تواصل الرزاز مهم.. لكن ماذا بعد؟

 بلال العبويني

من المؤكد، أن التواصل المباشر مع الناس وتلمس احتياجاتهم ومعاناتهمعن قرب ، في غاية المهمة لأي حكومة ذلك أنها تعطي انطباعا مريحا للناس وتجسر الهوة بين الحكومة وجمهور المواطنين الذين عانوا لسنوات من ترفع الحكومات ورؤسائها عن التعاطي المباشر مع المواطنين.

في اللغة البصرية، ثمة الكثير الذي تقوله صور رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أثناء زيارته صباح أمس لكشك الثقافة العربية في قاع عمان، وما تبعها من زيارات ميدانية لمستشفى البشير وزيارة الشرطي الذي تم الاعتداء عليه في فاردة عرس وزيارة مركز أمن المدينة.

غير أن هذا قد لا يكون كافيا للناس الذين يحتاجون بشكل سريع ودون إبطاء إلى انعكاس ذلك على حياتهم المعيشية، وإلى الاستراحة لبعض الوقت من السماع لمفردات من نوع "ارتفاع وزيادة، وتعديل أسعار" وما إلى ذلك من مفردات ملوا سماعها وعانوا منها خلال الأعوام الماضية.

عندما خرج المواطنون إلى الدوار الرابع في أواخر عهد الرئيس السابق الدكتور هاني الملقي، لم يكن من أجل قانون ضريبة الدخل فقط؛ وإن كان هو الشرارة التي أشعلت النار الراكدة، بل خرجوا للتعبير عن ما أصابهم من ضيق وإحباط في أن يروا نورا في آخر نفق تواصل قرارات الرفع على الأسعار وبعض الضرائب، خرجوا للتعبير عن الاستياء البالغ من استمرا نهج "الجباية" كحل أول وأخير لما يعانيه الاقتصاد الأردني من أزمات جزء منها يعود لسوء التخطيط والإدارة ولضعف الرقابة ومكافحة الفساد.

وهذا ما يجب أن يتنبه إليه جيدا رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز وطاقمه، من أن الناس قد تصل إلى مرحلة لا تعنيها من قريب أو بعيد لغة التواصل والحوار المتواصل إن كانت النتيجة ستبقى ذاتها؛ ارتفاع متواصل للأسعار ومزيد من الضرائب تثقل كاهل الناس أكثر، في وقت ما يزال فيه الحديث عن مكافحة الفساد يشوبه التشكيك في قدرة الحكومة على اقتحام عشه والإطاحة بكبار الفاسدين والمفسدين من المهربين والمتهربين من دفع الضرائب ومن كبار تجار ومروجي المخدرات.

لذلك، وفي قضية الدخان المهرب تحديدا، ينتظر الناس بفارغ الصبر أن يشاهدوا رؤوسا كبيرة خلف القضبان، وذلك انطلاقا مما كشفت عنه الأخبار حتى اليوم عن مدى نفوذ المتهم الرئيس ومدى ارتباطه بشخصيات عامة لها نفوذ سياسي واقتصادي واجتماعي كبير.

قضية الدخان المهرب، هي بحق اختبار رئيسي لحكومة الرزاز، فيما تعلق بجديتها في التصدي لقضايا الفساد الكبرى، مثلما أن هناك اختبارا مهما له علاقة كما أشرنا سابقا بحياة الناس اليومية ومعاناتهم المتواصلة ومدى قدرة الرئيس على إيجاد الحلول للتخفيف عن كاهل المواطنين ومنحهم على الحقيقة بصيص أمل للخروج من "عنق الزجاجة" كما وعدت حكومات سابقة دون أن توفي بوعدها.

مهلة المائة يوم، توشك على الانتهاء، وبالتالي من الضروري أن يلمس المواطن شيئا متعلقا بواقعه الاقتصادي، لأن رفع تعرفة المحروقات أمس أصاب الكثيرين بالإحباط من أن حكومة الرزاز ما هي إلا امتداد للحكومات السابقة، وبالتالي كان على الحكومة أن تعمل على تثبيت الأسعار لشهر أو شهرين قادمين لمواصلة بث رسائل الطمأنة من أن النهج حقيقة تغير وأن الحكومة عازمة على مغادرة منطق الجباية.

سقف التوقعات بشخص الرزاز كان عاليا وغير مسبوق، لذلك استمرار ذات النهج الجبائي سيكون محبطا وفقدانا للأمل بالنسبة للمواطنين، وهو ما يعني أن الخروج إلى الدوار الرابع مرة أخرى ممكن وربما يكون من الصعب الوصول إلى ما يقنع المواطنين لترك الشارع والعودة إلى منازلهم.

لذا، ومرة أخرى، من الضروري أن يلمس المواطنون فرقا بين حكومة الرزاز وسابقاتها، وأن تتوافق تصريحات الرئيس عندما قال "طفح الكيل" مع قراراته، لأن كيل المواطنين قد طفح وزاد.//