فوائد العزل الحراري

 

د. أيّوب أبو ديّة

 

          عندما نتحدث عن فوائد العزل الحراري في توفير الطاقة يستدعي الأمر البحث للإجابة عن مسألتين، الأولى: ما هي تكلفة العزل الحراري المضافة إلى تكلفة البناء الإجمالية ومردودها الاستثماري، وثانياً: ما هو التوفير في الوقود المصاحب لاستخدام العزل الحراري لعزل البناء، وثالثاً: ما هي الفوائد الأخرى (البيئية والإنسانية والإستراتيجية) المتوقعة من ذلك الاستخدام؟

          إن تكلفة العزل الحراري هي نسبة بسيطة مقارنة بتكلفة البناء ككل، فإذا افترضنا أن منزلاً مساحته 200 م2 يوجد فوقه طابق آخر، فإن إضافة طبقة من العزل الحراري على محيط البناء في جدرانه لا تتجاوز 900 دينار، وهي تمثل تكلفة العزل الحراري، فلنقل إنه من الصوف الصخري أو البولسترين أو الفوم سماكة 5 سم كثافة 30 - 50 كغم/م3، الذي لا تتجاوز تكلفته مثبتاً على الجدران خمسة دنانير للمتر المربع الواحد.

ولما كانت مساحة محيط البناء هي تقريباً 150 م2 (مع استثناء الفتحات الخارجية)، أي أن تكلفته تعادل 750 دينارا أردنيا. أضف إلى ذلك طبقة من الطوب المفرغ سماكة 10 سم أو 7 سم، التي هي موجودة أصلاً في الجدران عوضاً عن الطوبار، فإن المجموع النهائي يصبح 750 دينارا أردنيا.

وهذا يعني أن نسبة إضافة العزل إلى الشقة تساوي 2 % من تكلفة البناء إذا كان البناء مخصصاً لذوي الدخل المحدود، أو حوالى 3 % إذا كان البناء من الحجر ومن نوعية أفضل!

وهذه التكلفة يمكن أن تشطب نهائياً من حسابات التكلفة إذا قام المهندس الميكانيكي بحساب حاجة البناء الحقيقية من المشعات الحرارية وقدرة البويلر والمضخات وسماكة الأنابيب وما يتبع ذلك من وصلات ومواد. وعليه، فإن مجمل الوفر المتحقق نتيجة تخفيض هذه القدرات تعادل تكلفة العزل الحراري للجدران بالكامل وتزيد. وهذا يعني أنه يمكن عزل بناء حرارياً باستخدام مواد العزل الحراري المتنوعة، كالصوف الصخري أو البولسترين أو غيره من دون تكلفة إضافية على الإطلاق.

          إذاً، نستطيع القول إن العزل الحراري مجاني ولا يكلف شيئاً، لذلك ندعو أصحاب المشاريع، وبخاصة الاسكانات الخاصة لذوي الدخل المتوسط والمحدود أن يعطوا هذه المسألة أهمية بالغة في تصاميمهم لأنها لا تكلف شيئاً إضافياً، بل سوف تقدم فوائد لا حصر لها للمواطن وللوطن وللبيئة العالمية، نذكر منها:-

1)      توفير في الطاقة في حده الأدنى 20 % إذا كان البناء متوسطاً بين طابقين. وتزداد هذه النسبة إذا تم تحسين أحوال النوافذ والأبواب، وزيادة كفاءَة العزل الحراري واستخدام أساليب ترشيد الطاقة، كصيانة البويلر وتخفيض درجة الحرارة، وما إلى ذلك. إذ ترتفع نسبة التوفير عنذاك إلى نحو 50 %. كذلك يمكن زيادة هذه الوفر إذا تم تدعيم وسائل التدفئة باستخدام الطاقة الشمسية، إذ يزداد الوفر بمقادير أكثر بكثير، ويقل الضغط على أجهزة التشغيل المضخات والشبكة ككل، فيطول عمر البويلر وتقل تكاليف صيانته.

2)      إن استعمال العزل الحراري في الأبنية يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الجدران، وبالتالي إلى تحقيق راحة حرارية صيفاً شتاءً. إذ إن الأبنية غير المعزولة لا يمكن أن تحقق الراحة الحرارية المنشودة مهما أنفق صاحب البناء على التدفئة أو التبريد، فبمجرد أن تتوقف هذه الأجهزة عن العمل في الليل خلال أيام الشتاء حتى يصبح الجو بارداً جداً بسرعة كبيرة.

والحق أن الأبنية غير المعزولة حرارياً تتعرض أيضاً إلى تكاثف بخار الماء ونمو العفن على الجدران الداخلية، الأمر الذي يؤدي إلى خلق جو غير صحي في داخل الأبنية، كما يؤدي إلى حدوث اضطرابات نفسية وأمراض كثيرة منها جلطات دماغية وارتفاع نسبة الإصابة بأزمات قلبية.

3)      أما لماذا نعتبر مواد العزل الحراري رفيقة بالبيئة؟ فإن سبب ذلك ببساطه هو أن التخفيض من كميات الوقود المحترقة، وبخاصة الديزل الأردني ذي النوعية السيئة جداً، يؤدي إلى تخفيض في كمية الغازات السامة المنبعثة في الهواء، وبالتالي يؤدي إلى تحسن كبير في حال البيئة المحلية والعالمية كذلك.//