مراهقات فلسطينيات يتوجهن لكاليفورنيا للترويج لتطبيق من اختراعهن أمام رواد التكنولوجيا
"هكذا نطفئ حرائقنا"
4 طالبات فلسطينيات بالمرحلة الثانوية سيشرحن لروّاد التكنولوجيا الأميركيين كيف يستخدمن هذا التطبيق الحديث.
فالصديقات الأربع سيتوجّهن هذا الأسبوع إلى ولاية كاليفورنيا، للترويج لتطبيقٍ خاص بالهواتف المحمولة ابتكرنه، ويهدف لمنع الحرائق، أمام رواد التكنولوجيا في وادي السيليكون، وذلك بعد الفوز بمركزٍ في نهائيات مسابقة دولية بين أكثر من 19 ألف فتاة مراهقة.
وبالنسبة لطالبات الصفِّ الحادي عشر القادمات من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، تُعد بطاقة القبول في مؤتمر World Pitch Summit الترويجي التابع لمسابقة Technovation Challenge قفزة كبيرة، حسب وصف تقرير لوكالةAssociated Press الأميركية.
أخيراً سنُسافر بالطائرة وسنُنافس هؤلاء الكبار
وتنحدر الطالبات من عائلات تنتمي للطبقة المتوسطة وتُقدِّر التعليم، لكنَّ الفرص المتاحة كانت محدودةً، بسبب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الدائم، والأعراف السائدة المتعلقة بالوصاية الأبوية في مجتمعهم التقليدي، والمدارس الفقيرة بمعداتها وطرق التعليم التي عفى عليها الزمن.
تقول وسن السيد (17 عاماً)، وهي إحدى عضوات الفريق: «نحن متحمّسات للسفر بالطائرة لأول مرةٍ في حياتنا، ومقابلة أناس جدد، ورؤية عالمٍ جديدٍ. ومتحمّسات أيضاً لوجودنا في وادي السيليكون، مجتمع تكنولوجيا المعلومات الأرفع مستوىً في العالم، حيث يمكننا مقابلة شخصيات مهمة، ورؤية كيف يبدو ويسير العالم الحقيقي».
وصل 12 فريقاً إلى نهائيات «Technovation Challenge» في مدينة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا الأميركية، ليُقدِّموا تطبيقاتهم التي تعالج مشكلات في مجتمعاتهم. ويتنافس فريق المراهقات الفلسطينيات ضمن شعبة الكبار، مع فرق من مصر والولايات المتحدة والمكسيك والهند وإسبانيا، على مِنحٍ تصل إلى 15 ألف دولار أميركي.
والمنافِسات الأميركيات يحصلن على فرص جيدة
وتُدار المسابقة، التي هي الآن في عامها التاسع، من جانب Iridescent، وهي مؤسسة دولية غير هادفة للربح، تُوفِّر فرصاً في مجال التكنولوجيا للشباب، وخصوصاً الفتيات.
تقول المجموعة إنَّ 60% من المُشارِكات من الولايات المتحدة ينخرطن في برامج إضافية لعلوم الحاسوب بعد المسابقة، وتُكمِل 30% دراستهن بالتخصص في الجامعات، وهو أكثر بكثير من المعدل الوطني بين طلبة الجامعات الإناث في الولايات المتحدة.
وتضيف المجموعة، أنَّ ثلثي المُشارِكات من خارج الولايات المتحدة يُظهِرن اهتماماً ببرامج تتعلق بالتكنولوجيا.
ولكن هل يمكن أن تنقذ التكنولوجيا كل هؤلاء الشباب؟
لا يزال الحفظ التلقين والترديد هو منهج التعليم في الصفوف الدراسية المتكدسة في فلسطين.
ولذا يُعوِّل وزير التربية والتعليم العالي الفلسطيني صبري صيدم على التكنولوجيا، بالتوازي مع التدريب المهني، لإصلاح التعليم في المدارس الفلسطينية.
وتعد بطالة الشباب، وخصوصاً بين خريجي الجامعات، هي المشكلة المحورية في العالم العربي، ويعود ذلك جزئياً إلى أسباب ديموغرافية تتمثَّل في «تضخم أعداد الشباب».
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وصلت نسبة البطالة العام الماضي 2017 بين خريجي الجامعات الفلسطينية تحت سن 30 عاماً إلى 56%، منها 41% في الضفة الغربية و73% في قطاع غزة.
المشكلة أن المناهج لا علاقة لها بسوق العمل، فهل تحل المدارس الذكية الأزمة؟
وترتفع معدلات البطالة بين الإناث من خريجي الجامعات، بحكم أنَّ المسار المتوقع للإناث هو الزواج وتربية الأطفال، ويعد الذكور هم المنوط بهم إعالة الأسرة.
وعلى الرغم من ذلك، يشكو أرباب العمل أنَّ الخريجين يدرسون مناهج قديمة لا علاقة لها بسوق العمل، وغالباً ما تفتقر للمهارات المطلوبة للتوظيف.
يقول صيدم، إنَّ المدارس الفلسطينية تسلمت 15 ألف حاسب آلي في الأعوام القليلة الأخيرة.
وأسست الوزارة 54 «مدرسة ذكية» بلا كتب للصفوف من الأول إلى السادس، حيث يستخدم الطلاب الحاسوب المحمول ويتعلمون بالممارسة، بما في ذلك عن طريق الرحلات التعليمية والمشاركة المجتمعية.
أما بالنسبة للفتيات الأربع فقد عرفن طريقهن بعد هذه المسابقة
من ناحية أخرى، تعد Technovation Challenge تجربةً يمكن أن تُغيِّر مسار حياة كلٍّ من وسن وزميلاتها، زبيدة الصدر وماسة حلاوة وتمارا عوايصة.
وهنَّ الآن عازمات على السعي للحصول على مهن في مجال التكنولوجيا.
تقول وسن، مُتحدِّثةً في معمل الحاسوب بجامعة النجاح في نابلس بالضفة الغربية: «قبل المسابقة، كان لنا تصور ضبابي عن مستقبلنا. لكن الآن لدينا فكرة واضحة، لقد ساعدتنا المسابقة على تحديد مسارنا في الحياة».
فقد اعتمدن على ذواتهن للوصول لهذه المرحلة المتقدمة وابتكار هذا التطبيق
كانت المراهقات قد سمعن عن المسابقة قبل أشهر قليلة من مُعلِّم لتكنولوجيا المعلومات في مدرستهن، الواقعة في حيٍّ للطبقة المتوسطة في نابلس، حيث دروس التكنولوجيا ذات شأن متواضع، وتُعقد مرتين في الأسبوع، وتتشارك كل طالبتين حاسوباً واحداً.
والفتيات صديقات منذ الصف العاشر، وتمتلك كل واحدة منهن حاسوباً محمولاً في منزلها، ويعملن مع مشرفة محلية، يمامة الشكعة، وفَّرها منظمو المسابقة. وتقول يمامة: «فعلن كل شيء بأنفسهن وبموارد قليلة جداً».
أنتج الفريق لعبة واقع افتراضي، تُسمَّى «Be a firefighter» (أو كن إطفائياً)، لتعليم مهارات منع الحرائق.
وفكرته جاءت من واقع حياتهن المرير.. الآن يتطلعن لإطفاء الحرائق في كاليفورنيا
وتعد فكرة التطبيق ذات صلة بما يجري في بعض المناطق في الأراضي الفلسطينية، مثل قطاع غزة، حيث تفرض مصر وإسرائيل حصاراً على حدود القطاع -فُرِض بعد استحواذ حركة حماس الإسلامية المسلحة عليها في 2007- ما أدى إلى ساعات طويلة من انقطاع الكهرباء يومياً، والاستخدام الشائع للشموع، ومواد أخرى تجعل مخاطر الحرائق واردة.
تأمل المراهقات الآن توسيع نطاق تطبيقهن، ليشمل منع حرائق أكبر. وسيُقدِّمن خطة تجارية وتسويقية في الجلسة الترويجية في كاليفورنيا.
بعد انتهاء المسابقة، سيُقدِّمن التطبيق إلى وزارة التربية والتعليم العالي لتطبيقه في المدارس.
تقول وسن: «غيَّرت الجائزة مجرى حياتنا».