الأزمة المالية لأونروا   … امتداد لازمة تصفية القضية الفلسطينية

كوشنر  يصف المنظمة  بالفاسدة وغير  الفاعلة

الانباط - مأمون العمري

  لا يمكن لمتابع ان ينظر الى  الازمة المالية للاونروا على انهها ازمة  اقتصادية ، دون ربطها  بالملف السياسي  في الصراع العربي الاسرائيلي ، وذلك من خلال خلخلة اركان هذا الصراع التي ظلت حاضرة على مائدة المفاوضات  الفلسطينية والعربية مع الجانب الاسرائيلي ، وقد كتبنا هنا في الانباط خلال الاسبوع الماضي في هذا الملف ، ونستكمل الحديث اليوم ايضا  لعدة اعتبارات لعل في مقدمتها  رمزية هذه المنظمة التي تمثل حوالي 5.9 مليون لاجىء ولاجئة  في ثماني وخمسين مخيما  على امتداد  دول الجوار( الاردن ، فلسطين ، سوريا ،لبنان ،  والداخل الفلسطيني  -غزة والقدس الشرقية -).

الأزمة المالية التي تعاني منها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، تحمل أبعادا سياسية  تشترك  به  اسرائيل والولايات المتحدة  والاخيرة  كانت سببا رئيسيا في خلق أزمة أونروا بعد تقليص قيمة مساهماتها المالية بموازنة الوكالة  ،فقد جمّدت في كانون الثاني الماصي، نصف المساعدات السنوية التي تقدمها إلى الأونروا والمقدرة بـ300 مليون دولار، ولم تدفع منها سوى 70 مليون دولار فقط، حسب الوكالة الأممية.

ويبدو أن جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي ومبعوثه للشرق الأوسط، جعل القضاء على وكالة الأونروا للاجئين الفلسطينيين هدفا له. ففي بعض الرسائل الإلكترونية (إيميل) المسربة، انتقد كوشنر الأونروا، قائلا إنها "فاسدة وغير فعالة".

وتقول الأمم المتحدة، إن الأونروا تعاني من أزمة مالية، وتحتاج إلى 217 مليون دولار لتجاوز أزمتها، محذرة من احتمال أن تضطر الوكالة لخفض برامجها بشكل حاد، والتي تتضمن مساعدات غذائية ودوائية إضافة لتقديم خدمات الصحة والتعليم.

وقررت الأونروا، نهاية الشهر الماضي، حسب بيان صدر عن الناطق باسمها سامي مشعشع، إنهاءَ عقود أكثر من 250 من موظفي برنامج الطوارئ (113 في غزة و154 في الضفة)، وإحالة حوالي 900 آخرين للدوام الجزئي حتى نهاية 2018.

قال مدير عمليات "الأونروا" في قطاع غزة، ماتياس شمالي:- إن أبعاد سياسية وراء تقليص الدعم المالي للوكالة، مؤكدا أن العام الدراسي الجديد قد يؤجل في حال عدم توفر الأموال.

تأتي تصريحاته بالتزامن مع إعلان اتحاد موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، في قطاع غزة، عن الاستمرار في خطواته النقابية ضد قرارات إدارة الوكالة، حيث ستشهد الإيام القريبة إضرابا عن الطعام لألف موظف وعائلاتهم، من الموظفين الذين أنهت خدماتهم.

تصريحات شمالي أتت ردا على الاحتجاج السلمي لموظفي وكالة "الأونروا" المتواصل للسبوع الثاني على التوالي قبالة مكاتب الوكالة في قطاع غزة، قائلا إن "أميركا قالت لنا بوضوح لن نعطيكم الدعم المالي لأسباب سياسية".

وأكد شمالي على حق موظفي "أونروا" بالتظاهر والاحتجاج السلمي، مضيفا موجها خطابه للموظفين: " لا أستطيع أن أعد بأن المدارس ستفتح في 22 آب/أغسطس المقبل، ومن الممكن أن تؤجل شهر بسبب العجز المالي".

وأوضح شمالي أن الوكالة تحاول الإبقاء على الخدمات الهامة الأساسية بالرغم من عدم وجود أموال في موازنة الطوارئ، علما أن 1000 موظف بغزة ضمن برنامج الطوارئ طالهم القرار الأخير، بحيث أن 100 موظف سيفقدون عملهم بداية أيلول المقبل، بينما 300 سيحافظون على عملهم بشكل كامل و500 سيحولون للدوام الجزئي.

دعوات لوكالة عربية إسلامية بديلة عن "الأونروا"

وفي سياق تفاقم أزمة "الأونروا"، استغربت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الدعوات لإقامة منظمة عربية إسلامية بديلة لوكالة "الأونروا" تعنى بقضايا اللاجئين الفلسطينيين وخدماتهم في الدول العربية المضيفة، بذريعة أن "الأونروا" تتقاعس في تأدية مهامها، وأنها تمارس سياسة إذلال اللاجئين.

وأضافت الجبهة في بيان لها، عممته على وسائل الإعلامأنه بغض النظر عن خلفية النوايا، وراء هذا الاقتراح، فإن من شأن الترويج له أن يعفي وكالة الغوث من واجباتها، وأن يعفي الدول والجهات المانحة والمجتمع الدولي من مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية عن ولادة قضية اللاجئين وعن حلها بموجب القرار 194 الذي كفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948.

وحذرت الجبهة من خطورة تقديم اقتراحات ومشاريع تؤدي إلى تخفيف العبء عن "الأونروا" لصالح مؤسسات بديلة، ودعت بدلاً من ذلك إلى تجنيد القوى والضغوط على الجهات المانحة لتفي بالتزاماتها نحو وكالة الغوث، لتؤدي خدماتها، باعتبار هذه الخدمات حقا مكتسبا من حقوق اللاجئين لا يسقط إلا بالعودة إلى الديار في فلسطين.

وأضافت الجبهة إن من يرغب في تقديم المساعدات إلى اللاجئين بإمكانه أن يقوم بذلك عبر المنظمات الأهلية الناشطة في المخيمات، ضمن مشاريع مدروسة ومخطط لها، دون أن يعفي ذلك "الأونروا" من واجباتها.

وختمت الجبهة بيانها مؤكدة أن مفتاح النضال من أجل صون حق العودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم، هو في الوقت الراهن، وفي ظل ما تطرحه "صفقة القرن" من مشاريع مشبوهة، في النضال للحفاظ على وكالة "الأونروا"، ورفض تخفيض خدماتها، أو تجفيف مواردها، أو إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني ليقتصر كما تدعو له الدوائر الإسرائيلية، على مواليد ما قبل 1948 في فلسطين ودون ذريتهم.

هل اٌتخذ القرار بشأن اللاجئين الفلسطينيين؟

لوقت طويل لم يكن هناك شيء معروف عن مخططات جاريد كوشنر. فخلال شهور ظل مخطط السلام الذي بلوره صهر الرئيس الأمريكي ومبعوثه الخاص للشرق الأوسط من بين الوثائق المحفوظة في واشنطن. لكن حصلت فجوة ما تسربت من خلالها رسائل إلكترونية شخصية لكوشنر وموظفيه إلى مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية ومن تم إلى الرأي العام.

ومن خلال تلك الرسائل لم تُعرف تفاصيل ملموسة عن المخطط، لكن الروح التي يتم بموجبها الإعداد له. فأحد الأهداف هو "إنهاء أهمية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)". "إنه من المهم، بذل جهد شريف وحقيقي لوقف برنامج الأنروا"، كما كتب كوشنر في إحدى تلك الرسائل الإلكترونية الموجهة للمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي للمفاوضات الدولية، جيزون غرينبلات. ويعلل كوشنر موقفه بالقول "إنها (الأونروا) فاسدة وغير فعالة ولا تساعد السلام في المنطقة".

وبهذا التقييم يتجاوز كوشنر بصفة جذرية السياسة الأمريكية المتبعة إلى حد الآن تجاه وكالة الأنروا. في الحقيقة أُثيرت انتقادات تجاه الوكالة في السابق، لكن الولايات المتحدة ظلت تدعمها منذ تأسيسها في 1949. ورغم بعض التحفظات قيمت الحكومات الأمريكية المتلاحقة إلى حد الآن الوكالة بأنها عامل استقرار في المنطقة.

لكن إدارة ترامب اتخذت موقفا آخر: ففي بداية هذا العام قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقليص الأموال الخاصة بوكالة الأنروا، والعدول عن تحويل مساعدات مالية. وتبريره كان مشابها لما ذكره صهره كوشنر: "لوكالة غير فعالة، كما أن الفلسطينيين يرفضون مباشرة مفاوضات سلام مع إسرائيل".

وهذه السياسة لها تبعات سيئة جدا، يقول خبير الشرق الأوسط غونتر ماير، مدير مركز البحوث حول العالم العربي بجامعة ماينز. "الولايات المتحدة الأمريكية تعد أكبر داعم للوكالة من خلال مبلغ  من 378 مليون دولار سنويا. وإذا انهارت برامج الإغاثة المبنية على ذلك مثل المدارس والتغذية، فإن هذا يعد انتكاسة قوية للفلسطينيين".

وهذا ينطبق بوجه خاص على الفلسطينيين الذين يعيشون في الشتات. وفي حين تراهم مندمجين في الأردن داخل المجتمع ـ هم يمثلون هناك خمس عدد السكان ـ فإن وضعهم في لبنان صعب. فالكثير من نحو 400.000 فلسطيني الهاربين إلى هناك يعيشون على هامش المجتمع. كما أنهم يكسبون أقل من اللبنانيين مع تساوي مستوى التعليم. وفي الأصل كانت هذه المعطيات تهدف إلى تحفيز عودة الفلسطينيين إلى مناطقهم السابقة، أو ما يسمى بحق العودة. لكن فرص أن يحصل هذا يوما ما تضمحل، وبالتالي فإن الفلسطينيين المقيمين في لبنان في جزئهم الكبير يعولون على الأنروا.

 

بيد أن كوشنر يريد تقليص وجودها في المنطقة، وحسب مجلة "فورين بوليسي"، وخلال زيارة إلى الأردن، في حزيران ضغط كوشنر على الحكومة هناك لسحب الاعتراف بحق اللجوء لصالح نحو مليوني فلسطيني يعيشون هناك. وإذا حصل ذلك، فإن وجود وكالة الأنروا في البلاد لن يكون له أي معنى.، والدعم المالي الذي سيُلغى للأردن يريد كوشنر تعويضه بأموال أمريكية كانت تحصل عليها وكالة الأنروا وأيضا من خلال تبرعات من الدول الخليجية.

وبالنسبة إلى الأردن يشكل ذلك اقتراحا يحمل في طياته مخاطر، فالبلد لا يأوي فقط الفلسطينيين الذين هربوا سابقا من إسرائيل وذويهم. فكجار مباشر لسوريا استقبل الأردن أكثر من مليون  ونصف لاجئ سوري، والأردن لم يصله إلا جزئيا المساعدات الدولية، فالأمم المتحدة تفيد بأن الدول المانحة لم تحول إلا خمس خمسة مليارات يورو ضرورية للعام الجاري، وفي حال عدم تعويض أموال وكالة الأنروا، فإن الأردن سيكون في الاوضع الاصعب  منذ قيام بداية الصراع العربي – الاسرائيلي .

لكن كوشنر لا ينظر في المقام الأول إلى الجانب المالي، بل هو ينظر إلى شيء آخر: وضع الفلسطينيين كلاجئين. وهذا الوضع يُعترف به ليس فقط للفلسطينيين الهاربين بعد تأسيس الكيان إسرائيلي، بل أيضا لذويهم. وحسابات كوشنر ترمي إلى سحب الاعتراف بهؤلاء الفلسطينيين كلاجئين. فكوشنر يدعي أن إلغاء وضع اللاجئ سيجعل الفلسطينيين يندمجون أكثر في البلدان المستقبلة لهم.

هذه المخططات قوبلت بانتقادات قوية من جانب الفلسطينيين. "الولايات المتحدة ألأمريكية تريد اتخاذ قرار غير مسؤول وخطير وكافة المنطقة ستتألم"، قالت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية. وحتى صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين انتقد روح الرسائل الإلكترونية المسربة. "كل شيء مبني على تحييد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين"، صرح عريقات.

نفس الموقف عبر عنه صلاح عبد الشافي، مدير ممثلية مناطق الحكم الذاتي في النمسا وسلوفينيا، ودافع في مقابلة عن حل الدولتين.

وفي حال نفذت حكومة ترامب مخططاتها بشأن وضع اللاجئين الفلسطينيين، فإن ذلك سيزعج الكثير من شركاء الولايات المتحدة. فقرار الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل لا تريد إلا قلة من البلدان الموافقة عليه. وهذه التحفظات قد تطال توجه جاريد كوشنر. ويبقى مفتوحا هل المندوب الخاص الجديد سيضع العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية على أساس جديد. ومن المحتمل أن نهجه سيقسم المجتمع الدولي.

العجز التقليدي الذي تعاني منه الوكالة سنويا والمقدر بـ 95 مليون دولار لم يرتفع الا بمقدار عشرة ملايين دولار؛ ليصعد بعد الاقتطاعات والعقوبات الامريكية الى 105 ملايين دولار مضعفا تأثير وفاعلية التهديدات الامريكية شكلا ومضمونا والي كان من المتوقع ان تخلق عجزا يفوق الـ400 مليون دولار؛ دافعا الادارة الامريكية المحبطة الى اتباع اساليب استفزازية ومنفرة للدول المستضيفة على امل استكمال مشروعه البائس بتصفية الوكالة الدولية.

وقد حذر الأردن من الأزمة المالية التي تواجه وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين أونروا”، ما يؤدي إلى تأثير “كارثي” على ملايين اللاجئين في المنطقة.

جاء ذلك في لقاء جمع بين وزير الخارجية أيمن الصفدي، مع المفوض العام لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”، بيير كراهينبول، في العاصمة الأردنية عمان.

وقال الصفدي : “إن أزمة الميزانية التي تواجه الوكالة يمكن أن تحرم اللاجئين من خدمات التعليم الأساسية والرعاية الصحية والأمن الغذائي ما سيعمق معاناة اللاجئين الإنسانية”.

ونقل بيان لوزارة الخارجية عن الصفدي قوله إن “الأونروا تواجه عجزا ماليا خطرا ينذر بتبعات كارثية على اللاجئين، إذا لم يتم سده قبل نفاد المخصصات المالية لدى الوكالة”.

وأثار أكبر انخفاض على الإطلاق في تمويل الأونروا شكوكا في مستقبل الوكالة على المدى البعيد وبدأ بالفعل في التأثير على بعض الخدمات.

وقال مسؤولو الأمم المتحدة إن ذلك قد يؤثر حتى على افتتاح المدارس في بداية العام الدراسي المقبل.

وتدير الوكالة حوالي 700 مدرسة وتعلم 500 ألف طفل لاجئ في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والأردن.

وقال الصفدي إن الأردن، الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط خارج الأراضي الفلسطينية، يبذل جهودا مكثفة مع الدول المانحة لتأمين الدعم اللازم للوكالة.

وأكد الصفدي في وقت سابق الاسبوع الماضي  أن تمكين (الأونروا) من الاستمرار في تقديم خدماتها مسؤولية دولية إزاء اللاجئين الذين تشكل قضيتهم إحدى أهم قضايا الوضع النهائي والتي يجب أن تحل على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، خصوصاً قرار الأمم المتحدة رقم (194) ومبادرة السلام العربية، وبما يضمن حق اللاجئين في العودة والتعويض.

وأكد الصفدي أن تعزيز قدرة الأونروا القيام بدورها ضرورة حياتية للاجئين الفلسطينيين وموقف سياسي لدعم حقوقهم التي نصت عليها قرارات الأمم المتحدة يجب أن يؤكده المجتمع الدولي عبر خطوات عملية توفر الإمكانات التي تمكن الأونروا أداء واجبها الأخلاقي والقانوني إزاء اللاجئين.

وكانت المملكة نظمت في آذار الماضي مؤتمرا دوليا لدعم (الأونروا) في روما بالتنسيق مع مصر التي كانت ترأس اللجنة الاستشارية لوكالة الإغاثة وقتذاك والسويد. وحضر المؤتمر الذي أثمر دعماً مالياً تجاوز 100 مليون دولار أكثر من سبعين دولة أكدت دعمها للوكالة ودورها. كما نظمت المملكة والسويد مؤتمراً لدعم (الأونروا) على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة العام الماضي.

يوسي بيلين – إغلاق الأونروا : الاتجاه الصحيح – ولكن فقط بالاتفاق

يوسي بيلين احد أحد كبار سياسي إسرائيل،  والذي شغل عدة مناصب وزارية وقيادية في الحكومة الإسرائيلية وفي الكنيست. وكان جزءاً كبيراً من حياته السياسية في حزب العمل الإسرائيلي. وشغل أيضا منصب رئيس ميرتس - حزب سياسي يساري- ، وبعد تقاعده من الحياة السياسية أسس Beilink ، وهي شركة استشارات الاعمال، يكتب حالياً عدة مقالات في عدة صحف إسرائيلية منها هآرتس وإسرائيل هيوم. عمل ايضاً أستاذاً في جامعة تل أبيب، كتب  الاسبوع الماضي  مقالة تحت هذا العنوان " إغلاق الأونروا : الاتجاه الصحيح – ولكن فقط بالاتفاق" وجاء فيه :-

بعد حل مشكلة القدس على ما يبدو و “إزالتها من المائدة” ، وفقا لإعلانه المثير للشفقة من يناير من هذا العام ، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، من خلال فريقه التفاوضي ، مرتبط اللاجئون الفلسطينيون من عام 1948 .  ولكن ، كما أن الاعتراف بالعاصمة الإسرائيلية ، حتى لو كان قد حقق العدالة التاريخية ، لم يرفع سوى القدس على جدول الأعمال وتسبب في انفصال تام بين الفلسطينيين والإدارة الأمريكية ، فإن محاولة إغلاق الأونروا من جانب واحد لن تؤدي إلا إلى زيادة العداء بين منظمة التحرير الفلسطينية والولايات المتحدة وإسرائيل.

تأسست في عام 1949 بعد عام من اعتماد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 بشأن اللاجئين الفلسطينيين وكانت المنظمة الوحيدة في الأمم المتحدة التي تتعامل حصريًا مع مجموعة سكانية رفض الفلسطينيون ، إلى جانب الدول العربية ، القرار 194 لأنه لا يذكر “حق العودة” ، بل “طموح العودة” فقط ، ويتيح عودة كل لاجئ إلى حقه في العيش بسلام مع جيرانه. ويفضل الفلسطينيون تبني القرار والادعاء بأنه يتعلق “بحق العودة”. ومنذ ذلك الحين ، كانت إسرائيل هي المعارضة له ،  خصومها.

مثل كل البدايات ، كانت الأونروا واعدة أيضا.  بدأ العمل في عام 1950.  تم تجنيد أشخاص صالحين للتعامل مع 750،000 لاجئ فلسطيني مسجلين على هذا النحو ، وقدمت مساعدات حيوية للأشخاص الذين فقدوا كل ممتلكاتهم ولم يُسمح لهم بالعودة إلى منازلهم.  كانت المساعدة الرئيسية هي إنشاء مدارس مؤقتة وبناء عيادات ، ولكن عندما سعى خبراء الأمم المتحدة إلى تسوية اللاجئين إلى جانب إسرائيل ، فقد واجهوا مقاومة من القيادة الفلسطينية ومعظم الدول العربية (باستثناء الأردن).  كانت السياسة العربية هي ضمان المؤقت ، أي ترك اللاجئين في مخيمات مؤقتة ، وعدم قبول منع عودتهم إلى إسرائيل.

تم تأسيس مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين (UNHCR) في ديسمبر 1950. كان من الطبيعي أن تبتلع الأونروا اللجنة ، لكن هذا لم يحدث. يتم تمويله من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية وألمانيا والمملكة المتحدة ، وهي منظمة كبيرة تعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة وسوريا ولبنان والأردن. ويوظف حوالي 30،000 عامل ، معظمهم من الفلسطينيين الذين يعيشون في هذه الأماكن ، وهذا بالنسبة لهم مصدر رزق  جوني. مددت ولاية الأونروا كل بضع سنوات من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن المرجح أن يتم تمديد مرة أخرى ولايته الحالية المقرر أن تنتهي في 30 يونيو عام 2020. ولايته.

لم يكن لدى الأونروا وإسرائيل علاقات جيدة جدا على مر السنين ، ولكن من الواضح أنها سهلت تعامل إسرائيل مع المناطق المحتلة بعد عام 1967 ، لأنها كانت مسؤولة عن رفاهية ثلاثة أرباع سكان غزة وثلث سكان الضفة الغربية الذين ما زالوا يعيشون في مخيمات اللاجئين. ” ح.   الأونروا ” A.   من عام 2013 .  وبما أن مدارس المنظمة تدرس وفق مناهج الدول المضيفة ، لم يكن هناك حب كبير لإسرائيل ، وكانت القدس تعتبر الأونروا شرًا لا غنى عنه يوظف معلمين ، وبعضهم لديه ميول أيديولوجية معادية له. التي وقعت في الهولوكوست من يهود أوروبا ، تم الوفاء بها   معارضة   شركة من حماس .

لقد كانت الأونروا في غير مكانها بسبب المواجهات العنيفة حول إسرائيل في السنوات الأخيرة واتهمت عن صواب أو خطأ بالتواطؤ مع عناصر إرهابية وإخفاء أسلحة ، لكن المشكلة الرئيسية التي ينطوي عليها وجودها على المدى الطويل هي أنها تُعرّف بأنها لاجئين متعددي الأجيال. من أصل 750،000 من اللاجئين الأصليين ولدوا لأربعة أجيال ، وعدد اللاجئين الذين حددتهم المنظمة قد بلغ بالفعل 5 ملايين (وفقا للتقرير   الأونروا ” A.   من عام 2013 ).  لا يوجد مبرر موضوعي لذلك ، لكنه يتسبب أيضاً في فقدان أجيال من الناس الذين يعيشون حياة مؤقتة ، يولدون فيها ويموتون بالفعل.  بدلاً من المساعدة في حل الضيق التاريخي ، تساعد المنظمة على إدامة ذلك.

من الممكن وضروري حل مشكلة اللاجئين وإغلاق الأونروا – ولكن ليس من قبل ترامب وفريقه ، وهو ما يعني إغلاق المنظمة ونقل الميزانية إلى الدول التي يعيش فيها اللاجئون. أو أي دولة ستفوز بميزانية قطاع غزة؟ حماس؟ مصر تفر من غزة كنار؟ إسرائيل غير مستعدة للعودة إلى هذا القطاع البائس؟

وسيعارض أعضاء الأمم المتحدة ، ومعظمهم أيضا ، مثل هذه الخطوة ، التي ستؤدي إلى انهيار أنظمة التعليم والصحة في غزة وتضر بشدة بهذه الأنظمة في الضفة الغربية.

احتمال آخر ممكن.  مبادرة   في عام 2003 ، تم التوصل إلى اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين لإغلاق الأونروا تدريجياً في غضون خمس سنوات وإلغاء وضع اللاجئ الفلسطيني من خلال تعويضات من صندوق دولي إلى الاقتصاد الإسرائيلي. البيت الفلسطيني الذي تم نفيه من منازلهم في عام 1948 ، والاستيعاب الرمزي للفلسطينيين في إسرائيل ، هو الطريقة الأكثر احتمالا لحل المشكلة ، وذلك قبل أن يتعامل فريق ترامب مع قضية الأونروا واللاجئين الفلسطينيين من جانب واحد وبطريقة تؤذينا جميعا ، التي لديها فرصة القبول من جميع الجهات.