عدنان يوسف: القطاع المصرفي العربي قاطرة نمو الاقتصادات العربية
إجمالي اصولها حوالي 4ر3 تريليون دولار
بترا-عمان
أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية عدنان أحمد يوسف، أن القطاع المصرفي العربي يعد قاطرة لنمو وانتعاش الاقتصادات العربية عبر تقديم مختلف التمويلات لها ومساعدتها على النهوض.
وقال، في مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن المصارف العربية التي بلغ إجمالي اصولها حوالي 4ر3 تريليون دولار تشكل حوالي 140 بالمائة من حجم الناتج المحلى الإجمالي العربي، وتعكس "المساهمة الكبيرة التي يقوم بها القطاع المصرفي العربي في تمويل الاقتصاديات العربية، التي جعلت منها قاطرة لتحقيق الانتعاش والنمو".
وأضاف يوسف الذي يشغل ايضا منصب رئيس مجلس إدارة البنك الإسلامي الأردني، ان مؤشرات أداء القطاع المصرفي العربي تظهر في الربع الأول من العام الحالي (2018 ) "أداء إيجابيا للغاية" حيث بلغ إجمالي الأصول المجمعة للقطاع المصرفي العربي، والذي يضم نحو 650 مصرفا، حوالي 4ر3 تريليون دولار، وتخطت الودائع مستوى 1ر2 تريليون دولار، تعادل 87 بالمائة من حجم الاقتصاد العربي، فيما تقدر حقوق الملكية بحوالي 390 مليار دولار.
وأشار إلى أن حجم الائتمان الذي منحه القطاع المصرفي لمختلف الأنشطة الاقتصادية بلغ حوالي 8ر1 تريليون دولار، يشكل نحو 75 بالمائة من حجم الناتج المحلى الإجمالي العربي. وقال، إن المصارف العربية بدعم من البنوك المركزية العربية، تبنت سياسات معاكسة للدورة الاقتصادية من خلال التوسع في التمويلات والاستثمارات للتغلب على انعكاسات انخفاض أسعار النفط واستمرار الاضطرابات الأمنية والاقتصادية في عدد من الدول العربية، مضيفا أن ما دعم قدرة البنوك العربية على لعب هذا الدور الأساسي هو نجاحها في الحفاظ على سلامة أوضاعها المالية وتجنب التمويلات وأشكال الاستثمار الأخرى (المضاربة) والتزامها بسياسات ائتمانية حصيفة وبناء مخصصات قوية مع تركيز أعمالها بصورة أساسية في أسواقها المحلية. وفي رد على سؤال حول زيادة الإقبال على منتجات الصيرفة الإسلامية، قال يوسف، انه "بالنسبة للصيرفة الإسلامية يوجد في الوقت الحاضر حوالي 162 مصرفا عربيا إسلاميا بالكامل، وتشكل الأصول المصرفية الإسلامية نحو 20 بالمائة من إجمالي الأصول المصرفية العربية، أي حوالي 600 مليار دولار، وذلك وفقا لتقديرات اتحاد المصارف العربية".
وأكد أن أحد الأركان الأساسية والجوهرية التي عززت الثقة بالصيرفة الإسلامية هي تبنيها نهج الصيرفة الحقيقية المرتبط بإعمار الأرض سواء قصدنا بذلك تلبية الاحتياجات الحقيقية للأفراد أو الشركات أو الحكومات والمجتمعات والابتعاد عن كافة أشكال المضاربات والمشتقات وغيرها من المنتجات الوهمية.
وتوقع أن تواصل الصيرفة الإسلامية معدلات نموها وتوسعها أفقيا وعموديا (من حيث المنتجات والخدمات) في السنوات المقبلة، خصوصا بعدما حصلت على اعتراف دولي بدورها على مستوى التنمية المستدامة في العالم، وتضمين هذا الاعتراف في بيان قمة العشرين التي عقدت في تركيا عام 2015 "بعد جهود بدلناها آنذاك لتحقيق هذا الهدف عندما كنت أترأس فريق تمويل النمو في مجموعة العشرين"، منوها إلى تزايد عدد الحكومات الأوروبية التي اصدرت الصكوك الإسلامية.
وعلى صعيد الدول العربية، قال يوسف، "شهدنا خلال الأعوام الماضية قيام عدد من الدول العربية مثل سلطنة عمان والمغرب وليبيا بتشجيع إدخال الصيرفة الإسلامية ضمن نظامها المصرفي"، حيث سيدعم آفاق النمو تنامي الطلب على المنتجات المصرفية الإسلامية ليس في الدول الإسلامية فحسب بل في كثير من دول العالم، كذلك قدرة البنوك الإسلامية على تطوير منتجات وخدمات إسلامية تنافسية وابتكارية تواكب التوجهات الجديدة وبالذات المنتجات والخدمات القائمة على التكنولوجيا المالية والرقمنة.
كما توقع أن تزيد موجودات الصيرفة الإسلامية في العالم إلى نحو 25ر3 تريليون دولار خلال عشر سنوات مقارنة مع 1ر2 ترليون في الوقت الحاضر.
وحول مواكبة المنتجات المالية الإسلامية من بنوك وشركات تأمين لحاجة السوق، قال يوسف، إن توسع ونمو الصيرفة الإسلامية هو دليل واضح على نجاح هذه الصيرفة في تقديم خدمات ومنتجات تواكب حاجة السوق، وهذا سبب توسع أعمالها، وسلسلة النجاحات الكبيرة والمتميزة التي يسجلها البنك الإسلامي الأردني في السوق الأردني هو خير شاهد على ذلك.
وأكد أن البنك الإسلامي الأردني يقدم حزمة متكاملة من منتجات الادخار للأفراد، كذلك تمويلات لمختلف الاحتياجات الاستهلاكية والحياتية للأفراد، ويقدم منتجات تمويلية واستثمارية تقوم على المضاربة والمشاركة والاستصناع والمرابحة للشركات ورجال الأعمال وقطاع الخدمات من مستشفيات وجامعات ومعاهد ومراكز صحية، كما يساهم في تمويل المشروعات الكبرى للمملكة.
واضاف ان البنك لديه منتجات ابتكارية في مجال الصيرفة الخضراء والتكنولوجيا المالية، وهذه كلها تعني أن الصيرفة الإسلامية قادرة على مواكبة مختلف احتياجات السوق والمجتمع.
واستدرك يوسف قائلا: لكن كل هذا لا يمنع من القول إن البنوك الإسلامية لا تزال بحاجة لمواصلة جهودها من أجل تطوير المنتجات والخدمات التي تقدمها وبصورة تنافسية وبجودة عالية لكي تستطيع مواكبة التحديات القادمة والقائمة على زيادة حدة المنافسة والرقمنة وتشدد البيئة الرقابية وغيرها.
وحول البنوك المراسلة، قال إن البنوك الإسلامية تتعامل مع بنوك مراسلة تقليدية (غير إسلامية) لأن طبيعة التعاملات مع هذه البنوك هي بمثابة خدمات خالية من المعاملات الربوية مثل خدمات تحويل الأموال والاعتمادات المستندية وغيرها.
وفيما يتصل بالبيئة التشريعية التي تحكم الصيرفة الإسلامية، أكد يوسف، أن جميع البنوك المركزية والجهات الرقابية التي تسمح بالصيرفة الإسلامية في بلدانها تلتزم بتطبيق كافة التشريعات الرقابية المتعلقة بالبنوك التقليدية على البنوك الإسلامية مثل مقررات لجنة بازل والفاتكا ومعيار الإبلاغ المشترك وتشريعات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والعقوبات وغيرها.
كما تلتزم بتطبيق معايير إدارة المخاطر والحوكمة والامتثال وإدارة الأصول والخصوم، مؤكدا أن البيئة التشريعية المحلية تكاد تكون متماثلة، حيث تلعب الأيوفي دورا كبيرا في تطوير المعايير المحاسبية التي تتلاءم مع احتياجات البنوك الإسلامية، وبنفس الوقت تلتزم بالمعايير المحاسبية العالمية المستجدة مثل المعيار المحاسبي العالمي 9.
وقال إن هيئات الرقابة الشرعية في البنوك الإسلامية تأخذ على عاتقها عادة ضمان أن تتوافق كافة المنتجات والخدمات التي تقدمها البنوك الإسلامية مع الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى وجود صعوبات منها متطلبات الاحتياطي النقدي الذي تحتفظ به البنوك لدى المصرف المركزي في حالة عدم وجود أدوات سيولة إسلامية مقبولة لدى المصرف المركزي.
ولفت إلى أن بعض الصعوبات تظهر عند مشاركة البنوك الإسلامية في عمليات تمويل عالمية، حيث يلجأ المرتبون لهذه العمليات إلى تجزئتها في فئات تقليدية وإسلامية، كذلك لا تزال هناك تحديات تشريعية ترتبط بإصدارات الصكوك الدولية.
ودعا في هذا الصدد أن لا يقتصر الموضوع على قيام البنوك المركزية بإصدار تشريعات تواكب احتياجات المصارف الإسلامية بل الموضوع يتجاوزه للمنظومة التشريعية ككل في البلد، مثل المعاملات التجارية والقضاء والمحاكم.
وبالنسبة للبلدان التي ترسخت فيها الصيرفة الإسلامية مثل الأردن والبحرين ومصر، قال إن التشريعات المصرفية الإسلامية والتجارية المتوائمة مع الصيرفة الإسلامية باتت متكاملة، أما بالنسبة لبعض الدول الحديثة العهد بالصيرفة الإسلامية فهي لا تزال بحاجة لتطوير البيئة التشريعية الملائمة لاحتياجات هذه الصيرفة.
وحول البنك الإسلامي الأردني، قال إنه تأسس عام 1978، أي قبل أربعين عاما، كأول مصرف إسلامي في الأردن وهو يعد اليوم ثاني أكبر مصرف أردني.
وقال إن البنك نجح في أن ينمو نموا متصلا وسريعا، وأن يرسخ مكانته في الكوكبة الأمامية للبنوك الأردنية، إذ استطاع تقديم خدمات مصرفية واستثمارية للمتعاملين وفق الضوابط الشرعية التي تنتهج نهجا متميزا في الاقتصاد الإسلامي، وتتبنى رؤية مختلفة عن الرؤى التقليدية لوظيفة المال تقوم على مقاصد الشريعة الغراء.
وأضاف أن كل هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا الدعم المتواصل والكبير من الحكومة الأردنية والبنك المركزي الأردني الذي وفر البيئة الداعمة والمساندة للبنك وللصيرفة الإسلامية.
وأضاف أن البنوك الإسلامية في الأردن هي الأسرع نموا بمعدل نمو وسطي قدره 13 بالمائة سنويا، كما تحتل المرتبة الخامسة عربيا من حيث عدد البنوك الإسلامية.
وقال إنه على الرغم من التوسع في الخدمات المصرفية في الأردن، فقد استطاعت البنوك الإسلامية أن تنمي حصتها إلى نحو 15 بالمائة من الأصول وفقا لتقديرات اتحاد المصارف العربية عام 2016 بالمقارنة مع 5 بالمائة قبل عشر سنوات، وتنامي هذه الحصة لم يكن بزيادة حصة بنك إسلامي على حساب بنك إسلامي اخر في الأردن، بل نمت حصصها جميعها بالمقارنة مع حصة البنوك التقليدية.