دعوات علمية وعالمية لتنظيم الفضاء الالكتروني  دون تقييد  حرية الرأي

صناعة الفوضى الالكترونية في الاعلام  ...

 

الانباط :- متابعة - مأمون العمري

مع تزايد الاعتماد البشري على الهواتف الذكية، صارت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية لمستخدمي الإنترنت؛ لتصبح منصات التواصل الاجتماعي نفسها أداة تغيّر بها شكل الدعاية والإعلان وتكوين الوعي حول العالم، فتلك الأداة هي الأقوى الآن فيما يتعلق بعملية ما يعرف بصناعة البروباجندا التي حدثنا عنها ناعوم تشومسكي وإدوارد هيرمن في كتاب "صناعة الإذعان: الاقتصاد السياسي لوسائل الإعلام الجماهيرية"

اليوم نحن في " الانباط " نطالع في متابعة استقصائية  ، ما يمكن ان نطلق عليه صناعة  الفوضى الالكترونية  التي تجتاح العالم ، رغم كل النداءات التي تصم  امامها  الاذآن  عن صياغة ميثاق تنظيمي  لهذه المواقع ، ورغم سعي كثير من الدول الى تنظيم التعاطي مع هذه المواقع، وتجريم ما بات يعرف بالجريمة الالكترونية .

 والحقيقة التي لابد ان نسلم بها اليوم  ان «الإعلام الإلكتروني»  استطاع أن يفرض واقعاً مختلفاً على الصعد الإعلامية والثقافية والفكرية والسياسية، فهو لا يعد تطويراً فقط لوسائل الإعلام التقليدية، وإنما وسيلة إعلامية احتوت كل ما سبقها من وسائل الإعلام من خلال انتشار المواقع والمدونات الإلكترونية وظهور الصحف والمجلات الإلكترونية التي تصدر عبر الإنترنت، بل إن الدمج بين كل من هذه الأنماط والتداخل بينها أفرز قوالب إعلامية متنوعة ومتعددة بما لا يمكن حصره أو التنبؤ بإمكانياته: إعلام المستقبل - والعالم يتجه اليوم في شكل عام نحو الإنترنت وتطبيقاته في المجالات المختلفة.

هذا الرأي قد لا يتوافق معه تماماً إعلاميون وسياسيون ومثَقفون على رغم مواكبتهم التكنولوجيا، إذ يعتبرون أن ظاهرة الإنترنت التي تشمل مواقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك، تويتر، يوتيوب...) واستقطبت الكبار والصغار وأثارت فضولهم في بادئ الأمر، يساء استخدامها، وأصبحت منبراً يسهّل فكرة التحريض ويُستخدم لإثارة الفتنة ونشر التطرّف. ووصف بعضهم الإعلام الإلكتروني بأنه كـ»وجبة الأكل السريعة» لناحية نقل المعلومة، فالطعام الطيب يستوجب طبخه وقتاً، والسرعة لا تحمل الدقة والصدقية أحياناً.

 أما الإعلام التقليدي فهو كـ»فن الأكل» (Gastronomie) الذي يعتمد تقنيات فن الطَّبخ الصحّي للحصول على النَّكهة المرغوبة للطعام. ولعل الضجة الإعلامية التي أثيرت حول شبكة الإنترنت لم تأت من فراغ، اذ يعتبر الخبير في التواصل الإعلامي رمزي النجار أن «لبنان اليوم يعاني من تجارة الرأي العام» وأنه «من الخطأ القول إن الإعلام الإلكتروني سينوب عن الإعلام التقليدي لأن الإعلام الإلكتروني هو إعلام «وجبة سريعة».

ويعتبر الإعلام الإلكتروني المقروء والمرئي والمسموع، ظاهرة إعلامية جديدة، فهو يتميز بسرعة الانتشار والوصول إلى أكبر عدد من الجمهور وبأقصر وقت ممكن وأقل تكلفة، وبات يشكل نافذة مهمة جداً لنشر المعلومات والحصول عليها، وبالتالي ظهر جيل جديد لم يعد يتفاعل مع الإعلام التقليدي بقدر ما يتفاعل مع الإعلام الإلكتروني، والذي يسمى بالجيل الشبكي أو جيل الإنترنت .

ثورة الاتصال التي غذاها بقوة مؤخرا الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي أشرعت الأبواب على مصرعيها أمام فرصة تدفق الحقائق و الأخبار و المعلومات، و لكن الحاصل أن ما يتدفق علينا من الأوهام و الأكاذيب من تلك الأبواب أكبر و أخطر و أدعى للتعمية على ما يصل من الحقائق و التشويش عليها حتى ليبدو الأمر أحيانا أفدح من عصر الرقابة و الأبواب المغلقة.

 لقد بتنا نعيش في مشهد اعلامي موبوء تحولت فيه صفحات مواقع التواصل الاجتماعي و القنوات الشخصية على اليوتيب مثلا إلى ما يشبه منصات للقصف الإخباري لا تمل و لا تكل في اقتراف فعل الإخبار بلا حسيب أو رقيب و إن اقتضى الأمر إفتعال الخبر و إفتراءه أو على الأقل التلاعب فيه، حتى أصبح الإخبار هدفا في حد ذاته أهم من الخبر نفسه، و تحول الاعلام عموما إلى أشبه باللعبة، لا يتطلب سوى حاسوب أو مجرد هاتف ذكي أو كاميرا جيب ،و لعل ما ميز المشهد العربي هو الإرتباك والفوضى لدى بعض الناشرين و المدونين أو ما يسمون أنفسهم ب " المؤثرين"، الله أعلم كيف يؤثرون و في من.. و أمام هذا الإسهال في النشر الالكتروني وخصوصاً في الوسائط الإجتماعية، يبدو أننا أمام مضامين هي إعلامية من حيث الشكل و لكنها فارغة عن أي مضمون ،وخلق مواضيع سطحية لصرف إنتباه الجمهور عن القضايا الحقيقية التي تستحق الإهتمام .

الكاتب في صحيفة الشرق الاوسط سلمان الدوسري  يقول " وسائل التواصل الاجتماعي بالطبع هي الغول الذي هدّد أسطورة الإعلام التقليدي، فهي الأكثر انتشاراً وحتى تأثيراً، حيث لم يعد المستخدمون يهتمون بوسيلة الإعلام ذاتها، وإنما بالعلاقة معها، لذلك لا تستغرب أن هناك من يستقي أخباره ومعلوماته من «واتساب»، ويسعى لإقناع الآخرين بمعلومة ليس لها مصدر، المصدر الوحيد هو «واتساب»! فمع ظهور أي تقنية جديدة، يشعر الناس بالحماس والاهتمام والارتباط المذهل بها، مع التذكير أن الأخبار ذات المصداقية التي تنشر في «تويتر» و«فيسبوك» وغيرها لا تعدو كونها نقلاً لما تبثه وسائل الإعلام الأخرى، فوسائل التواصل لا تملك محتوى إخبارياً ولا تنتجه، وما يربط المستخدمين فيها، على حساب الوسائل التقليدية، أنها تقدم الشغف والمتعة، والأسبوع الماضي أظهر استطلاع جديد للرأي نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، أن 24 في المائة فقط من البريطانيين يثقون بمواقع كـ«فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام» فيما يتعلق بالبحث عن الأخبار والمعلومات.

 وفي الولايات المتحدة قال المشاركون في استطلاع أجراه معهد غالوب وسط 20 ألف أميركي تقريباً، إنهم يثقون أكثر في أخبار الصحف وقنوات التلفزيون الرئيسية الوطنية. ويثقون أقل بأخبار مواقع التواصل الاجتماعي.

لا جدال أن وسائل التواصل الاجتماعي أضفت متعة وشغفاً على طريقة تلقي الأخبار، وأضحى الارتباط بها أكثر بكثير من الارتباط بوسائل الإعلام التقليدية، وهذا ما يشكل تهديداً حقيقياً على مضمون الرسالة الإعلامية، وكيفية وصولها دون تشويش للمتلقي، صحيح أن الرسالة الإعلامية عبر وسائل التواصل أصبحت أكثر انتشاراً وتنافسيةً وإمتاعاً، لكنها في الوقت ذاته أكثر عرضة للاختراق والتشويه والتزوير، وهنا يكمن التحدي الكبير في إمكانية الحفاظ على رصانة ودقة الرسالة الإعلامية وسط سيل من الفوضى غير المسبوقة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي يمكن القول: إنها الأكثر انتشاراً، وهي أيضاً الأقل مصداقية، باستثناءات حسابات بعينها لا تشكل إلا نحو 1 في المليون من مليارات الحسابات التي يمتلئ بهم الفضاء الإلكتروني.

 ويستشهد الكاتب  بانه إذا كانت الصحافة الورقية تتعرض لتحديات غير مسبوقة، نتيجة تراجع نسب القراءة، مصحوباً بتراجع عائدات الإعلان، فإن الأزمة لم تعد محصورة بها فحسب، وإنما تعدتها لتصل إلى التلفزيون الذي سجل في 2017 ولأول مرة تراجعاً في عائدات إعلاناته لصالح الإعلان الرقمي، أما من يعتقد أن مواقع الإنترنت في مأمن من الثورة التقنية، فعليه أن يراجع حساباته، فعملاقا الإنترنت «فيسبوك» و«غوغل» يستحوذان على 60 في المائة من عائدات الإعلانات الرقمية، بمعنى إذا كانت القنوات الفضائية تنافس بعضها، وكذلك الصحف تفعل الشيء نفسه للحصول على حصة من كعكة الإعلانات، فإن المواقع الإلكترونية الإخبارية تنافس «فيسبوك» و«غوغل»، فإذا أضفنا أن خدمة الدفع مقابل القراءة أو المشاهدة إلكترونياً محكومة بالفشل في العالم العربي، لعدم وجود قوانين الملكية الفكرية التي تمنع السطو على المحتوى، فإن الصورة تبدو قاتمة جداً على واقع الإعلام.

 

مع غياب أي نموذج واضح لإعلام المستقبل، الذي لا شك سيكون رقمياً بالدرجة الأولى، فإن النافذة الوحيدة الباقية أمام الإعلام التقليدي لمواكبة هذه العاصفة الهوجاء، هو الحفاظ على ماركات إعلامية تتمايز وتختلف عن بعضها بالمحتوى والنوعية، سواء كان ذلك على الورق أو الجوال أو الشاشة في المنزل أو المكتب، أو ربما مستقبلاً في شريحة صغيرة مزروعة داخل جسم الإنسان، الأكيد أن نهاية عصر الجريدة المطبوعة، مثلاً، لا تعني بالضرورة نهاية عصر الصحافة، فالماركة الإعلامية المتميزة وحدها القادرة على البقاء في عين العاصفة، حتى وإن كان النموذج البديل غائباً ولم يخلق حتى الآن.

 ومن الحقائق التي لابد ان نواجهها ايضا  انه اصبح ما يشاركه المستخدمون على منصات التواصل الاجتماعي ذا أهمية بالغة جدًا تكاد تسبب إزعاجًا كبيرًا لأصحاب رؤوس الأموال والأيدولوجيات والأفكار، وبكل تأكيد، الحكومات والأنظمة؛ وهو ما كان له أثر كبير على الحياة السياسية والنسيج المجتمعي في أغلب دول العالم، لأن المحتوى المُنتج من المستخدم نفسه الآن يصل بقية المستخدمين ويؤثر على سلوكياتهم الشرائية وأفكارهم ومعتقداتهم.

ومن هنا نجد كيف أصبح ما تكتبه أنت ذا أهمية، يمكن أن يغير المعادلة، يمكن أن يقلب الموازين وفي هذا السياق،  وقد أوضحت دراسة صادرة عام 2014 من شركة "inpowered" الأمريكية المهتمة بالتسويق الرقمي وتحليل سلوك المستخدم، أن المحتوى أصبح أكثر أهمية خلال الـ5 سنوات التي سبقت الدراسة عن ذي قبل، وقسمت الدراسة التي كانت تقيس سلوك المستخدمين عند تعرضهم لمحتوى عن بعض المنتجات منها هواتف وكاميرات وألعاب فيديو ومنتجات أخرى، المحتوى إلى ثلاثة أقسام: المحتوى المنتج من الخبراء في المنتج، ومحتوى المستخدمين من تعليقات وتقييمات، ومحتوى الشركات المنتجة نفسها، وكانت نتيجة الدراسة أن المصداقية الأكثر كانت للمحتوى الذي أنتجه الخبراء وتعليقاتهم عن المنتج، يليه محتوى المستخدمين وتعليقاتهم على الاستخدام اليومي للمنتج وفي النهاية يأتي المحتوى الترويجي للشركات نفسها.

طبيعة حسابات الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي

 

  الكاتب والمدون المصري  اسامة الشامي يقول :- ان عملية تشريح وتفكيك لطبيعة الحسابات (Accounts) على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى حسابات الجمهور وليس الجمهور نفسه، لأن كل الجمهور لديه حسابات، لكن ليس بالضرورة أن تعكس الحسابات جمهورًا حقيقيًا، فبعضها وهمي ومبرمج، فنحن لدينا 4 تصنيفات للحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تعتمد على العلاقة بين الهوية الحقيقية والهوية الرقمية لكل شخص، فهويتي الحقيقية هي ما أنا عليه على أرض الواقع، أما الإلكترونية فهو ما أريد إظهاره منها على الإنترنت.

1.            شخص حقيقي وهوية رقمية حقيقية

الموضوع هنا بسيط وواضح، فهناك شخصية حقيقية على أرض الواقع لديها اسم ومحل إقامة واهتمامات وحياة متكاملة، واختار هذا الإنسان أن ينشئ حسابًا على موقع تويتر كمثال، فوضع اسمه وصورته ورقم هاتفه أو بريده الإلكتروني وبدأ بالتفاعل بما يتناسب واهتماماته الحقيقية، فمثلًا هو مهتم بالسيارات ودائم التدوين عنها على تويتر، كما أنه يشجع نادي ريال مدريد وينشر باستمرار أخبار مبارياته ويعلق عليها وينشر صورًا للاعبيه، هذه شخصية حقيقية عكست هويتها الإلكترونية هويتها الحقيقية.

2.            شخص حقيقي وهوية رقمية مزيفة

هنا نجد شخصًا اختار عدم الإفصاح عن هويته الحقيقية وتكوين هوية رقمية كاملة مختلفة عن الحقيقة، ربما بغرض التخفي من أمر ما أو بغرض الاحتيال أو بغرض التحرك في مساحات أوسع إلكترونيًا بالبحث والكتابة والمشاهدة لأشياء لا يمكنه فعلها بشخصيته الحقيقية مثل الأفلام الإباحية، أو حتى بسبب شعور نفسي بالنقص يترتب عليه محاولة أن يعيش المرء إلكترونيًا ما لا يمكنه عيشه واقعيًا.

3.            حساب إلكتروني دون هوية لشخص غير موجود (وهمي/آلي)

هنا نجد حسابًا لشخص غير موجود أصلًا، وهي الحسابات التي عادة ما يتم إنشاؤها بغرض استخدامها للدعاية الإلكترونية، فهو حساب مبرمج غالبًا، فيما يعرف باسم (Bot) أو الذباب/اللجان الإلكترونية، هذه الحسابات تكون دون هوية حقيقية، أي أنها لا تنتسب لشخص بعينه في الواقع، كما أنها لا تمتلك هوية رقمية، فهي تستخدم صور شخصيات عامة كصورة شخصية أو حتى لا تضع أي صورة شخصية، ويكون الاسم المُعرف لها (الهاندل/Handle) رقمًا مسلسلًا أو كودًا تم إنتاجه من مولدات إلكترونية (Code Generators).

تعمل تلك الحسابات في أوقات معينة فقط بغرض دعم هاشتاغ معين أو الترويج لفكرة معينة أو حتى لمنتج معين، لكنها بقية الوقت إما تُكتشف من تويتر فتُحذف، أو تبقى ساكنة دون أي نشاط، ما لم تكن هناك أي حملة تستدعي مشاركتها.

قُدر عدد هذا النوع من الحسابات عام 2014 بنحو 23 مليون حساب لكن من المهم هنا أن نذكر أن تلك الحسابات الآلية لا تستخدم في الدعايا السياسية فقط، بل بشكل عام تُبرمج لغرض أساسي وهو توفير مجهود الإنسان في عملية النشر، سواء كان النشر أوتوماتيكيًا من روابط معينة أم حتى شركات معينة أم خدمات معينة كالمتعلقة بالطقس أو البورصة وهكذا، فتنشر تلك الحسابات الآلية ما تم برمجتها عليه دون تدخل بشري، وقد خلصت دراسة لمركز "بيو" الأمريكي أن ثلثي المحتوى المنشور على تويتر والمرتبط بمواقع إلكترونية يُنشر بواسطة حسابات آلية.

1.            هوية رقمية متكاملة لشخص غير موجود

هذا النوع الأخير من الحسابات هو الأكثر احترافية وتستخدمه الشركات الكبرى، فهي تنشئ حسابات إلكترونية ويكون لكل حساب هويته الرقمية الكاملة، يتم بناؤها مثل بناء الشخصيات السينمائية في الأفلام. أي أن هناك صورة لشخص ما واسم ربما يدل على الانتساب لعائلة أو قبيلة معينة، والأصل أن هذا النوع من الحسابات وهمي مثله مثل النوع الذي سبقه، لكن الفارق أن هذه الحسابات يتم تغذيتها لتنشر دائمًا، كل يوم، مثلها مثل الإنسان الحقيقي. وفي هذا الصدد، تواصل "نون بوست" مع مصادر خاصة مهتمة بعمل تلك الخلايا وهذا النوع تحديدًا من الحسابات على منصة "تويتر" في أحد دول الخليج العربي والذي قال أنه: "كلما كانت كفاءة التحديث اليومي للحساب عالية، من حيث توقيتات ونوعية النشر الملائمة مع صفات الشخصية بما في ذلك بعض التغريدات عن الحياة الشخصية، كلما كانت الشخصيات أقرب للواقعية وأصبح تمييزها صعبًا."

ويكون دور تلك الحسابات وقت الحملات الدعائية أن تكتب ما يراد منها كتابته، وهنا تأتي الاحترافية؛ فتخيل أنك تتصفح تويتر، ووجدت هاشتاغًا معينًا في الصدارة ببلدك، ستدخل عليه لترى شخصيات تكتب عنه، ومجموعة حسابات وهمية تنشر تغريدات مكررة، إلا أنك تجد كذلك مجموعة حسابات باهتمامات مختلفة ومن شرائح عمرية ومدن مختلفة تدعم الهاشتاغ، وهو ما يراد التسويق له، أن هذه الدعايا مدعومة من أماكن وأشخاص مختلفين في أشياء كثيرة لكن اهتمامهم بالقضية مشترك، فيفكر وقتها الإنسان أنها فعلًا منتشرة ومن ثم يبدأ العقل في تصديق صواب ما تروج له. ولكن المهمة الصعبة هنا، حسب ما أشار لها مصدرنا: "أن تصنع شخصيات تتناسب مع ما ستطرحه على الرأي العام من قضايا مستقبلية، لذلك وجب التخطيط والبناء المسبق لكل شخصية لأن عملية بناء هويته الرقمية تستغرق أشهرًا."

 

وكتب د. عادل عبد الصادق حول فرص وتحديات تنظيم الاعلام الالكتروني ما بين دور الدولة والمجتمع  بان كانت الحكومات تحتكر نقل المعلومات وتبرير سياساتها عبر احتكارها للإعلام الجماهيري بينما شكل الاعلام الالكتروني كسرا لهيمنة الحكومات من جهة على وسائل الإعلام ومن جهة اخرى كسر سيطرة نمط رأس المال على توجهات الوسائل الإعلامية والحد من احتكار وكالات الأخبار العالمية لصناعة الأخبار والمعلومات.

وجاءت تلك التغيرات لتصيب في النهاية اسس العلاقة بين الدولة والمجتمع ،ودفعت للبحث ضرورة تكيف الدولة مع الاعلام الالكتروني ،وتعزيز التحول من الفوضى في الاستخدام الى اطر تنظيمية تستطيع ان تحدد الحقوق والواجبات على مستوى المحتوى والمنصات والفاعلين.

ونتج عن ذلك تداخلات في كيفية التعامل مع الاعلام الالكتروني وتنظيمه بما طرح العديد من الاشكاليات لعل اهمها ان عملية التنظيم ليست كاشفه بالضرورة عن موقف النظام السياسي من

 

الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان،بل اصبحت هناك دول غربية ديمقراطية تمارس سياسات رقابية وتجسسية على مواطنيها بدعوى الامن وحماية الحريات،

وبخاصة ان اشكالية تنظيم الاعلام الالكتروني اصبحت قضية دولية ، وذلك يرجع الى حداثة الظاهرة والى التطور السريع والمتلاحق والذي يتحرك بوتيرة اسرع من الاطر الناظمة له سواء اكانت قانونية او امنية.

والى جانب ذلك ضخامة عدد الفاعلين بما يصعب من القدرة على السيطرة والتحكم والى تميز الاعلام الالكتروني ببعده العابر للحدود على النحو الذي يشكل تحديا للنظم القانونيه المحلية،ودفعت ذلك الى امكانية ان تكون للدولة دور في ضبط التفاعلات استنادا على ما لديها من قدرات تكنولوجية خاصة إلا ان تلك القدرات تتفاوت الدول فيها وفق درجة تقدمها التكنولوجي، ومن جهة اخرى دفعت حالة الانفتاح العام عبر الاعلام الالكتروني الى فتح قنوات التأثير والتأثر ما بين الداخل والخارج.

وأدت عملية تغول الشركات التكنولوجية وخاصة العاملة في مجال الشبكات الاجتماعية وعدم رضوخها للمطالب الوطنية الى ردة فعل مضادة من قبل الدول في محاولة للحافظ على وجودها او البحث عن توفيق اوضاعها بما يتلاءم مع ما تراه من المصلحة الوطنية لديها.

والتي وجدت في ذلك التطور تهديدا لنظامها السياسي واستقرارها وهو ما انتج رده فعل حمائية من قبل الدولة بمحاولتها تبني طرق مختلفة للتقنين او السيطرة اما عبر امتلاك تطبيقات تكنولوجية للرقابة والتجسس لمواجهة الاخطار الامنية او عبر استيرادها من الخارج ،

وبرز اتجاه أول ،يرى ان الاعلام الالكتروني قابل للتقنين كغيره من الابتكارات السابقة كالراديو او التلفزيون او البث الفضائي ومن ثم يمكن تطبيق قوانين المطبوعات مثلا على الاعلام الالكتروني،واتجاه ثاني اخر يرى ان ظاهرة الاعلام الالكتروني وتطبيقاتها غير مسبوقة في فرصها وتحدياتها بما يجعل عملية اخضاعها للتقنين عملية معقدة عن سابقيها.

واتجاه ثالث يرى ان طبيعة الاعلام الالكتروني تفرض ضرورة التنظيم الشامل والمتجاوز لدور الدولة التقليدي الى دور فاعلين اخرين داخل المجتمع او حتى خارج الدولة،وان اتجاه الدول للتنظيم ما هو إلا خطوه في سبيل التنظيم

وعلى مستوى التطبيق ساد توجهين في تنظيم الصحافة الالكترونية ، الاول وهو الاكثر انتشارا القاضي بإدراجها من حيث التقنين والضبط وفق طريقة التعامل مع الصحافة التقليدية، والثاني وهو تجاه الاقلية عبر اتجاه الدول بإفراد لتلك الصحافة الالكترونية قانونا خاصا بها يتواكب مع تميزها واختلافها وتحدياتها الجديدة.

وتبقي حقيقة ان عملية التشريع في حقل الإعلام الإلكتروني من جانب الدوله يجب ان يركز على فكرة التنظيم وليس السيطرة ، وبخاصة ان الدولة لم تعد الفاعل الرئيسي،وهو ما يتطلب ان لا يتم الاسراف في العقوبات لان قوة العقوبة تتطلب قوة التنفيذ،وبخاصة ان القانون المحلي لا يتجاوز حدود الدولة، وهو لا ينطبق مع الية عمل المواقع والتطبيقات الالكترونية.ولكن تبقي هناك فرص لقيام الدولة بتنظيم الاعلام الالكتروني عبر، اولا ، العمل على تحديث اجهزة الدولة بشكل يجعلها تتعاطى مع المجال السيبراني عبر الوجود المباشر للوزارات والهيئات الحكومية عبر الانترنت وعبر شبكات التواصل الاجتماعي.

ثانيا، سعى الدول الى تحديث البني التعليمية والثقافية للعمل على تحقيق منع وطنية لمواجهة التحديات التي يفرضها الفضاء الالكتروني.

ثالثا،ان تسعى الدولة الى ان تعمل على تحديث الاطر التشريعية الخاصة سواء المنظمة لمجال الاعلام والصحافة او المتعلقة بمكافحة الجريمة وتنظيم الحريات العامة .

رابعا،:هناك مدخل محلي يتعلق بان العمل على مواجهة التحديات الاقتصادية التي يمر بها الشباب هي الكفيلة بمواجهة مخاطر التعرض للإعلام الالكتروني.

خامسا،ان التقدم في عملية تنظيم الاعلام التقليدي وترسيخ ميثاق الشرف والمهنية هي السبيل امام الحد من التأثيرات السلبية للإعلام الالكتروني