكية حتى نهاية 2017 بلغ 11.95 مليار دولار ، في حين كان حجم الصادرات التركية للولايات المتحدة 8.65 مليارات دولار.

وتعتبر الولايات المتحدة رابع أكبر مصدر للواردات التركية بعد (الصين وألمانيا وروسيا وبريطانيا)، وخامس أكبر سوق للمنتجات التركية بعد (ألمانيا وبريطانيا والإمارات والعراق)، ويتسبب أي تهاوٍ للاستيراد التركي من أمريكا بخسائر مليارية لا يقوى عليها العقل الاقتصادي المندفع للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

 

أهم السلع التي تستوردها تركيا من الولايات المتحدة

 

•الطائرات الحربية والمدنية وطائرات الهيلوكوبتر، وتمثل 20% من إجمالي السلع المستوردة.

•الحديد؛ ويمثل 6.3%.

•القطن، ويمثل 4.8%.

•طوربينات الغاز، وتمثل 3.8%.

 

أهم السلع التي تستوردها الولايات المتحدة من تركيا

 

•قضبان الحديد الخام، ويمثل 6.9% من إجمالي الواردات الأمريكية من تركيا.

•السجاد اليدوي، ويمثل 4.1%.

•قطع غيار الطائرات، ويمثل 3.6%.

•أحجار البناء، وتمثل 3.6%.

 

بدائل تركيا في استيراد الحديد الصلب

 

يعتبر الحديد الصلب نقطة جوهرية في النزاع واندلاع الأزمة بين واشنطن وأنقرة، لكن مصادر الحديد لتركيا متعددة.

•تستورد تركيا 18% من احتياجها من الحديد من الولايات المتحدة.

•تستورد 13% من روسيا.

•في حين تستورد 14% من المملكة المتحدة.

 

وهذا يعني أن تركيا لديها بديل استراتيجي وهو:

 

1.روسيا التي تتطلع لتعزيز حجم التبادل التجاري مع تركيا، وتسعى إلى التقارب أكثر مع أنقرة، خصوصاً في ظل الأزمة الحالية مع الولايات المتحدة.

2.المملكة المتحدة التي تبحث هي الأخرى عن تعزيز لتجارتها خصوصاً بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.

 

بدائل استيراد الطائرات

 

مصادر استيراد تركيا للطائرات الحربية والمدنية وطائرات الهيلكوبتر تتوزع كما يلي:

49 %  تأتي من الولايات المتحدة.

27 %  من فرنسا.

16 % من ألمانيا.

سبب ارتفاع الواردات التركية من الولايات المتحدة هو علاقة التحالف التي كانت قائمة بين الطرفين، لكن تغير المعطيات وتوجه تركيا باتجاه التصنيع، إضافة إلى تصريحات أنجيلا ميركل (أنه من مصلحتها وجود تركيا قوية اقتصادياً)، يشير إلى أن أنقرة لن تواجه أي صعوبة في تعويض النقص إذا ما قررت قطع العلاقات مع واشنطن.

 

بدائل استيراد القطن

 

تتعدد مصادر استيراد تركيا للقطن كما يلي:

•تستورد 42% من احتياجها من القطن من الولايات المتحدة.

•لكن 14% من القطن يأتي من تركمانستان.

•وكذلك 13% مصدره من البرازيل.

وفي ظل العلاقة الاستراتيجية مع تركمانستان والممتازة مع البرازيل لن تواجه أنقرة أي صعوبة في تعويض النقص الأمريكي من القطن.