انهيار (الترمبية)
خطط دونالد ترمب وحتى قبل تسلمه رئاسة الولايات المتحدة لتأسيس نهج جديد في الحكم، ونوع خاص من السلطة السياسية يمكن وصفها 'بسلطة العائلة الحاكمة'، فترمب القادم من خلفية مالية بحتة لا علاقة لها بالسياسة،
دفعه طموحه السياسي الجامح للتفكير بخلق تاريخ سياسي له ولعائلته الصغيرة على غرار آل كنيدي و آل بوش و آل فورد وغيرها من العائلات التي جمعت بين الثروة والسلطة السياسية.
وقد تعرض مبكرا لانتقادات لاذعة بسبب هذا الهدف، وبخاصة عند تعيينه صهره كوشنر مسؤولا عن ملف السلام في الشرق الأوسط، وتركزت الانتقادات على نقطتين اثنتين الأولى على شخص كوشنر نفسه كونه احد أفراد عائلة الرئيس ترمب وهي حالة غير مسبوقة في التاريخ الأميركي، أما النقطة الثانية فتركزت على غياب الخبرة والعلاقات التي توفر له فرص النجاح في عملية معقدة مثل عملية السلام في الشرق الأوسط.
بسبب ضحالة ترمب السياسية وضحالة صهره كوشنر، وكونهما يرغبان في تحقيق اختراق ما في سلام الشرق الاوسط، وقعا فريسة سهلة لجماعات الضغط الصهيونية وللكنيسة الإنجيلية 'الصهيونية' التي تؤمن بان عودة السيد المسيح مرتبطة بشكل أساسي بإعلان القدس عاصمة 'لدولة إسرائيل' تمهيدا لبناء الهيكل، وهي الخرافة التي لم يسبق لأي رئيس آخر للولايات المتحدة قد وقع ضحية لها، وان كان الرئيس ريغان كان مؤمنا بها ووقع إلى حد كبير تحت تأثير 'الكنيسة الانجيلية الصهيونية'.
غذى الصهيوني الأميركي الشهير 'شيلدون اديلسون' صديق نتانياهو الحميم منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي وصاحب اكبر محلات للقمار والدعارة في العالم هذه 'الخرافة' لدي ترمب وصهره وابنته ايفانكا التي تحولت للديانة اليهودية بعد ارتباطها بكوشنر، ونصح اديلسون ترمب باستثمار'الوقت الذهبي' في بداية فوزه بالرئاسة بفرض مبادرة سياسية تستند إلى عنصرين أساسيين وهما:
أولا: إعلان القدس عاصمة أبدية لإسرائيل.
ثانيا: إنهاء التداول بشأن حل الدولتين واستكمال ذلك بقانون 'يهودية الدولة' وهو ما تم قبل اسبوعين.
في الحسابات كان ترمب وكوشنر يتوقعان قبولا عربيا وإسلاميا سريعين لصفقة القرن، غير ان صلابة الموقف الاردني والفلسطيني فرضا واقعا معاديا لها وبخاصة في موضوع القدس. واسُتكمل الرفض لصفقة القرن بالموقف الذي أعلنه الملك سلمان بن عبد العزيز والذي اكد وبدرجة عالية من الوضوح الرفض القاطع لاي تسوية لا تقوم على أساس وجود دولة فلسطينية عاصمتها القدس.
لقد شكل موقف جلالة الملك عبداالله الثاني الرافض لاعلان ترمب بشان القدس رافعة أساسية في الضغط على واشنطن ودفعها نحو تجميد 'صفقة القرن'بعد ثماني شهور من التلويح بطرحها، وهي نتيجة تعني ببساطة 'انهيار الترامبية' في الشرق الاوسط.
Rajatalab5@gmail.com
الرأي