حُسن النية

ايناس ابو شهاب

 

 

كثيراً ما تنتهي علاقتنا من قلة الإهتمام، أو قلة اللقاءات، أو قلة الكلام، وكثيراً ما يقلّ الوصال بسبب إنتظار من سيبدأ في السؤال، وقد يكون السبب الرئيسي في إنتهاء فترة تاريخ صلاحية علاقاتنا ناتجاً في الغالب عن الإنشغال أو ربما عن سوء تفاهم، ولكن الصراع الذهني الذي يبدأ بين الطرفين حول من سيتنازل ويبدأ العتاب يزيد الأمور سوءاً، إلى أن تتعالى النرجسية داخل الأنفسُ حدّ التمرد وتمنع الأطراف من طرق أبواب الصُلح أو طلب الصفح، إلى أن تنتهي العلاقات مع بداية أحداث قصةٍ بوليسية في تتبُع الأخبار والمُراقبة عن بُعد.

 

فلماذا نخسر شخصاً إن كان بإمكاننا أن نكسب الوِد؟ ولماذا نكسب عدواً إن كان باستطاعتنا أن نكبح جماح الحقد؟ لم لا نبرر زلات غيرنا ونبادر في الصلح؟ لم لا نُشعل وهج المحبة ونُطفىء نيران الكُره؟ لم لا نكون الأكثر ذكاءً في معالجة الخطأ الذي بدر ممن أمامنا عن قصد أو دون قصد؟

 

ليس مهماً إن كان من أمامنا يستحق أن نسعى من أجله للحفاظ على الوِد، ولكن من المهم فعلاً أن نحافظ على نقاء قلوبنا وصفاء أذهاننا بعيداً عن الحقد، فليس هناك من يستحق أن يستنزف أفكارنا وأوقاتنا سوى تطوير أنفسنا، فلنترفّع عن النرجسية والأنانية ولنكُن الأكثر إنسانية.

 

لنتصالح مع أنفسنا ولنفرض حُسن النية لمن أمامنا بعقلانية بعيداً عن الغباء، وإن اتُهمنا بالضعف من طيبة قلوبنا وغفراننا لا يجب أن نكترث بل يجب أن نفخر؛ فالله قد أكرمنا طيب النفس، فالحياة أقصر من أن نهدرها في الحكم السلبي على نوايا الآخرين، فلنعِش ما تبقى من أعمارنا بسعادة ولنفكر بإيجابية ولنتمعن قوله تعالى { الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }. //