المتحف المدرسي يصنع الريادة والتميز

د. ابراهيم بظاظو

 

    يعد الأردن من الدول المتميزة والريادية بكافة المحافل على المستوى الإقليمي والعالمي في المجالات التربوية؛ لما تمتلكه من الموارد البشرية المؤهلة، إضافة لتوفر كافة مقومات السياحة الحضارية والتراثية في الأردن، من خلال احتواء واحتضان أراضي المملكة لكافة الحضارات والأديان السماوية عبر العصور ، مما يستوجب تعريف الطلبة في وزارة التربية والتعليم إلى موروث الأردن الطبيعي والحضاري والتاريخي عبر الأزمان، من هنا تنطلق مبادرة التربية السياحية، والتي تقوم على أساس نشر ثقافة التسامح والاعتدال واحترام السائح على اختلاف العادات والتقاليد والأديان، ويتجسد المفهوم من خلال عدد من البرامج التنفيذية وعلى رأسها إنشاء فكرة المتحف المدرسي .

      تقوم فكرة المتحف المدرسي على انشاء 12 متحفاً مدرسياً في 12 محافظة في المملكة من خلال اختيار مدرسة نموذجية في كل محافظة واختيار أحدى الغرف الصفية لإقامة المتحف المدرسي بالتعاون مع مديريات الآثار في المحافظات وإحضار عدد من القطع الأثرية من مخازنها وعرضها في المتحف المدرسي خاصة وان العديد من القطع الأثرية داخل هده المخازن تتعرض للتلف بفعل الزمن والعوامل الجوية، وبالتالي يمكن الاستفادة منها وعرضها في المتحف المدرسي، ويجب أن تقوم مؤسسات القطاع الخاص في كل محافظات المملكة بمسؤوليتها المجتمعية والمتمثلة بدعم انشاء المتحف المدرسي علما أن التكاليف متواضعة، اضافة الى مخاطبة المجتمعات المحلية بضرورة تسليم القطع الأثرية والتراثية التي يمتلكونها وعرضها بالمتحف المدرسي ، وتسجيل أسماء المتبرعين بجانب القطع الأثرية المستلمة مما يعزز فكرة المحافظة على الاستدامة وتشجيع الناس للمحافظة على الهوية الثقافية .

    تستند فكرة المتحف المدرسي على عدد من المبررات، وعلى رأسها تعزيز الانتماء والولاء مند السن المبكرة للطلبة على حب الوطن، والاعتزاز بالمنجزات الحضارية عبر العصور ويعتبر المتحف المدرسي من المؤسسات التعليمية الهامة لخدمة المجتمع المحلي ومساندة المؤسسات التعليمية،

فالتربية بمفهومها الشامل ما عادت تنحصر في جدران قاعة الدرس، وما عادت عملية التعليم تقتصر على ما يلقيه المعلم على الطلاب إلقاء ضمن اطار توجه تقليدي للتعليم فكان من الضروري أن تمتد التربية خارج الجدران و الصفوف المدرسية لتستفيد من بيئات يمكنها أن تساهم في التربية، و من هذه البيئات المتحف المدرسي الذي غدا إحد الوسائل التربوية.

    يعد المتحف المدرسي مصدرا للإبداع والتنمية الابداعية وتنويع وسائل الحصول على المعلومة من خلال ربط التعليم بالبيئات المحيطة للطالب بالاستعانة بالنماذج التراثية والمجسمات التاريخية التي تعبر عن بيئة الأردن وتكريس وعي الطلبة بقيمة الهوية والذات والحفاظ على إرث الأجداد. فالهدف من المتحف المدرسي إنشاء وبناء جيل مبدع واع منتمي لوطنه وتراثه يدرك أهمية الهوية الوطنية، وتراثه الوطني ودورهما في حاضره ومستقبله، والوصول بالطلبة إلى مرحلة إدراك التراث الوطني والهوية الوطنية لبناء مجتمع يقدر قيمة التراث الوطني والشعبي ويرتبط به ويحافظ عليه ويعتز بماضيه ويتطلع لمستقبله بالاستعانة  بالوسائل السمعية والبصرية لعرض الأفلام الوثائقية والتراثية ومسارات الثورة العربية الكبرى.

      تتمثل القيمة الاجتماعية للمتحف المدرسي ، بربط المادة الدراسية بالبيئة المحلية، لتفعيل الدروس المتعلقة بالتراث، والاطلاع على أنواع التراث الملموس من خلال النماذج والمجسمات والوسائل والأدوات المختلفة، وزيادة عامل التشويق والإثارة عند الطلاب، واسترجاع الماضي في صورة حسية ظاهرة والتعرف على حياة الآباء والأجداد وطرق معيشتهم، وإظهار المعالم التراثية والحضارية الأردنية بطرق مختلفة//.

*عميد كلية السياحة والفندقة – الجامعة الأردنية / فرع العقبة