حزمة اقتصادية مقابل تهدئة طويلة الأمد لـ”تخفيف” المعاناة الإنسانية

التهدئة في غزة..

 

وكالات – غزة المحتلة – رصد للأنباط - مأمون العمري

 

يترقب الفلسطينيون ما ستؤول إليه الأمور في الأيام القادمة في ظل الحديث عن التهدئة بعد سنوات عجاف عاشها قطاع غزة، وتحديدًا بعد إصرار مصر والأمم المتحدة على إخراج القطاع من أزماته الصعبة والضغط على حماس وإسرائيل لتضييق هوة المطالب ، ويبدو أن اتفاق التهدئة المتوقع بين إسرائيل وحركة حماس قد يؤسس لمرحلة جديدة لها استحقاقاتها من قبل جميع الأطراف، لاسيما في ظل القطيعة التي يعيشها الفلسطينيون بين الضفة والقطاع.

 لحظة بلحظة تتابع الانباط في عددها  هذا جهود ابرام اتفاق التهدئة ، وخصوصا  ان قطاع غزة يعيش الآن أمام اتفاق مبادئ سيكون محل خلافات وتفسيرات مختلفة في المستقبل ،وإن وضع غزة السياسي غير واضح في هذا السياق ووجود حماس ودمجها في الفضاء الإقليمي مسألة لازالت لم تُبحث وغير واضحة في الاتفاق ، وعلى اية حال هذا الاتفاق قد يحيد قطاع غزة في صراعها من الاحتلال الإسرائيلي، ولكن ستبقى ملفات عديدة عالقة ربما سنأتي على ذكرها لاحقا .

 ونقرأ من خلال تفاصيل الاحداث  ان دخول وفد عالي المستوى من حركة حماس إلى قطاع غزة وعلى رأسهم صالح العاروري، مؤشر على الدخول في مرحلة جديدة وذلك من خلال هدنة طويلة الأمد مع الاحتلال الإسرائيلي مقابل إنهاء الحصار عن غزة وقد تكون هناك مرحلة لاحقة تتضمن صفقة تبادل أسرى.

 وان كان لابد من التذكير فأن من الواضح إن إسرائيل لم تلتزم في السابق بكل ما تم التوقيع عليه وخاصة صفقة شاليط في عام 2011، ولكنها الآن أمام ضغوط دولية وضغوط مسيرات العودة، وهو ما قد يشكل بعض الضمانات لعقد اتفاق دائم بينها وبين حماس.

ويدور الحديث عن تهدئة متوقعة بين إسرائيل وحركة حماس، تقضي بحل الأزمات الاقتصادية في غزة، ويتم تطبيقها عبر أربع مراحل، وتشمل صفقة تبادل أسرى وفتح معبري رفح وكرم أبو سالم بشكل مستمر وغير ذلك من الإجراءات، مقابل وقف مسيرات العودة والبالونات الحارقة وتقديم مرونة في بعض الملفات من قبل حركة حماس.

كشفت مصادر فلسطينية، أن المكتب السياسي لحركة "حماس" المنعقد في غزة منذ الجمعة، وافق على خطة التهدئة المقترحة من جانب مصر، وفقا لما ذكرته صحيفة "الحياة" اللندنية امس الأحد.

وتتضمن الخطة المصرية تهدئة فورية مع إسرائيل، تتطور إلى هدنة طويلة الأمد تتراوح بين 5 - 10 سنوات، وفتح معبر رفح، وتخفيف الحصار المفروض على معبري إيرز وكرم أبو سالم من جانب إسرائيل. كما تتضمن الشروع في تنفيذ مشروعات دولية إنسانية وتشغيلية في غزة، وربط ميناء غزة بميناء بورسعيد المصري لنقل البضائع، إضافة إلى التوصل إلى اتفاق مصالحة يشمل تسليم المؤسسات والدوائر الحكومية للسلطة الفلسطينية وإجراء انتخابات عامة خلال ستة أشهر.

وقالت مصادر مصرية مطلعة أن القاهرة تواصل محادثاتها مع مسؤولين من "حماس"، في أجواء إيجابية، من أجل التوصل إلى اتفاق شامل يحقق المصالحة.

وأكدت أن القاهرة، بالتعاون مع المبعوث الأممي نيكولاي ملادينوف، تقف بكل قوة وراء محادثات وفد "حماس" الخارج التي تجرى حالياً في غزة، وتهدف إلى دعم الجهود المصرية للمصالحة، والتوصل إلى هدنة طويلة مع إسرائيل قد تصل إلى خمس سنوات.

وتوقعت المصادر إنجاز الخطوط العريضة للمصالحة والهدنة خلال الأسبوع، وأن تتبع ذلك دعوة وفدين من الحركتين إلى القاهرة لاجتماع ثلاثي في نهاية الأسبوع الجاري.

وقال مسؤولون في «فتح» أنهم يرحبون بتسليم الدوائر الحكومية للسلطة، لكنهم يطلبون بأن يحصل ذلك دفعة واحدة لا على مراحل. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» الدكتور محمد اشتية «يجب تسليم الحكومة بكل مفاصلها للسلطة، والاتفاق على انتخابات عامة». وأردف: (لا يمكن حل الانقسام إلا ضمن رزمة واحدة).

 

يديعوت أحرنوت: التهدئة

تحت عنوان “المفاوضات على حبل رفيع"

كتبت “سمدار بيري” من يديعوت أحرنوت” حول زيارة وفد من حماس على رأسه نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، صالح العاروري إلى قطاع غزة.

بعد زيارة قصيرة للقاهرة، وصل وفد من كبار قادة حماس، بقيادة صالح العاروري، “الشرير الكبير”، الذي شارك بعمق، من بين أمور أخرى، في خطف وقتل المستوطنين الإسرائيليين الثلاثة في عام 2014.هذه هي المرة الأولى التي يصل فيها العاروري إلى غزة.

وقد تعهدت “إسرائيل”، وفقا لتقارير أجنبية، بعدم اغتياله. يتحول الوضع إلى الأمام عندما تعقد قيادة حماس اجتماعاً مصغراً في القاهرة ومن ثم تذهب إلى قطاع غزة لتوسيع دائرة المشاركين، للتجول في الميدان واتخاذ القرارات.

على الطريق زاروا الحدود مع “إسرائيل” وتم تصويرهم برموز مدانة.الأمر المدهش في القصة هو أن “إسرائيل”، مثلها مثل حماس، مهتمة بأن يتم إنجاز هذا الترتيب فقط عبر مصر. لاحظوا أننا نتحدث عن ترتيب فقط مع غزة، دون الضفة الغربية. وهذا يعني أن أعيننا مقتصرة على القطاع، وأبو مازن مدعو أيضا للمتابعة مع شركائه والانفجار.

إذا نجحت الأمور، فسيكون في النهاية اتفاقاً بوساطة مصرية بين “إسرائيل” وحماس، بمشاركة ممثل الأمم المتحدة لادانوف ومبعوث قطر محمد العمادي. لاحظوا أيضًا الجملة الأخيرة:”نعمل الآن لمنع المواجهة القادمة في غزة…

ولإعادة تأهيل غزة، علينا أن نتحدث إلى إسرائيل”. إنه لا يقول من سيتحدث، ولا ينوي إجراء محادثات مباشرة بين حماس و”إسرائيل”.

ماذا يتضمن الاتفاق معنا الذي تم طبخه في القاهرة؟ هدنة لمدة خمس سنوات (مع وجود خيار لتمديد)، ووقف الأعمال “العدائية” بين قطاع غزة و”إسرائيل”، وإزالة الحواجز الاقتصادية عن القطاع، جلب المانحين لتمويل المياه والكهرباء في قطاع غزة وإعادة بناء البنية التحتية والمنازل التي دمرت. بعد ذلك، إنشاء ميناء بحري في الإسماعيلية ومطار في سيناء.

وفي المرحلة الأخيرة تبادل السجناء والمفقودين (كلا الطرفين غير راضين عن هذا المضمون). من المهم التأكيد على ما لم يرد ذكر في الاتفاقية: العلاقة بين قطاع غزة والضفة الغربية.

كما لو كانوا يتحدثون عن كيانين منفصلين. السلطة الفلسطينية، إذا رغبت، ستقيم علاقات مع الأردن. وستقيم غزة تدريجيا علاقات وثيقة مع مصر.

سوف تكون هذه الروابط قريبة جداً لدرجة أنها لن تحتاج إلى معبر كرم أبو سالم (تقريباً) لنقل البضائع إلى غزة.العاروري، الذي يعيش في لبنان منذ عامين ويتحرك بحرية في الشرق الأوسط وأفريقيا، هو “ماكر للغاية”. منه يجب الحصول على التزامات.

من ناحية، لم يغلق شيء حتى الآن. من ناحية أخرى، العاروري لم يكن ليأتي إلى غزة لو لم يكن هناك شأن خطير، و”إسرائيل” بالتأكيد لم تتعهد بعدم التعرض له. أيضا لا ننسى أنه الى الآن يستطيع الخروج (للمرة الرابعة هذا العام) من لبنان إلى طهران، للطلب من الإيرانيين أن يكونوا أكثر انخراطا في تمويل الأسلحة إلى قطاع غزة.

العاروري، كما ذكر، رجل خطير للغاية ولإسرائيل حساب طويل معه. ولكن للأسف، كلما قمت بـ”التخريب” وكان الكثير من الدماء على يديك كلما كنت تقدر أكثر.ومع ذلك كل شيء مفتوح. يبدو لي أنه لم يكن هناك مثل هذه السابقة، على الأقل خلال فترة نتنياهو، حول اتفاق سيتم التوصل إليه بين “إسرائيل” وقيادة حماس.

يشك كلا الجانبين في بعضهما البعض، وحتى مصر، التي تعرف كيف تقرأ الصورة، ليست خالية من الشكوك.من المثير للاهتمام رؤية ردود الفعل في السلطة الفلسطينية.

خلال لحظة يمكن إبعادهم وخلال لحظة يمكن إحضارهم، وفي لحظة يمكن أن ينهار كل شيء. وبعد ذلك ستكون هناك جولة مروعة من القتال بين “إسرائيل” وحماس. جميع الأطراف تفهم هذا...

 

  فتح تشكك

 

لهجة الهجوم والتشكيك استخدمها العديد من قادة حركة فتح بشأن ما سيتم تنفيذه لتخفيف الحصار عن قطاع غزة رغم إدراكهم بالمماطلة في تطبيق المصالحة، أسامة القواسمي الناطق باسم حركة فتح قال:"إن هناك مؤامرة "إسرائيلية" أمريكية يتم تنفيذها ضد القضية الفلسطينية ونحذر حركة حماس من التعاطي مع هذه المشاريع التصفوية.

وبين أن أمام حماس نقطتان إما أن تلبي دعوة فتح وتذهب للمصالحة وإما ان تذهب للدعوة "الإسرائيلية" بعيداً عن الشرعية وتثبت الهدنة على حساب الوطنية .

ووفقاَ لتصريحاته لصوت فلسطين، تابع:"إن الهدنة التي تبتعد عن منظمة التحرير هي فكرة أمريكية "إسرائيلية" تأتي لفصل قطاع غزة وتأتي ضمن صفقة القرن ، مؤكداً أن ما سيتم تنفيذه هي الخطوة الأولى المتمثلة بمساعدات إنسانية فقط مقابل هدنة طويلة الأمد مع الاحتلال .

وتابع: كل ما يطرح مشاريع تصفوية ، ولا بد أن نعمل كل جهدنا للوحدة الوطنية ، ولكن ما نلاحظه أن هناك التفاف على الوحدة الوطنية.

ومن جانبه اعتبر القيادي في حركة حماس سامي ابو زهري ان هناك تصعيد فتحاوي ممنهج ضد حركة حماس يهدف الى توتير الاجواء وافشال الجهد المصري .

وطالب فتح ان تتخلى عن عنجهيتها وان تدرك انها سقطت في الانتخابات وهي مجرد فيصل وان رئيسها انتهت شرعيته ولا طريق للشرعية الا صندوق الاقتراع أو التوافق.

وبشأن الخشية من اتخاذ قرار منفرد بشأن غزة ، قال حسام بدران عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" : "لا يمكن لأحد ان يتخذ قراراً منفرداً،    ونحن كنا في السابق ننتقد أي احد يقوم بقرار منفرد ولن بقوم بشيء دون موافقة جميع افراد شعبنا والفصائل .

ورداً على سؤال هل نحن اقرب الي تهدئة ام مصالحة، رد بالقول "هم غزة هو الدافع الحقيقي لتحركنا في هذه المرحلة ، رافضاً الإفصاح عن أي معلومات.

فيما قال وزير الإسكان والبناء الإسرائيلي يؤاف غالانت، مساء السبت، إن التسوية مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هي "مصلحة إسرائيلية"، داعياً إلى التوصل إليها "بشروط".

ونقلت القناة العاشرة العبرية عن "غالانت" قوله: إن "الشروط واضحة بالنسبة لإسرائيل؛ وتتمثل في وقف إطلاق النار والطائرات الحارقة باتجاه الحدود (مستوطنات غلاف غزة)".

وتابع غالانت: "أنا مع إعطاء فرصة للتسوية"، إلا أنه عاد وقال: "لكن الأمل في أن يؤدي ذلك إلى اتفاق طويل الأمد".

وأشار غالانت إلى أنه وغالبية وزراء "الكابنيت" (المجلس الوزاري المصغر)، يؤيدون "منح ترتيبات جديدة للوضع بغزة، وإعطاء فرصة للتسوية".

وحول مسألة الأسرى الإسرائيليين لدى "حماس"، قال: إنه "يمكن الحديث عن هذه القضية لاحقاً ومناقشتها عبر المفاوضات في مرحلة أخرى".

وتأسر "حماس" منذ عام 2014 أربعة إسرائيليين، بينهم جنديان، لم يعرف حتى الآن مصيرهما، حيث ترفض الحركة تقديم معلومات عمَّا إذا كانا على قيد الحياة، قبل إطلاق الحكومة الإسرائيلية سراح معتقلين من الضفة.

والجمعة الماضي، ذكرت قناة "ريشت كان" الإسرائيلية، أن "الكابنيت" سيدرس الأحد الخطة المصرية التي قدمها نيكولاي ميلادينوف مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، بشأن الهدنة بين الطرفين.

والاثنين الماضي، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن بعض تفاصيل الخطة المصرية للتهدئة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة "حماس" في قطاع غزة.

وأوضحت الصحيفة أن مصر تبذل جهوداً كبيرة برفقة عدد من الدول العربية (لم تسمّها)، لإنهاء العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في القطاع.

وأشارت إلى لقاءات عقدها ملادينوف مع ممثلي "حماس" في غزة، بعد اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير التعليم نفتالي بينيت.

 

غزة: حزمة اقتصادية مقابل تهدئة طويلة الأمد

لـ”تخفيف” المعاناة الإنسانية

 

كشفت مصادر من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن الصيغة التوافقية التي عرضت على “حماس” تتضمن “تفعيل التهدئة ووقف الأشكال العسكرية كافة، بما فيها إطلاق البالونات الحارقة، مقابل حزمة اقتصادية بقيمة 600 مليون دولار لدعم الأنشطة الاقتصادية في القطاع وإنشاء عدد من المصانع، وفتح المعابر التجارية”.

كما يتضمن التصور التي تشكل محور مباحثات الحركة “فتح المجال لأعداد محددة مسبقا من سكان قطاع غزة للعمل داخل أراضي الـ48″، وذلك في ظل معدلات البطالة المرتفعة في غزة وتكاد تكون الأعلى في العالم. بما يتطابق مع الرؤية التي عرضها رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، السفير محمد العمادي، في حديثه للتلفزيون الإسرائيلي الرسمي (كان)، الشهر الماضي.

وأوضحت المصادر أن التصور طرحه المبعوث الأممي، نيكولاي ملادينوف، ويحظى برعاية الجانب المصري، الذي سوف يشرف على تنفيذ بنود الاتفاق، ودعم قطري.

وتتضمن المرحلة الأولى من مقترح التهدئة بحسب صحيفة “هآرتس”، وقف إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة مقابل فتح المعابر وتوسيع مساحة الصيد، إلى أن يتم الدخول بمفاوضات لإنجاز “مشاريع إنسانية ممولة من قبل المجتمع الدولي”، للانتقال إلى مرحلة التفاوض حول إتمام صفقة لتبادل الأسرى.

يضاف لذلك الاتفاق سوف يشمل ضمان استمرار فتح معبر رفح مع تحديد فترات العطلة الخاصة به، وفق جدول سنوي معروف بشكل واضح.

وصدرت تصريحات عن مسؤول إسرائيلى قبل ساعات من الموعد المقرر لاجتماع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مع مجلس الوزراء الأمنى المصغر لبحث الأفكار التى توسطت فيها الأمم المتحدة ومصر وربما الموافقة عليها للحيلولة دون نشوب حرب جديدة فى غزة.

 وتفرض إسرائيل حصارا خانقا على قطاع غزة منذ سنوات. وشهد القطاع تصعيدا فى التوترات منذ أن بدأ الفلسطينيون احتجاجات أسبوعية على الحدود يوم 30 مارس، إذ أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلى النار، مما أسفر عن مقتل 157 شخصا على الأقل.

 وقال مسئول إسرائيلى- طالبا عدم نشر اسمه- "سيقود الوقف الشامل لإطلاق النار إلى إعادة فتح معبر كرم أبو سالم من جانب إسرائيل وتجديد التصاريح الصادرة فيما يتعلق بمناطق الصيد".

وأضاف أن هذا العرض هو ما سينصب عليه التركيز فى مشاورات اليوم قائلا :"إن أى اتفاق نهائى بخصوص غزة سيتطلب ضمان إعادة جنديين إسرائيليين قتلا فى حرب إسرائيل وحماس عام 2014 ومدنيين فقدا فى غزة".

وربطت حماس مصير هؤلاء بإفراج إسرائيل عن محتجزين فلسطينيين لأسباب أمنية وهو ما يعارضه الكثير من الإسرائيليين.

"هدنة طويلة الأمد".. فخّ تنصبه "إسرائيل" لمسيرات العودة

على ضوء التطورات الميدانية الملتهبة والمتصاعدة على حدود قطاع غزة، بدأت "إسرائيل" سلك طرق ملتوية تبحث من خلالها عن حلول "سياسية" يمكن أن توقف حالة الغضب الشعبي المتواصلة.

فالنتائج التي حققتها "مسيرات العودة" الكبرى المستمرة منذ 30 اذار  الماضي، إلى جانب فشل الاحتلال في تدارك الرسائل القوية التي تحملها، أجبرا "إسرائيل" على فتح أبواب كانت حركة "حماس" قد أقفلتها عند رفضها "المقايضة" على حقوق الشعب.

الحديث عن "هدنة طويلة الأمد" بغزة عاد من جديد يُطرح في الساحة الفلسطينية من قبل الجانب الإسرائيلي، في محاولة لتغيير قواعد اللعبة، الأمر الذي فتح باب التساؤل حول أهمية التوقيت ومدى تأثيره على مسيرة العودة وقطاع غزة المحاصر.

 

مقايضة مرفوضة

 

المتحدث الرسمي باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عبد اللطيف القانوع، أكد أن "الاحتلال حاول حرف الأنظار (عن مسيرة العودة) من خلال بث مثل تلك التقارير المتعلقة بمصير قطاع غزة والهدنة الطويلة".

وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، قال القانوع: "جهد حماس الآن مع كل مكونات شعبنا ينصب حول مسيرات العودة وتحقيق أهدافها، والاحتلال يحاول حرف الأنظار وبوصلة شعبنا بهكذا إشاعات".

وأضاف: "نحن في تهدئة مع الاحتلال برعاية مصرية، رغم الخروقات والقتل الذي يمارسه وعدم إيفائه باستحقاقات التهدئة (التي أُبرمت في أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة صيف 2014)".

وتأتي تصريحات متحدث "حماس" رداً على تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية، زعمت فيه أن الحركة الفلسطينية تحاول فتح قنوات دبلوماسية عديدة مع "إسرائيل" خلال الشهور القليلة الماضية؛ بهدف التوصل إلى "هدنة طويلة الأمد".

وادّعت الصحيفة الإسرائيلية أن هذه "الهدنة" يقابلها تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة "بشكل كبير جداً"، فضلاً عن اقتراحات حول تبادل أسرى ورفات جثث جنود أسرى لدى "حماس".

ووفق "هآرتس"، فإن "رسالة حماس تتضمن إقامة مشاريع اقتصادية ضخمة وتحسين البنية التحتية"، مشيرة إلى أن هذه الرسالة لم تلقَ حتى الآن أي رد إسرائيلي واضح.

ويعتمد أكثر من نصف سكان غزة على المساعدات الدولية، كما أنّ 43.6 بالمئة من العمالة عاطلون، وهو أعلى معدل للبطالة في العالم، وتدهورت مرافق الخدمات الأساسية مثل تنقية المياه والكهرباء؛ نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة.

وتحظر "إسرائيل"، التي خاضت ثلاث حروب على غزة خلال العقد الذي أدارت فيه "حماس" القطاع، دخول السلع والبضائع؛ ما يجعل أعمال إعادة الإعمار صعبة ومكلفة. 

 

الأسباب الخفية

 

الخبير في الشأن "الإسرائيلي"، مؤمن مقداد، تحدث عن أسباب خفية ورئيسية دفعت الاحتلال إلى إعادة طرح ملف "هدنة غزة" من جديد على الساحة، رغم أنه قد أغلق بشكل نهائي من قبل الحركة.

وقال مقداد، في تصريحات لـ"الخليج أونلاين": إن "السبب الأول الذي دفع إلى طرح هذه الخطة يتمثل في الأزمة الراهنة بين الاحتلال مع سوريا وإيران التي تتصاعد بشكل غير مسبوق".

ورأى أن "إعادة طرح هذه القضية (الهدنة طويلة الأمد) هو مجرد مصلحة إسرائيلية، حتى تتفرغ لأخطار أخرى تحيط بها (في إشارة إلى التهديد الإيراني)".

وعن السبب الثاني، أضاف مقداد أنه يتعلق بـ"فشل كل الضغوطات التي فرضت على حماس خلال السنوات الماضية، وكذلك فشل الحصار على القطاع في تحقيق أهدافه".

وبحسب مقداد، فإن السبب الثالث يتمثل في "تعرض إسرائيل لضغوط قوية من عائلات الجنود الأسرى لدى المقاومة بغزة"، وفشل كل الجهود مع "حماس" في إبرام صفقة تبادل.

وأضاف الخبير في الشأن الإسرائيلي: "فشل الاحتلال في السيطرة على مسيرة العودة والتعامل مع نتائجها سبب إرباكاً كبيراً له، في ظل محاولته إخمادها بعد أن سببت له إحراجاً كبيراً أمام المجتمع الدولي، وفضحت حصاره الحاد ضد غزة".

وبسؤال "الخليج أونلاين" حول إمكانية استجابة "حماس" لهذا الطرح وشروطها، قال مقداد: "لا شك أن الهدنة فرصة لحماس لا تعوض، وتعتبر باباً جديداً يفتح لها"، مستدركاً: "حماس لن تقبل الذهاب إلى تهدئة فيها مقايضة على السلاح أو الحقوق".

وتابع: "حماس لا تريد أن تظهر أن مسيرات العودة كان هدفها فقط رفع الحصار، بل ستحافظ على المطلب الرئيسي وهو حق العودة؛ لذلك ستحاول العمل على موقف متزن بما لا يقلل من شأن مواقفها بموازاة قبول الهدنة".

ولم يستبعد وجود جهود تبذلها مصر من أجل إقناع "حماس" بالأمر، مؤكداً أن جهود القاهرة تصب في مصلحتها لتأمين الجبهة الشمالية من صحراء سيناء.